أثار مؤتمر المقاومة الإيرانية لهذا العام سخط النظام الإيراني. فقد أعربت الحكومة الإيرانية عن غضبها من ظهور كبار السياسيين الأوروبيين والأميركيين في تجمع حاشد لدعم جماعة معارضة تسعى منذ فترة طويلة للإطاحة بحكام إيران الثيوقراطيين.
فقد أفادت وكالة أنباء «إيرنا» الرسمية الإيرانية بأن وزارة الخارجية الإيرانية استدعت يوم الأحد مبعوث سلوفينيا في طهران بسبب مقطع فيديو لرئيس وزراء سلوفينيا أثناء وجوده في حدث استضافه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وكان قد شارك في المؤتمر عشرات الآلاف من الإيرانيين، وكذلك نشطاء مؤيدون للديمقراطية من جميع أنحاء إيران، ومدافعون عالميون عن الديمقراطية، ونواب البرلمانات، وعدد من كبار المسؤولين الحكوميين السابقين، وشخصيات بارزة أخرى من الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا والشرق الأوسط و أفريقيا.
إقرأ لنفس الكاتب
الانفصال عن الواقع
ومن بين المشاركين وزير خارجية أميركا السابق مايك بومبيو الذي أشاد بفعالية سياسة رئيسه ترامب تجاه إيران، خاصة في موضوع العقوبات القصوى بالإضافة إلى وفد من الكونغرس الأميركي يمثل الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وكذلك رؤساء حكومات سابقين بينهم الإيطالي مايون رينزي، والكندي جون بيرد، ورئيس مجلس العموم البريطاني السابق جون ميركو، ووزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل إليو ماري، بالإضافة إلى وفود برلمانية بريطانية وكندية وأسترالية وسويسرية وبلجيكية.
وكان الهدف من هذا المؤتمر تسليط الضوء على أزمة بقاء النظام الإيراني، ورغبة الشعب الإيراني في الحرية والديمقراطية والجمهورية العلمانية، ولكن أيضا الحديث عن الرئيس الإيراني الجديد المنتخب إبراهيم رئيسي، وعن سجله الاجرامي في ملف حقوق الإنسان عندما كان العضو الأبرز في «لجنة الموت» في طهران عام 1988، والتي أرسلت آلاف السجناء السياسيين إلى المشانق.
ويبدو أن زخم المشاركين والمواضيع التي تناولها المؤتمر أثارا حفيظة النظام الإيراني، خاصة أنه في خضم المباحثات مع الأميركيين حول الملف النووي الإيراني. ويعتقد النظام أن الدعاية السيئة له في الخارج قد تفرمل من اندفاعة إدارة الرئيس بايدن وفريقه المفاوض الذي نقل عنه وزير الخارجية جواد ظريف استعداده رفع مجمل العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني وعن المرشد الأعلى والقطاع المصرفي بأكمله.
* أي اتفاق لا يزيل بالكامل منشآت صنع القنبلة والتخصيب والمواقع النووية للنظام ولا يجبر ولاية الفقيه على إخراج قوات الحرس من العراق وسوريا واليمن وأفغانستان ولبنان ولا يمنعه من انتهاك حقوق الإنسان وسجن وتعذيب وشنق شباب إيران، هو اتفاق غير ذي جدوى.
رئيسة المؤتمر، السيدة مريم رجوي، تساءلت إن كانت الأمم المتحدة ستستقبل في دورتها العامة المقبلة شخصا مثل إبراهيم رئيسي المدرج على لائحة العقوبات الأميركية، والمتهم بانتهاك حقوق الإنسان والذي افتخر بأنه من حملة العصي التي كانت تنهال على معارضي نظام الخميني منذ عام 1979؟ كما أثارت رجوي في كلمتها موضوع البرنامج النووي الإيراني.
ويعتقد كثيرون أن اختيار رئيسي هو بمثابة إعلان حرب من قبل إيران على الداخل المعارض، ولكن ايضا لتشجيع الحروب في الخارج إن كان في اليمن أو في سوريا، بالإضافة إلى إحكام القبضة على البلاد التي تسيطر عليها تشكيلاتها الحربية كما هو الحال مع حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق. المشكلة تبقى في تهاون إدارة بايدن مع هذا التوجه الإيراني، وفي بعض الحالات لوم الإدارة السابقة من خلال سياساتها تجاه إيران وتمكين الجناح المتطرف وإيصاله للحكم. والحقيقة هي أنه لا توجد في إيران أجنحة مختلفة عن إدارة خامنئي. هناك فرق بسيط جدا في ألوان الصورة التي تقترب أحيانا من القتامة كما هو الحال في الوضع الحالي وانتخاب رئيسي، أو تبتعد قليلا كما في حال الرئيس الذي يستعد للمغادرة حسن روحاني. أما الحقيقة فهي أنه على مدى السنوات العشرين الماضية استمر هذا النظام في بناء القنبلة النووية، وما زال عبر الخداع والكذب على المجتمع الدولي، وقام بحروب دموية خارج بلده، كما في سوريا واليمن، خدمة لأهدافه الاستراتيجية، غير آبه بالمآسي التي خلفتها، كما امتهن القمع في الداخل وقتل المحتجين بدم بارد. كل هذا جرى في ظل وجود كلا الجناحين في الحكم.
لذا تؤكد السيدة رجوي أن أي اتفاق لا يزيل بالكامل منشآت صنع القنبلة والتخصيب والمواقع النووية للنظام ولا يجبر ولاية الفقيه على إخراج قوات الحرس من العراق وسوريا واليمن وأفغانستان ولبنان ولا يمنعه من انتهاك حقوق الإنسان وسجن وتعذيب وشنق شباب إيران، هو اتفاق غير ذي جدوى.
وما دامت إدارة بايدن لا تعي هذا الأمر فهي تساهم في إطالة عذابات الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
إقرأ لنفس الكاتب
فيدرالية الطوائف
بايدن ومشكلة رئيسي
.