بيروت: بعدما تبخر احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية، ولم يعد بإمكانه دعم استيراد المحروقات والقمح والدواء، بدأت أنظار أركان السلطة تتجه نحو الاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبية الخاص بالمصارف حتى يستمر الدعم ويستمر النزيف والتهريب.
والمضحك المبكي أن جميع اركان السلطة ٍبدءا من رئيس الجمهورية ووريثه السياسي جبران باسيل ورئيس الحكومة المستقيلة ورؤساء الكتل النيابية لا تمر مناسبة إلا ويتحدثون عن ضرورة المحافظة على أموال المودعين، وفي الوقت نفسه يصرون على استمرار الدعم للسلع المدعومة رغم معرفتهم بأن الأموال التي دفعت لدعم المحروقات والطحين والدواء لم يستفد منها المواطن الفقير بل استفاد منها التجار المحتكرون وعصابات التهريب والمسيطرون على السوق السوداء.
«مصرف لبنان» يتحضر لإطلاق «المنصة الإلكترونية الجديدة».. هل ينخفض سعر صرف الدولار؟
ويقال إن فكرة الاستفادة من الاحتياطي الإلزامي طُرحت في اجتماع جمع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدداً من المعنيين، وأنه تم اقتراح خفض نسبة هذا الاحتياطي من 15 في المائة إلى 12 في المائة، لكن سلامة نفى الأمر، مشيراً إلى أن «أي تخفيض لنِسَب الاحتياطي الإلزامي، لو حصل، سيعود إلى أصحاب الودائع في مصرف لبنان وهم أصحاب المصارف، وليس لأي غرض آخر».
مصرفي بارز طلب عدم ذكر اسمه قال لـ«المجلة»: يجب تصحيح انطباع خاطئ يسود لدى الرأي العام اللبناني في هذه الفترة، وهو أنّ الاحتياطي الإلزامي هو ملك المودعين ولا يمكن للمصرف المركزي أن يتصرّف به. إنّ كل إيداعات المصارف في مصرف لبنان هي أصلاً ملك المودعين، وقد بلغت في فترة سابقة حوالى 80 مليار دولار أميركي بقي منها حالياً 16 مليار دولار. فتوظيفات المصارف في مصرف لبنان، منها إيداعات إلزامية، يفرض مصرف لبنان إيداعها لديه بحكم الصلاحيات التي منحه إيّاها قانون النقد والتسليف، وهو ما يُسمّى الاحتياطي الإلزامي، ومنها توظيفات اختيارية للمصارف جرى إيداعها لدى «المركزي» بقصد الاستفادة من معدّلات الفوائد التي كان يمنحها مصرف لبنان للمصارف. وفي الحالتين، الاحتياطي الإلزامي والإيداعات الحرّة، هذه الأموال تعود للمودعين، وأنّ الفصل بين الاحتياطي الإلزامي والإيداعات الأخرى هو فصل وهمي لا أهمّية له. كل هذا المال يعود للمودعين».
ماذا ينتظر المصارف في حال استعمال الاحتياطي الإلزامي؟
«المجلة» طرحت هذا السؤال على كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس، الدكتور نسيب غبريل، وقال: «قبل الكلام عن مخاطر يمكن أن تتعرض لها المصارف في حال استخدام الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان، المهم أن نعرف أن التوظيفات الإلزامية لدى مصرف لبنان تشكّل 15 في المائة من الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية وهذه النسبة أقرّها مصرف لبنان منذ زمن طويل للحفاظ على مستوى مرتفع من الاحتياطات بالعملات الأجنبية التي تساعده على ثبات سعر صرف الليرة اللبنانية وبالتالي الحفاظ على الاستقرار المالي في المالية العامة وبالتالي الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. ولكن منذ التراجع الحاد لتدفق رؤوس الأموال ابتداء من سبتمبر (أيلول) 2019 بسبب اندلاع أزمة الثقة وخصوصا بعد قرار الحكومة عدم تسديد سندات اليوروبوندز والذي أدى إلى توقف شبه كامل لتدفق رؤوس الأموال إلى لبنان، التي يغذي جزء منها احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، التي جفت.. ومن جهة أخرى فرضت الحكومة سلة من المواد الغذائية والأساسية للدعم على مصرف لبنان بالإضافة إلى دعم استيراد المشتقات النفطية والأدوية والمعدات الطبية والمواد الأولية للصناعة والزراعة وفرضت على مصرف لبنان أن يموّل هذا الاستيراد على سعر الصرف الرسمي ونحن البلد الوحيد في العالم الذي يعمد المصرف المركزي إلى تمويل الدعم لأن الدعم يأتي بالإجمال ضمن الموازنة العامة ويكون فقرة من الفقرات وبندا من بنود النفقات العامة وتأتي هذه الأموال من الخزينة وليس من المصرف المركزي، فمن جهة جفت مصادر تدفقات رؤوس الأموال من العملات الأجنبية التي كانت تغذي احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، ومن جهة أخرى ارتفعت الضغوط التمويلية على مصرف لبنان وبدأ يتراجع حجم الاحتياطات بالعملات الأجنبية كما تراجع احتياطي لبنان بالعملات الأجنبية بـ12 مليارا و400 مليون دولار، بين أواخر يونيو (حزيران) 2020 ويونيو 2021، أي هبوط 45 في المائة ووصل إلى 15 مليارا و600 مليون دولار أميركي ومصرف لبنان منذ سبتمبر الماضي كان يحذّر ويطالب السلطات بضرورة ترشيد الدعم وإيجاد طريقة أخرى لتمويله لعدم استنزاف احتياطي العملات الأجنبية لدرجة أن تمس بالاحتياطي الإلزامي الذي هو فعليّا ودائع مصرفية في مصرف لبنان ولكن مؤخرا مع تراجع إنتاج الكهرباء وشح المواد الطبية والأدوية والمشتقات النفطية في السوق اللبنانية ليس بسبب تراجع استيرادها لأن استيراد هذه المواد المدعومة يخزّن ويهرّب إلى الجوار، لذلك فإن مصرف لبنان كان يحذر من آلية الدعم خصوصا مع وجود التهريب إلى الخارج، لأن سعرها في الخارج والجوار تحديدا هو أعلى بكثير من السعر المدعوم في لبنان، لذا كل هذه العوامل أدّت إلى تراجع احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية لدرجة وصلت إلى مستوى الاحتياطي الإلزامي وهذا موضوع يعني مباشرة المصارف التجارية، لذلك أكدت جمعية المصارف في لبنان موقفها المعلن والمعروف بضرورة عدم المس بالاحتياطي الإلزامي لأنه يشكل جزءا من ودائع الناس وهذا يأتي جرّاء الضغط السياسي لاستنزاف الاحتياطي الإلزامي بالعملات الأجنبية وهذه الأخيرة تشكل إمكانات تساعد في إعادة النهوض الاقتصادي وتمويل الاقتصاد بعد تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات ووضع خطة إنقاذ شاملة والتفاوض مع صندوق النقد بنية الوصول إلى اتفاق تمويلي إصلاحي متكامل. نحن نعي أن السلطة السياسية همها التحضير للانتخابات النيابية المقبلة في مارس (آذار) وهي فترة قصيرة بالنسبة لها لمنع الارتطام الاجتماعي وبالتالي هناك ضغوط على مصرف لبنان للاستمرار باستيراد هذه المواد ومصرف لبنان عندما طلب منه سلفة 200 مليون دولار لـ«الفيول أويل» لمؤسسة كهرباء لبنان اشترط المصرف أن يوقع رئيس الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء على هذا الطلب على أساس سلفة من مصرف لبنان وقرض حسب القانون يعاد إلى الجهة التي تؤمن هذه الأموال والأمر ذاته بالنسبة لاستيراد الدواء المدعوم، لذا فإن مصرف لبنان يواجه هذه الضغوط، ومن جهة أخرى فإن المصارف التجارية معنية بهذا الموضوع لأنها ودائع مصرفية نتيجة فرض مصرف لبنان على المصارف أن يتم إيداعها في مصرف لبنان والأفضل على مصرف لبنان هو إعادة هذه الأموال إلى أصحابها تدريجيا طبعا وهذا ما نراه من التعميم 158 الذي سمح لأصحاب الودائع التي لا تتخطى 50 ألف دولار أميركي أن يسحبوا تدريجيّا ودائعهم على فترة 5 سنوات من المصارف نصفها بالدولار والنصف الآخر بالليرة اللبنانية وأنا أرى أن هذه طريقة لمصرف لبنان ليحصل جزء من المودعين أموالهم بدل أن تؤدي الضغوط السياسية إلى هدر هذه الأموال على دعم لا يصل إلى المواطن اللبناني.
* السلطة السياسية همها التحضير للانتخابات وهي تضغط على المركزي لاستمرار الدعم
الدولة هي المسؤول الأساسي
واعتبر كبير الاقتصاديين ورئيس مركز الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات أن «حماية أموال المودعين تقتضي قبل كل شيء الحفاظ على احتياطيات مصرف لبنان السائلة المقدرة بما يقارب 15 مليار دولار اليوم، والتي أصبحت توازي الاحتياطي الإلزامي للمصارف في مصرف لبنان، أي إن أي انخفاض في الاحتياطيات يضع على المحك الودائع بالعملات في القطاع المصرفي، ما يفرض على السلطات وقف أي استنزاف لهذه الاحتياطيات مهما كانت الوجهة. كذلك على الدولة تأمين قسط من الخسائر المالية الإجمالية في البلاد كونها المسؤول الأساسي عما آلت إليه الأوضاع اليوم. في الواقع تبرز ضرورة عدم المس تحت أية ظروف بالاحتياطي الإلزامي كونه يشكّل جزءاً لا يتجزأ من ودائع الزبائن لدى المصارف علماً أن الدولة تتحمّل مسؤولية استنزاف ودائع المصارف لدى مصرف لبنان خلال السنوات الماضية وأن استمرار هذه السلوكيات سيقضي على بعض الإمكانات التي تساهم في إعادة النهوض الاقتصادي والمالي متى تشكّلت الحكومة وأطلقت العجلة الاقتصادية. إن استنزاف الاحتياطي، أبعد من كونه يستنزف أموال المودعين، يقضي على إمكانية البلد للخروج مستقبلاً من كبوته.
يجدر الذكر أن جمعية المصارف تدرس حالياً الإجراءات التي يمكن اللجوء إليها للحؤول دون المس بالاحتياطي الإلزامي من قبل الدولة أو المصرف المركزي. إننا نعتقد أن المصارف لن توفَر جهداً للحصول على حقوقها بكافة الطرق المتاحة، والتي بالنهاية هي حقوق المودعين بشكل عام. كما أن مصلحة المصرف الحفاظ على المودعين وحقوقهم لأنه إذا لم يعد هنالك مودعون، تختفي بنى وقواعد العمل المصرفي. من هنا أهمية تضافر جهود كافة المعنيين من أجل الوصول بالقطاع المصرفي اللبناني إلى برّ الأمان عن طريق إعداد وتنفيذ خطط اقتصادية واقعية وبناءة.
وأضاف: نحن نعتقد أن الحلول ما زالت موجودة إنما هذه الحلول يجب أن تكون على مستوى كليّ وليس جزئي لتكون فعالة. بمعنى آخر يجب أن تكون على مستوى الدولة ككلّ وليس على مستوى القطاع المصرفي (Stricto Sensu) لأن المعضلة معضلة عامة جراء الترابط الوثيق بين المصارف ومصرف لبنان والدولة والاقتصاد الكلّي. وبالتالي الخروج من المأزق يجب أن يكون عن طريق حلّ عام ينطوي على تشكيل حكومة ذات مصداقية (وليس أي حكومة)، وإطلاق عجلة الإصلاحات.
رئيس «جمعية المودعين» في لبنان لـ«المجلة»: لا توجد أي حلول في الأفق لأموالنا
ولدى سؤاله عن الخيارات المتاحة مستقبلاً، تحدث عن خيارين: الخيار الأول الذي يجب تجنّبه بكافة الطرق يتمثّل في سيناريو المراوحة والجمود والإصلاح على مستوى الدولة والذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الفوضى المطلقة، في حين أن الخيار الثاني يقوم على إعادة هيكلة منتظمة وفق برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يكون المفتاح للتصحيح الضروري للوضع المالي بشكل عام.
وأضاف أن خيار إعادة الهيكلة المنتظمة ينبغي أن يترافق مع الالتزام ببرنامج لصندوق النقد الدولي يشمل الإصلاحات الهيكلية والمالية المطلوبة، وهو ما من شأنه أن يساهم في استعادة الثقة وإطلاق مساعدات مؤتمر «سيدر» واستثمارات أخرى في الاقتصاد الوطني. وهو ما ينبغي أن يعتمد على خفض العجز المالي للدولة اللبنانية عن طريق إصلاحات مالية، وإنشاء صندوق سيادي يتضمّن قسطاً من أصول الدولة اللبنانية يقدّر بحوالي 30 مليار دولار (يُستخدم بشكل مباشر أو غير مباشر لتأمين ذمم المصارف عليها وبالتالي التزاماتها تجاه المودعين)، ضخّ السيولة في القطاع المصرفي من خلال خطوط ائتمانية مقابل احتياطي الذهب، ناهيك عن تحرير سعر صرف العملة الوطنية مما يخفّض من الدين العام بالليرة اللبنانية، والبدء بمفاوضات جدّية مع حاملي سندات اليوربوندز السيادية. إن الهدف من هذا الاتجاه هو ضمان توزيع عادل ومنصف للخسائر بين جميع العملاء الاقتصاديين، وتخفيض الدين العام إلى مستويات مستدامة أي بحدود 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتحرير جزء من أموال المودعين، وأخيراً المساهمة في إعادة الثقة في الاقتصاد الوطني وفي القطاع المصرفي لتعزيز القدرة على إعادة جذب الأموال إلى الاقتصاد المحلي بشكل عام.
بدوره، أشار رئيس تحمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين وعميد كلية الأعمال في جامعة القديس يوسف الدكتور فؤاد زمكحل إلى أن «حاكم مصرف لبنان المركزي ذكر في أكثر من مناسبة، أنه لن يلجأ إلى استخدام الاحتياطي النقدي الإلزامي لتوفير السيولة وإدارة الأزمة النقدية والمالية في البلاد. كما أن هذا الاحتياطي الإلزامي، سيبقى من دون مساس، على أمل أن يُصبح لدينا حكومة جديدة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة دولياً على الاقل». والإصلاحات المطلوبة وفق الصندوق هي «استعادة الملاءة المالية العامة، وسلامة النظام المالي، عبر تجنيب أجيال اللبنانيين الحالية والمستقبلية ديونا أكثر مما تستطيع سداده». كذلك، تتضمن الإصلاحات «وضع ضمانات مؤقتة لتلافي استمرار تدفقات رأس المال الخارجة، بغية تقويض النظام المالي بشكل أكبر، في الوقت الذي تترسخ فيه الإصلاحات، والخطوات لتقليل الخسائر التي طال أمدها في العديد من الشركات المملوكة للدولة، وإنشاء شبكة أمان إجتماعي موسعة لحماية الأشخاص الأكثر ضعفاً».
الاحتياطي الإلزامي حق مقدس للمودعين
أما عن المخاطر التي ستتعرّض إليها المصارف في حال الإصرار على استعمال الاحتياطي الإلزامي، فأكد أن الاحتياطي الإلزامي هو حق مقدس للمودعين، لا يُمكن استخدامه بأي شكل من الأشكال، علماً أن مصرف لبنان كان قد ألزم المصارف أخيراً بإعطاء المودعين أموالهم الدولارية من خلال التقسيط الشهري، لكل مودع وبسقف سنوي لا يتجاوز 4800 دولار. كما قرر خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 15 في المائة إلى 14 في المائة، متيحاً للمصارف استعمال مليار و200 مليون دولار لتسديدها للمودعين.
* الدولة تتحمل مسؤولية استنزاف أموال المصارف في البنك المركزي
وبهذه الطريقة، يضع البنك المركزي قيوداً على حركة الأموال بشكل غير قانوني. علماً أن المصارف يجب أن تتحمّل المسؤولية بموجب القانون من رأسمالها الخاص، وليس من هذا الاحتياطي. واقع الحال، أن مصرف لبنان يهدف من خلال هذه الخطوة (المشار إليها) إلى إعادة أموال المودعين بنسبة تتراوح بين 85 في المائة و90 في المائة. وقد يستغرق العمل لإعادة الأموال إلى صغار ومتوسطي الودائع نحو خمس سنوات. والمبلغ الشهري لكل مودع هو 800 دولار، 400 دولار منها تُعطى بالدولار النقدي، والـ400 الأخرى تُسحب بالليرة اللبنانية على سعر صرف منصة صيرفة والمحدد (في الوقت الحالي) بـ12000 ليرة لبنانية. وسيتحمّل مصرف لبنان 600 دولار من أصل الـ800 المعطاة لكل مودع.
لكن جمعية مصارف لبنان كانت قد جددت التأكيد بـ«عدم قدرتها على تنفيذ قرار البنك المركزي بتوفير أي مبالغ بالعملات الأجنبية»، ولم يتضح بعد مصيرُ القرار، بعدما أفادت الجمعية بإنها غيرُ قادرة على تنفيذه مهما تدنت قيمة العملات الأجنبية. علماً أن المصارف كانت سارعت لاحتواء الأجواء السلبية، بالإعلان عن استعدادها لبحث قرار المصرف المركزي «بإيجابية تامة لما فيه المصلحةُ العامة».
* الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان حق مقدس للمودعين
لذا، فإن استنفاد الاحتياطي الإلزامي يُفقد المصارف «الحرف الأخير» المتبقي من «الثقة»، مما يجعلها مفلسة عملياً ونظرياً، فيما التدهور النقدي سيكون فصلاً دراماتيكياً أسود في تاريخ لبنان الحديث، (القرن الـ21)، ومشهداً مؤسفاً حيال النظرة الدولية لهذا البلد وقطاعه المصرفي، الذي كان مثلاً يُحتذى به في المنطقة العربية وحوض المتوسط وفي العالم أجمع.
في المحصّلة العامة، إن الحل الأهم والشامل هو بتعهد الدولة اللبنانية بإيفاء الديون المتوجبة عليها للمصارف، وهو حل جذري وأهم من كل المبادرات المتفرّقة التي تحصل، وإلا فإن استعمال الاحتياط الإلزامي، سيعني بلا شك، فقدان المصارف لحالة السيولة المنصوص عليها في (المادة 174 نقد وتسليف)، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية لبلاد الأرز التي كانت يوماً «سويسرا الشرق».