بيروت: بعد 9 أشهر من التكليف، أعلن رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إعتذاره عن التشكيل، قرار الحريري جاء بعد أشهر من التعطيل، ورفض التوقيع على التشكيلة الحكومية وإصرار رئيس الجمهورية وفريقه على الثلث المعطل وتسمية الوزراء المسيحيين الأمر الذي يخالف القوانين االدستورية، وهذا ماا فتح الباب أمام سيناريوهات معقدة، أحلاها مرّ.
لا موعد محدد للاستشارات النيابية، فرئيس الجمهورية الذي من المفترض أن يدعو لاستشارات نيابية ملزمة بحسب الدستور اللبناني فور استقالة الحكومة أو اعتذار الرئيس المكلّف، ماطل إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى علّه يستطيع هو وفريقه إقناع شخصية سنيّة تقبل بتولي المهام العسيرة، والأهم أن يقبل الرئيس المكلّف المقبل بشروط ترجّح كفّة عون وفريقه في الحكومة الجديدة.
إذا هل سيتمكن الرئيس اللبناني من شراء المزيد من الوقت بعد انسحاب الحريري من لعبة الوقت، وهل يستطيع أن يتجاهل الاستشارات النيابية الملزمة في ظل الضغوط الدولية والعربية التي تمارس عليه؟ وهل يستطيع أن يجد حسان دياب آخر مستعداً للانتحار سياسياً، أو أن يكمل العهد بحكومة عرجاء في مكان ومشلولة في كل مكان؟
الحريري يطالب الحكومة اللبنانية بتسديد مستحقات المحكمة الدوليّة
من الرئيس المكلّف المقبل؟
قبل أيام من الاعتذار، حيث كانت الأجواء السياسية تشير إلى أنّ اعتذارا يلوح في الأفق، خرجت كثير من المعلومات في الوسائل الإعلامية، تؤكد أن اتفاقا تمّ التوافق عليه بين الحريري وبري ورؤساء الحكومات السابقين، على اختيار شخصية بديلة عن الحريري من بين الرؤساء السابقين، وحكي عن الاتفاق حول اسم الرئيس السابق نجيب ميقاتي، ومعلومات أخرى رجّحت أن يكون الاتفاق حول الرئيس الأسبق تمام سلام، ولكن في الاطلالة الإعلامية للحريري، أكّد أن تيار المستقبل ومعه رؤساء الحكومات السابقين لن يسموا مرشحا لتولي مهمة تشكيل حكومة جديدة، ولن يوفروا غطاء سنياً لحكومة غير ميثاقية. فهل تستطيع السلطة تشكيل حكومة من دون غطاء من نادي رؤساء الحكومات السابقين ومن دون السنّة ومن دون ثلثي المسيحيين، كما فعلت مع حسان دياب؟
وحده النائب فيصل كرامي المقرب من الثامن من آذار والذي طرح اسمه أكثر من مرّة كبديل عن الحريري، قال في تصريح بعد اعتذار الحكومة أنا قادر على تشكيل حكومة جديدة شرط أن تكون حكومة اخصائيين لا ثلث معطل فيها، فهل سيقبل عون بما لم يقبله مع الحريري؟ وهل يستطيع كرامي تشكيل حكومة من دون غطاء سني كما فعل حسان دياب الذي واجه العزلة من بيئته؟
البنك الدّولي: أزمة لبنان الماليّة من بين 10 أسوأ أزمات حول العالم منذ القرن التاسع عشر
المستقبل وحيدا في الانتخابات المقبلة
يبدو أن اعتذار الحريري وإطلالته الإعلامية بعد ساعات من الاعتذار، أوضحت خريطة التحالفات التي سيخوض خلالها تيار المستقبل الانتخابات النيابية المقبلة، فرئيس تيار المستقبل الذي هاجم بشكل واضح التيار الوطني الحر وحزب الله، وانتقد القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي حرص فقط على شكر رئيس مجلس النواب نبيه بري على دعمه للحريري خلال مرحلة التأليف على الرغم من الفشل الذي أصاب مبادرة بري.
قد يحدث مفاجآت غير متوقعة في الأشهر التي تفصل لبنان عن الاستحقاق الدستوري، ولكن يبدو أن شبكة العلاقات بين تيار المستقبل وعديد من الأحزاب التي تحالف معهم لسنوات والذي شكّلوا جبهة وطنية أطلق عليها 14 آذار، قد اهتزت تماما، وبات كل حزب منهم يرسم طريق معارضته للعهد بحسب مصالحه الضيقة لا بحسب المصلحة الوطنية التي تتطلب التكافل والتنسيق والحوار للخروج من أسوأ أزمة يعيشها اللبنانيون منذ عقود.
أما الخصوم التقليديين فمن الواضح أن النبرة التي تحدّث بها الحريري خلال طلّته الإعلامية تؤكد أنّه سيذهب بعيدا في معارضته، التي وصفها البعض بأنّها ستكون شرسة، بانتظار أن تأخذ اللعبة الديمقراطية مجراها، ولتعمل الأكثرية على تسمية مرشحها لتشكيل حكومة. وليحكم اللبنانيون في ما بعد على الأداء والنتائج، وفي مدى مقبولية الدول العربية والغربية لهذا الخيار، وفي ما يمكن تحقيقه من نتائج على صعيد تحصيل المساعدات.
إقرأ لنفس الكاتب:
رغم الضغط الدولي والعربي... «جنرال» بعبدا لن يفرج عن الحكومة اللبنانية
تعطيل واستفزاز وانتهاك لهيبة الدولة.. لبنان يغرق أكثر في الظلام