[caption id="attachment_55250822" align="aligncenter" width="620"] وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد [/caption]
بعد أن قدم المخرج ايرول موريس وزير الدفاع السابق في زمن حرب فيتنام روبرت ماكنمارا، الذي راح يعتذر لضحايا تلك الحرب ويعرب عن ندمه للمشاركة في قرار شنها، سأل موريس وزير الدفاع السابق وأحد أبرز شخصيات حرب العراق دونالد رامسفيلد حول رأيه في الفيلم الذي حمل عنوان «ضباب الحرب» وحصد جوائز رفيعة، فما كان من رامسفيلد إلا أن أجاب موريس بأنه لم يكن على ماكنمارا الاعتذار.
هذه المرة، قدم موريس وثائقيا عن رامسفيلد نفسه بعنوان «المعلوم غير المعلوم»، وهي عبارة مقتبسة من أحد اجتهادات رامسفيلد أثناء حرب العراق واستخدمها لتبرير الأخطاء الكثيرة التي وقعت فيها إدارة الرئيس السابق جورج بوش في شنها الحرب، وفي إدارتها للعراق بعد انهيار نظام رئيسه صدام حسين.
34 ساعة من المقابلات المتلفزة التي أجراها موريس مع رامسفيلد على انفراد والتي قدمها في الوثائقي الذي يبلغ 96 دقيقة، تنوعت فيها الأسئلة، فتاريخ رامسفيلد السياسي طويل، ويتضمن عمله عضوا في الكونغرس، ورئيسا لموظفي البيت الأبيض في زمن الرئيس جيرالد فورد، ثم وزيرا للدفاع في عهد بوش الابن.
عن رأيه في فيتنام يعتقد رامسفيلد أن «بعض الأشياء تنجح، وبعضها لا تنجح، وفيتنام لم تنجح». عن العراق يقول الوزير السابق لنترك الحكم للتاريخ. هل رامسفيلد نادم على تأييده ومشاركته في إدارة تلك الحرب؟ لا يبدو ذلك، إذ يمعن المسؤول الأميركي السابق في الكلام معتمدا على مقدرة مهولة في لي المعاني والتلاعب بالعبارات. مرة واحدة فقط بدا فيها رامسفيلد متأثرا كانت عندما تحدث عن زيارته لجرحى الحرب من الجيش الأميركي. عدا عن ذلك، علت وجهه الابتسامة بين الإجابة والأخرى.
ولأن غالبية الأميركيين كانوا يتوقعون اعتذارا من رامسفيلد، الذي يبلغ الواحدة والثمانين من العمر، على غرار اعتذار ماكنمارا، الذي كان يبلغ من العمر 85 في عام 2003 عندما قدم اعتذارا مؤثرا تخلله أكثر من مشهد بدا فيها وقد اغرورقت عيناه بالدموع، لم يعتذر رامسفيلد.
هكذا، جدد رامسفيلد الصورة المعروفة عنه، فوزير الخارجية السابق هنري كيسنجر، الذي تزامن عمله مع عمل ماكنمارا ورامسفيلد في السبعينات، أطلق على رامسفيلد لقب «الرجل الأكثر قسوة» في واشنطن.
لكن إصرار رامسفيلد الدفاع عن حرب تعتقد غالبية الأميركيين أنها كانت واحدة من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها بلادهم، بعد فيتنام، أثار زوبعة من الانتقادات. حتى المخرج موريس نفسه، أطل في لقاءات قال فيها إن رامسفيلد من دون حياء ويلجأ إلى السفسطة والتلاعب بالكلام من أجل الدفاع عن نفسه وتبرير أفعاله، وخصوصا في العراق، أو أن الرجل يعيش في عالم لا واقعي ويؤمن بما يقوله، ما يجعله إنسانا سطحيا.
الوثائقي عرض للمرة الأولى في الصالات الأميركية الأسبوع الماضي، وهو أثار نقاشا واسعا استعاد حرب العراق، والظروف التي رافقت ذهاب أميركا إلى الحرب، ودور رامسفيلد فيها. صحيح أن الوثائقي لا يقدم إجابات تذكر، ولكنه يساهم في كتابة تاريخ يسعى بعض الأميركيين إلى إبقائه طي النسيان.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.