[caption id="attachment_55250510" align="aligncenter" width="610"] الرئيس الأمريكي باراك أوباما يزور السعودية الجمعة المقبل[/caption]
قامت العلاقات التاريخية بين السعودية وأمريكا على ثلاث ركائز أساسية، هي النفط، ومحاربة الشيوعية، وزعامة المملكة السياسية والروحية للعالمين العربي والإسلامي، وهي الزعامة التي ترسَّخت منذ انتهاء الحرب العربية الباردة بنهاية الستينات. أما النفط فهو أمر قابل للتغيير، ويحدو أمريكا الكثير من الأمل بأن تحقق استقلالها في مجال الطاقة خلال العقدين القادمين، معتمدة على مخزونها من النفط الصخري، ومن تطور مجالات الطاقة البديلة. وأما الشيوعية فحكايتها معروفة، وكيف كان للعلاقات السعودية الأمريكية دور في الهزيمة السوفيتية في أفغانستان، وقبل ذلك وفي السبعينات كانت سياسة الاعتدال التي اتبعتها المملكة في أوبك سببًا غير مباشر في حماية اقتصاديات أوروبا الغربية في مواجهة الاتحاد السوفييتي.
عندما يزور الرئيس الأمريكي أوباما الرياض هذا الأسبوع، لن يكون موضوع النفط من أولوياته. بالتأكيد أيضًا لن تكون محاربة الشيوعية مطروحة على أجندة اجتماعاته. على الأرجح سيبحث أوباما عن طريق للعودة إلى الشرق الأوسط، فهو يدرك الآن أن الانسحاب السياسي من المنطقة لن يوقف عجلة التطورات والتحالفات السياسية فيها، والتي قد لا تأتي على أهواء أمريكا. قبل أيام انتقدت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندليزا رايس" سياسة إدارة أوباما الخارجية، متهمة إياها بالتسبب في فراغ دولي ستسارع قوى عالمية مثل روسيا والصين، أو الجماعات المتطرفة مثل القاعدة في ملئه. هذا بالضبط ما حدث في القرم وفي سوريا. لكن عودة أمريكا إلى الشرق الأوسط لا ينبغي أن تكون على طريقة الجمهوريين الذين سعوا إلى فرض التغيير السياسي بالقوة العسكرية؛ فخلفوا الفوضى في العراق، ولا على طريقة إدارة أوباما في فرضه عبر التدخل السياسي في شؤون الغير والتي أسقطها الجيش المصري في ثورة الثلاثين من يونيو التي دعمتها المملكة والإمارات.
تداعيات الأحداث السياسية في المنطقة خلال السنوات التي تلت زيارة أوباما الأولى للشرق الأوسط في عام 2009 أثبتت أن المملكة عبر سياستها الخارجية اختارت الجانب الصحيح من التاريخ، حتى و إن لم يرق هذا الحديث للأشخاص الذين يقدمون العاطفة على العقل. منذ خطاب أوباما التاريخي في جامعة القاهرة جرت مياه كثيرة في المنطقة. كانت هناك محاولات للترويج لنماذج سياسية وزعامات جديدة في المنطقة؛ فسقط مشروع الإخوان في مصر والذي حظي بدعم أمريكي واضح، وخُدشت صورة النموذج التركي الذي روَّجت له بعض الدوائر الأمريكية كمظلة كبيرة لأنظمة إسلام سياسي مشابهة في المنطقة. سقط الرهان على إيجاد بديل سنّي للسعودية كزعيمة روحية وسياسية للعالمين العربي والإسلامي، وبالطبع لا يمكن الرهان على صديق أمريكا الجديد إيران في عالم إسلامي تشكِّل الطائفة الشيعية فيه أقلية. أمام أمريكا ملفات عديدة مفتوحة في الشرق الأوسط، من قضية فلسطين، إلى التطبيع مع إيران، وأخيرًا وليس آخرًا الحرب في سوريا. كل هذه الملفات لا يمكن لأمريكا التقدم فيها من دون شريك قوي يمثل العالمين العربي والإسلامي.
لا شك أن تجديد الشراكة بين السعودية والولايات المتحدة هي خيار أفضل للطرفين، ولكن إن كان للرئيس أوباما أن يستمع -ولمرة واحدة فقط- لنصيحة من الرئيس الروسي بوتين، فيجدر أن تكون متعلِّقة بالطريقة التي يقبل بها الروس أصدقاءهم في المنطقة كما هم، من دون تدخل لفرض تغيير في شؤونهم الداخلية.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.