القامشلي: أثار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان جدلاً واسعاً بعد زيارته قبل أيام لمدينة شوشي الأرمينية التي سيطرت عليها أذربيجان، حليفة أنقرة بعد حربها ضد المقاتلين التي دامت 44 يوماً الخريف الماضي وانتهت بهدنة بين الجانبين برعايةٍ روسية يوم العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتخضع مدينة شوشي لسيطرة باكو منذ أشهر، لكنها قبل ذلك بعقود كانت تعد من أهم مدنِ جمهورية «آرتساخ» المعلنة من جانبٍ واحد في إقليم ناغورني كراباخ الواقع جنوب القوقاز والذي تقطنه أغلبية أرمنية.
ووقّع الرئيس التركي ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف اتفاقاً في المدينة الأرمينية فيما سمي باتفاقية شوشي، بينما تعتبر يريفان وآرتساخ أن هذه المدينة «محتلة» مع 4 مدنٍ أخرى سيطرت عليها باكو وكانت تتبع قبل ذلك الوقت للجمهورية غير المعترف بها.
وأعلن إردوغان عن رغبته في افتتاح قنصليةٍ تركية في شوشي التي يتنازع عليها الجانبان الأرميني والأذربيجاني على أحقيتهما التاريخية في هذه المدينة التي سيطرت عليها باكو بعد هدنةٍ أبرمتها مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان برعايةٍ من موسكو في الربع الأخير من العام الماضي.
كما لم يخفِ الرئيس التركي نيته في إنشاء قاعدةٍ عسكرية لبلاده في مدينة شوشي رغم أن موسكو نفت هذه الخطوة، مما ينذر باندلاع خلافٍ جديد بينها وبين أنقرة.
وقال ديكران كابويان، المحلل السياسي الأرميني ومحرر النسخة العربية في وكالة الأنباء الأرمينية «أرمن بريس» إن «زيارة إردوغان لمدينة شوشي تعد بمثابةٍ تحدٍّ تركيّ واضح لروسيا»، مشدداً على أن «إردوغان قام بهذه الزيارة لإرسال عدّة رسائل لموسكو من بينها التأكيد على قوة الوجود التركي جنوب القوقاز»... وإلى نص المقابلة:
* ماذا تعني زيارة الرئيس التركي إلى مدينة شوشي؟
- بلا شك تحمل هذه الزيارة الكثير من الرسائل التركية الموجهة لروسيا خاصة وأن منطقة جنوب القوقاز حيوية بالنسبة لها. ومع ذلك حاول الرئيس التركي من خلال هذه الزيارة تحدّي موسكو وإظهار قوة بلاده أمامها في هذه المنطقة. كما أنه أراد من خلالها القفز فوق القرار الأذربيجاني لتبدو أنقرة وكأنها هي من تتخذ قرارات باكو وتنطلق منها لمناطقٍ أخرى في جنوب القوقاز.
* ما هو هدف إردوغان من الإعلان عن رغبته بافتتاح قنصلية تركية في هذه المدينة؟
- على الرغم من أن الأتراك ارتكبوا مجازر في مدينة شوشي عام 1920 وهي مدينة أرمنية تاريخياً وجزء من جمهورية آرتساخ، إلا أن الدولة التركية تعتبر أنه كان هناك تواجد كبير للعرق التركي في هذه المدينة، ولذلك يرون فيها مركزاً لثقافتهم، وبالتالي التلميح لافتتاح قنصلية فيها هو جزء من خطة طورانية لا سيما وأن أذربيجان ترى نفسها أيضاً جزءا من تركيا.
* كيف يمكن أن يكون الردّ الروسي على كل هذه التطورات خاصة وأن أنقرة تتحدث عن افتتاح قاعدة عسكرية لها في شوشي أيضاً؟
- هناك مسبقاً توترات في العلاقات الروسيةـ التركية، لكن كلا الجانبين يحاول أن يخفيها من خلال اللعب على التناقضات، وهذا أمر يبدو واضحاً من خلال تعاطي وسائل الإعلام الروسية والتركية الحكومية في الملفات الشائكة بين الطرفين. لكن رغبات إردوغان الأخيرة ستحدث مزيداً من التوتر في العلاقات بين الدولتين، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن القوقاز مجال حيوي كبير وهام بالنسبة لروسيا. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث التي تتمكن فيها أنقرة من دخول منطقة جنوب القوقاز. ولذلك باعتقادي من المحتمل أن الردّ الروسي سيكون عبر ملف آرتساخ والحسابات الاقتصادية مع أذربيجان وكذلك من خلال الملف الجورجي والعلاقات مع يريفان وأيضاً من خلال مجموعة مينسك، وهذا يشير إلى أن أنقرة لا يمكنها أن تنفذ بسهولة كل مخططاتها في هذه المنطقة.