بيروت: لا تزال مشاهد مئات المواطنين الواقفين في الطوابير أمام محطات الوقود تسيطر على المشهد اللبناني، وسط تحذيرات جدية بأنّ الأزمة ستتضخم في الأيام القليلة المقبلة.
فبحسب أمين سر نقابة موزعي المحروقات في لبنان، حسونة غصن، حذر من «نفاد مخزون المحروقات في لبنان»، لافتا إلى أنه "اعتبارا من اليوم ستتضخم أزمة البنزين بلبنان».
ولفت غصن إلى أنه كان يفترض بلبنان السير بخطة وزير الطاقة ريمون غجر برفع اعتماد شراء المحروقات من دولار 1500 إلى دولار 3900 حسب الاتفاق الذي تم مع حاكم مصرف لبنان، وإلا سنكون أمام رفع الاعتمادات ونفاذ المخزون المهدد بالنفاذ.
وأشار إلى أن «الدولة تركت بعض المخزون من المحروقات للقوى الأمنية والجيش اللبناني، وهو مهدد بالنفاذ أيضا».
وناشد غصن، في بيان، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب «الطلب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حل المشكلة».
وفرضت أزمة البنزين على اللبنانيين إدخال تعديلات كثيرة على حياتهم وأجبرتهم على التنازل عن عادات طبيعية تتعلق بتنقلاتهم اليومية واللجوء إلى حلول لم تكن متصورة من قبل.
من جهته، أكد وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر، الأسبوع الماضي، أن «دعم البلاد للبنزين لن يدوم وسيتوقف في نهاية المطاف»، داعيا مواطنيه للاستعداد لوقف دعم البنزين، ومن لم يعد قادرا على تحمل عبء سعر تنكة البنزين، فليستخدم وسائل أخرى، تصريح وزير الطاقة أثار موجة من الغضب والسخرية من قبل المواطنين الذين يزدحمون يوميا أمام محطات للوقود للحصول على حق من حقوقهم الطبيعية لو كانوا يعيشون في دولة «طبيعية» تحترم مواطنيها.
من جهة ثانية، يبدو أنّ أزمة الوقود ستؤثر مباشرة على بيوت اللبنانيين التي تضيئها مولدات الكهرباء مع غياب شبه تام لكهرباء الدولة، فقد حذّر رئيس "تجمع أصحاب المولدات في لبنان" عبدو سعاده في بيان، أن «وضع البلد بات خطيرا مع فقدان مادة المازوت من الاسواق، والذي بدأ يتسبب بتوقف المولدات عن العمل»، وقال: «دخل لبنان منعطفا جديدا وخطيرا من خلال نداءات وصرخات تجمع اصحاب المولدات الخاصة في كل المناطق اللبنانية، الذين يؤكدون عجزهم عن الاستمرار في تشغيل المولدات بسبب عدم توافر مادة المازوت، التي تحجبها وزارة الطاقة عن ابناء الوطن، في دهاليز المصالح والغايات السياسية وغيرها، من دون الإكتراث إلى وجع المواطنين وآلامهم، كأننا بتنا نعيش في كوكب، والسلطة والوزارة في كوكب آخر».
أضاف: «هذا الوضع الخطير يرخي بظلاله على كل المستويات، لا سيما أن تداعياته وتأثيراته السلبية على المواطنين خطيرة، وقد تكون في بعض الأحيان مميتة، عندما يتوقف جهاز التنفس المخصص للمرضى، بسبب غياب التيار الكهربائي الرسمي، وفي الوقت نفسه كهرباء المولدات الخاصة. وإننا نسأل ألا يستدعي هذا الأمر تحركا من قبل وزارة الطاقة وأن تقوم بواجباتها؟».
واعتبر أن «الوضع وصل إلى نقطة الصفر والحدود الحمراء، إذ بدأت المولدات تنطفئ، بعد فراغ خزاناتها من المازوت، الذي بات مفقودا ولا سبيل لنا لتأمينه"، مشيرا إلى "أن وزارة الخارجية كانت اليوم أولى ضحايا فقدان المازوت، إذ توقفت مولداتها عن العمل، وتسببت معها بتوقف معاملات المواطنين».
ودعا وسائل الإعلام والجهات المعنية إلى «الكشف على خزانات المولدات في كل المناطق اللبنانية للتأكد من خلوها من مادة المازوت"، مجددا تحذيره "من هذا الوضع الخطير"، داعيا "الحكومة والجهات المعنية إلى التحرك السريع لإنقاذ ما تبقى، قبل السقوط الأخير».
ومع أزمة الوقود الحادة، بدأ مصرف لبنان برفع الدعم تدريجيا عن بعض السلع الغذائية المدعومة، ويلتمس اللبنانيون مفاعيل رفع الدعم قبل إقراره بصورة رسمية. إذ ترتفع الأسعار من دون حسيب أو رقيب. وآخر فصول مسلسل رفع الدعم، تجلّى بزيادة سعر ربطة الخبز.
فقد أصبحت تباع في الفرن بسعر 3000 ليرة للربطة، بوزن 910 غرامات. وفي المتجر بسعر 3250 ليرة. أما الربطة حجم وسط، والتي لا يجب أن يقل وزنها عن 395 غراماً، فباتت تباع في الفرن بسعر 2000 ليرة. وفي المتجر بسعر 2250 ليرة. وذلك وفق ما حددته وزارة الاقتصاد، استنادًا إلى جدولها الأسبوعي لسعر مبيع دقيق القمح.
ويعود القرار إلى "توقف مصرف لبنان عن دعم مادة السكر، بناءً على قرار وزارة المالية رقم 1291/1 تاريخ 1/12/2011 (القاضي بتحديد المعدلات الواجب تطبيقها على مجموع الواردات لاستخراج الربح الصافي المقطوع)، والذي تضمن نسبة 15 بالمئة الأرباح المحددة للأفران ومنتجات الخبز والمعجنات، وبناءً على جدول تحليل كلفة التصنيع والتوزيع والبيع، وعلى الدراسة التي قامت بها وزارة الاقتصاد والتجارة، لتحديد كمية المكونات المطلوبة لإنتاج أفضل نوعية من الخبز اللبناني للمستهلك".
كما استندت الوزارة في قرارها، وفق ما جاء في بيان لها، إلى «سعر القمح في البورصة العالمية، وإلى سعر صرف الدولار، واستنادًا إلى سعر المحروقات، ونظرًا للظروف الاقتصادية الضاغطة والقدرة الشرائية المنخفضة التي يعاني منها المواطنون».
إذا مع الوضع الاقتصادي الضاغط الذي يعيشه لبنان، تشهد بعض المناطق اللبنانية لا سيما في الشمال وتحديدا في مدينة طرابلس المدينة الأفقر على البحر المتوسط، تحركات احتجاجية، وقطع طرقات منددين بالغلاء والأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.