القاهرة: حذر السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري سابقا من التعنت الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة، والذي سيجلب للمنطقة عدم الاستقرار، مع الوضع في الاعتبار أن مصر لن تذهب إلا لخيار المفاوضات الدبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلق بسد النهضة فقط، ولكن الأمر مرتبط بأبعاد أفريقية ودولية.
* المفاوضات المصرية الإثيوبية في أزمة سد النهضة هل حققت نجاحا ملموسا؟
- خلال عشر سنوات حققت الدبلوماسية المصرية إنجازات كبيرة خلال المفاوضات مع إثيوبيا في أزمة سد النهضة، والتفاوض هنا عن اكتمال ملء السد بحوالي 74 مليار متر مكعب من المياه وكيفية التعاون في موارد نهر النيل الأزرق، والتي دائما ما تؤكد أديس أبابا أن لها سيادة على نهر النيل، بينما تؤكد مصر أن نهر النيل هو نهر دولي يخضع للمواثيق والقوانين الدولية، ولا يحق لدولة سواء كانت دولة المنبع أو دولة المصب أنها تمتلك حرية التصرف في موارد هذا النهر الدولي، وجوهر التفاوض في هذه الأزمة أن دولة المنبع تريد احتكار نهر النيل، بينما دولة المصب وهي مصر تقول لا احتكار لمياه النهر، فجميع دول حوض النيل يتم تقاسم موارده وفقا لاحتياجات كل دولة، ولا مساس بالحصة المصرية والتي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه، لكن التعنت الإثيوبي يريد احتكار النيل، حيث تريد أن تكون دولة المنبع هي التي تتصرف في توزيع حصص المياه على دول المصب كيفما تشاء، مع الوضع في الاعتبار أن مصر تتمنى انتهاء هذه الأزمة، ولو أصرت أديس أبابا على تعنتها فقد سبق وأن حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من هذا الأمر لأنه سيجلب على المنطقة والقارة الأفريقية العديد من المشاكل وعدم الاستقرار غير المسبوق، وهنا لا بد أن نؤكد أن المشكلة الحقيقية ليست في الملء الثاني للسد ولكن جوهر المشكلة الحقيقي في تعنت الجانب الإثيوبي، والدبلوماسية المصرية منذ بدء المفاوضات متمسكة بالحلول السلمية الدبلوماسية لذلك هي تحشد الرأي العام العالمي وأخطرت مجلس الأمن الدولي بآخر تطورات الأزمة وكذلك الاتحاد الأفريقي وتصر مصر على حل الأزمة من خلال المفاوضات.
السودان خلال الأيام القليل الماضية أكدت على اتخاذ الإجراءات القانونية ضد تعنت إثيوبيا، لماذا لا تلجأ مصر لذلك؟
القانون الدولي واضح فيما يخص نزاع الدول أمام محكمة العدل الدولية حيث يشترط موافقة أطراف النزاع على اللجوء له، وتعنت إثيوبيا في المفاوضات يؤكد رفضها لذلك ومن ثم هذا الأمر صعب تحقيقه وهذا الطرح لن يفيد في دفع المفاوضات إلي الأمام.
* هل هناك خيار ثانٍ غير المفاوضات تلجأ إليه دول المصب؟
- لا يوجد خيار في رأيي إلا المفاوضات، ومصر متمسكة بالحل السلمي والدبلوماسية، فالأزمة هنا لا تتعلق بسد النهضة فقط ولا الخلاف مع إثيوبيا ولكن الأمر أبعد من ذلك بكثير، حيث إن القضية لها أبعاد أفريقية ولها أبعاد دولية وإقليمية وأيضا قوة دولية مؤثرة وأي حل غير الحلول الدبلوماسية أمر خطير يعرض القارة والقرن الأفريقي وحوض نهر النيل لتدخل أجنبي، ومصر لا تريد هذا على الإطلاق، لذلك هي تركز على الدبلوماسية والمفاوضات، وأعتقد أننا من خلال المفاوضات تنتهي الأزمة.
* وما دور المؤسسات الدولية في الأزمة؟
- سبق وأن عقد مجلس الأمن الدولي جلسة لبحث أزمة سد النهضة والخلاف بين دول المصب ودولة المنبع وعبرت كل الوفود عن رأيها في الأزمة وقد أجمعت الآراء على أن التفاوض هو أنسب الطرق لحل الخلافات وأن نهر النيل هو نهر دولي ويجب أن يكون هناك تعاون بين دولة المنبع ودولة المصب، لكن رأت الآراء في مجلس الأمن أن يحل الأمر عبر الاتحاد الأفريقي وهذا يعني أن الوقت لم يحن لطرح الأزمة على المجتمع الدولي، ومصر الآن تحاول حل النزاع في الاتحاد الأفريقي، لكن حتى الآن الوساطة الأفريقية لم تؤت ثمارها بعد.
* وماذا عن اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة والمتعلق بالأزمة؟
- في رأيي أننا نرحب بنتائج الاجتماع وبالتأييد والدعم العربي لموقف مصر والسودان، لكن كنا نتمنى دورا عربيا أكثر نشاطا وأكثر تأثيرا عما ورد في البيان النهائي للاجتماع، ونأمل أن يكون الموقف العربي من خلال جامعة الدول العربية أكثر تأثيرا في النزاع في المستقبل القريب.