على الرغم من عدم تبديد العقبات حول تشكيل الحكومة، إلاّ أنّ الأطراف المعنية تصرّ على بثّ الأجواء الايجابية بحذر واضح، فمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري مستمرة بحسب ما تؤكد أوساطه، وهو مستمر في محاولة تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر للوصول إلى تشكيلة تحظى برضى الرئيس المكلّف من جهة ورئيس الجمهورية من جهة أخرى.
من جهة أخرى يعيش اللبنانيون أقصى مراحل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها بلادهم منذ حوالي العامين، والتي صنّفت بإحدى أشدّ 10 أزمات اقتصادية على مستوى العالم بحسب البنك الدولي. ففي ظل استمرار تحليق سعر صرف الدولار أمام العملة اللبنانية، والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الأساسية، يمضي اللبنانيون ساعات طويلة من يومهم في طوابير "الذل" على محطات الوقود، وباقي يومهم على أبواب الصيدليات بحثا عن الأدوية المفقودة وحليب الأطفال، هذا عدا عن أزمة المستشفيات والانقطاع شبه الدائم للكهرباء، والتحذير من انقطاع تام لخدمة الانترنت، وغيرها من الأزمات التي تتفاقم واحدة تلو الأخرى.
ففي ظل هذا الوضع المأساوي الذي يعصف بالبلاد، وفي ظل حكومة تصريف أعمال لا تقوم بواجباتها لوضع حدّ للانهيار، تشكيل الحكومة مجمّد حتى الساعة، والهدف المحاصصة وتحقيق مكاسب ضيقة وفئوية بعيدة كلّ البعد عن مصالح شعب منهار ينتظر الانفجار الكبير بين لحظة وأخرى.
الثنائي الشيعي يكثّف حركته
حركة الثنائي الشيعي تأتي بعد توافق حصل بين الرئيس نبيه برّي وأمين عام حزب الله، على تكثيف الحركة، لعدم نعي المبادرة وبث صورة سلبية بفعل الفشل. الطرفان عملا على تحصيل ضمانة من قبل الرئيس سعد الحريري بعدم الاعتذار، ومن قبل جبران باسيل بعدم الاستقالة من المجلس النيابي.
وتحت هذا العنوان تستمر اللقاءات، التي تجددت مساء الثلاثاء بين وفد الثنائي، الذي ضم حسين الخليل وعلي حسن خليل ووفيق صفا، بجبران باسيل. والهدف تحريك الملف الحكومي، مع علم الطرفين بأن لا حكومة في الأفق.
عقد اللقاء مع قرار مسبق بضرورة إشاعة أجواء إيجابية تشير إلى تحقيق تقدم. لذلك، وبعد انتهاء الاجتماع، بدأ تسريب أخبار عن حصول اتفاق على الهيكلية العامة للحكومة، أي تشكيلة من 24 وزيراً، مع إعادة توزيع الحقائب، والتي أيضاً تناولتها التسريبات بصيغة إيجابية. علماً أن العُقَد كلها لا تزال على حالها.
بحسب المعلومات استطاع الثنائي الحصول على تأكيد من التيار الوطني الحرّ بعدم حصوله على الثلث المعطل، وإيجاد صيغة للاتفاق على تسمية الوزيرين المسيحيين، بتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس. وعملياً، العقبات لا تزال على حالها. فيما طرأت مشكلة جديدة تتعلق بوزارة الطاقة التي يرفض باسيل أن تكون من حصة تيار المردة. وتمسك باسيل بالحصول على هذه الوزارة مقابل إعطاء الاتصالات للمردة. بذلك، يختار الرجل اختلاق مشكلة بين الحريري وسليمان فرنجية.
أما صيغة اختيار الوزيرين المسيحيين، فلا يزال باسيل على اقتراحه بعدم تسميتهم من قبل الحريري، على أن يكون هناك توافق بين مختلف القوى، باختيار اسمين من مجموعة أسماء يتم تقديمها. واتُفق أن يبلّغ علي حسن خليل الحريري بنتائج هذا الاجتماع للحصول على إجاباته. وحسب المعلومات، فإن الحريري بقي مصرّاً على موقفه بعدم التنازل عن حقه الدستوري في تسمية وزير مسيحي أو أكثر، معتبراً أن اقتراح تسمية الوزراء عليه، هو إهانة لرئاسة الحكومة وللدستور.
كذلك بحث الخليلان مع الحريري مسألة الثقة البرلمانية، ومدى إمكانية منحها للحكومة، خصوصاً ان الحريري يصر على نيل ثقة تكتل لبنان القوي، بما أنه سيمنح عون 8 وزراء. أما بحال رفض باسيل منح الثقة للحريري، فحينها تكون حصة رئيس الجمهورية 3 وزراء.
إذا العقبات لا تزال مستمرة وعالقة ولا حكومة في الوقت القريب، واللبنانيون سيتجرعون كل أنواع الذل والسمّ ولا من يشفق عليهم.