القاهرة: تمضي المملكة العربية السعودية بخطى حثيثة في تعزيز استثماراتها ومشروعاتها التنموية في أفريقيا، ومساعدة دول القارة السمراء على تحقيق معدلات نمو تلبي تطلعات شعوبها، وفي إطار استراتيجية المملكة لتحقيق الأمن الغذائي على المدى البعيد، ونقل تجاربها في مجال الطاقة للدول الواعدة.
وقد أثبتت جائحة كورونا الرؤية الثاقبة للمملكة في ضرورة تأمين ملف الغذاء، بعدما أظهرت قيمة الاستثمارات الضخمة في المجال الزراعي والإنتاج الحيواني التي ضختها في أفريقيا التي تمثل 24 في المائة من الأراضي الزراعية الخصبة حول العالم، وتمثل نمورًا واعدة في طور التشكل.
وتعكس تصريحات الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، الأخيرة في قمة «مواجهة تحدي نقص تمويل أفريقيا»التي احتضنتها العاصمة الفرنسية باريس، الدور الكبير الذي لعبه الصندوق السعودي للتنمية في القارة السمراء، على مدار أربعة عقود، بعدما قدمت 580 قرضًا ومنحة لأكثر من خمس وأربعين دولة في القارة، بقيمة تتجاوز 50 مليار ريال.
ويظهر الواقع الاقتصادي لغالبية الدول التي كان لرأس المال السعودي دور فيها عن نجاح استراتيجيتها في دفع عجلة التنمية وإرساء دعائم الأمن والاستقرار وحل النزاعات، فضلاً عن دعمها للجهود الدولية في محاربة الجماعات الإرهابية والتطرف لكل من دول الساحل والصحراء ومحاربة الإرهاب وتحسين القدرات الأمنية لتلك الدول والتي ينعكس على أوضاعها الاقتصادية فـ«لا تنمية دون أمان».
لدى صندوق الاستثمارات العامة في المملكة عدد من المشروعات والأنشطة في قطاعات الطاقة والتعدين والاتصالات والأغذية والبنية التحتية وغيرها بإجمالي 15 مليار ريال سعودي، لكنه لن يتوقف عند حدود تلك الأرقام رغم ضخامتها، إذ يعتزم استكمال الجهود في البحث عن فرص الاستثمار في القارة الأفريقية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في دول وقطاعات أخرى.
وأعلن الصندوق أخيرًا عن مبادرة بمليار ريال سعودي لتطوير دول الساحل بالمشاركة مع وكالة التنمية الفرنسية، لينضم المبلغ السابق إلى المشروعات والقروض والمنح المستقبلية التي سينفذها في الدول النامية بأفريقيا التي تتجاوز قيمتها 3 مليارات ريال خلال العام الحالي.
ويعتبر القطاع الزراعي في أفريقيا الأكثر جذبًا للمستثمرين السعوديين حالًيا، حيث استطاعت أن تضع قدما في منطقة ستصبح خلال سنوات أكثر المناطق العالمية جذبا للاستثمارات المتعلقة بالغذاء، فالدراسات توضح أنه بحلول عام 2030 يمكن لقطاع الزراعة الأفريقية إنشاء سوق بقيمة تريليون دولار حال استغلال الموارد المائية المتجددة التي لم يتم استغلال سوى 2 في المائة.
تشير الدراسات الاقتصادية الأفريقية إلى أن السعودية تستثمر حاليًا نحو مليوني هكتار في عدد من بلدان القارة السمراء للتي تمتلك 60 في المائة من الأراضي غير المزروعة في العالم، ويعمل فيها 70 في المائة من الأيدي العاملة، ويمثل أيضًا القطاع الأكثر نموا في التوقعات المستقبلية بنسبة تزيد على 31 في المائة.
وقد انعكست تلك الاستثمارات على المملكة في خضم أزمة كورونا فلم يكن لدى قيادتها أدنى مخاوف من حدوث نقص في الغذاء كما حدث في كثير من دول العالم، فقدر كبير من الاستثمارات الزراعية السعودية يقع في شرق أفريقيا وهي منطقة لا يفصلها عن المملكة سوى البحر الأحمر فقط، مما يسهل قدوم شحنات الغذاء في أي وقت، كما أن دولة جيبوتي الواقعة على باب المندب أصبحت مركًزا لوجيستيا لاستقبال وإرسال المنتجات الزراعية من السعودية إلى شرق أفريقيا، والعكس.
ويشير تقرير لبنك «ستاندارد» العريق في دولة جنوب أفريقيا، إلى أن المستثمرين السعوديين قرروا الاستثمار في نحو 800 ألف هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) في أفريقيا وهو يشكل 70 في المائة من حجم استثمارات الشركات الزراعية العالمية، ويأتي ذلك في خضم سياسة المملكة في الحفاظ على المياه الجوفية لديها، ومنع استنزافها في زراعة كل المحاصيل، والتركيز على الاستثمار الزراعي في الخارج.
دور ملحوظ
تولي المملكة أهمية خاصة للاستثمار في السودان عبر مشروعات مشتركة ووصل حجم الاستثمارات السعودية التي صدقت عليها الخرطوم خلال آخر عقدين نحو 35.7 مليار دولار نفذت منها على أرض الواقع مشروعات بنحو 15 مليار دولار، لكن توجد توقعات لخبراء اقتصاديين بانتعاش أكبر لعمليات التنفيذ ودخول أكبر للقطاع الخاص، بعد تعهد المملكة في شهر مارس (آذار) الماضي بثلاثة مليارات دولار في صندوق مشترك للاستثمار في السودان.
وتقول الدكتورة تماضر الطيب، أستاذة العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدبلوماسية في جامعة الخرطوم، إن المملكة السعودية تعتبر أكبر الدول العربية التي تربطها علاقات اقتصادية قوية بالسودان منذ الثمانينات، كما تتصدر المملكة دول العالم في استقبال السودانيين الذين يعملون في الخارج حاليًا وتمثل تحويلاتهم النقدية مصدرا للعملة الصعبة.
ودخلت المملكة في مشروعات مشتركة لتطوير الأراضي، بينها مليون فدان في أعالي طنبرة حيث تقوم الحكومة السعودية بتجهيز البنية التحتية وتأجيرها للشركات الزراعية السعودية، ووصل حجم استثمارات المملكة التي لاقت تصديقًا عليها من الجانب السوداني في الفترة من العام 2000 حتى 2020 إلى 35.7 مليار دولار، نفذت منها على أرض الواقع مشروعات بنحو 15 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تتزايد المشروعات السعودية مستقبلاً في قطاع التصنيع الزراعي خاصة أن المملكة لديها تجارب سابقة في ذلك المجال من بينها مشروع مصنع سكر كنانة وعدد من المشروعات التنموية الأخرى، بجانب الدور الكبير الذي لعبه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بنحو 28 مشروعًا بقيمة 16.4 مليون دولار.
وتقول تماضر لـ«المجلة»، إن الفترة الأخيرة شهدت انتعاشًا في الاستثمارات السعودية في السودان وإثيوبيا في مختلف المجالات، وفي ظل يقين كامل من المملكة السعودية بأهمية منطقة القرن الأفريقي التي تشهد تجاذبات كبيرة من القوى العظمى، وأصبحت المملكة حاضرة فها بقوة عبر الاستثمارات والمشروعات التي تدشنها وتنعكس إيجابيا على الطرفين.
تحركات مستمرة
تشهد الاستثمارات السعودية تعاظمًا كبيرًا في إثيوبيا التي حصل فيها 305 مستثمرين سعوديين على تراخيص استثمارية خلال عقد واحد، منها 141 مشروعًا في الإنتاج الحيواني والزراعي، ونحو 64 مشروعا في المجال الصناعي، بجانب نحو 16 اتفاقية لاستصلاح الأراضي الزراعية وتوفير شبكات الطاقة.
ونجحت الاستثمارات السعودية في تحقيق معدلات نمو مرتفعة في إثيوبيا التي تشهد تدفقا كبيرًا في الاستثمارات الأجنبية، فخلال عامي 2017 و2018 كانت أديس أبابا واحدة من أكبر خمس دول في جذب الاستثمار الأجنبي بالقارة السمراء وقدم إليها 152 شركة أجنبية من آسيا وأوروبا وحتى من دول شمال أفريقيا للاستثمار بها.
كما ترتبط المملكة مع جيبوتي بشبكة استثمارات بـ3 مذكرات لتمويل ثلاثة مشاريع، أحدها حول البرنامج السعودي لحفر الآبار والتنمية الريفية في أفريقيا، ولدى المملكة مشروعات قائمة في قطاع السياحة، ويبلغ إجمالي القروض والمنح المقدمة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية لتمويل المشاريع في جيبوتي نحو 1.4 مليار ريال سعودي.
وقد ساهم التواجد الكبير للمملكة في أفريقيا والثقة التي تحظى بها بين زعمائها في نزع فتيل أزمات بين دولها ولعب دور فعال في المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا وتوقيع اتفاق سلام بينهما ينهي حربًا استمرت أكثر من 20 عامًا، مما انعكس على أمن البحر الأحمر والموانئ على الضفة الأخرى للبحر الأحمر ووفر بيئة خصبة للتنمية.
لا يختلف الأمر بالنسبة للصومال التي قدمت لها المملكة قروضًا بنحو 289 مليون دولار آخرها 50 مليون دولار لدعم ميزانية الدولة، كما كان للاستثمارات السعودية دور كبير في إنشاء المحاجر الصحية التي تتولي رعاية الماشية والكشف البيطري عليها قبل تصديرها للخارج بالصومال، وإنشاء محجر آخر في جيبوتي يخدم صادرات الماشية الصومالية أيضًا بتكلفة 20 مليون دولار، بجانب محجرين آخرين في شمال شرق وغرب الصومال على مساحة 4 كيلومترات.
اقتصاد نظيف
لا تقتصر الجهود السعودية فقط على دول أفريقيا النامية بل امتدت إلى جنوب أفريقيا المصنفة كدولة متقدمة من بوابة شركة «أكوا باور»السعودية التي ركزت جهودها بشكل رئيسي في جنوب أفريقيا ضمن استثماراتها العالمية التي تتجاوز 67.6 مليار دولار أميركي وتنتج 43.8 غيغاواط من الكهرباء، و5.8 مليون متر مكعب من المياه المُحلاة يوميًا، كما أعلنت المملكة عن مشروع بناء مصفاة نفطية طاقتها 300 ألف برميل يوميًا، ومصنع للبتروكيماويات بجنوب أفريقيا بقيمة 10 مليارات دولار بقيادة شركة أرامكو.
وقد انعكست استثمارات المملكة وقروضها ومنحها كثيرًا على القارة السمراء التي يعاني فيها نحو 600 مليون شخص من عدم استدامة الطاقة الكهربائية، وركزت على مجالات الطاقة النظيفة في قارة تدفع ثمن التطور الصناعي في العالم المتقدم، فنحو 65 في المائة من شعوبها تأثروا سلبًا بالتغيرات المناخية رغم أن نسبة الانبعاثات من قارتهم هي الأقل عالميًا.
وتسعى المملكة حاليًا لمشاركة تجربتها الواعدة في الطاقة المتجددة إلى أفريقيا عامة، وسط توقعات بوصول حجم الاستثمارات السعودية في ذلك المجال إلى 50 مليار دولار بعد عامين، مع سعي المملكة- رغم ثرائها بالوقود الأحفوري- إلى زيادة القدرة على توليد الطاقة النظيفة إلى ما يقارب 58.7 غيغاواط بحلول عام 2030 منها 40 من مصدر الطاقة الشمسية، و16 من الرياح، و2.7 من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
ويقول الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن السعودية وعت مبكرًا أهمية أفريقيا اقتصاديًا وأمنيا خاصة منطقة الشرق التي تمثل امتدادا أمنيا واقتصاديا للمملكة، لكونها ممرات بحرية تؤمن تصدير ما يقرب من 70 في المائة من نفط الخليج إلى دول القارة الأوروبية والولايات المتحدة، موضحًا أن السعودية نجحت في تحجيم قوى إقليمية كانت تسعى للتواجد فيها.
ويؤكد عبده، لـ«المجلة»أن أفريقيا تمثل فرصا استثمارية واعدة، فهي مليئة بالأراضي الزراعية الخصبة التي يمكنها تحقيق الأمن الغذائي للخليج، وتتيح دولها حق تملك الأراضي لمدة 99 عامًا وتمنح إعفاءات ضريبية كبيرة، كما أن جائحة كورونا أثبتت أن استيراد الغذاء قد يكون غير متاح في كل الأوقات بعدما اتبع مصدرو الغذاء حينها إجراءات حمائية.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن الاتفاقيات السعودية متكاملة تسعي للمنفعة المتبادلة وتتضمن توسيع قاعدة التعاون والاستثمار بداية من اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ولجان مشتركة للتعاون الخارجي والأمني والعلمي والثقافي والاقتصادي، خاصة أن بها دولا عربية تمتلك مقومات زراعية، كالسودان الذي في مخزونه 175 مليون فدان صالحة للزراعة.
ويركز التمويل الخليجي- في مقدمته السعودية- على البنية التحتية، فنصف المساعدات الخليجية اتجهت لمشاريع النقل، خصوصًا الطرق، فيما استحوذ قطاع الطاقة على 30 في المائة من إجمالي المساعدات الخليجية التي تتراوح بين السدود الكهرومائية وتوفير الكهرباء للمناطق الريفية، و15 في المائة على مشاريع المياه بجانب مشروعات الاتصالات.
ويبلغ إجمالي مشاريع البنية التحتية الأفريقية التي مولتها الدول الخليجية خلال العقد الماضي نحو 30 مليار دولار بالأسعار الجارية مُقسمة ما بين 15 مليار دولار، كاستثمارات مباشرة و15 مليار دولار مساعدات وقروض ومنح، بحسب نتائج دراسة حديثة لغرفة تجارة وصناعة دبي.
وتمثل قطاعات المطارات وإنشاء الطرق مجالاً واعدة للاستثمارات السعودية، فالبنك الدولي يقول إن متوسط الاستثمارات الرأسمالية الخاصة بقطاع الطرق بالقارة السمراء، يصل إلى نحو 4.6 مليار دولار سنويًا، بإجمالي يصل إلى 78 مليار دولار حتى 2030.، وتمثل الطرق إحدى المشكلات التي واجهت أفريقيا على مدار تاريخها في نقل منتجاتها الزراعية بسرعة للتصدير قبل تعرض جزء كبير منها للتلف.
وتشهد الشهور الأخيرة حضورا جليًا لشركة «محطة بوابة البحر الأحمر»التي تأسست في ميناء جدة السعودي عام 2006 كأول مشروع إدارة محطات تابع للقطاع الخاص في السعودية، واستحوذ صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية على 20 في المائة منها في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتخطط الشركة لاستثمار 1.5 مليار دولار على الأقل في 3 موانئ بأفريقيا والشرق الأوسط، مع اهتمام خاص بموانئ مصر والسودان، بقيمة إجمالية قدرها 1.5 مليار دولار.
ووفقا لدراسة للدكتور أيمن عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية بمصر وخبير الشؤون الأفريقية، فإن المملكة حاضرة منذ فترة طويلة في أفريقيا، عبر توقيع الاتفاقيات وتنظيم الفعاليات المشتركة وتعزيز التجارة وضخ الاستثمارات، فنظمت اجتماع مجلس الغرف التجارية السعودية وسفراء الدول الأفريقية بالمملكة، واستضافت مؤتمر الاستثمار الخليجي الأفريقي الأول قبل عقد، وكذلك الملتقى العربي الأفريقي الدولي للاستثمار الأول بمدينة جدة.
تؤكد الدراسة أن تلك الجهود انعكست على حركة التجارة والاستثمار بين الطرفين والذي بلغ وفق تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة والتجارة (أونكتاد) عام 2015 إلى 18.2 مليار دولار، وتبرز مصر وإثيوبيا وجنوب أفريقيا كأهم شركاء التجارة مع السعودية، ومن المتوقع أن يزداد حجم التجارة السعودية الأفريقية مع إقامة خطوط بحرية وبرية مباشرة مع أفريقيا، مثل الخطوط مع جيبوتي وجدة وجازان.، حتى أصبحت المملكة حاليًا أكبر مستثمر خليجي بمعظم دول القارة حاليًا كالسودان وجنوب أفريقيا والسنغال وإثيوبيا.
وتحظى السنغال بنصيب مرتفع من استثمارات صندوق السعودية للتنمية بغرب أفريقيا بنسبة تصل إلى 40 في المائة، وتساهم بشكل كبير في خطة الدولة الأفريقية في مشروعات تطوير البنى التحتية والزراعة والسياحة والتعليم التي تبنتها داكار، وتحتاج إلى تمويل إجمالي بقيمة 14,7 مليار يورو.
دعم العرب
لا يمكن الحديث عن خريطة الاستثمارات السعودية في أفريقيا دون الولوج لمنطقة الشمال التي تربطها روابط أكبر، بحكم اللغة والتاريخ والديانة المشتركة، وكان رأسمال المملكة حاضرا في المرحلة الانتقالية، التي مرت بها دول مصر وتونس والجزائر لدعم اقتصاداتها، وإعادة وضعها على البوصلة.
وقد احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر، والثانية على مستوى العالم، بإجمالي 54 مليار دولار، منها 44 مليارًا استثمارات للشركات السعودية أو تلك التي تحتوي على شركاء سعوديين والبالغ عددها 5392 شركة، و10 مليارات دولار استثمارات للحكومة السعودية من خلال صندوق الاستثمارات العامة.
ويتسم الاستثمار السعودي في مصر بالتنوع، فيمتد إلى جميع المجالات وشتى الأشكال، وأبرزها بالقطاع الحكومي، في: سوميد لأنابيب البترول بنسبة مساهمة 15 في المائة من رأسمالها البالغ 400 مليون دولار، بالإضافة لشركة بترولوب لزيوت التشحيم، والسعودية المصرية للتعمير، والسعودية المصرية للاستثمارات الصناعية، كما تسهم حكومتا الدولتين في الشركات العربية المشتركة، مثل: العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، والعربية للاستثمار.
ويحضر القطاع الخاص السعودي بصورة لافتة في القطاع المصرفي وغير المصرفي مثل بيت التمويل المصري السعودي، وبنك فيصل الإسلامي المصري، والبنك المصري الخليجي، وفي قطاع الفنادق والسياحة، منها: سميراميس إنتركونتننتال بالقاهرة، وفورسيزونز، وسيتي ستارز بالقاهرة، ومنتجعات موفنبيك.
وتمتلك أيضًا استثمارات في القطاع الزراعي مثل شركات: المملكة للتنمية الزراعية، وشركة التنمية الزراعية العربية، والهُجن المصرية، والوادي لتصدير الحاصلات الزراعية. فضلًا عن مشروعات في التمويل والاستثمار منها: مجموعة النعيم للاستثمار، والسعودية المصرية للاستثمار والتمويل، وأوريكس المالية المحدودة، وكولدويل بانكر الشرق الأوسط.
وقد دخلت المملكة مجال الرعاية الصحية عبر مستشفى «السعودي الألماني»المقام علي مساحة نحو 40 ألف متر مربع شمال شرق القاهرة، باستثمارات تقدر بنحو 100 مليون دولار، بجانب مشروعات الطاقة المتجددة والتي في مقدمتها تطوير وتمويل وبناء وتشغيل محطة بنبان للطاقة الشمسية بجنوب مصر.
وتوجد مؤشرات قوية على انتعاش الاستثمارات السعودية في منطقة المغرب العربي، خاصة الجزائر التي تسعى للاستفادة من خبرة المملكة في مجالات النفط والتكرير والاستكشاف، لتعزيز إنتاجها النفطي وتعزيز نموها الاقتصادي، فالجزائريون يرون أن الطاقة الإنتاجية للمصافي التابعة لشركة أرامكو السعودية بمجال التكرير نموذج يجب دراسته والاستفادة منه بقوة.
وتبلغ قيمة الاستثمارات السعودية في الجزائر حاليًا نحو 1.5 مليار دولار في قطاعات مثل السياحة والسكن والصحة والبتروكيماويات والأدوية والأغذية، وهو رقم تعتقد البلدان أنه منخفض نسبيا في ظل إمكاناتهما الاقتصادية الكبيرة.
ودشنت الشركة السعودية الجزائرية للاستثمار (أسيكوم)، المملوكة مناصفة بين الجزائر والسعودية، مشروعات بمجالات السياحة والصناعة والغذاء، آخرها 3 مشاريع ترتبط بإنشاء قرى سياحية وفنادق وأنشطة تجارية، بولايات قسنطينة وبجاية وسكيكدة.
وتساهم «أسيكوم»في رأسمال العديد من الشركات المحلية مثل شركة إنتاج الطوب الأحمر المخصص للبناء بنسبة 34 في المائة، وشركة مخصصة للإيجار المالي بنسبة 6 في المائة وشركة أعمال بناء بالعاصمة بنسبة 70 في المائة، وشركة التشكيل الصناعي للحديد بنسبة 51 في المائة.
وتوجد نحو 250 شركة سعودية تستثمر في المغرب حاليا، كما ارتفعت حجم التدفقات الاستثمارية من المملكة للمغرب بنحو 53 في المائة خلال الفترة من 2011 إلى 2015، كما تعتبر المملكة الشريك التجاري الأول مع الرباط بقيمة تعادل 1.1 مليار دولار.وتتوزع الاستثمارات السعودية بين العقارات بنسبة 92 في المائة، والصناعة بنسبة 3 في المائة والشركات القابضة بنسبة 3 في المائة، و2 في المائة لقطاعي السياحة والتجارة.
وتعتبر السعودية، أكبر ممول عربي للمشروعات التنموية بموريتانيا، من خلال هيئاتها الإنمائية المختلفة، كالصندوق السعودي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، وسط تبادل لقاءات مستمرة بين مستثمري البلدين لتعزيز التعاون بينهما لرفع حجم التبادل التجاري الذي لا يتعدى 88 مليون ريال.
وأبرمت شركتا «علم»السعودية و«سمارت إم إي إس إي»الموريتانية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال أعمال التحول الرقمي في السوق الموريتانية قبل أعوام، وتدرس عدة شركات سعودية حاليا التواجد بموريتانيا التي تمتلك مقومات مثالية في قطاعات التعدين والصيد والإنتاج الحيواني.
ويقول خالد الشافعي، مدير مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية بمصر، إن التواجد السعودي الاستثماري في أفريقيا كان ضرورة ملحة في ظل تكالب الاقتصاديات الكبرى كالصين وفرنسا واليابان على دول المنطقة التي تمتلئ بالفرص الاستثمارية كالمواد الخام الأولية والعمالة الرخيصة، كما يجعل العائد على الاستثمار بها هو الأعلى عالميًا.
ويضيف الشافعي، لـ«المجلة»، أن الاستثمارات السعودية في مصر أيضًا تحقق منفعة لهما في اقتحام البلدين معا للسوق الأفريقية الضخمة التي تضم 1.3 مليار نسمة، والتي تتعطش لكثير من السلع المصنعة، فالسعودية لديها فوائض مالية كبيرة ومصر لديها العمالة المدربة والرخيصة، والتكامل الإنتاجي بينهما يصب في الخطط الواحدة التي وضعها البلدان للمستقبل القريب.
وتمثل السعودية القلب النابض لأفريقيا حاليًا، فرأسمالها متواجد عبر الاستثمار والمساعدات من أجل التنمية والمصلحة المشتركة، وحل مشكلات اقتصادية ملحة كضعف معدلات النمو ومواجهة البطالة، وبما يتواكب مع رؤية القيادة السعودية بأن تكون نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة.