تلتقط ماريا غابرييلا تابليرا التي حاولت الانتحار أثناء فترة الإغلاق في فنزويلا، حيث تضاف المشكلات النفسية المرتبطة بالوباء إلى الأزمتين السياسية والاقتصادية أنفاسها وتقول "عدم القدرة على الخروج، وعدم القدرة على فعل أي شيء... كل ذلك جعلني أشعر بالاكتئاب".
واستطاعت هذه الطالبة السينمائية التي تبلغ من العمر 25 عاماً، والتي كانت تعيش من خلال وظائف مستقلة صغيرة، الصمود ببيع قوالب الحلوى والبسكويت.
ومثل أي مكان آخر في العالم، شهدت فنزويلا ارتفاعاً في مستويات القلق والاكتئاب لدى سكانها مع جائحة كوفيد-19. لكن هنا، أضيفت الأزمة الصحية إلى ثماني سنوات من الركود والفقر المتزايد والتضخّم المفرط الذي أدى إلى انخفاض القوة الشرائية، والوضع السياسي المتوتر مع نظام غير معترف به من جزء من المجتمع الدولي.
وتواجه البلاد التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة، موجة وبائية ثانية قوية منذ آذار/مارس. وقد سجلت ما يقرب من 2700 وفاة من بين حوالي 240 ألف إصابة بكوفيد-19، وفقا للأرقام الرسمية. وهي إحصاءات تعتبرها المعارضة "خاطئة" فيما المستشفيات ممتلئة.
الوباء هو "القشة التي قصمت ظهر البعير" ويشكل "أرضا خصبة" لتطّور الاختلالات العقلية وفق خوان كارلوس كانغا رئيس اتحاد علماء النفس في فنزويلا.
وبحسب المرصد الفنزويلي للعنف، وهي منظمة غير حكومية مرجعية في غياب البيانات الرسمية، فقد ازداد عدد حالات الانتحار ثلاث مرات بين عامَي 2015 و2019، وبالتالي قبل الوباء، ليصل إلى ثلاث حالات انتحار يوميا (22 في الأسبوع) عام 2020 مع فيروس كورونا.
أقدم المرشد جوناثان ألفارادو (27 عاما) على الانتحار مرتين. فقد أدى الوباء إلى تفاقم مشكلاته، وهو الآن عاطل عن العمل. وكانت الأزمة الاقتصادية تسببت بانخفاض نشاطه، لكن الوباء وتدابير الإغلاق كان لهما أثرا كبيرا.
شلالات سانتو أنخيل وهضبة غران سابانا وشواطئ موروكوي وفالكون... "لقد رافقت الناس في جولات... قبل الوباء كنت أعمل بشكل جيد" وكان يكسب ما يصل إلى "ألف دولار" شهريا كما يقول ألفارادو.
وأضاف "لكن، الآن، لا أرى نهاية النفق. كيف سأتدبر أموري من دون مدخول. أعيش بمدخراتي الضئيلة لكن سيأتي وقت وتنفد. أنت محتجز في المنزل ولا تقوم بأي شيء. إن ذلك يرهقك أكثر".
في آب/أغسطس الماضي، أبلغت منظمة الصحة للبلدان الأميركية عن "أزمة صحة نفسية" غير مسبوقة في كل أنحاء القارة بسبب العزلة الناتجة عن الوباء. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، شددت المنظمة على أن هذا الأمر سيستمر حتى السيطرة على الفيروس.
في فنزويلا، قامت السلطات بالتناوب بين ما يسمى بالأسابيع "المخففة" (متاجر مفتوحة) والأسابيع "المشددة" (إغلاق مع الإبقاء على الصيدليات ومحلات بيع الطعام مفتوحة)، لكن في آذار/مارس مع الموجة الثانية، ألغت الحكومة أسبوعا مرنا.
وظهرت عواقب ذلك على الفور من خلال خدمة الاتصال الهاتفي المجانية التي أنشأها اتحاد علماء النفس في فنزويلا. وقالت باولا هيرنانديز إحدى المتخصصات في علم النفس كانت تتلقى اتصالات "لقد تلقينا ضعف عدد المكالمات في شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير".
وأوضحت المتخصصة النفسية البالغة 32 عاما في مكتبها الصغير في كراكاس "نصف المكالمات كانت للإبلاغ عن نوبات قلق ونوبات هلع واضطرابات في النوم".
كما أنها تتعامل مع بعض حالات الاكتئاب والميول الانتحارية، لكنها أشارت إلى أنه في معظم الحالات "يكون الناس على دراية بأن هناك بدائل أخرى".
يعتبر الانتحار من المحرمات في هذا البلد الكاثوليكي والمحافظ، لكن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت من الممكن الانفتاح قليلا، من خلال بث نداءات للمساعدة وكذلك للإضاءة على الموضوع ومساعدة الأشخاص الذين يواجهون صعوبات.