مواطن سعودي يتجول في حقل انتاج الطاقة الطاقة الشمسية[/caption]
إن تزايد الطلب على الطاقة المتجددة التي تسمى الطاقة النظيفة - لأن مصادر الطاقة التقليدية من النفط والغاز والفحم ليست مصادر مستدامة - لا يدفع إلى المزيد من البحوث فقط، بل إلى التعاون لإنتاج الطاقة من مصادر طبيعية عبر مشاريع مشتركة، والمملكة العربية السعودية تتوفر لديها الشروط المثالية، إن من حيث المناخ أو الموقع الجغرافي، من أجل إنتاج هذه الطاقة البديلة، ولإدراكها لأهمية ذلك سوف ترفع إنتاجها من الطاقة البديلة من 52 غيغاواط وهو الحجم الحالي إلى 120 غيغاواط وذلك حتى عام 2032.
الصحراء نبع للطاقة
ومن المشاريع الرائدة التي تريد المملكة العربية السعودية تحقيقها مشروع إنتاج الطاقة المتجددة ويحمل اسم «دزرتك باور» وأسسته مؤسسة «دزرتك» في ألمانيا التي تسعى إلى إنتاج الطاقة النظيفة في عدة أماكن من العالم. ويشرف على هذه المؤسسة التي تأسست عام 2009 سياسيون وعلماء اقتصاد وبيئة من ألمانيا ومنطقة حوض البحر المتوسط تحت رعاية نادي روما ومؤسسة عبر المتوسط للتعاون في مجال إنتاج الطاقة المتجددة. وهدف المؤسسة الأساسي إقامة شبكة ضخمة من المرايا لتحويل أشعة الشمس إلى طاقة حرارية تسخن زيتا خاصا يستخدم في تشغيل توربينات بخارية لتوليد الكهرباء النظيفة ليُنقل جزء منها إلى أوروبا ولتستفيد منه البلدان المجاورة والمشاركة فيه.
[blockquote]المملكة العربية السعودية تريد من خلال مشروع «دزرتك باور» الضخم جدا والذي سوف ينفذ بالتعاون مع مؤسسة «دزرتك» في ألمانيا - تنويع مصادر إنتاج الطاقة لديها وعدم الاعتماد على مصدر أو مصدرين، والسعي في الوقت نفسه، كما كل بلد لديه مفاهيم عميقة لحماية المناخ، إلى التخفيف من الانبعاثات الغازية من أجل حماية المناخ والطبيعية.
[/blockquote]
وحسب أقوال تيمو غروب مدير «دزرتك» فإن باستطاعة المملكة العربية السعودية أن تلعب دورا رائدا في مجال إنتاج الطاقة المتجددة وأن تكون في مقدمة البلدان في العالم من أجل محاربة التلوث وحماية المناخ، لذا يسر المؤسسة أن تتوج هذا التوجه عبر مشاريع ضخمة سوف يجري تنفيذها، ولهذا الغرض فإنه جرى تأسيس جمعية «دزرتك باور» التي ستساهم في تطوير سبل إنتاج اقتصادية وفعالة ومستدامة في المملكة العربية السعودية، ليس فقط من أجل إنتاج الطاقة المتجددة بل وتحلية المياه أيضا، ما يعني اقتناص عصفورين بحجر واحد.
وبرئاسة حاكم المصرف المركزي السعودي الأسبق ومدير مجلس الإدارة «دزرتك باور» أحمد المالك فإن مهام «دزرتك باور» ستكون بالدرجة الأولى تحقيق المخططات وتنفيذها وتشجيع القدرات المحلية وتشغيل المرافق السعودية، أيضا ربط المشروع بتوسيع إمكانيات التدريب والتأهيل والتوظيف للمواطنين السعوديين.
وستساند مؤسسة «دزرتك» شركة «دزرتك باور» وترافق تكوينها وبناءها وتطويرها عبر خبراء سعوديين ودوليين في مجال إنتاج الطاقة المتجددة، وترحب بهذه الخطوة على سبيل المثال مؤسسة الملك عبد الله لإنتاج الطاقة النووية والطاقة المتجددة (king Abdullah city for atomic and renewable energie) التي تتوقع بدورها أن تعود نتائج هذا المشروع الرائد بالفائدة الكبيرة على التطور الإيجابي للمملكة العربية السعودية، خاصة أنها سوف تستفيد من توفير طاقة نظيفة ورخيصة وتحلية المياه بشكل كبير. فهذا البلد يريد الاعتماد في تطوره الاقتصادي والبيئي على أحدث التقنيات العالمية. وتدرك مدينة الملك عبد الله أن القوة المستقبلية المحركة للصناعة هي أيضا الطاقة المتجددة، لذا تسهم بذلك لتأمين مستقبل مستدام من الطاقة داخل المملكة ولدول العالم.
[inset_left]تتابع المملكة العربية السعودية باهتمام كبير برامج إنتاج الطاقة الشمسية في العالم..وخصصت نحو 100 مليار دولار للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة
[/inset_left]
ومع أن مؤسسة «دزرتك» سترافق مشروع «دزرتك باور» في مراحل إنشائه وتطويره عبر تبادل موجه مع خبراء سعوديين ودوليين في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، إلا أنها لن تساهم برأسماله، حسب ما قاله مسؤول في المؤسسة ومركزها مدينة هايدلبيرغ، فهي سوف تدعم الطرف السعودي خاصة عند التعامل مع البيئة وتصميم النظم.
والشريك المهم في مشروع «دزرتك باور» هو مدينة الملك عبد الله التي ستساهم على الأصعدة العلمية والبحثية والصناعية، فهي تهتم بشكل خاص بتطوير إنتاج الطاقة النظيفة في المملكة ومركز الثقل في عملها تطوير إنتاج طاقة متجددة خاصة الطاقة الشمسية والتكنولوجيا الصناعية لتحسين معايير وجودة إمدادات الطاقة في المملكة. ولذا فإن تشجيع البحوث العلمية اللازمة والتنمية بشكل قوي من الأمور المطلوبة، وبالأخص دمجها في أنشطة الهيئات والمؤسسات العلمية السعودية المختلفة، وهذا يدفعها إلى تنظيم مؤتمرات من أجل تعزيز تبادل المعرفة وبالأخص في مجال إنتاج الطاقة الشمسية والمساهمة بها، وإلى وضع الأسس العلمية والتقنية من أجل توفير إمدادات الطاقة المستدامة على سبيل المثال لإنتاج الطاقة بهدف تأمين المياه الصالحة للشرب عن طريق التحلية.
مشروع رائد بكلفة 110 مليارات دولار تقريبا
وكما هو معروف تتابع المملكة العربية السعودية باهتمام كبير برامج إنتاج الطاقة الشمسية في العالم لأن لديها مطامح لتحقيق الكثير منها، ولهذا خصصت هذه الدولة النفطية المليارات؛ فهي تريد حتى عام 2032 استثمار 109 مليارات دولار في هذا المجال ولتنفيذه أسندت المهمة إلى مؤسسة «دزرتك» الألمانية.
والمخطط له بناء محطات توليد الطاقة الحرارية الشمسية بسعة إجمالية تصل إلى 25 ألف ميغاواط إضافة إلى نظم كهربائية ضوئية بطاقة تزيد على 16 ألف ميغاواط. وبهذه المشاريع الرائدة والطاقة المركبة تهدف المملكة إلى تغطية نحو 33 في المائة من احتياجاتها من الطاقة خلال عشرين عاما. وللمقارنة، فإن ألمانيا، التي تعد أكبر سوق للطاقة المتجددة في العالم، لديها حتى الآن ما يزيد قليلا على 30 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية الضوئية التي تغطي 4.5 في المائة فقط من احتياجاتها الإجمالية للكهرباء. ولهذا الغرض وضع المشرفون على «دزرتك باور» المعايير الأولية لتحديد مدى ضمان مفهوم تغير المناخ وأمن الطاقة، فهذا سيساعد على استخدام أكثر المواقع حيوية في المملكة لإنتاج الكهرباء النظيفة، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار جميع أشكال الطاقة المتجددة ودمجها في شبكة الكهرباء. ما يعني أيضا أن الطاقة المتجددة سوف تجد لها طريقا حيث هناك خاصية المزايا الموقعية.
وتعد المناطق الصحراوية الجافة والشمس طوال أشهر السنة ركيزة خطط «درزتك باور»، فهذه المزايا توفر في ست ساعات طاقة شمسية أكثر مما يستهلكه العالم في عام كامل، وبهذا تنتج طاقة شمسية بوفرة في محطات الطاقة الشمسية نظرا لتخزين الحرارة على مدار الساعة، وتعد مكملا مثاليا لإمدادات الطاقة المنتجة من مصادر غير متقلبة، وهذا يدعم إنتاج الطاقة الكهربائية الضوئية وطاقة الرياح.
[inset_right]تسهم مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز في تأمين مستقبل مستدام من الطاقة المتجددة داخل المملكة ولدول العالم[/inset_right]
ويقول تقرير لمؤسسة «دزرتك باور»، بالقرب من المناطق الساحلية القريبة من الصحراء سوف تكون محطات توليد الطاقة الحرارية الشمسية بالاتصال مع تحلية المياه لإنتاج الكهرباء وتوفير مياه الشرب. أما بالنسبة للمناطق البعيدة عن الساحل فإن تبريد محطات توليد الطاقة الحرارية بتبريد الهواء يمكن استغلاله لتوفير المياه وتنظيفها آليا. وهناك الكثير من الشواطئ هي نموذج جيد من أجل بناء توربينات الرياح، فعبر الكهربائية الضوئية سوف يكون إنتاج الطاقة في أعلى نسبه خاصة عن ساعات الظهر، حيث تكون الشمس على حدتها، وهذا يوفر كميات هائلة من الكهرباء تسد احتياجات ضخمة. ما يعني توفير طاقة بشكل منتظم آتية من محطات الطاقة الشمسية، يضاف إليها إنتاج من الكتل البيولوجية والطاقة الحرارية الأرضية وتخزين الضخ والطاقة الكهرومائية، وبالتالي يمكن أيضا تعويض تقلبات الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية، فهذا يساهم مستقبلا في رفع حجم الطاقة المتعددة المصادر.
إذن، فإن إنتاج الطاقة العالية التوتر الحديثة يمكنه المساهمة في إنتاج الطاقة النظيفة وتصديرها إلى أماكن بعيدة إذا ما سخرت أفضل المواقع، مع خسارة ضئيلة لا تتعدى 3 في المائة لكل ألف كلم بعد، فهذا سوف يوفر الطاقة لـ90 في المائة من الذين يعيشون على بعد آلاف الكيلومترات من الصحراء، أي لأناس في أوروبا والولايات المتحدة والهند والشرق الأوسط وغيرها من المناطق في العالم، فالطاقة المتجددة ستصلهم بكل سهولة عبر تصديرها إليهم على شكل شرائح.
