بيروت: بعد توقف المفاوضات لأشهر بين لبنان وإسرائيل حول ملف ترسيم الحدود البحرية في رأس الناقورة، موعد جديد سيحدد الأسبوع المقبل برعاية أميركية وحضور الأمم المتحدة ووفد لبنان برئاسة العميد الركن الطيار بسام ياسين، ووفد إسرائيلي.
فبعد عقد 4 جلسات تفاوض لمحاولة حل النزاع بين إسرائيل ولبنان حول حدودهما البحرية، وصلت الدولتان إلى طريق مسدود، وتوقفت المفاوضات في الجلسة الخامسة التي لم تلتئم في موعدها الذي كان مقررا يوم 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، ونقطة الخلاف، تمحورت حينها حول مساحة المنطقة المتنازع عليها التي تبلغ 850 كيلومتراً مربعاً، وهي على شكل مثلث، يحتوي على مخزونات الغاز، فلبنان رفع سقف مطالبه، فطرح الوفد اللبناني أن لبنان لديه حق في 2290 كيلو مترا مربعا، يقع ضمنها قسم من حقل كاريش الذي تعتزم إسرائيل التنقيب فيه عن النفط وقسم من البلوك 72 وذلك على قاعدة نقطة الخط 29.
وحينها قالت صحيفة «هآرتس»الإسرائيلية أنّ طريقة تحديد المعايير الحسابية في مفاوضات ترسيم الحدود معقدة وغير واضحة وتتطلب معرفة عميقة بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، مرجحة عدم الوصول إلى اتفاق لبناني إسرائيلي بغياب حدود برية بين الجانبين.
وأضافت الصحيفة أنّ الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل تمت على أساس اتفاقيات الهدنة عام 1949، وخط سايكس بيكو الذي وضعه ضباط فرنسيون وبريطانيون عام 1923.
أمّا لبنانيا، فتوقف المفاوضات كان بسبب اعتراض إسرائيلي- أميركي على المطلب اللبناني بتوسيع حدود لبنان إلى 2290 كيلومتر مربع، بدلاً من 860 كيلومتر مربع، ويعني أن انطلاق خط التفاوض مع إسرائيل يبدأ من النقطة 29 بدلاً من النقطة 23، التي كانت أدرجت في المرسوم 6433 الذي أقر في العام 2011، الذي لم يوقّع رئيس الجمهورية على تعديله، والذي أشعل الخلاف الداخلي بين الأطراف اللبنانية.
إذن الخلاف بين الطرفين أتى حول النقطة التي ستنطلق منها عملية الترسيم والتي من شأنها أن تزيد أو تُقلص مساحات بحرية شاسعة لكلا الطرفين.
وفي هذا السياق يؤكد مطلعون أنّ عدم توقيع لبنان على مرسوم التعديل، كبّد لبنان خسارة عنصر قوّة في المفاوضات، فكيف سيذهب الوفد اللبناني إلى طاولة المفاوضات بعدها؟
تحصيل مكاسب سياسية
بعدما طرح ملف تعديل المرسوم رقم 6433 إعلاميا، خاض رئيس الجمهورية وفريقه حملة تخوين ضدّ الوزراء ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لعدم توقيعهم المرسوم، ولكن بعدما وقّع الجميع المرسوم، تفاجأ اللبنانيون بامتناع عون عن التوقيع، بحجة أنّ تعديل المرسوم يجب إقراره في اجتماع مجلس الوزراء، وهذا ما لم يحصل، ولكن في المقلب الآخر تزامن امتناع عون عن التوقيع بزيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل إلى لبنان، حاملا معه رسائل حاسمة إلى اللبنانيين بضرورة أخذهم بما هو معروض عليهم، لأن إسرائيل تقترب من مرحلة إنتاج النفط وتجاوزت مرحلة الاستكشاف. وهذا يعني أن لبنان في ظرف صعب.
وأيضا برز تصريح النائب جبران باسيل الذي طرح فكرة التراجع عن الخط 29 وإيجاد خط مناسب للبنان، معتبراً أن الأمر لا يمكن النظر إليه من المفهوم السيادي بل من المفهوم الاقتصادي. ولكن ماذا عن أعضاء الوفد اللبناني؟
معلومات متقاطعة تؤكد أن الوفد اللبناني يذهب إلى المفاوضات دون تعديل المرسوم، خصوصا أنّ الوفد عمل جاهدا لحصول هذا التعديل وإرساله إلى الأمم المتحدة لحفظ حق لبنان في مساحة الـ2290 كيلومترا، وعلى الرغم من عدم التوقيع، إلا أن أعضاء الوفد المفاوض يصرّون على الخط 29، ويقولون إنّ لديهم إثباتات قانونية تظهر حق لبنان في هذا الخطّ، وأيضا سيطرحون مجددا الحدود التي سبق وطرحوها في الجلسات الأخيرة للمفاوضات والتمسك بالنقطة 2.
وأيضا سينتظر الوفد ما سيعرض عليه من الجانبين الأميركي والإسرائيلي، ويحاول تحصيل المزيد من المساحات أي أكثر مما كان معروضا عليه أميركيا، لذا فإن المفاوضات وعلى الرغم من عودتها فلن تكون يسيرة.