إصلاح أجهزة الأمن العربية: تجربتي مع النموذج المغربي

إصلاح أجهزة الأمن العربية: تجربتي مع النموذج المغربي

[caption id="attachment_55248747" align="aligncenter" width="620"]تدريبات بدنية لعناصر الشرطة المغربية تدريبات بدنية لعناصر الشرطة المغربية[/caption]


الأسبوع الماضي قمت بحضور مؤتمر في الأمم المتحدة بشأن قضية حيوية تخص دول العالم النامية: إصلاح الأجهزة الأمنية. في العالم العربي، على سبيل المثال، تتطلب الآمال لتحقيق الاستقرار والتنمية البشرية في جمهوريات ما بعد الثورات أن تعمل الشرطة كأوصياء على السلم المدني وسيادة القانون، تحارب كل أشكال الفساد ووضع جميع المواطنين على قدم المساواة عند المساءلة. الأمر نفسه ينطبق على دول المنطقة التي بها أسر حاكمة.
كان من سوء الحظ في جلسة الأمم المتحدة، أن نسبة مشاركة ممثلي الدول العربية كانت ضئيلة. هناك دولة عربية بالأخص كنت أود فعلا أن أرى ممثليها في الجلسة وهي المملكة المغربية. السبب أن المغرب قام بتحقيق خطوات عظيمة نحو إصلاح الأجهزة الأمنية ويمكنه أن يشكل نموذجا للدول النامية في جميع أنحاء العالم.


[blockquote]في 2008، قمت بقضاء أربعة شهور مع الشرطة المغربية في الدار البيضاء كباحث ومؤلف كتاب حول علاقة الأجهزة الأمنية والمجتمع الذي تحميه. الحكومة سمحت لي أن أنضم إلى وحدة من محققين يرتدون ملابس مدنية في عملهم اليومي، لكي أشهد على المواجهة التي في الشوارع بين المواطنين والنظام الحاكم عبر وجهة نظر شرطي.[/blockquote]


على مدى السنوات الأخيرة كانت هناك اضطرابات في العديد من الدول العربية، ولكن المملكة المغربية بقيت ولم تهتز ومن أسباب ذلك أن الأجهزة الأمنية للنظام تميل إلى أن تكون أكثر لطفا من جاراتها في المغرب العربي. الانتهاكات والفساد ما زالا موجودين، لكن بحلول الوقت الذي كنت قد وصلت فيه إلى الدولة، مجموعات حقوق الإنسان العالمية قد أقرت بوجود تحسينات جديرة بالثناء. الشرطة المغربية كانت تخضع لتجربة إصلاح داخلية، تتألف من ثلاثة عناصر رئيسة.
الأول كان جهدا من أعلى المستويات في الحكومة لإصلاح أخطاء الماضي. في 2004 ، قام الملك محمد السادس بتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة لكي تقوم بتعويض ضحايا القهر الذي تلقوه من قبل النظام قبل تولي عرش الحكم في 1999. من الواضح، كنتيجة، أن بعض رجال الشرطة قاموا بإظهار وعي حاد بأنهم كانوا عرضة حديثا لتظلمات المواطنين.. «لو استخدمت العنف في استجواب المشتبه بهم،» محقق قال لي، «يحق لهم اللجوء للعدالة وأنا سوف أعاقب». أنا قد شهدت بالفعل على بعض تجاوزات الشرطة أثناء فترة وجودي في المغرب، لكن التصرفات القانونية التي لاحظتها في أغلب الأحيان لا يبدو أنها تمثيلية مصممة لكي أستهلكها.

العنصر الثاني الذي لاحظته هو بداية المحاولة لجعل الشرطة المغربية مكونة أكثر من أبناء وبنات المملكة ككل.. المغرب مجتمع يعرف بتنوع الثقافات والعادات واللغات، ومع ذلك فإن تكوين قوة الشرطة في الماضي لم تؤثر بالضرورة على هذه التعددية العرقية المعقدة. الآن هناك جهد أوسع لتقديم مزيج من الخلفيات العرقية واللغوية في مجتمع الضباط، على أساس نظرية تفيد بأن قوة مختلطة عرقيا يمكنها إقامة علاقات أفضل مع مجتمع متحضر عرقي مختلط.
هذه المبادرة تتحمل عبء التكيف في المجتمعات المتصدعة في أماكن مختلفة في هذه المنطقة. وذلك لأن العديد من الدول العربية هي عبارة عن فسيفساء من ثقافات متنوعة. هذا التنوع والتعقيد يجب أن يكون مصدر قوة، وليس تأسيسا لحرب أهلية.

العنصر الثالث في المغرب هو محاولة الحكومة تعليم الشرطة معنى وأهمية حقوق الإنسان. ليس طويلا بعد اعتلاء الملك الحالي عرش الحكم في 1999، أصبحت ثقافة حقوق الإنسان جزءا من تدريب الشرطة. الضباط الأصغر في السن الذين قابلتهم عادة ما يتحدثون عن هذه الأمثلة في شرح هذا النهج لتطبيق القانون. إن غرس معايير حقوق الإنسان، إلى جانب التهديد بالمساءلة، يبدو أنه كان لها بعض التأثير على تصرفات الشرطة.
في هذه اللحظة الحاسمة من الإصلاح المأمول في العالم العربي، فإن إصلاح قوات الشرطة العربية شيء حيوي. إذا ما فعلت الحكومات في المنطقة هذا فإنه سوف يكون دليلا واضحا على صدق الإصلاح، كذلك آفاق النجاح الخاصة به.

 

font change