عادت أزمة رواتب الموظفين في العراق إلى الواجهة من جديد، بعد أن أثارت خطوات وزارة المالية العراقية الساعية لتطبيق قرار الاستقطاع الضريبي على موظفي الدولة، جدلاً بين الحكومة والبرلمان، وأثارت غضبا شعبيا وانتقادات قانونية وتشكيكا في جدواها الاقتصادية، فضلاً عن مواقف رافضة من قبل أحزاب وقوى سياسية.
وكان وزير المالية علي عبد الأمير علاوي قد أصدر، الجمعة، قراراً بتطبيق الاستقطاع الضريبي من مرتبات الموظفين بنسب محددة مسبقا وبأثر رجعي منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأعلنت وزارة المالية في بيان أن خطواتها نحو تطبيق الاستقطاع لم تخرج عن مواد الموازنة العامة، وأشارت إلى أن «القرار منصوص عليه في قانون الموازنة العامة لعام 2021 الذي صوّت عليه البرلمان أخيرا، بموافقة القوى السياسية».
وفي المقابل، رفضت العديد من القوى السياسية هذه الخطوة، ملوحة بإجراءات قانونية ضد الوزير؛ حيث دعا النائب الأول لرئيس البرلمان، حسن الكعبي، الوزارة إلى «سحب كتابها وتوصيتها وعدم اللجوء إلى استقطاع أو تقليل رواتب الموظفين مطلقاً»، مؤكداً في بيان أن "الموازنة لم تنص أو تذكر أي استقطاعات أو ضرائب على الموظفين، وبأي شكل من الأشكال وليس له علاقة مطلقاً بضريبة الدخل الخاصة بالموظف».
كما حذر الكعبي من أي تفسير أو توجيه غير قانوني يخالف إرادة المشرع العراقي، وفي حال مضي الوزارة بهذا الإجراء سنتخذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة بحقها.
هذه الخطوة جاءت بعد أن ألحق قرار خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار أضراراً بالموظفين الحكوميين الذين فقدوا جزءاً من قيمة رواتبهم. وفي هذا الصدد، قال الخبير القانوني عباس الشريفي في حديث لـ«المجلة» إن «قانون الاستقطاع الضريبي ما زال نافذاً ولكن مُنحت صلاحية لمجلس الوزراء بتأجيل تطبيقه لبعض الموظفين، وفي مشروع الموازنة القادمة من الحكومة كان هناك نص واضح وصريح بأن هذا القانون يُطبق ويجب أن يتم رفع الإعفاءات إلا أن المناقشات في البرلمان أدت إلى حذف هذه المادة وبالتالي لا يمكن تطبيقها».
وأضاف الشريفي أنه «بعد إقرار الموازنة استغلت وزارة المالية نصا مُبهما عن الشركات، وتحديداً المادة 34 التي تتحدث عن الإعفاءات الجمركية والضريبية للشركات، من أجل فرض الاستقطاع الضريبي، إلا أنه لا يمكن النظر إلى نص مجتزأ من قانون، وإنما يجب النظر إلى القانون كوحدة موضوعية من أجل تطبيقه». وتابع الشريفي: «لذا فإن هذا التصرف من قبل وزارة المالية بتطبيق قانون الاستقطاع الضريبي ليس في سياقه الصحيح».
ويشير الشريفي إلى أن «صدور بيانات عن مجلس النواب وهيئة رئاسة مجلس النواب تُشير إلى أن النية التشريعية لا تقصد الموظفين وإنما الشركات، يؤكد عدم جواز تطبيق هذا القانون». ويلفت الشريفي إلى أن «موقف وزير المالية يعود إلى وجود نفقات مترهلة بشكل كبير، فعدد الرواتب الذي يتجاوز 6 ملايين بالنسبة لبلد يبلغ عدد سكانه 40 مليونا يُعتبر كبيراً جداً، وبالتالي فإن المؤسسة المالية عاجزة عن إيفاء هذه المستحقات، فتضطر إلى إجراءات تقشفية ومنها تخفيض بعض الرواتب أو فرض ضرائب. فضلاً عن الاختلالات الهيكلية المُعتمدة فقط على النفط العراقي الذي يتحرك بين الصعود والانخفاض».