القاهرة: الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية رأى في حديث خاص لـ«المجلة»أنّ «زيارة الرئيس قيس سعيد لمصر تعد من الزيارات المهمة بسبب وجود ملفات مشتركة مهمة بين القاهرة وتونس، ويعد الملف الليبي على رأس هذه الملفات، حيث إن الاثنتين من دول الجوار ولعبتا دورا كبير في المسألة الليبية خلال الفترة الماضية، وكون الرئيس قيس سعيد على رأس الدولة التونسية، وبعيدا عن المشاكل الداخلية الموجودة في تونس أراد أن يبعث برسالة مفادها أن الرئاسة التونسية تتمتع باستقلالية إلى حد بعيد، وذلك بعيدا عن تجاذبات القوى الموجودة في الداخل التونسي، وبدرجة أو بأخرى فهناك رسالة من الرئاسة التونسية بأن القرار الرئاسي التونسي قوي ومستقل، وبناء على ذلك تتم الزيارة لمصر وسط هذه التجاذبات». وفي هذا السياق أيضا- والحديث لا يزال للدكتور مختار غباشي- «تعد حركة النهضة التونسية جزءا من الحراك الموجود بالداخل التونسي، ومعروف مدى ارتباط الحركة بجماعة الإخوان المسلمين، وهو من الملفات الشائكة في تونس ومصر والمنطقة».
وحول الانتقادات التونسية الداخلية الموجودة من قبل البعض بسبب هذه الزيارة، قال: «الانتقادات من قبل حركة النهضة طبيعية بسبب الخلاف الموجود بين الحركة والقيادة السياسية والنظام المصري، وزيارة الرئيس التونسي للقاهرة أزعجتها بدرجة كبيرة، فمن المعروف أن الحركة هي جناح مهم من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين الموجودة في الوطن العربي، فمن الطبيعي أن لا تشعر بالارتياح لهذه الزيارة، وهي غاضبة بدرجة كبيرة منها».
وتابع: «يوجد العديد من الملفات المشتركة بعيدا عن الملف الليبي، ومن بينها تجاذبات القوى الإقليمية والدولية في المنطقة، وكذلك الملف الفلسطيني، وكذلك اللجان العليا المشتركة المعطلة بين الجانبين، فهناك اللجنة العليا المشتركة برئاسة رؤساء وزراء الدولتين والموجودة من عام 1988 وهي معطلة، وكذلك لجنة التشاور السياسي الموجودة بين الدولتين على مستوى رؤساء الخارجية وهي معطلة من عام 1992، وهناك أيضا اتفاقية وزارية بين الدولتين موجودة من عام 2005، بجانب اتفاق أغادير الذي تعد مصر وتونس عنصرين مشتركين فيه بجانب المغرب والأردن، وبها أشياء تحتاج التجاوز عنها أو إقرارها، وهناك كذلك اتفاقية تيسير التجارة البينية بين مصر والعديد من الدول ومن بينها تونس، وبحث تيسير الإجراءات الجمركية بين الدول في العمليات التجارية، وكل ذلك جزء من الملفات المشتركة بين الدولتين».
وأضاف غباشي أن «هناك العديد من الملفات الداخلية تتعلق بالعلاقات الثنائية، والعلاقات الخارجية على مستوى النطاق الإقليمي، والجزء الأهم استقلالية القرار التونسي في ظل الصراع الموجود في الداخل التونسي بين حركة النهضة والتيار الليبرالي، وهو مشهد يتابعه كثير من المراقبين عن كثب».
وحول مغزى توقيت الزيارة قال: «توقيت الزيارة طبيعي، حيث تم توجيه الدعوة من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومؤسسة الرئاسة المصرية للرئيس التونسي منذ فترة، وقام الرئيس التونسي بتلبية الدعوة، ولا أرى وجود دلالات كبيرة لتوقيت الزيارة حتى وإن ظهرت إشارات بخصوص الداخل التونسي، والملف الليبي على وجه الخصوص الذي يحظى بهدوء نسبي حاليا، وتعود مرحلة الاستقرار الموجودة حاليا في هذا الملف إلى تحقيق كل من تونس ومصر مكاسب كبيرة فيه، كذلك الحراك الدولي والإقليمي الخاص بالقضية الفلسطينية يعد من الأمور المهمة بين الدولتين ويحتاج لخطوات إضافية من المجتمع الدولي، ونعلم جيدا أن تونس من الدول المهمومة بالبعد الفلسطيني مثل مصر تماما، وفي وقت من الأوقات كانت القيادات الفلسطينية موجودة على أرضها».