تل أبيب: مع اقتراب ساعة الحسم في إسرائيل للانتخابات الرابعة، التي تجرى في غضون عامين، وسط فوضى سياسية عارمة، وأزمة اقتصادية خانقة، ووضع أمني يجعل جميع الحدود الإسرائيلية كمن يجلس على برميل من البارود، صراعات داخلية وشخصنة القياديين، وهي وضعية لم يحدث أن عاشتها إسرائيل من قبل، في ظل هذا الوضع تطرح وسائل الإعلام برمتها، العديد من التساؤلات:
ما هي الوضعية التي ستستيقظ عليها إسرائيل صبيحة الأربعاء؟
هل سيعود بنيامين نتنياهو إلى كرسي رئاسة الحكومة، وفق ما تمنحه استطلاعات الرأي؟
ماذا سيحصل في حال تحققت نتائج الاستطلاعات التي تشير، معظمها، إلى صعوبة أي من كتلتي يسار الوسط، واليمين، من تشكيل حكومة قادرة على الصمود؟
وهل فعلا كما توقع البعض، صبيحة الجمعة، أن احتمالات إجراء انتخابات خامسة تتزايد؟
أسئلة كثيرة مطروحة وتحليلات عدة لا تبث أي منها الأمل في مستقبل أفضل لإسرائيل.
السيناريوهات المتوقعة
في مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»تم طرح ثلاثة سيناريوهات متوقعة بعد الانتخابات:
1. حكومة يمين
بحسب استطلاعات الرأي، فإن إمكانية تشكيل حكومة يمين ضيقة برئاسة نتنياهو تبدو واقعية أكثر من باقي الاحتمالات. وكتبت الصحيفة: «نتنياهو يدير حملة أخيرة كي يحقق 61 مقعدا لإقامة حكومة يمين- أصوليين ضيقة، يكون فيها الشركاء هم الليكود، يمينا، والأحزاب الأصولية والصهيونية الدينية.
هذه الكتلة تصل في هذه اللحظة في الاستطلاعات إلى 58 – 59 مقعدا، وفي الليكود يدعون أنه يمكنهم أن يعززوا قوتهم حتى الانتخابات، ويقتحموا حاجز الـ61 مقعدا. هذا التقدير يقوم على أساس تجارب الماضي في أن الليكود يحصل في الاستطلاعات على مقاعد أقل، مقارنة بالنتائج الحقيقية. ونتنياهو نفسه ادعى أن الليكود- وفقا لاستطلاعاته- سيجتاز، 30 مقعدا، ولكن يحتمل أن تكون هذه نوعا من الأحبولة كي يشجع ناخبي اليمين لإعطائه المقعد الأخير حتى يشكل حكومة يمين- أصوليين «على الملأ»، على حد تعبيره.
في هذا الجانب، أشارت الصحيفة إلى أن ما سمتها «حملة شرب المقاعد»لنتنياهو في كتلة اليمين من شأنها أن تمس به: «إذا لم تجتز الصهيونية الدينية نسبة الحسم، فإن احتمال أن يحصل نتنياهو على 61 مقعدا ينخفض جدا. وعائق آخر في الطريق إلى حكومة الأحلام لنتنياهو هو الرئيس نفتالي بنيت، الرجل الذي أصبح لسان الميزان في الانتخابات، لا يستبعد إقامة حكومة مع أحزاب أخرى، ولكن تفضيل بينيت هو بالفعل لحكومة 61 برئاسة نتنياهو. والسبب هو أنه هكذا يمكنه أن يرفع قوته في الحصول على حقائب كبيرة ومؤثرة في الحكومة إلى الحد الأقصى. وإذا حصل بنيت على تمثيل كبير بما يكفي- أي 12 مقعدا فما فوق- فيمكنه أن يطلب من نتنياهو التناوب على رئاسة الوزراء. ونتنياهو نفسه أوضح أنه لن يكون هناك تناوب مع بنيت».
2. حكومة يمين وسط اليسار.. احتمال متدنٍ
وبحسب الصحيفة، فإذا لم يصل نتنياهو إلى 61 مقعدا، توجد ضده كتلة مانعة من أحزاب اليمين، والوسط، واليسار، والعرب (القائمة المشتركة). ولكن هذا، وفق الصحيفة، على المستوى الظاهري فقط؛ فالقدرة على أن تقام من هذه الكتلة حكومة بديلة، برئاسة يائير لبيد، وجدعون ساعر أو نفتالي بنيت، بتناوب ما، محدودة جدا. والسبب هو الأحزاب الهامشية التي سيواصل كل منها في اتجاهه. وبالطبع، بسبب دور الأحزاب العربية في إقامة حكومة كهذه. لقد سبق وقال لبيد إنه إذا ما تلقى التكليف بتشكيل الحكومة فسيطلب دعم الأحزاب العربية من الخارج (باستثناء التجمع). المشكلة من ناحيته؛ في هذه الحالة سيفقد حزبا اليمين بنيت وساعر، ما لا يمكنه حقا أن يسمح لنفسه بفعله.
التحدي الأكبر للكتلة المانعة لنتنياهو، تضيف الصحيفة، هو شخصية من يشكل الحكومة البديلة.«يوجد مستقبل»سيكون الحزب الأكبر، ولكن بنيت أعلن أنه لن يكون في حكومة تحت لبيد. حل ممكن هو التناوب، ولكن السؤال هو بين من ومن: لبيد- ساعر، أم لبيد - بنيت؟ التقدير هو أنه إذا لم يكن مرشح من اليمين غير نتنياهو سيحظى بتشكيل الحكومة التالية (ساعر أو بنيت) فيمكنه أن يجتذب الأحزاب الأصولية من كتلة نتنياهو، فيحقق بذلك الأغلبية، حتى دون دعم أحد الأحزاب العربية، مثل الإسلامية لجدعون ساعر، حيث يوجد احتمال في أن يقود مثل هذه الحكومة فيربط بين أحزاب اليمين والأصوليين وبين تلك في وسط- اليسار، ولكن إذا لم يصعد «أمل جديد»إلى عدد من المقاعد من منزلتين، فلن يكون له أي احتمال في أن يفعل ذلك.
وعليه، ترى الصحيفة أن إقامة حكومة بديلة لنتنياهو هي بمثابة لعبة تركيب عسيرة؛ تقريبا كل حزب يمكن أن يكون شريكا في إقامة حكومة كهذه يرفض حزبا آخر. بنيت غير مستعد لأن يجلس تحت لبيد. وليبرمان غير مستعد لأن يجلس مع الأصوليين. ويمينا يتحفظ على ميرتس، ناهيك عن رفض الأحزاب العربية من اليمين. كلما نظرنا إلى هذا، يكون صعبا جدا أن نرى كيف سيحدث.
3. انتخابات للمرة الخامسة احتمال متوسط
إذا لم ينجح نتنياهو في الحصول على 61 مقعدا لتشكيل الحكومة، والكتلة المانعة لا تنجح هي الأخرى في حل متاهة التناوب وتشكيل الحكومة، فإن التاريخ سيكرر نفسه للمرة الخامسة في غضون سنتين؛ حيث سيتم جر إسرائيل إلى حملة انتخابات أخرى، تجرى في الصيف المقبل، وسيبقى نتنياهو متوليا منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية.
يوسي بيلين: مقعد أو اثنان يغيران العالم
تحت هذا العنوان كتب الزعيم السابق لحزب «ميرتس»، يوسي بيلين، ليحث أصحاب حق الاقتراع على التوجه إلى صناديق الانتخاب، وسط حالة اليأس وعدم الثقة التي تسيطر على نسبة غير قليلة من الإسرائيليين، خصوصا بين داعمي يسار- الوسط.
وبحسب بيلين، فإن مقعدا أو اثنين بين المعسكرين المتنافسين يقرران المصير. ويكتب قائلا: «بالفعل، لمرتين أدى عدم الحسم إلى استمرار ولاية الحكومة الانتقالية بلا ميزانية، بينما الجولة الثالثة جلبت الطرفين إلى زواج متعثر، أتاح لنتنياهو منع إجازة الميزانية، ليتمكن من الفرار من التناوب.
ويرى بيلين أن حصول كتلة اليمين برئاسة نتنياهو على 61 مقعدا، والتي تمنح شرعية علنية لشخصية ما كانت في الديمقراطية السليمة لتقترب من مقر البرلمان، مثل بن غبير، معناها إسرائيل أخرى. وأقوال نتنياهو عن المستقبل المرتقب لرئيس الموساد يوسي كوهين بعد نهاية ولايته، ستكون فقط أحد التعابير عن إزالة الأقنعة وعن المس الشديد باللاسياسة اللازمة لموظفي الدولة الكبار. ولكن رئيس الوزراء لا يخشى من تحطيم القواعد، وحين تقف إلى جانبه محافل الديمقراطية بالنسبة لهم هي ضعف، والأغلبية اليهودية ليست ضرورية بوجود دولة يهودية. إن خطط المس الشديد بصلاحيات المحكمة، لإجراء «استماع»للقضاة من أجل ضمان أن يسيروا على الخط مع الحزب الحاكم، والقيام بخطوات تجمد المحاكمة ضد نتنياهو، كل هذه ستتحقق أو ستسقط بفارق مقعد.
هذا المقعد، وفق بيلين، سيحسم أيضا بالنسبة لمكانة إسرائيل أمام العالم. ويقول: «إسرائيل في وضع صعب جدا أمام دول الغرب الديمقراطية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ليس صدفة أن الرئيس بايدن أجّل المكالمة الهاتفية مع رئيس الوزراء وهو الأمر نفسه الذي حدث من فرنسا وألمانيا رغم أن هذه العلاقات هامة بشكل خاص».