بون: تعتبر ليبيا إلى جانب النيجر، بوابة عبور للهجرة غير الشرعية تجاه سواحل إيطاليا وأسبانيا ومالطة، ثم دول أوروبا، وهذا هو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى أن يقيم شراكات بهدف الحد من موجات الهجرة غير الشرعية، لكن رغم ما تبذله دول أوروبا من جهود في معالجة الأسباب الحقيقية للهجرة، فهي جهود متواضعة لا توازي حجم التحديات.
ولم يعد العامل الاقتصادي في ليبيا وغرب وشمال أفريقيا، السبب الوحيد إلى الهجرة، فهناك أسباب سياسية وتقييد للحريات وانتهاكات لحقوق الإنسان تدفع بأعداد كبيرة من دول غرب أفريقيا بالهجرة، إلى أوروبا عبر ليبيا. خاصة من دول جنوب الصحراء الأفريقية، عن طريق شبكات من المهربين موجودة في السودان والنيجر تتعاون مع شبكات تهريب أخرى موزعة داخل المدن الليبية.
ويعتبر جنوب ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين الأفارقة داخل ليبيا إلى غربها، نقطة وصولهم قبل الإبحار نحو إيطاليا، فهناك شبكات تدير عملية الهجرة، تتكفل كل واحدة بجزء من الرحلة، يقول محمد الزوي، مسؤول في المكتب الإعلامي للجيش الليبي، إن غالبيتها ينتمي إلى قبائل التبو التي يصل نفوذها إلى الدول الأفريقية المجاورة لليبيا، وهي التي تتولى هذه العملية في الجنوب، يشاركها في ذلك قبائل أولاد سليمان رغم أن هذه الأخيرة تحاول دائما إبعاد الشبهة عنها.
أسباب الهجرة في غرب وشمال أفريقيا
يمكن القول إن أسباب الهجرة، والتي تحولت إلى ظاهرة في دول أفريقيا وحتى منطقة الشرق الأوسط هي:
الأسباب السياسية:تتمثل في النزاعات والصراعات المحلية، وتعرض الأفراد إلى الاضطهاد، من قبل الأنظمة السياسية او الجماعات المتطرفة.
الأسباب الاقتصاديةالتباين في التنمية بين دول أفريقيا وبين الأقاليم وتزايد البطالة والفقر، بسبب سياسات بعض دول أفريقيا التي بات الكثير منها متورطا في الاستيلاء على السلطة، والفساد المالي والسياسي، وهذا ما يزيد من حالة الفقر والعوز، ويكون دافعا رئيسيا للهجرة. وتشمل منطقة جنوب الصحراء الكبرى، بعض أفقر دول العالم، ومنها: مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو.
الجهل:وفقا لـ«مرصد الأزهر»في 15 ديسمبر (كانون الأول) 2020 نجد أن هناك ما يقرب من 83 في المائة من الشباب في ولاية بورنو النيجيرية أُمّيّين، ولهذا يزداد نشاط جماعة بوكو حرام بشكل فعال في هذه المنطقة.
التعقيدات الإثنية والقبلية: تستغل الجماعات الإرهابية التعقيدات الإثنية وانقساماتها القبلية الواسعة في دول الساحل، مما ينعكس على الوضع السياسي والأمني.
وفي سياق التحذير من مخاطر الهجرة غير الشرعية على أمن أوروبا: حذرت الأمم المتحدة من تصاعد الهجمات الإرهابية في منطقة غرب أفريقيا والساحل، وبحسب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في المنطقة، فإن معدل الهجمات الإرهابية ضد أهداف مدنية وعسكرية ارتفع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وزادت الهجمات الإرهابية بمقدار خمسة أضعاف في بوركينا فاسو ومالي والنيجر منذ عام 2016.وحذرت وكالة «فرونتكس» لمراقبةالحدود الأوروبية، من خطورة تدفق المهاجرين غير الشرعيين، خاصة عبر ليبيا، واعتبرت أن التهديد الإرهابي لا يزال مرتفعا، وهناك عبور غير شرعي إلى حدود دول أوروبا، لا يمكن إيقافه.
يعتبر جنوب ليبيا نقطة انطلاق للمهاجرين الأفارقة من داخل ليبيا إلى غربها، قبل الإبحار نحو إيطاليا
عصابات تهريب البشر والهجرة غير الشرعية في ليبيا
لم تكن الجماعات المتطرفة والعصابات والميليشيات بعيدة عن الهجرة الشرعية، بل كانت هذه المجموعات تمثل مافيا وشبكات عمل واسعة توزع الأدوار بينها، وتعمل بشكل مشترك على تهريب البشر من غرب أفريقيا وعبر ليبيا، بهدف الوصول إلى أوروبا، وتحولت عمليات الهجرة إلى تجارة، تجلب الكثير من الأرباح إلى تلك الجماعات. وأظهرت التقارير، تورط حرس الحدود الليبي في عمليات، التهريب، وانتهاكات بحق الأفارقة، وكثيرا ما تمارس النصب والاحتيال وانتهاكات حقوق الإنسان إلى حد «العبودية»وهذا ماكشفته الكثير من وسائل الإعلام.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة له يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، إنّ «المجرمين والارهابيين يستفيدون من بيئة الصراعات وعدم الاستقرار، للاستمرار في عمليات تهريب البشر». مؤكداً أنّ «الانتهاكات الجنسية، والسخرة، وبيع الأعضاء البشرية، والعبودية، هي أدوات القائمين على تجارة البشر». وأن الانتهاكات الجنسية والسخرة وبيع الأعضاء البشرية والعبودية أدوات المجرمين القائمين على تجارة البشر.وطالب غوتيريش، خلال جلسة نقاش مفتوحة في مجلس الأمن الدولي، ببذل المزيد من الجهود لوقف عمليات تهريب البشر في مناطق الصراع، مشيراً إلى أنّ هذه الأعمال التي ترتكب في الظلّ، تعدّ انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، ويمكن أن تعدّ جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية أيضاً.
أبرز عصابات التهريب فى ليبيا
ميليشيات بمنطقة قبائل التبو:تسيطر على أغلب مسارات التهريب الرئيسية، خاصة الشبكات الرابطة من مدينة أغاديز بالنيجر حتى جنوب ليبيا، وتتكفل بنقل المهاجرين وإيصالهم حتى مدينة سبها.
قبيلة أولاد سليمان: تهتم المجموعات المسلحة التابعة لقبيلة أولاد سليمان التي تسيطر على المدينة بنقل المهاجري، حيث تعد المركز الرئيسي لتجمع المهاجرين.
ميليشيات أحمد الدباشي: تعد من أكبر عصابات الهجرة غير الشرعية وأبرز قوة عسكرية، وتتخذ من مدينة صبراتة القريبة من إيطاليا مقرا لها.
ميليشيات مصعب أبو قرين: تتخذ من منطقة دحمان، وجهة الوادي القريبة من صبراتة على شاطئ البحر مركزا لتجميع المهاجرين.
ميليشيات الحسن الدباشي: وهي مجموعة صغيرة تتخذ من مصيف تليل السياحي مقرا لنشاطها، ويقتصر عملها على جلب المهاجرين الأفارقة.
ميليشيات إبراهيم الحنيش:تتخذ من مدينة الزاوية مركزا لها، وتسيطر على أغلب مسالك الهجرة المنطلقة من سواحل الزاوية.
ميليشيات أبو عبيدة الزاوي: تتخذ من مدينة الزاوية مقرا لها، وأبو عبيدة الزاوي هو أمير أقوى الفصائل المسلحة غرب ليبيا المقربة من تنظيم القاعدة.
كيف استغلت التنظيمات المتطرفة الهجرة غير الشرعية
تعتبر الهجرة من أهم القضايا بالنسبة إلى الحكومة الإيطالية، حيث رصدت الاستخبارات الإيطالية مواقع في ليبيا على صلة بتنظيم داعش، ودفع مبالغ مالية لتجنيد عناصر من داخل مخيمات اللاجئين، وحذرت السلطات الإيطالية من أن هناك خطرا لتسلل المقاتلين الأجانب عبر السواحل الليبية. ويوجد في ليبيا أكثر من 34 مركزا لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، وتوجد في طرابلس ومصراتة، بالإضافة إلى 24 مركزا لاحتجاز اللاجئين، تديرها إدارة هيئة مكافحة الهجرة.
نشرت صحيفة «الغارديان»البريطانية، تقريرا تحت عنوان «مخاوف إيطالية من تسلل عناصر داعش إلى أوروبا متنكرين ضمن جرحى ليبيين»،تؤكد تسلل عناصر تنتمي لداعش إلى إيطاليا وأوروبا عبر برنامج صحي تشرف عليه حكومة الوفاق الوطني الليبية لعلاج الجنود.واطلعت على وثيقة استخباراتية إيطالية، تكشف عن وجود شبكة معقدة قام فيها أفراد من داعش وآخرون إرهابيون منذ عام 2015، بالتسلل إلى أوروبا بعد تظاهرهم بأنهم جرحى من الجنود الليبين تقدموا للمستشفيات بجوازات سفر ووثائق مزورة، لتقوم تلك المستشفيات والمراكز الطبية والتي تشرف عليها حكومة الوفاق الوطني بإرسالهم للخارج للعلاج.وتركز وثيقة الاستخبارات الإيطالية على مشروع صحي مدعوم من الغرب لتأهيل ورعاية الليبيين المصابين خلال الحرب.
ماذا قدمت أوروبا لدول غرب أفريقيا و ليبيا لمواجهة الهجرة
أدركت دول أوروبا، والاتحاد الأوروبي، مخاطر الهجرة غير الشرعية، التي باتت تتصدر أجندات عمل دول أوروبا والاتحاد الأوروبي، لذا سارعت بعض دول أوروبا (أبرزها ألمانيا وفرنسا)، إلى اعتماد سياسات جديدة وتعاون مع دول غرب أفريقيا وكذلك مع بعض الأطراف السياسية في ليبيا.واعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى سبتمبر (أيلول) 2017 أن وضع المهاجرين العالقين في ليبيا مأساوي، فمن لا يستطيع الخروج من ليبيا وعبور البحر المتوسط إلى أوروبا، يكون عرضة لشتى أنواع الابتزاز والاستغلال والاحتجاز من قبل مهربي البشر، والاضطهاد من قبل الجماعات المسلحة التي تستغل الوضع الأمني في ليبيا.
الجماعات المتطرفة والعصابات والميليشيات ليست بعيدة عن الهجرة الشرعية، بل كانت هذه المجموعات تمثل مافيا وشبكات عمل واسعة توزع الأدوار بينها
«خطة مارشال»لأفريقيا
تعتزم ألمانيا، استخدام المال العام في دعم الشركات التي تستثمر في أفريقيا في إطار «خطة مارشال»جديدة تأمل برلين في أن تعالج الأسباب الجذرية لأزمة اللاجئين التي هزت الساحة السياسية الأوروبية منذ عام 2015. وذكر وزير التنمية الألماني لصحيفة «هاندلسبلات»أن الهدف هو إعادة تطبيق برنامج يرجع إلى ثمانينات القرن العشرين، والذي يسر على الشركات شطب خسائر الاستثمارات في أفريقيا للحد من مخاطر الاستثمارات الأولية.
وقال الوزير متحدثا عن الخطة التي تطورها وزارته بالتعاون مع وزارتي المالية والاقتصاد: «سأطالب أيضا ببنود خاصة بالاستثمارات الأفريقية للحصول على معاملة ضريبية أنسب». ومن المعروف أن «خطة مارشال لأفريقيا»، هي المحور الرئيسي لبرنامج المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الذي يهدف للحد من تدفقات اللاجئين من خلال تقاسم تكاليف القضايا الإنسانية بشكل أفضل بين أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
وقد اعتمدت الحكومة الألمانية برامج وخططا من أجل إيجاد حلول قدر المستطاع إلى الهجرة غير الشرعية، التي تحولت ضدها كورقة سياسية بيد التيارات اليمينية المتطرفة. لكن نتائج كل تلك الجهود لم تحقق ما تم التخطيط له، وهذا ما يعكس ضعف تلك السياسات والبرامج. وانتقدت المستشارة الألمانية ميركل، بعض الدول الأوروبية وسياستها تجاه أفريقيا، ومع ذلك فإن الحكومة الألمانية لم تنجح بعد في معالجة مشكلة الهجرة.
النمسا تدعو إلى مكافحة مهربى البشر على الإنترنت
دعا المستشار النمساوي سيبستيان كورتس، شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»للتحرك بحزم ضد مهربي اللاجئين، معتبراً أنه من الأهمية بمكان أن يمارس الاتحاد الأوروبي مزيداً من الضغط على الشركة المالكة. وجاءت تلك التصريحات بعد انتشار تقارير عن قيام لاجئين ببيع جوازات سفرهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي.واستضافت فيينا المنتدى الأوروبي-الأفريقي لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين القارتين، في ظل جهود تستهدف علاج جذور مشكلة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. وركز الاجتماع على التقنيات الرقمية بما في ذلك العروض التقديمية، التي تقدمها الشركات الناشئة في أفريقيا حول حدوث تغييرات اجتماعية واقتصادية في الدول الأفريقية باعتبارها من أكبر مصادر المهاجرين إلى القارة الأوروبية.
أما فرنسا فما زالت لحد الآن تعتمد على دفع الحوار بين دول المنطقة غرب وشمال أفريقيا، من أجل خفض حدة النزاعات والصراعات والتي من شأنها أن تعمل على خفض موجات الهجرة غير الشرعية.التقارير كشفت أن فرنسا استثمرت بقيمة 28 مليون يورو في عام 2020 بهدف دعم العمل في المجال الإنساني في منطقة الساحل الأفريقي.
ويهدف هذا التمويل إلى دعم مشروعات المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية التي تعمل بالاتصال الوثيق مع السكان المحتاجين. وتقدم فرنسا دعمها المالي أيضاً إلى وكالات الأمم المتحدة، ولا سيّما إلى برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسيف، فضلًا عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر.وترمي الأنشطة والبرامج الممولة أساسًا إلى الحد من انعدام الأمن الغذائي، وتعزيز الانتفاع بمياه الشرب، والنظافة الصحية وشبكات الصرف الصحي، والرعاية الصحية ودعم النازحين أو اللاجئين.
كيف تعاملت إيطاليا وأسبانيا مع المهاجرين غير الشرعيين
تتصدر إيطاليا قائمة الدول الأوروبية ذات معدلات الهجرة المرتفعة، حيث يعتبر موقع إيطاليا الجغرافي في البحر الأبيض المتوسط، عاملا مشجعا لموجات المهاجرين.وقد كشفت التحقيقات تورط الحكومة الليبية في طرابلس بدعم بعض المجموعات والميليشيات التي تعمل ضمن شبكات تهريب البشر. واقترحت وزارة الداخلية الإيطالية تحويل مراكز استقبال المهاجرين إلى مراكز احتجاز، واستخدام الأموال المخصصة لإيوائهم في عمليات ترحيلهم.
وأثارت مسألة الهجرة غير الشرعية، الكثير من الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، وأن تطبيق خطة الاتحاد الأوروبي لإعادة توزيع اللاجئين إلى إيطاليا ليس بالأمر اليسير، كما أن الخطة أدت لنشوب خلافات حادة بين دول الاتحاد، حيث يشير تقرير المفوضية الأوروبية إلى أنه «يجب أن تبذل إيطاليا المزيد من الجهود لتحديد وتسجيل كل من يجب إعادة توزيعهم من الموجودين على أراضيها، كما يتوجب عليها وبسرعة وضع قنوات لإعادة توزيع القادمين الجدد من الجديرين بإعادة التوزيع».
أسبانيا سواحل أساسية نحو الهجرة غير الشرعية
سيطر على الأوروبيين اعتقاد بأن السواحل الأسبانية ليست على قوائم الهجرة غير الشرعية بسبب ما تقوم به الحكومة الأسبانية من تعامل سريع مع هذا الملف عبر التعاون مع المغرب وبعض الدول الأفريقية التي تشكل طرقا للوصول إليها، إلا أن الوضع مختلف عما كان يعتقد وهو وما أكدته منظمات دولية متعددة، من أن أسبانيا تعد سواحل أساسية نحو الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.وهذا الموقف دفع بالحكومة الأسبانية إلى اتخاذ مواقف صارمة في التعامل مع هذا الملف خاصة بعدما شعرت بالتهميش من قبل دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بتوزيع المهاجرين بين دولهم، وقد أدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأسبانية إلى تقليل عدد المهاجرين بسبب العمليات الأمنية في المغرب وأسبانيا؛ إذ تراجعت محاولات الهجرة غير الشرعية، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018.
الهجرة غير الشرعية تزيد الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي
توصل الاتحاد الأوروبي فى يونيو 2018 إلى اتفاق حول الهجرة بعد ماراثون من المحادثات أثناء القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل، وهددت إيطاليا، نقطة الدخول لآلاف المهاجرين من أفريقيا سنويا، بوقف الاتفاق ما لم تتلق الدعم في جهودها المستمرة منذ سنوات على مستوى إنقاذ وإيواء المهاجرين عبر المتوسط. وقرر الاتحاد الأوروبي إقامة مراكز للاجئين في دول الاتحاد الأوروبي على أن يكون ذلك بشكل «طوعي»، وفقا لما ينص عليه الاتفاق الأوروبي، وستقرر مراكز اللاجئين على أراضي أوروبا «المهاجرين الذين ستتم إعادتهم إلى بلادهم» بعد دخول أوروبا عبر البحر المتوسط.
القوانين والإجراءات الأوروبية لا تسمح للمهاجرين بحق اختيار الجهة أو الدولة التي يرغب أن يقدم فيها اللجوء، وفقا إلى اتفاقية دبلن والتي كانت موضع خلاف ونقاش لم يصل فيه أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى حل حتى هذا الوقت، بسب رفض بعض الدول الأوروبية، إعادة توزيع أو استقبال المهاجرين أو اللاجئين من جديد داخل دول الاتحاد الأوروبي. اتفاقية دبلن تحتم على اللاجئ أن يطلب اللجوء في أول بلد أوروبي يصل إليه.
المعالجات
يسعي الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إلى تطوير علاقة الشراكة بينهما في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية وما ينتج عنها مثل تجارة الرق في ليبيا، وقدم وزراء الخارجية الأوروبيون استراتيجية جديدة تهدف إلى إعطاء الشباب الأفريقي مزيداً من الفرص في بلدانهم وإلى الحد من الفقر. ويخطط الاتحاد الأوروبي لاتفاقيات مع حكومات أفريقية لمعالجة أسباب الهجرة.
وفي سياق إيجاد مقاربة حول الهجرة، تبنى ممثلو نحو 150 دولة ميثاق الأمم المتحدة للهجرة في مدينة مراكش المغربية يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) 2018 ميثاق الأمم المتحدة للهجرة والذي يهدف إلى إيجاد سياسات جديدة للتعامل بشكل أفضل مع مسألة المهاجرين. وكانت عدة دول قد أعلنت رفضها لهذا الميثاق المقترح وغير الملزم، بينها أميركا والمجر والنمسا والتشيك وبولندا وبلغاريا وأستراليا وسلوفاكيا وإسرائيل.
ما ينبغي أن تقوم به دول أوروبا هو تصعيد برامجها التنموية في دول غرب أفريقيا وشمال أفريقيا، لتحسين الوضع المعاشي وتخفيف البطالة، إلى جانب دعم الديمقراطيات هناك. وكذلك ينبغي على دول أوروبا أن يكون لها دور فاعل أكثر في حل النزاعات في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، كونها من أسباب الهجرة أكثر من الأسباب الاقتصادية.
وما زالت مسألة الهجرة، تمثل هاجسا أمنيا أكثر من كونها هاجسا اقتصاديا أو سياسيا أو ديموغرافيا إلى دول أوروبا، ولذلك تصدرت الهجرة أجندات الاتحاد الأوروبي، وتقدمت كثيرا على قضية الإرهاب والتطرف. ولم تكن الهجرة بعيدة عن التطرف والإرهاب، فقد كان هناك تداخل كبير في هذا الشأن، ويعود ذلك إلى استغلال الجماعات المتطرفة للهجرة غير الشرعية بهدف التسلل إلى أوروبا.
التيارات الشعبوية، هي الأخرى استثمرت قضية الهجرة غير الشرعية واعتبرتها «تهديدا»لثقافتها، وهذا ما ظهر واضحا في الخطاب اليميني عبر الإنترنت وعبر وسائل الإعلام وتحشيد المظاهرات، في أعقاب كل عملية إرهابية يتورط فيها مهاجر.
لذلك فإن معالجة الهجرة غير الشرعية تتحملها ضفتا المتوسط، وربما يكون عبئا كبيرا على دول أوروبا، بالنهوض بسياسات دول أفريقيا ربما أكثر من غيرها، بإيجاد حلول للنزاعات المسلحة، التي أصبحت دولا طاردة لمواردها البشرية، ودعم الأنظمة الديمقراطية، والنهوض بمشاريع تنموية ترتقي إلى حجم وقدرات دول أوروبا والغرب، وعدم التقيد بإدارة المشاريع الصغيرة وعقد المنتديات السياسية.