* الشركة السعودية للاستثمار الجريء تستثمر 750 مليون دولار بالتضامن مع مجموعات الاستثمار الملائكي لتحفيز الشركات الناشئة
* السعودية مهيأة لنمو أسرع في الحجم وعدد الصفقات، والانطلاق نحو مراتب أعلى على المستوى الإقليمي والعالمي مع توافد المزيد من المستثمرين الملائكيين
جدة: من يرغب في أخذ المبادرة برعاية فكرة صغيرة تحمل بذور الإبداع في حل مشكلة قائمة، للمستهلك أو في عالم الأعمال، وينفق عليها الكثير حتى تتحول إلى علامة تجارية حقيقية؟ في الواقع، تميل المصارف إلى تقديم تسهيلات القروض إلى الشركات الكبرى. إن حصة القروض المخصصة لشباب ورواد الأعمال والأفكار المبتكرة، تعد منخفضة نسبيًا حول العالم. وحيثما تكرس المصارف سلوكها المحافظ في الإقراض، يحل رأس المال الجريء لأصحاب القلوب الشجاعة، ممن يدفعون الكثير لتمكين يرقات ريادة الأعمال من النمو والانطلاق والتحليق في فضاءات الأعمال وبناء العلامات التجارية.
من المثير أن نعرف أن تطبيقات التوصيل والتجارة الإلكترونية السعودية، التي تساوي قيمة علاماتها التجارية الملايين هذه الأيام، كانت مجرد أفكار بسيطة، حصلت على رعاية واهتمام مستثمرين ملائكيين بالشراكة مع رواد أعمال لامعين.
رافقونا في جولة سريعة حول مفهوم المستثمر الملائكي في المملكة العربية السعودية.
شغل الفراغ التمويلي
ابتداءً بخدمات الشركات والتقنية المالية، وصولاً إلى التعليم الرقمي والتجارة الإلكترونية، يأخذ مستثمرون سعوديون على عاتقهم الخوض في بيئة استثمارية عالية المخاطر، تتمثل في دعم الشركات الناشئة لأعوام؛ دون الحصول على أرباح مباشرة.
يغامر المستثمرون الملائكيون بالانطلاق في رحلة تمويل مراحل نمو وتطور العلامة التجارية الوليدة؛ حتى تتمكن من الوقوف على قدميها. وقد يكون المستثمر الملائكي فرداً أو مجموعة أو صناديق تمويل تخصصية، معتادة على التعامل مع المخاطر التمويلية المرتفعة.
ومن أجل إضافة المزيد من الموثوقية والضمانات، تستثمر الشركة السعودية للاستثمار الجريء، وهي شركة ذات ملكية حكومية، تأسست عام 2018، برأسمال 750 مليون دولار لدعم خطوط تمويل مشاريع ريادة الأعمال المحلية.
«إنهم المنقذون الحقيقيون. ويمثلون للبعض الملاك الحارس في سياق الأعمال»، هكذا يصفهم عبد الرحمن، وهو مواطن سعودي في عقد الثلاثينات من المتحمسين للدخول في ريادة الأعمال.
قبل أكثر من عقد من الزمان، نشأت حاضنات الأعمال التي تمولها الحكومة السعودية. كما شهد عام 2005، تأسيس برنامج كفالة، المخصص لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع المصارف وتقديم ضمانات من وزارة المالية السعودية.
يقول فهد البقمي، الصحافي الاقتصادي السعودي المخضرم: «الأفكار الجديدة تحتاج إلى من يؤمن بجدواها وقيمتها، وآخرون مستعدون للتضحية، يتمتعون بالصبر وعينهم على الجائزة الكبرى بعد رحلة من الجلد والصبر».
كيف يجنون الأرباح؟
يحصد المستثمرون الملائكيون الأرباح فقط عندما تنمو القيمة المادية والمعنوية للشركة الناشئة، وتباع لاحقاً إلى مستثمرين جدد. فقد اشترت شركة توجيه مركبات الأجرة عبر التطبيق الذكي «أوبر»، على سبيل المثال، منافستها «كريم»قبل نحو عامين بقيمة 3.1 مليار دولار. وهنا حصل المستثمرون الملائكيون لتطبيق «كريم»على الأرباح.
ويشرح البقمي كيف أنه كلما زاد الجهد، كبرت ثمرة النجاح في حقل الاستثمار الملائكي بقوله: «بعد رحلة مضنية من الصبر والتمويل المتواصل، تباع العلامة التجارية ليحصل المستثمر الملائكي على الجائزة الكبرى».
ويضيف: «يمكن للمستثمر الملائكي أن يكون مجرد رجل أعمال صغيرا يمول مشروعاً من الصفر أو حتى تجمعاً لصناديق الاستثمار الملائكي».
آفاق جديدة للتمويل
«يتجاوز المستثمرون الملائكيون السعوديون العوائق البيروقراطية لقنوات التمويل التقليدية، سواء كانت من المصارف أو مؤسسات الإقراض، العامة والخاصة»، هكذا يصف البقمي نقطة التميز التي ينفرد بها المستثمرون الملائكيون.
ويضيف: «مهد هؤلاء المستثمرون الطريق للأجيال الحديثة من شباب الأعمال للمشاركة في تطوير الاقتصاد غير النفطي، حيث تتقلص حصة النفط لصالح القطاعات غير النفطية، وبخاصة في حقول التقنية والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، وكذلك العديد من الصناعات القائمة على الابتكار».
وتحتل السعودية المرتبة الثالثة بعد الإمارات ومصر في حجم التمويل ضمن الدول العربية، وذلك وفقاً لتقرير الاستثمار الجريء في المملكة العربية السعودية، الصادر عن MAGNiTTبرعاية الشركة السعودية للاستثمار الجريْ.
وتبلغ حصة المملكة 15 في المائة من مجمل استثمارات رأس المال الجريء العربية البالغة 1031 مليون دولار، والتي ضخها المستثمرون الملائكيون في الدول العربية عام 2020.
الخبر السار أن عام 2020 شهد تدفق استثمارات ملائكية بقيمة 151 مليون دولار في الشركات السعودية الناشئة، وذلك بزيادة 35 في المائة عن العام السابق. ويأتي ذلك مخالفاً لتداعيات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19. كما حطت رؤوس الأموال الملائكية الأجنبية رحالها في المملكة بنمو 11 في المائة عن عام 2019، وذلك بحسب التقرير الصادر برعاية الشركة السعودية للاستثمار الجريء.
آفاق الازدهار
على مدار عقود، عرفت السياسات المالية السعودية بأنها تفضل اختبار الأفكار الجديدة وهضمها جيدًا مع استكشاف آفاقها وانتظار النتائج على المدى الطويل، وكذلك الحفاظ على نسب نمو ثابتة أكثر من السعي وراء النمو السريع غير المحسوب. وبمجرد الاطلاع على النتائج الإيجابية، فإن السعوديين يسارعون الخطى نحو أهدافهم.
«السعودية مهيأة لنمو أسرع في الحجم وعدد الصفقات، والانطلاق نحو مراتب أعلى على المستوى الإقليمي والعالمي مع توافد المزيد من المستثمرين الملائكيين للانضمام إلى هذه الصناعة»، يختتم البقمي.