* الزئبق الأحمر ولعنة الفراعنة خرافات روج لها النصابون
* وباء يشبه كورونا أصاب قدماء المصريين وتغلب عليه الطبيب المصري
* نجهز بعثة أثرية لاكتشاف حفائر المملكة العربية السعودية فور انتهاء كورونا
* أعد كتابا من تأليفي عن الاكتشافات الأثرية بالسعودية
* التحنيظ لم يعد لغزا يحير العالم.. وهناك مركز في أميركا يحنط الجثث
* كشف وادي الملوك الغربي سيعلن عنه في 28 الجاري
* حفائر سقارة تضيف صفحة جديدة لتاريخ الحضارة المصرية القديمة
* الفرعون الشجاع قتل في معركة ضد الهكسوس دفاعا عن مصر
* لا يمكن حصر الآثار المهربة خارج مصر ونستعيد آلاف القطع بالتنسيق الدولي
* قبعتي اشتهرت بسبب حجم الاكتشافات الأثرية.. وتباع نسخ منها في كل مكان، والأرباح تذهب لمستشفى سرطان الأطفال 57357
القاهرة: عالم الآثار مليء بالأسرار والحكايات منها ما هو حقيقي ومنها الخرافات، عالم يعود بنا للخلف آلاف السنوات يحدثنا عن حضارات لقوم عاشوا حياتهم ورسموا مستقبلهم ووصلوا إلى علوم في الفلك والفيزياء والكيمياء والأحياء عجز علماء العصر عن حل شفراتها، فيوميا كشف أثري جديد يروي قصصا جديدة عن قدماء المصريين بناة الأهرامات والمعابد التي بهرت العالم... وللخوض في هذا العالم المليء بالأسرار التقينا مع كاشف أسرار القدماء المصريين والفراعنة، عالم الآثار والمصريات، وزير الآثار الأسبق، الدكتور زاهي حواس.
بمجرد وصولك إلى مكتبه بحي المهندسين في محافظة الجيزة، لن تستطيع عينك التوقف بسبب الانبهار، من كم الكتب والمجلدات متعدده اللغات، وحجم النياشين والأوسمة التي حصل عليها طوال تاريخه في العمل في الآثار، وهذه عبارة عن جزء من قليل، جالسا على كرسيه خلف مكتب يعلو سطحه العديد من الملفات والكتب والوثائق الهامة، كان لنا هذا الحوار مع الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار كما يحب أن ينادية الآخرون... وإلى نص الحوار.
* ما آخر الاكتشافات الأثرية التي يشرف عليها الدكتور زاهي حواس؟
- نعمل في الوقت الحالي بوادي الملوك الغربي، بمشاركة بعثة أثرية مصرية خالصة، للكشف عن حفائر مقبرة الملك أمنحتب الثالث، جد الملك توت عنخ آمون، ومقبرة الملك آي الذي تولى العرش بعد وفاته، وتم الكشف عن حفائر الورشة التي كانت تصنع الديكورات والإكسسوارات التي كانت توضع على التوابيت، واكتشفنا 45 ورشة ملكية من الدولة الحديثة عمرها 3 آلاف سنة، كل ورشة لها وظيفة، فواحدة للذهب وثانية للفخار وتنظيف الأثاث الجنائزي وأخرى للطعام، واكتشفنا المقبرة 65، وهي أول مقبرة باسم مصريين، وجدنا بداخلها كافة الأدوات التي كان يستخدمها المصري القديم في بناء المقبرة، كما عثرنا على ورشة للتحنيط، وأخرى بها الفرش التي كانت تستخدم في المكياج للمتوفين قبل وضعهم في المقبرة، ولا زالت البعثة تعمل في وادي الملوك حتى الآن، وسيتم الإعلان عن هذا الكشف عالميا عن طريق قناة «ديسكفري» يوم 28 مارس (آذار) المقبل.
* ما أهم الاكتشافات التي تم العثور عليها بمنطقة آثار سقارة؟
- بدأت العمل البحثي في منطقة آثار سقارة، عام 2009 و2010، وتوقفت في 2011 بسبب الظروف التي مرت بها مصر، ومن أهم ما تم الكشف عنه هرم لم يعرف له اسم واعتبرته يخص أم الملك تيتي، أول ملوك الأسرة السادسة، وأثناء العمل عثرنا الشهر الماضي على المعبد الخاص بالهرم، وبداخله وجدنا نقوشا تكشف من هي صاحبة الهرم، وهي ملكة لم تكن معروفة من قبل وهي الملكة «نيت» وكانت زوجة ملكية، ولم يكتب اسمها في التاريخ من قبل، وبهذا الكشف أضفنا صفحة جديدة في تاريخ الدولة القديمة، كما عثرنا على 57 بئرا، في أحد هذه الآبار 57 تابوتا بداخلهم مومياوات، ومنذ 10 أيام، فتحنا أحد هذه التوابيت على عمق 30 مترا، وتابوتا آخر من الجرانيت، علية اسم ابن الملك «تيتي» وهو «توت عنخ كم»، ووجدنا لوحات عليها أسماء من الدولة الحديثة، وألعابا، وأقنعة ومراكب من الخشب، وفخارا من العالم الخارجي من كريت وفلسطين كانوا يرسلون فيها الزيوت إلى مصر القديمة، وكافة البعثات التي تعمل في هذين الموقعين سواء سقارة أو الوادي الغربي، مصرية خالصة لا يوجد بها أجنبي واحد.
* ما مدى التعاون في مجال الآثار مع الدول العربية؟
- هناك تعاون كبير مع بعض الدول العربية، منها المملكة العربية السعودية، وهو تعاون منذ سنوات طويلة، وأيضا هناك ترتيبات لإعداد أول بعثة مصرية، ستسافر إلى المملكة فور انتهاء جائحة فيروس كورونا، للبحث عن الحفائر الخاصة بهم، كما أنني أعمل مستشارا للأمير بدر بن عبد الله آل سعود، وزير الثقافة السعودي، وأعد كتابا في الوقت الحالي أرصد فية كافة الاكتشافات الأثرية والحفائر الخاصة بتاريخ المملكة العربية السعودية، وسأعلن عنه فور الانتهاء منه.
* من هو الفرعون الشجاع وما روايته؟
- نعكف في الوقت الحالي على المشروع المصري لدراسة المومياوات الملكية، وتمكنا من الكشف عن مومياء الملكة حتشبسوت، والتي ستعرض في المتحف المصري الكبير فور افتتاحه، واكتشفنا أن رمسيس الثالث قتل في معركة حربية، واكتشفنا عائلة توت عنخ آمون، من هو أبوه وأمه وكيف توفي، ودرسنا كافة المومياوات التي ستنقل إلى متحف الحضارة، ومن بينها مومياء لملك اسمه «سقنن رع»، هو من قام بحرب التحرير ضد الهكسوس، كان موجودا في طيبة والهكسوس تبعد عنه مسافة 800 كيلومتر في الدلتا، وعقد مجلس استشارة وسأل كيف أحكم مصر وهناك آسيوي يعيش في الدلتا، وزنجي يعيش في كوش، فعلم ملك الهكسوس «أوبو فيس»، أن «سقنن رع» يقوم بتجهيزات ضده، فأرسل له رسولا يقول له «إن صوت أفراس النهر الموجودة عندك تصدر ضجيجا تجعل ملك الهكسوس لا يستطيع أن ينام»، فيما معناة أن «أوبو فيس» علم بالتجهيزات التي يعدها «سقنن رع»، وفورا أعد «سقنن رع»، أو الفرعون الشجاع كما أطلقنا علية، معركته ضد الهكسوس، وقالت بعض الروايات إنه قتل في مؤامرة، لكن بإخضاع مومياء «سقنن رع»، للأشعة المقطعية، اكتشفنا أنه مات في المعركة الحربية، بعد أن تم أسره، ووجدنا آثارا لسبع طعنات في المومياء، تمت دراستها وتأكدنا منها عن طريق الأدوات والأسلحة التي كان يستخدمها الهكسوس والموجودة بالمتحف المصري، فأثبتنا أن الفرعون الشجاع قتل في المعركة الحربية دفاعا عن مصر، وتم تحنيطه في الورشة الملكية في طيبة.
* هل أصيب قدماء المصريين بوباء كورونا أو ما يشبه ذلك الفيروس؟
- أصيب القدماء المصريون منذ 3 آلاف سنة، بوباء الطاعون وهو فيروس يشبه كورونا، وذلك في فترة عندما طلبت زوجة الملك توت عنخ آمون، أن تتزوج من ابن ملك الحيثيين، وهو لم يصدق، لأن السيدة عند قدماء المصريين لا تتزوج أجنبيا، فعندما أرسل ملك الحيثيين ابنه للزواج منها، قتله «حور محب» القائد العسكري في ذلك الوقت، فجهز ملك الحيثيين جيشا وهجم على مصر وأخذ عددا كبيرا من الأسرى، وقتها تفشى الطاعون بين الأسرى وبين الحيثيين وانتشر في الشرق كله لمده 20 عاما، وأصيبت أيضا ابنة ملك الحيثيين، والتي كانت متزوجة من رمسيس الثاني، وكانت تذهب إلى معبد «سخمت» إلهة الشفاء للتبرك بها والشفاء من هذا الوباء، واكتشف الطبيب المصري القديم علاجا للوباء وشفي المصابون من هذا الوباء.
* ما حقيقة لعنة الفراعنة؟
- أكذوبة يروج لها النصابون، وبدأت ترديد عبارة «لعنة الفراعنة»، عقب الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون، بسبب وفاة أحد اللوردات الأجانب بعد الكشف عن المقبرة بخمسة أشهر، وحقيقة الأمر علميا أنه عند إغلاق حجرة 3 آلاف سنة، فإن المومياء تخرج جراثيم غير مرئية، فإذا دخل أي شخص أو عالم آثار سريعا فور فتح الغرفة يتم لدغه فيتوفى، والإجراء الصحيح أنه يتم فتح المقبرة لمدة عدة ساعات حتى خروج الهواء الفاسد ويدخل الهواء النقي، وبعد ذلك يتم استكمال العمل بالكشف.
* هل يوجد ما يسمى الزئبق الأحمر؟
- قصص يتناقلها «الفهلوية» والنصابون، مثل أكذوبة العثور على مقابر أثرية بواسطة الأهالي، كلها خرافات وعبارة عن آثار مقلدة يتم النصب بها على أصحاب العقول البسيطة. وحقيقة الزئبق الأحمر تعود إلى وقت العثور على مقبرة لقائد جيش في الأسرة السابعة والعشرين، وعندما فتح التابوت وجدوا بداخله سوائل وتم وضعها في زجاجة، ووضعها في متحف بالأقصر، ولكنها سوائل كانت تستخدم في التحنيط.
* هل ما زال التحنيط لغزاً يحير العالم؟
- التحنيط علم خطواته معروفة بالكامل، يستغرق 70 يوما، منها 40 يوما لتجفيف الجثة بملح النترون، و30 يوما أخرى تستخدم فيها أدوات وسوائل التحنيط والتي تم الكشف عنها في المقبرة 63 بوادي الملوك، ثم تلف الجثة بعد ذلك وتوضع في مكان حفظها، وكثير من المشاهير طلبوا أن يتم تحنيط جثثهم، فهناك في أميركا ورشة لتحنيط الجثث، وفي المتحف المصري أجرينا تجربة التحنيط على وزة منذ 50 سنة بواسطة الدكتور زكي إسكندر، والدكتورة سليمة إكرام بالجامعة الأميركية تحنط أرنبا ومعزة وقطا، وما زالوا بحالتهم حتى الآن.
* ما حجم الآثار المصرية المهربة للخارج؟ وهل تمت استعادتها؟
- لا يمكن حصر الآثار المهربة في الخارج، لأن الآثار المصرية كانت في القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر تخرج بالآلاف، وتباع رسميا، حتى عام 1983، فأي قطعة ليست مسروقة تختم من المتحف وتخرج إلى خارج مصر، والبعثات الأجنبية التي كانت تعمل في مصر كان تحصل على 50 في المائة من الآثار التي تكتشفها، حتى عام 2010، وليست كل الآثار الموجودة بالخارج مسروقة، واليونسكو أعلنت أن أي أثر قبل 1972 لا يتم استرجاعه، وما بعد ذلك تتم إعادته... ووقت أن كنت وزيرا للآثار، أعدت ما يقرب من 6 آلاف قطعة أثرية، والحكومة تستعيد آلاف الآثار المهربة على فترات، ومنأابرز الدول التي تعرض الآثار المصرية أميركا وفرنسا وإيطاليا.
* لديك الكثير من الطرائف حول القدماء المصريين.. فأخبرنا ببعض ما يحضرك الآن؟
- يحضرني في الوقت الحالي، أن الملك خوفو، هو أول من فكر في تأليف كتاب، ولكن لم نصل إلى مضمونه بعد، كما أنه كان يبحث عن سر إلهة الحكمة لبناء الهرم الخاص به، وما زلنا نبحث عن مقبرة الملكة كليوباترا، كما أن الملك توت عنخ آمون كانت لديه مشاكل صحية ولم يكن يستطيع الوقوف، وكان مولعا بالصيد، وهناك أقاويل أنه مات وهو راكب عجلة حربية، والملك رمسيس الثالث مكتوب في بردية اسمها مؤامرة الحريم، أن زوجته كانت ستقتله، وفي البردية لم يذكر أنه قتل، وبوضع المومياء تحت الأشعة المقطعية اكتشفنا أن زوجته وابنه ذبحاه بسكين حادة، حتى يتولى ابنه الحكم.
* البعض يشكك في أن الأهرامات بناها المصريون القدماء.. ما ردك عليهم؟
- القدماء المصريون هم بناة الأهرامات، ولم تبن بالسخرة كما أشيع، واكتشفت مقابر العمال بناة الأهرام، والتي تثبت للعالم كله أن المصريين هم بناة الأهرام ولم تبن بالسخرة، لأنهم لو كانوا عبيدا لم يكن ليتم دفنهم بجوار الأهرامات، واكتشفنا منذ 3 سنوات بردية في منتهى الأهمية اسمها وادي الجرف، تتحدث عن بناء الملك خوفو للهرم، وأنه عبارة عن مقبرة، ووثقت ذلك في كتاب اسمه «جيزة آند بيراميدز»، تمت ترجمته للغات الفرنسية والألمانية، به كل الحقائق عن الهرم، ويكشف كافة الخرافات التي أثيرت عن بناء الأهرامات، وأن بناء الهرم هو مشروع قومي تضافرت كافة الجهود الخاصة بالـ3 ملايين نسمة الذين كانوا يعيشون في الدولة القديمة لبناء هذا المشروع، وتم بناء 124 هرما منها خاصة بالملوك والملكات.
* حدثنا عن مرافقتك لرؤساء الدول ومشاهير العالم عند زيارتهم مصر؟
- أستقبل كافة الشخصيات العالمية التي تأتي إلى مصر لزيارة آثارنا وأرافق بعضهم خلال جولاتهم الأثرية، وآخر هذه الشخصيات المطربة كيت باري وزوجها، والتقيت كافة الملوك والرؤساء والفنانين العالميين، ومن الطرائف عندما زار أوباما الرئيس الأميركي مصر، وطلب أن يركب جملا، أخبرته أني أحصل على مبلغ مالي عند مرافقة أي زائر مهم، ولي طلب مقابل التنازل عن هذا المبلغ، أن لا يركب الجمل، حتى لا يقال على مصر إنها بلد الجمال وليست بلاد الحضارة، فوافق ولم يركب الجمل، وعندما دخلنا إحدى المقابر الأثرية، وجدنا شخصا يشبهه على أحد جدران المقبرة، وأعطيته نسخة من قبعتي كهدية.
* ما سر قبعة الدكتور زاهي حواس؟
- القبعة ليست لها حكاية، لكني كنت مرة في لوس أنجليس واشتريتها لتقيني من الشمس أثناء عملي في الاكتشافات، حتى أصبحت هذه القبعة مشهورة لأنها رافقتني في اكتشافات كثيرة منذ سنوات، وفي مرة سألني جورج لوكس، الذي اخترع شخصية «إنديانا جونس»: لماذا هذه القبعة أشهر من قبعة «هاريسون فورد»، فأجبته: لأن لها قيمة من حجم الاكتشافات الأثرية التي كشفتها منذ زمن.
وأود أن أوضح أن هذه القبعة تباع نسخ منها تذهب أرباحها إلى متحف الطفل، والآن تذهب أرباح بيعها إلى مستشفى سرطان الأطفال 57357.