في الماضي ثار كثير من الجدل حول الفقر المدقع والشامل ولكن في الأعوام الأخيرة سرى اقتناع واسع بأن الفقر يتعلق بالمكان والزمان الذي نعيش فيه. استعانت معظم التعريفات الرسمية للفقر بالدخل النسبي في قياس من يعانون من الفقر، وتم وضع حد أدنى للدخل ويعتبر من يقلون عنه فقراء. تعتبر قياسات الحكومة البريطانية الرئيسة أن 60 في المائة من وسيط دخل الأسرة يمثل خط الفقر. ولكن على الرغم من سهولة هذا المقياس والمقارنات المفيدة التي يقدمها على مدار الوقت، فإنه تعريف قاصر وجهت له انتقادات عديدة، أحدثها في بريطانيا في الدراسة الميدانية.
يتمثل المنهج البديل في تعريف الفقر في النظر إلى القياسات المباشرة للحرمان بدلا من استخدام الدخل كوسيط لتعريف الفقر. أولا، يستعين هذا القياس بالرأي العام في وضع حد أدنى للمعايير.
وثانيا، يسمح بوجود اختيارات في أنماط الحياة. في إيجاز، وضعت هذه الطريقة التي حازت إجماع الآراء من أجل تقرير حد أدنى مقبول لمستوى المعيشة في المجتمع قيد الدراسة ومن يقلون عن هذا المستوى بسبب نقص الموارد وليس بسبب اختيار نمط الحياة. ويتم تعريف خط الفقر بعد ذلك فيما يتعلق بدخل هؤلاء الذين يفتقدون إلى الضروريات لأنهم لا يملكون نفقاتها (وليس بسبب اختياراتهم) وبذلك يأتي التعريف وفقا لكل من الحرمان والدخل. تشكل هذه الطريقة التي نالت موافقة الجميع، والتي تحمل استيعابا أوسع للإقصاء الاجتماعي، أساس أبحاث الفقر والإقصاء الاجتماعي (PSE) يتم إجراؤها في الوقت الحالي في المملكة المتحدة.
تقيس الأبحاث أعداد الأشخاص الواقعين تحت ما يعتبره السكان ككل الحد الأدنى لمستوى المعيشة. هذا هو القياس الوحيد الذي يعتني بالاثنين: ما يعتقد الأغلبية أنها ضروريات الحياة في بريطانيا اليوم، ومستويات المعيشة الفعلية (وليس مجرد الدخل).
إذا نظرنا في دراسات للفقر والإقصاء الاجتماعي، سنجد أن مسح الفقر والإقصاء الاجتماعي لعام 2012 اعتمد على دراسات أجريت في 1983 و1990 و1999 في بريطانيا و2002/2003 في أيرلندا الشمالية.
الاحتياجات الأساسية
- المسكن: تتصدر التدفئة ومنزل خال من الرطوبة احتياجات جميع الأسر،يتفق الجميع تقريبا على ذلك، ولكن في بريطانيا اليوم:
لا تملك 2.3 مليون أسرة، بها 1.5 مليون طفل، نفقات تدفئة محل سكنهم.
تعيش 2.7 مليون أسرة، بها 2.5 مليون طفل، في مساكن رطبة.
يعيش 600.000 طفل في منزل رطب ولا تملك أسرهم نفقات تدفئته: أي 1 من كل 20 طفلا.
- الغذاء:يتفق السكان على نطاق واسع على ما يحتاجون إلى تناوله من الغذاء المناسب.
بالنسبة للأطفال، اتفق ما يزيد على 90 في المائة على أن ذلك يعني: تناول ثلاث وجبات في اليوم، وتناول الفاكهة والخضراوات الطازجة وتناول اللحوم أو الأسماك أو ما يقابلها من الأطعمة النباتية على الأقل مرة في اليوم. بالنسبة للبالغين، اتفق ما يزيد على 75 في المائة على أن ذلك يتضمن: تناول وجبتين في اليوم، وتناول فاكهة وخضراوات يوميا واللحوم أو الأسماك أو ما يقابلها من الأطعمة النباتية كل يوم.
ولكن تفتقر أعداد كبيرة من السكان إلى بند واحد على الأقل من هذه البنود:
يعيش ما يزيد على نصف مليون طفل في عائلات لا تستطيع الإنفاق على الغذاء الملائم لهم.
لا يملك ما يزيد على 3.5 مليون شخص بالغ نفقات الغذاء الملائم.
في جميع الأسر التي لا يحصل أطفالها على صنف أو أكثر من أصناف الغذاء المذكورة، يقتطع البالغون من غذائهم: في 93 في المائة من هذه الأسر تخلى شخص بالغ على الأقل في بعض أو أغلب الأحيان عن غذائه الخاص.
- الملبس: يتفق 97 في المائة من السكان على أن الأطفال يحتاجون إلى معطف شتوي ثقيل مع حذاء جديد مناسب (بنسبة 93 في المائة). ويوافق الغالبية أيضا على أن الأطفال يحتاجون إلى بعض الملابس الجديدة (وليست المستعملة) وعلى الأقل أربعة سراويل عادية أو ضيقة أو جينز أو واسعة. ولكن لا يملك مليون طفل على الأقل واحدا أو أكثر من احتياجات الملبس الأساسية.
توجد بنود ملبس ضرورية للبالغين: معطف واق من المطر، زوجان من الأحذية المناسبة لجميع الأحوال الجوية وملابس ملائمة لاختبارات الوظائف، ولكن:
لا يملك 5.5 مليون شخص بالغ واحدا أو أكثر من هذه الاحتياجات الأساسية في الملبس.
لا يملك 12 في المائة من الشباب من عمر 18 إلى 25 عاما و21 في المائة من العاطلين عن العمل شراء ملابس ملائمة لاختبارات الحصول على وظيفة.
التعليم و الرعاية الصحية
تبلغ نسبة المتعلمين في المملكة المتحدة 99 في المائة لمن تزيد أعمارهم عن 15 عاما، مثل معظم الدول المتقدمة، ووفقا لدراسة أجراها مؤخرا بيرسون، تحتل المملكة المتحدة المرتبة السادسة في جودة التعليم على مستوى العالم.تنفق الحكومة البريطانية 11.26 في المائة من إجمالي الإنفاق العام على التعليم (اليونسكو 2009). ويصل معدل الإنفاق العام على الطالب الواحد 25.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للفرد. ويصل متوسط الفترة المتوقعة للدراسة إلى 16.38 عام. أما البطالة في بريطانيا فتقف عند 8 في المائة حاليا، وتشمل نسبة ضئيلة من العاطلين الحاصلين على مؤهل عال تقدر بـ0.51 في المائة.
تنفق الحكومة البريطانية 9.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية. وتحتل المركز الخامس عشر عالميا في الإنفاق على الصحة. وعلى الرغم من حقيقة تدني تصنيف بريطانيا في الإنفاق على الصحة فإن الغالبية العظمى من النفقات تأتي من الحكومة (83.9 في المائة). دائما ما كانت هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تقدم رعاية صحية مجانية للمواطنين في بريطانيا مصدر فخر للبلاد. في مقارنة مع الإحصائيات في الولايات المتحدة، التي تنفق حكومتها 53 في المائة فقط من إجمالي نفقات الرعاية الصحية، وتأتي النسبة المتبقية من شركات خاصة، ليس من المفاجئ أن نجد تكاليف التأمين الصحي باهظة في أميركا. تعد هيئة الخدمات الصحية الوطنية جزءا من دولة الرفاهية في بريطانيا، ولكنها تواجه ضغوطا من زيادة أعمار السكان، وتقل نسبة الإنفاق على الرعاية الصحية في الناتج المحلي الإجمالي مما يؤثر مباشرة على مستوى الرعاية المقدمة للبريطانيين.
المساعدات المالية
في عام 1998 بدأت مسارات مستويات المساعدات التي يحصل عليها من لديهم أبناء ومن ليس لديهم أبناء تتخذ اتجاهات مختلفة تماما. فيما بين عامي 1998 و2004، ارتفع مستوى المساعدات المقدمة وفقا لاستطلاع الموارد المالية إلى أزواج لديهم طفلان بنسبة 35 في المائة، بينما ارتفعت لأزواج لديهم طفل واحد بنسبة 25 في المائة. واتخذت المساعدات التي يحصل عليها أصحاب المعاشات مسارات مشابهة. في المقابل، لم تتغير مستويات المساعدات التي حصل عليها أزواج في سن العمل دون أطفال (بعيدا عن التضخم). كذلك لم تتغير مستويات المساعدات التي يحصل عليها شخص بالغ في سن العمل ولا يعول. فيما بين عامي 2004 و2009، استمرت هذه الزيادات (في ارتفاع حقيقي للأزواج الذين لديهم أطفال وأصحاب المعاشات وثبات للبالغين دون أطفال).
ولكن فيما بين عامي 2009 و2011، انخفض مستوى المساعدات الفعلي لجميع أنواع الأسر. وكانت النتيجة النهائية في العموم هي عودة مستويات المساعدات الفعلية في عام 2011 إلى مستوياتها في عام 2004.
أما فيما يخص الجانب النسبي، فقد تفوق زيادات مستويات المساعدات المقدمة وفقا لاستطلاع الموارد المالية لكل من أصحاب المعاشات وأزواج لديهم أبناء منذ عام 1998 بالفعل زيادة معدل الأجور المكتسبة: في عام 2011، كانت مستويات المساعدات أعلى بنسبة 20 في المائة مقارنة بمعدل الأجور عما كان في عام 1998. وفي المقابل، كانت مستويات مساعدات البالغين في سن العمل وليس لديهم أبناء تقل بنسبة نحو 15 في المائة مقارنة بالأجور في عام 2011 عما كان في عام 1998. وذلك على الرغم من الارتفاع الذي حدث منذ عام 2008 (وهي الفترة التي انخفضت فيها نسبة زيادة متوسط الأجور عن معدل التضخم).
وفي أبريل (نيسان) 2011، بلغت مستويات مساعدات البالغين في سن العمل 105.95 جنيه إسترليني في الأسبوع للأزواج دون أبناء، و67.50 جنيه إسترليني في الأسبوع لشخص بالغ بمفرده في عمر 25 عاما أو أكثر، و53.45 جنيه إسترليني للشخص البالغ تحت عمر 25 عاما.
السبب في اختلاف نسب الأسر في سن العمل والتي بها عدد مختلف من الأبناء هو أن جميع الزيادات في مستوى المساعدات المقدمة لهذه الأسر تكمن في عنصر الطفل وليس الشخص البالغ، لذلك كلما قل عدد الأبناء في الأسرة، قلت الزيادة النسبية في الإعانة.
وتبلغ المساعدات التي تقدم وفقا لاستطلاع الموارد المالية إلى البالغين في سن العمل وليس لديهم أطفال نحو نصف ما يعتبر بداية الدخل المنخفض. وعلى الجانب الآخر، تتساوى المساعدات التي يحصل عليها أصحاب المعاشات مع بداية الدخل المنخفض. وفيما بين هذين الطرفين، يحصل الأزواج الذين لديهم أطفال على نحو 70 في المائة من الدخل المنخفض، بينما يحصل الأزواج منفردون على 80 - 90 في المائة من الدخل المنخفض.
[blockquote]خط الفقر في بريطانيا
119 جنيها إسترلينيا في الأسبوع: أحد الوالدين
161 جنيها إسترلينيا في الأسبوع: أب أو أم مع طفل واحد عمره أقل من 14 عاما
206 جنيهات إسترلينية في الأسبوع: زوجان دون أبناء
288 جنيها إسترلينيا في الأسبوع: زوجان مع طفلين أقل من 14 عاما
هذه الإحصائيات صافي ضريبة الدخل وضريبة المجلس وتكاليف المسكن.[/blockquote]
البطالة
فيما يتعلق بمعايير الفقر العالمية، تعتبر بريطانيا دولة ثرية، حيث لا يوجد فيها تقريبا أشخاص يعيشون على أقل من 4 جنيهات إسترلينية في اليوم. ولكن هناك إعادة توزيع وعدم مساواة في الدخل. على سبيل المثال، في عام 2008/2009، بلغ دخل الأسرتين في المرتبة الخامسة من الأعلى ومن الأسفل 73.800 و5.000 جنيه إسترليني بالترتيب قبل الضرائب والمساعدات وبعد الضرائب والمساعدات، انخفض الفارق كثيرا (ليصل إلى 53.900 و13.600 جنيه إسترليني بالترتيب).
يستخدم وسيط دخل الأسرة في الحصول على بيانات تتعلق بالمناطق الجغرافية ويقسم الأسر إلى قطاعين متساويين يحصل النصف الأول من الأسر على أقل من وسيط دخل الأسرة بينما يحصل النصف الآخر على أعلى منها. يعتبر العديد من خبراء الإحصاء أن وسيط دخل الأسرة مؤشرا أفضل من متوسط دخل الأسرة، إذ إنه لا يتأثر كثيرا بارتفاع أو انخفاض غير معتاد في القيمة.