لا يقتصر الإرهاب الحوثي على زعزعة أمن واستقرار اليمن، بل إنّ ممارساته تجاه النساء والأطفال تشكّل أكبر انتهاك لحقوق الإنسان في المنطقة، فاليمنيات وأطفالهن يتعرضن لأبشع أنواع الانتهاكات الموثقة في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، وعلى الرغم من التحذيرات التي تطلقها المنظمات اليمنية باستمرار إلاّ أنّ المجتمع الدولي يقف مكتوف الأيدي تجاه أفظع الجرائم التي تتعرض لها المرأة اليمنية.
فوزية أحمد إحدى الناجيات من معتقلات الحوثي
فوزية أحمد مسؤولة قسم النساء في السجن المركزي بصنعاء منذ 2002 حتى فبراير (شباط) 2020 وهي من خريجات أول دفعة من كلية الشرطة بصنعاء، تم تعيينها في عدة مناصب في وزارة الداخلية حتى وصلت لمسؤولة قسم النساء في السجن المركزي بصنعاء عام 2002.
تحدثت فوزيه خلال ندوة نظمتها منظمات يمنية في 19 فبراير عبر تطبيق زووم، روت خلالها تجربتها في سجون الحوثي، وتقول فوزية «استمررت في عملي بعد انقلاب الحوثيين في 2014 حتى 2017 لأن عملنا كان روتينيا عاديا. صحيح أن كانت هناك تدخلات من الحوثيين لكنها كانت محتملة إلى أن تغير الوضع تماما بعد ديسمبر (كانون الأول) 2017.
ففي يوم 5 ديسمبر 2017، طلب مني الحوثيون أن أخرج السجينات للاحتفال بمقتل علي عبد الله صالح، لكني رفضت، وقلت إن هذا قد يتسبب في فوضى داخل السجن، لكنهم أصروا على ذلك غير أن السجينات رفضن الخروج للاحتفال فأخذت أول لفت نظر منهم».
وتابعت: «يومها كان عدد السجينات قرابة 54 سجينة أغلبهن قضايا جنائية تفاجأت في الأسبوع الثاني بأن عددا من الامهات والآباء يأتون ليسألوا عن بناتهم في السجن، حينها تقصيت عن الأمر من زملائي لأكتشف أنه فعلا في مسيرات 6 ديسمبر تم اعتقال عدد من المتظاهرات ونقلهن للبحث الجنائي بصنعاء وبعدها أخبرت الأهالي بذلك وعندما علم الحوثيون بهذا، استدعوني للتحقيق حول ما صرحت به وحذروني من ذلك لتتوالى بعدها المشاكل بيني وبينهم حتى اعتقالي رسميا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وبعد شهرين من ديسمبر 2017 ارتفع عدد السجينات إلى 265 سجينة وأغلبهن وجهت لهن تهم المشاركة في الحرب الناعمة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وكان أكثر شهر تكدس فيه السجن المركزي بصنعاء بالنساء بعد ما سمي بثورة الجياع».
اتهم الحوثيون فوزية بإخراج معلومات عما يدور في السجن وبأنها ساعدت أهالي المعتقلات الذين كانوا يبحثون عن بناتهم وأخبرتهم بأن بناتهم في البحث الجنائي. وتهم كثيرة، بينها إعطاء الطعام لأطفال المعتقلات فوق الكمية المعتمدة لهم، وتم احتجازها هي وابنتيها (13 سنة وأخرى 14 سنة) لمدة أسبوعين وبعدها تم تجديد الاعتقال أسبوعين آخرين ثم بعد فترة تم الإفراج عنها شفويا.
قدمت فوزية استقالتها من العمل وقالت إنها ستخرج ولن تتفوه بشيء مما يحدث في السجن لكنهم رفضوا قبول استقالتها إلا بعد أن تعلم فريق «الزينبيات» في السجن آلية العمل وتدريبهن حتى يقمن بالعمل نيابة عنها وعن جميع الشرطيات في السجن وبالفعل دربت فوزية وزميلاتها «الزينبيات» لأخذ مكانهن وبعدها أقر الأمر بفصلها من العمل وأخذ التزام منها بعدم التصريح بأي معلومات وعدم مغادرة صنعاء.
وخلال تلك الفترة لفقت لها العديد من التهم كالخيانة والدعارة لأنها قدمت الأكل للأطفال المحتجزين مع أمهاتهم وأوضحت فوزية أن الحوثيين يعتقلون النساء وأطفالهن لذلك نجد عديدا من الأطفال في سجون الحوثي.
غادرت فوزية صنعاء هي وبناتها في 13 يوليو (تموز) 2020 بعد ان تلقت بلاغا بأن الحوثيين وجهوا باعتقالها مره أخرى.
النساء والأطفال ضحايا انقلاب الحوثي
شهادة فوزية أتت خلال ندوة عبر منصة زووم في 19 فبراير والتي نظمها تكتل «8 مارس من أجل نساء اليمن»، وتحالف نساء من أجل السلام في اليمن و المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر والائتلاف اليمني للنساء المستقلات بالتعاون مع التآزر النسوي من أجل السلام والتنمية المستدامة (FSPSD)، ومنظمة نساء من اجل المحبة والتسامح والسلام (WLPT)، والأكاديمية الدولية للإعلام والدبلوماسية (IAMD).
وهذه الندوة كانت مخصصة لإطلاق التقرير الاول حول اعتقال النساء من قبل الحوثي في اليمن تحت عنوان: معزولة عن العالم «سجون الحوثي مقابر النساء».
والهدف من هذا التقرير تسليط الضوء على أنواع الانتهاكات التي مارستها ميليشيات الحوثي على النساء في اليمن، وبشكل خاص الفترة من ديسمبر 2017 إلى ديسمبر 2020، بحسب ما قالت الدكتورة وسام باسندوه رئيس تكتل 8 مارس من أجل نساء اليمن.
وأضافت: «إن توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في بلد يمر بظروف حرب وانقلاب على السلطة الشرعية، كما هو الحال باليمن هي مهمة صعبة وخطيرة. إذ يتطلب التوثيق الدقيق لحالات الاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري قدرة واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان من أجل الوصول إلى البيانات الصحيحة».
وتابعت: «ملف انتهاكات حقوق النساء باليمن لا سيما السجينات في سجون الحوثي، يحوي جرائم يندى لها جبين الإنسانية، وحقائق صادمة ومؤلمة لما عانته ولا تزال تعانيه النساء المعتقلات، الأمر الذي حمَّلنا في تحالف نساء من أجل السلام في اليمن، وتكتل نساء 8 مارس من أجل نساء اليمن و المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر مسؤولية ضرورة التصدي لرصد انتهاكات حقوق الإنسـان بحق النساء في اليمن ومتابعة كل التفاصيل المتعلقة باختطافهن واعتقالهن وآثار تلك الانتهاكات وانعكاساتها على أوضاعهن الجسدية والنفسية وعلى حياتهن ومستقبلهن».
بالأرقام عدد المعتقلات والتهم الملفقة ضدّهن
ووثق التقرير الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي ضد النساء بين ديسمبر 2017 إلى ديسمبر 2020، وبحسب التقرير فقد بلغ عدد المعتقلات 1181 معتقلة منهن: 274 حالة إخفاء قسري، و292 معتقلة هنّ من الناشطات والحقوقيات ومن قطاع التربية والتعليم، و246 حالة من العاملات في المجال الإغاثي والإنساني. كما وثّق التقرير 71 حالة اغتصاب و4 حالات انتحار. ومن حيث الفئة العمرية للمعتقلات، بلغ عدد المعتقلات تحت سن 18 أكثر من 293 حالة، بالإضافة إلى توثيق عشرات الحالات لأطفال من الذكور والإناث تم احتجازهم مع أمهاتهم المعتقلات. كما أن من بين المعتقلات 8 ينتمين للطائفة البهائية. وحتى الآن تم الإفراج عن 321 معتقلة.
وتفاوتت الانتهاكات بين القتل، والتشويه، والاحتجاز، والاعتقال والاختطاف والتعذيب، والعنف الجنسي، إذ تعرضت النساء المعتقلات للاغتصاب من قبل المشرفين في سجون الميليشيات، وسجلت حالات انتحار للفتيات المعتقلات في السجن المركزي بصنعاء ولم يسمح الحوثيون بالكشف الطبي على المعتقلات والتحقيق في أسباب الوفاة داخل مراكز الاحتجاز. كما تعرضت النساء لكافة أنواع التعذيب الجسدي من ضرب بـالعصي والأسلاك الكهربائية، وصفع، وإيقاف النفَس بخنقهن، وإغراقهن بالماء، إضافة إلى التعذيب اللفظي من إهانة وتحقير وتعذيب نفسي، بهدف الاعتراف بأشياء لم يفعلنها إضافة إلى تلفيق التهم الكيدية وغير الأخلاقية للمعتقلات مثل تهمة تكوين شبكات الدعارة.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.