«سوا 2021»... بشار رئيساً لشعب متجانس

«سوا 2021»... بشار رئيساً لشعب متجانس

* بعد 21 عاماً في السلطة، تحولت سوريا إلى أضخم مأساة إنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفقاً للأمم المتحدة... وحسب الأمم المتحدة أيضا فإن 87 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر. ورغم كل ذلك يعد الأسد السوريين بـ«سوا 2021»

 

انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي صورة تحمل شعارات لحملة رئيس النظام السوري بشار الأسد لانتخابات الرئاسة للعام 2021، تحت عنوان «سوا 2021»،تم ذكر ما سيقوم المرشح بشار الأسد بعمله «في حال فوزه»«سوا مع السوريين»، ولكن أي سوريين لم تحدد الحملة، فبشار الأسد نفسه قال سابقا: «الوطن ليس لمن يسكن فيه أو يحمل جنسيته وجواز سفره، بل لمن يدافع عنه ويحميه»، والمقصود بالدفاع عن سوريا طبعا هو الدفاع عن نظامه، فهل الميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والأفغانية مشمولة بشعاره «سوا»ووعوده الانتخابية؟

وهو الذي اعتبر أن عمليات التهجير الواسعة النطاق التي حدثت في سوريا لها جانب مفيد، وهو خلق شعب متجانس، فعلى أي شعب تعود «سوا»حملة بشار؟

«سوا أقوى»، فبشار الأسد، ومعه روسيا، وإيران وميليشياتها، أقوى من السوريين وأقوى من المجتمع الدولي، ومن القرارات الدولية، وبالتالي هو لا يأبه لأي قرارات دولية ومستمر بترشحه.

«سوا منعمرها»واحدة من وعود حملة المرشح بشار الأسد الانتخابية، ولكن الحملة لم تذكر من دمرها، وكيف سيذكر ملصق إعلاني أن المرشح نفسه دمر سوريا على رؤوس أهلها، فأقل التقديرات تتحدث عن تدمير أكثر من 40 في المائة من بنية سوريا التحتية، إضافة إلى أن تقريرا لـ«الإسكوا»وجامعة سانت أندروز، سبق وقدّر خسائر سوريا الاقتصادية مع نهاية عام 2019، بما يفوق 442 مليار دولار.

«سوا منحميها»، يحميها من المؤامرة الكونية التي تتعرض لها؟ أم يحميها من طموح أهلها للحرية والعدالة؟ هو المختبئ خلف جيوش وميليشيات أجنبية سيحمي سوريا من السوريين ولو كلفه ذلك قتل جميع السوريين، طالما أنه قادر على استيراد مرتزقة وميليشيات وتجنيسهم، لا بل وإعطائهم أملاك السوريين، وطبعا كل ذلك بالقانون الذي يسنه ويشرعه هو.

«سوا مع سيادة سوريا واستقلال قرارها»، كيف لا؟ ففي سوريا لا يوجد سوى جيوش خمس دول أجنبية إضافة إلى الميليشيات المتعددة الجنسيات، وكيف لا يكون قرارها مستقلا ورئيس نظامها الحالي يتم استدعاؤه إلى قاعدة حميميم ليفاجأ بمن ينتظره هناك وليعبر عن دهشته مبتسما ابتسامته البلهاء الشهيرة أمام الكاميرا.

«سوا مع سلامة ترابها وكرامة أبنائها»، سلامة ترابها الذي لم يترك نوع سلاح من البراميل المحملة بنترات الأمونيوم إلى الكيماوي ليحرقه، وكرامة أبنائها الذين قتل منهم أكثر من نصف مليون إنسان، وأخرج أكثر من 13 مليونا من بيوتهم بين نازحين ولاجئين؟ كرامة المعتقلين، أم كرامة من يموتون بردا وغرقا في خيامهم؟

«سوا ضد الفساد»، لا يمكن للمرء أن ينكر أنه ومع كل ما حصل ويحصل في سوريا، إلا أنها استطاعت المحافظة على المرتبة الأخيرة في قائمة مؤشر الفساد العالمي مع كل من الصومال وجنوب السودان، في التقرير السنوي الذي تصدره «منظمة الشفافية الدولية»للعام 2020، والذي يرصد حالتي الشفافية والفساد، في 180 دولة حول العالم. وما sitcom«الأسد مخلوف»إلا عينة عن الفساد والإفساد.

«سوا بدنا نعيش»، نعم وليس من قبيل السخرية، هذا الشعار من ضمن شعارات حملة المرشح الرئاسي بشار الأسد، لا يهم كم قتل وكم هجر واعتقل وعذب، الرجل «بده يعيش»مع من؟ مع ما تبقى من السوريين أو مجددا مع المرتزقة الذين أتوا من عدة دول لمشاركته في حربه على السوريين.

بشار الأسد الذي ورث حكم سوريا ومصيرها ومقدراتها بعد وفاة أبيه في عام 2000، والذي تم تعديل الدستور في دقائق قليلة وتخفيض سن الرئاسة من 40 عاما إلى 34 عاما ليتمكن «دستوريا»من تولي منصب الرئيس، هو نفسه الذي تسبب في كل ما تعيشه سوريا اليوم من مآسٍ على جميع الصعد، فبعد 21 عاما في السلطة تحولت سوريا إلى أضخم مأساة إنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وفقا للأمم المتحدة، وحسب الأمم المتحدة أيضا فإن 87 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر. ورغم كل ذلك يعد الأسد السوريين بـ«سوا 2021».

وبعيدا عن «سوا 2021»، تبقى ثمة مشكلة أمام بشار الأسد وحملته الانتخابية، فهذه الانتخابات ليست استفتاء بنعم أو لا التي اعتاد أن تحصل بسوريا منذ انقلاب حافظ الأسد وسيطرته على السلطة ومن ثم توريث ابنه، بل هذه انتخابات تجري وفق دستور 2012، وبالتالي لا بد من وجود منافس. صحيح أن الانتخابات الأخيرة التي جرت عام  2014 خاضها مرشحان آخران أمام الأسد لا أحد يذكر اسمهما، إلا أن اليوم روسيا تعمل جاهدة على إيجاد مرشح من المعارضة ليلعب هذا الدور، فهي بحاجة لإعطاء هذه الانتخابات نكهة ديمقراطية على الطريقة الروسية السورية ومنح الأسد شرعية ما، عل هذه الشرعية ترفع عنهم بعض القيود وتعطيهم بعض الأموال بحجة إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين. فهل تتمكن دول محور آستانة من «إقناع»أعضاء من منصات المعارضة التابعة لها من لعب دور المنافس لبشار؟ وهل نسمع تبريرات للمعارضين كالتي سمعناها عندما انخرطوا بمحور آستانة؟ وهل نرى مناظرة بين تابعين لتحقيق رغبة الدول الراعية؟ حقيقة لم يعد مستغربا أن يكونوا «سوا في هذه المهزلة»، طالما حتى الآن لا إرادة جدية بوضع حد لمأساة السوريين، وطالما أن ملف سوريا بات ملحقا بملفات المنطقة ومفاوضاتها دون الأخذ في الاعتبار مصلحة سوريا والسوريين وطموحهم.

font change