* نقابة المهندسين: التشريعات المعطلة حبيسة الأدراج سبب تفاقم الظاهرة
* محافظ الجيزة الأسبق: القيادة السياسية أنفقت ملايين الجنيهات للقضاء على المخالفات.. ويجب أن ندعم الإدارات الهندسية بالمحافظات لمتابعة تنفيذ تراخيص البناء
* وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب: الحل ليس تشريعيا فقط وأطالب بتحسين منظومة التنفيذ بالأحياء والمحافظات للحد من المخالفات
القاهرة: من الأقوال المأثورة: «بالإهمال يموت كل شيء جميل»، وطبقاَ لآخر الإحصائيات التي أصدرها مركز الإحصاء والتعبئة في مصر، فقد وصل عدد العقارات المخالفة في محافظات مصر إلى 2.8 مليون مبنى، وذلك كما أرجعه بعض خبراء الهندسة المعمارية، إلى الإهمال في ملف تراخيص البناء وتركه في أيدي المحليات التابعة للمحافظات.
ومؤخرًا اشتعلت النيران في عقار مكون من 108 وحدات سكنية، على مساحة 1000 متر بمحافظة الجيزة، حوله مالكه بالمخالفة للقوانين إلى مصنع ومخزن أحذية وجلود ومواد قابلة للاشتعال تستخدم في صناعة الأحذية، استمرت ألسنة اللهب في التصاعد لأكثر من 5 أيام في العقار، حتى أصبح يهدد بكارثة، بدأت توابعها بغلق عدد من الطرق الرئيسية في المحافظة، وتهديد المباني المحيطة في حال انهيار المبنى، ليصبح حريق عقار الجيزة بمثابة ناقوس خطر يدق ليفتح ملف العقارات المخالفة التي تسعى مصر للقضاء عليها منذ فترة بقرار من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
في هذا الصدد، كان هناك رأي واضح في هذا الملف للدكتور حماد عبد الله، رئيس المكتب الفني بنقابة المهندسين المصرية، حيث قال إن تفاقم أزمة العقارات المخالفة، والتعدي على الأراضي، له عدة أسباب لا بد من حلها، يأتي على رأسها وجود عدد من القوانين المعطلة داخل المجالس التشريعية، وحبيسة الأدراج، التي لم تخرج إلى النور حتى الآن، أولها قانون تحرير العلاقة بين المستأجر والمالك، الذي أدى عدم صدوره إلى دفع العديد من الملاك إلى مخالفة تراخيص البناء وإضافة أدوار مخالفة لتحقيق الربح، مما تسبب في كوارث وصلت إلى انهيار بعض المباني وإزهاق الأرواح تحت الأنقاض.
وأضاف رئيس المكتب الفني بنقابة المهندسين المصرية، أن الدولة تنفق الملايين للقضاء على أزمة المباني العشوائية والمخالفة، ولكن بصدور قانون مثل تحرير العلاقة بين المستأجر والمالك، سيدر ملايين الجنيهات التي ستدخل في ميزانية الدولة، ويمكن من خلالها استكمال مشروعها القومي للقضاء على مخالفات البناء والعشوائية.
وأرجع رئيس المكتب الفني بنقابة المهندسين المصرية، أزمة العقارات المخالفة، لعيوب في قانون الإدارة المحلية التي يجب أن يتم تعديلها، حتى يتمكن الحي بالاشتراك مع أساتذة الهندسة سواء التابعين لنقابة المهندسين أو كليات الهندسة بالجامعات، من إصدار الاشتراطات الصحيحة للبناء، وبناء عليه يتم منح تراخيص البناء لأي عقار أو مبنى، مطالباً كل حي بالاشتراك مع مركز بحوث البناء التابع للدولة، وتقديم إحصائية وفقا لعمل ميداني بتعداد المباني التي تمثل خطورة على الرقعة السكنية، حتى يتم التعامل معها، ونقل الأماكن الصناعية والورش إلى مناطق مناسبة لها.
وفي نفس السياق، قال الدكتور علي عبد الرحمن، أستاذ الهندسة بجامعة القاهرة ومحافظ الجيزة الأسبق، إن العقارات المخالفة في مصر مشكلة أزلية لها عدة اعتبارات وجوانب يجب دراستها بدقة لوضع روشتة مناسبة للعلاج، ومن هذه المحاور ما هو اقتصادي وما هو تشريعي وما هو فني.
وأكد أستاذ الهندسة بجامعة القاهرة ومحافظ الجيزة الأسبق، أن القيادة السياسية حملت على عاتقها حل الأزمة، بإصدار عدة تشريعات وعلى رأسها قانون البناء الموحد، والتصالح في مخالفات البناء، ولكن هذه التشريعات رغم ما حققته من إنجاز إلا أنها تحتاج إلى وضع ما ينص على التدرج في الغرامة حسب حجم المخالفة، مقترحاً أن يتم منح تراخيص البناء على مراحل، حتى يمكن تدارك المخالفة قبل تنفيذها.
وأضاف الدكتور علي عبد الرحمن، أن المخالفة في البناء، هي اعتداء على حقوق الآخرين، ويكون لها تأثير اجتماعي وجمالي سيئ، كما أنها تمنع من مواجهة المخاطر في حالة وقوع حادث مفاجئ مثل الحريق أو انهيار عقار، فيتسبب العقار المخالف أو غير القانوني، في عرقلة الأجهزة التنفيذية، والإنقاذ عن أداء مهمتها لإنقاذ الضحايا أو إسعافهم، كما حدث في عقار الجيزة المحترق والمشتعل في الأيام الأخيرة.
وطالب أستاذ الهندسة بجامعة القاهرة ومحافظ الجيزة الأسبق، بمراجعة الإنشاءات والمرافق كل خمس سنوات، لضمان التزام مستصدر ومالك العقار باشتراطات التراخيص وعدم المخالفة، مشيراً إلى أنه من الواجب إسناد مهمة المتابعة لمكاتب هندسة استشارية معتمدة، كما يحدث في فرنسا، لضمان جودة المباني وسلامة العقارات، موضحاً أنه يجب أن يتم دعم الإدارات الهندسية بالأحياء والمحافظات بصلاحيات وإمكانيات مادية تمكنها من تنفيذ مهمتها.
وعلى جانب آخر أكد المهندس طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، أن الحل ليس تشريعيا فقط، مشيرا إلى أن القوانين الحالية تكفي لمواجهة ظاهرة العقارات المخالفة، موضحا أنه على سبيل المثال بالنسبة لعقار الجيزة المحترق، فإنه مخالف للقانون وأمره منتهي لأنه مارس نشاطًا صناعيًا به مخزن يحتوي على مواد قابلة للاشتعال وسط الرقعة الزراعية، وهذا نظمه القانون ووضع شروطه وعقوبة مخالفته، وهذا ما تم من قبل جهات المتابعة والتحقيق، التي قررت هدم العقار والتحفظ على مالكه.
وأضاف وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، أن الحل في تنفيذ التشريع والمتابعة الدورية، التي تعاني من مشاكل داخلية بسبب نقص عدد المشرفين والمهندسين وضعف الإمكانيات الاقتصادية والمادية الداعمة لهم لتنفيذ القوانين ومنع المخالفات قبل وقوعها، مطالباً بتحسين منظومة التنفيذ ممثلة في الأحياء والإدارات التابعة للمحافظات، والجهات المعاونة لهم في مختلف الوزارات.