* قلق ملياراتالمستخدمين حول العالم بعد إثارة موضوع تحديثات «الواتساب»دفع الملايين للبحث عن تطبيقات بديلة
* «واتساب»تتراجع عن قرارها بعد خسارة عشرات الملايين من المستخدمين
*مليارا مستخدم للتطبيق يستفيدون منه في التواصل المهم سواء في الأعمال بين الأفراد أو الشركات والمؤسسات مما سبب إزعاجا بعد تداول أنباء عدم الخصوصية
* تطبيقا «سيغنال»و«تليغرام»كانا الأكثر حضورا في عملية التحميل على الهواتف الذكية لدرجة توقف الأول عن العمل بعد الضغط عليه من قبل المستخدمين
* تطبيقات المراسلة الأخرى استغلت سقطة «واتساب»للترويج لأنفسها وحصدت ملايين المستخدمين
*أستاذ كشف جرائم تكنولوجية: عمليات اختراق أنظمة الأمان مستمرة ولن تنتهي ولا يوجد نظام مؤمّن 100 في المائة
*مئات التطبيقات تقوم بتجميع بيانات المستخدمين وتخزينها لاستغلالها تجارياً ومخابراتياً
*أي بيانات مخزنة في أجهزة متصلة بالإنترنت معرضة للاختراق
*أمن المعلومات يحمل الجديد يومياً وهناك من يقوم بمحاولات لكسر هذا التأمين
*سد الثغرات في الأنظمة والتطبيقات الإلكترونية تؤكد قابليتها للاختراق
*غالبية مستخدمي التكنولوجيا لا يتمتعون بالحذر الكافي عند استخدام التكنولوجيا مما يعرضهم لانتهاك خصوصيتهم
القاهرة: سيطرت حالة من الذعر على مستخدمي تطبيق «واتساب»الشهير بعد إعلان الشركة الأم «فيسبوك»(والتي تمتلك تطبيق إنستغرام أيضا) عزمها تحديث التطبيق وتنفيذ تغييرات تساهم في زيادة إيرادات «فيسبوك»الإعلانية بعد مشاركته في معلومات مستخدمي «واتساب»، مما سبب قلقا متزايدا وسط أكثر من ملياري مستخدم للتطبيق الذي يستخدم للمراسلة والتواصل حول العالم، وأعلنت الشركة ضرورة تحديث التطبيق قبل الثامن من فبراير (شباط) القادم، ويشمل التحديث تغييرا على الشروط وسياسة الخصوصية يتيح بيانات المستخدمين أمام الأنشطة التجارية على تطبيق «فيسبوك»، واستخدام محادثات «واتساب»بين المستخدمين لإجراء شراكة وتقديم عمليات دمج عبر منتجات «فيسبوك»، وهو ما شكل ضربة قوية لسياسة الخصوصية التي كان يروج لها التطبيق بين مستخدميه والذي جعل منه أحد أكثر التطبيقات الموجودة في العالم أمانا.
انتهاك الخصوصية وإتاحة بيانات وأرقام المستخدمين دفع الملايين للبحث عن تطبيقات بديلة قبل الموعد الذي حدده «واتساب»للتحديث، والذي سيتم بعده إيقاف التطبيق عن العمل في حالة عدم الموافقة على الشروط الجديدة، خاصة وأن عددا كبيرا من مستخدمي التطبيق يستخدمونه في التواصل المهم سواء في الأعمال بين الأفراد أو الشركات والمؤسسات مما سبب إزعاجا شديدا لهؤلاء المستخدمين الذين تخوفوا من تبادل بياناتهم الشخصية وأرقامهم وأسرارهم مع آخرين، بصرف النظر عن موافقتهم على هذا الأمر.
تراجع بعد الخسائر
سقطة «واتساب»والتي تراجعت عنها مؤخرا بعد تداعياتها المؤلمة على الشركة وخسارتها ملايين المستخدمين كانت فرصة ذهبية لانتشار تطبيقات أخرى واستغلال الموقف بشكل عاجل وأشهرهم «سيغنال»و«تليغرام»اللذان سارعا بالإعلان عن أنفسهما بشكل احترافي واستغلا تخوف مستخدمي «واتساب»، وقاما بتعديد مزايا كل منهما خاصة فيما يتعلق بموضوع «الخصوصية»والحفاظ على سرية البيانات، مما كان له أثره الكبير والذي ظهر في تحميل التطبيقين من قبل الملايين خلال بضعة أيام فقط، مما دفع شركة «واتساب»للتراجع عن قرارها العشوائي غير المدروس والذي تسبب لها في خسارة عشرات الملايين من مستخدميها خلال أسبوع واحد فقط، وأعلن «واتساب»التابع لشركة «فيسبوك»لاحقا أنه لن يقوم بتعليق أو حذف أي حساب بسبب الرفض الكبير والمتنامي لمشاركة بيانات المشتركين مع الشركة الأم «فيسبوك»أو إتاحة الرسائل والمكالمات الخاصة بالمستخدمين لأي جهة، مشيرا إلى استمرار تشفير الرسائل بين الأطراف وعدم السماح لآخرين بالاطلاع عليها أو استخدام محتوياتها، وتعهدت الشركة بالحفاظ على سرية رسائل عملائها، وكذلك حذفها من على خوادمها بمجرد تسليمها من طرف لآخر مع الاحتفاظ بها فقط على الجهاز الشخصي للمستخدمين.
انتهاك الخصوصية
خطوة «واتساب»التي تم التراجع عنها لاحقا من التطبيق كانت مثار جدل كبير في وسائل التواصل الاجتماعي خاصة بين المهتمين بالتكنولوجيا والذين عرضوا العديد من النقاط السلبية التي تتعلق بتبادل البيانات مع «فيسبوك»في التحديث الذي تم التراجع عنه، ومن بين هذه السلبيات إتاحة الاطلاع على المعلومات الشخصية للمستخدمين مثلما حدث مع «فيسبوك»مؤخرا بهدف الترويج التجاري للإعلانات في عملية فيها انتهاك كبير لخصوصيات المستخدمين، وكذلك متابعة كل ما يتم تداوله بينهم خلال المحادثات على التطبيق لاستخدامها في أغراض تجارية، وهو ما تمنعه الدول الأوروبية والمملكة المتحدة، حيث تحتوي العديد من المحادثات بين الأفراد والمؤسسات، ربما على أسرار خاصة بالعمل، أو بيانات ومستندات رسمية، مما يعرض سياسة الخصوصية سواء للمؤسسات أو الأفراد للانتهاك من قبل آخرين، وكذلك عرض هذه المعلومات واستخدامها من قبل تطبيقات أخرى قد لا يحبذ المستخدم الدخول عليها أو متابعتها بشكل مستمر، كذلك يتم تبادل الصور والفيديوهات والتي قد لا يرغب أصحابها في تداولها أو استخدامها خارج الدائرة الضيقة للمعارف أو الأصدقاء مما يعد انتهاكا صادما للخصوصية.
هوس تكنولوجي
حالة الهوس في البحث عن تطبيقات أخرى للتواصل من منطلق الفائدة التي يجنيها المستخدمون من التطبيقات على مستوى الأعمال والدراسة وخلافه جعلت خبراء التكنولوجيا يعددون من مزايا هذا التطبيق أو ذاك، ومنهم من تمسك بتطبيق «واتساب»بعد عملية تراجعه عن التحديثات المقلقة، وأخذ تطبيق «سيغنال»جانبا كبيرا من هذا الاهتمام، ولكنه واجه مشاكل فنية بعد خروجه عن العمل بعد الضغط عليه من قبل ملايين المستخدمين، وإعلان القائمين عليه عن عملهم بجد لاستعادة الخدمة بأسرع وقت ممكن بعد إضافتهم للمزيد من الخوادم وسعة إضافية كبيرة لاستيعاب حركة «التحميل»المتسارعة للتطبيق، وأجرى البعض مقارنات بين التطبيقات المختلفة أثبت بعضها الأمان الذي يتمتع به تطبيق «سيغنال»المنافس لـ«واتساب»بسبب دعمه لأسلوب التشفير رغم أن «واتساب»و«تليغرام»يتمتعان بنفس الميزة، وأيضا يحافظ تطبيق «سيغنال»على الخصوصية حيث يصل فقط لرقم هاتف المستخدم ورغم ذلك لا يربطه بهويته عكس «واتساب»الذي يصل لجهات الاتصال ويقوم بتجميع معلومات تتعلق بنمط الاستخدام وبيانات الجهاز المستخدم، والحالة، ودرجة التفاعل داخل المجموعات وصورة الحساب، وخلاف ذلك، فيما يعيب البعض على هذا التطبيق أنه «مفتوح المصدر»،حيث يتحدث البعض عن إمكانية اختراقه بسبب هذه التقنية.
ويتميز «سيغنال»أيضا بحسب متخصصين في التكنولوجيا بمميزات إضافية فيما يتعلق بالخصوصية ومن بينها عدم إضافة الأعضاء للمجموعات دون الحصول على موافقة العضو للانضمام، بعد إرسال دعوة إليه، وذلك عكس «واتساب»، ويتفوق «سيغنال»على «واتساب»أيضا في تقييمه المرتفع على متجر «غوغل بلاي»،والذي يزيد قليلا عن غريمه، ويمكن لتطبيق «سيغنال»أيضا تخزين نسخة احتياطية من معلومات جهاز الهاتف داخل الجهاز نفسه وليس في «التخزين السحابي»،أو «غوغل درايف»،مثل «واتساب»، ويتمتع كذلك بمميزات حماية إضافية ومعقدة عند استخدام «النسخ الاحتياطي»، فيما لا يزال «واتساب»يتمتع بمميزات كبيرة للحماية فلا يمكن لأحد متابعة أو التنصت على الرسائل أو المكالمات والمعلومات المتداولة حيث تتمتع ببروتوكول تشفير وحماية تام بين المتصلين.
اختراق مخابراتي
الأستاذ الدكتور فتحي قناوي، أستاذ ورئيس قسم كشف الجرائم بالمركز القومي للبحوث الجنائية في مصر، قال في حديث خاص لـ«المجلة»: «جميع الشركات المالكة لتطبيقات التواصل الاجتماعي تعرف تماما كل كبيرة وصغيرة عن مستخدميها، من خلال تجميع المعلومات عنهم، وجميع هذه التطبيقات والشركات المالكة لها متصلة ببعضها البعض، وللأسف يتيح المستخدمون لها انتهاك خصوصيتهم من خلال موافقتهم على شروط الاستخدام دون قراءة الموجود فيها، وجميع هذه التطبيقات تقوم بتجميع معلومات المستخدمين لأهداف مخابراتية، وتجارية حيث يتم بيعها لشركات ومؤسسات وجهات غير معلومة، وتقوم هذه التطبيقات بتخزين البيانات وعمليات البحث التي يقوم بها المستخدم، وغالبية مستخدمي التكنولوجيا للأسف لا يتمتعون بالحذر الكافي».
وتابع: «مئات الملايين من الأشخاص حول العالم يستخدمون التكنولوجيا في معظم تعاملاتهم، ويشتركون في وسائل التواصل الاجتماعي، ولديهم إيميلات يتعاملون من خلالها، ويقومون بتحميل عشرات التطبيقات التكنولوجية على الموبايل، مثل (تويتر)، و(فيسبوك)، و(ماسنجر)، و(واتساب)، وغيرها من عشرات التطبيقات المتاحة للاستخدام والتواصل على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، ويجب أن نعلم أن هذه التطبيقات جميعها تقوم بتجميع بيانات المستخدمين، ويتم تخزينها لاستخدامها في عمليات ترويج متعددة أو لأسباب أخرى، وقد تحتوي هذه المعلومات على بيانات حساسة مثل الحسابات البنكية والمعلومات الشخصية المرتبطة بالشخص وغيرها، وعند الحديث عن إتاحة المعلومات للتداول عبر التطبيقات الإلكترونية يصبح الأمر مثيرا للخوف للجميع وخاصة بالنسبة للأشخاص المشهورين، ورجال الأعمال، وكبار المستثمرين، حيث تكون الأمور بالنسبة لهم أكثر حساسية، نظرا لوضعهم الاجتماعي، ومتابعتهم من قبل الملايين حول العالم، وبالتالي فإن صدى أي اختراق معلوماتي أو تكنولوجي بالنسبة لهم يكون كبيرا، خاصة إذا ارتبط الأمر بالخصوصية، سواء الشخصية أو الخاصة بالعمل، فالجميع ليس بمنأى عن الاختراق حتى وإن امتلك بعضهم شركات أو مؤسسات تكنولوجية كبيرة».
برامج خبيثة
وحول وسائل الأمان المتطورة التي تروج لها الشركات المنتجة للتطبيقات، أضاف الأستاذ الدكتور فتحي قناوي: «يوجد أنظمة تستطيع أن تخترق وسائل الأمان في البرامج المختلفة لأنه في عالم الكومبيوتر والإنترنت ليس هناك درجة أمان مائة في المائة بدليل أن كل يوم يقوم عدد من الشركات والأفراد المتخصصين في الأمان التكنولوجي بسد ثغرات في الأنظمة والتطبيقات الإلكترونية، والقيام بعملية تعديلات وتحديثات في النظم الأمنية، وكذلك اكتشاف فيروسات إلكترونية، وبرامج خبيثة، تستطيع الدخول على الأنظمة تتم من خلال أفكار لمن نسميهم الهاكرز، أو قراصنة التكنولوجيا، ولا شك أنه تتم الاستفادة من كل ذلك بتحديث البرامج الأمنية دوريا من قبل الخبراء والمتخصصين في برامج التكنولويجا وتطبيقات الإنترنت، وكذلك الشبكات التكنولوجية في المؤسسات والشركات».
وأضاف: «للأسف البعض يتخيل أن في عالم التكنولوجيا من هو بمنأى عن الاختراق أو الهاكرز، وأنه لن تحدث له مشكلة، لكن هناك دائما الجديد في عالم التطبيقات والكمبيوتر والثغرات الأمنية، لأن من يقوم بعمل البرامج بشر، وفي المقابل هناك بشر آخرون يمكنهم إختراق هذه البرامج، ويقومون بعمليات القرصنة أو ما يسمى التهكير، فبالتالي هناك دائما وأبدا تهكير، وهي محاولات إختراق عملية التأمين من قبل أشرار التكنولوجيا ممن يحاولون التخريب أو الحصول على أموال بطرق غير مشروعة، فعملية التهكير موجودة يقابلها دائما عمليات مضادة لسد الثغرات».
حماية إلكترونية
وتابع: «أمن المعلومات يوميا يحمل الجديد، فلا بد أن يقوم الجميع بتأمين نفسه، ولكن هناك أيضا من يقوم بمحاولات مستمرة لكسر هذا التأمين، وهناك نصائح نوجهها لمستخدمي الوسائل التكنولوجية والإنترنت بشكل عام، ومن بينها عدم كتابة أي بيانات شخصية أو معلومات حياتية، أو أي أشياء حساسة خاصة بنا على أي جهاز متصل بالإنترنت سواء الكمبيوتر أو الموبايل أو الألواح الإلكترونية، أو يتم تبادلها عبر وسائل السوشيال ميديا، فهذا يعد من الأخطاء الشائعة والتي يجب تداركها، لأن أي وسائل إلكترونية متصلة بالإنترنت معرضة للاختراق، وغير آمنة لحفظ البيانات الحساسة أو المهمة، فهناك وسائل تستطيع الحصول على هذه البيانات من خلال الهاكرز، ولا بد أن تكون لدينا وسائل حماية إلكترونية من خلال برامج الحماية الموثوقة التي تدرأ عمليات الاختراق والعبث بالبيانات، ويجب أن يتم تغيير رقم المرور (الباسورد) الخاص بالحسابات المختلفة على الإنترنت، وأن يكون عبارة عن عدد كبير من الأرقام والحروف والرموز، بحيث يصعب من مهمة محاولات الاختراق أو الدخول إليها من قبل العابثين، وكذلك يجب التوعية بأمن المعلومات ومعرفة ماهيتها لكل من يستخدم الوسائل والمنصات الإلكترونية والأدوات التكنولوجية».
اختراق موجه
ورغم حديث مسؤولي التطبيقات الشهيرة عن درجات الأمان للترويج لتطبيقاتهم، يستخدم قراصنة التكنولوجيا أو من نسميهم الهاكرز دائما تقنيات تسمح لهم بالدخول إلى حسابات المستخدمين لأغراض متعددة أشهرها محاولات الحصول على أموال أو ابتزاز من خلال صور وخلافه، وبعد السيطرة على الحسابات يتم بث رسائل موجهة إلى المتابعين لهذه الحسابات لتحويل أموال لهم على أساس أنهم أصحاب الحسابات الحقيقيون، وهو ما يدفعهم للتجاوب معهم على أساس سابق ثقة فيهم كونهم من المشاهير أو من أصدقاء المتلقين، ويستغل الهاكرز هذه الثقة أو المعرفة للحصول على أموال أو بيانات، وتعكف شركات التكنولوجيا على سد جميع الثغرات الموجودة في تطبيقاتها أو منصاتها، وتعطي أموالا طائلة لمن يقومون باكتشاف هذه الثغرات وحلها ممن يطلق عليهم أصحاب القبعات البيضاء أو الهاكرز الأخلاقيون، أو ممن يمارسون «القرصنة الأخلاقية»والذين تكون مهمتهم عملية سد الثغرات في المنصات التكنولوجية لسد الطريق على الهاكرز ومحاولي الاختراق من أشرار التكنولوجيا، ويرى كثيرون أن المعركة مستمرة بين الجانبين، ولن يتوقف الاختراق طالما بقيت التكنولوجيا.