* رئيس اللجنة التقنية للقاح كورونا: لقاح فايزر سيصل إلى لبنان خلال النصف الأول من شهر فبراير
* نقيب الأطباء اللبنانيين: لدينا ثقة بتعاطي اللجنة المعنية مع ملف لقاح كورونا
* ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان: منصة كوفاكس ستقدم لقاحات لـ20 في المائة من الأشخاص الموجودين على الأراضي اللبنانية
بيروت: في ظل ازدياد أعداد الإصابات بفيروس كورونا بشكل كبير، دق المسؤولون اللبنانيون ناقوس الخطر محذرين من كارثة إنسانية وصحية قد تصل إليها البلاد في حال عدم اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة. وجاءت هذه الزيادة في الإصابات كنتيجة لقرار سابق قضى بفتح مختلف القطاعات خلال فترة الأعياد. أمام هذا الواقع، سارع رئيس الجمهورية إلى التوقيع على قرار الإغلاق الكامل للبلاد حتى الأول من فبراير (شباط) المقبل. وفي موازاة ذلك، وقع على عقد مع شركة فايزر لتأمين اللقاح.
ويمنع قرار الإغلاق الخروج إلى الشوارع من الساعة السادسة مساءً إلى الساعة الخامسة من صباح اليوم التالي، مع التقيّد بنظام المفرد والمزدوج لحركة سير المركبات، وفرض حظر تجوّل شامل أيام الأحد. كما يشمل القرار منع التجمعات على اختلاف أنواعها، وإقفال الإدارات والمؤسسات العامة والأسواق الشعبية والمطاعم والمحال التجارية وغيرها من الأماكن التي قد تُشكل مركزاً للازدحام، على أن يستثنى من ذلك ما تقتضيه ضرورة العمل مع التقيّد بنسبة 25 في المائة من القدرة الاستيعابية.
إلا أن خلافاً بدأ يظهر بين اللجنة الوزارية المعنية بفيروس كورونا ولجنة الصحة النيابية، حيث انتقدت الأخيرة «المستوى التساهلي»لتدابير الإقفال التام التي اتّخذتها اللجنة الوزارية، لناحية كثرة الاستثناءات. وطالبت بإعادة النظر بهذه الاستثناءات، وأن تقترن التدابير بحزمة من المساعدات المالية أو العينية تسدّ بعضاً من حاجة المُنكفئين في بيوتهم. كما يرى البعض أن تفعيل قرار حركة سير المركبات وفق آلية «المفرد الزوجي»إجراءً مُضرّاً يساهم في تفشّي كورونا بسبب ازدياد عدد الأفراد داخل السيارة نفسها. وكل ذلك يأتي في ظل تقلّص القدرة الاستيعابية للمستشفيات.
لبنان ينتظر وصول لقاح«فايزر- بيونتيك»
وفي انتظار نتائج القرارات الجديدة، يتابع اللبنانييون، كما باقي شعوب العالم، الأخبار المتعلقة باللقاحات المضادة لفيروس كورونا وينتظرون وصوله إلى لبنان من أجل البدء بعمليات التلقيح. وفي هذا الصدد، أشار رئيس اللجنة التقنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري في حديث خاص لـ«المجلة» إلى أن «الدولة اللبنانية حاولت فتح خطوط التفاوض مع مختلف الشركات المطوِّرة للقاحات، وقد أثمرت عن اتفاق مع شركة فايزر، إذ إنه اللقاح الأول الذي تمكن من حيازة الترخيص من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية والوكالة الأوروبية للأدوية ومنظمة الصحة العالمية». وأضاف البرزي أن «هذا اللقاح سيصل إلى لبنان خلال النصف الأول من شهر فبراير (شباط) المقبل بمعدل مليونين و100 ألف جرعة، بالإضافة إلى مليوني جرعة ستصل عبر منصّة كوفاكس، وهي آلية لتوزيع لقاحات مضادة لفيروس كورونا المستجد في الدول الفقيرة».
وعن أولويات توزيع اللقاح على مختلف الفئات الاجتماعية، قال البرزي إن «أولوية التوزيع ستكون مبنية على دراسات وأسس علمية، حيث يُعطى للعاملين في المجال الطبي، وبشكل خاص أولئك الذين يقدمون الرعاية لمرضى كورونا، ومن ثم المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة، وبعدها سيُمنح لأصحاب الوظائف المهمة والضرورية لاستمرار عمل المجتمع اللبناني».
مباحاثات مع الشركات المُطورة للقاحات
كما يلفت البرزي إلى أن «لبنان يخوض مباحثات مع شركة أسترازينيكا، ومن المنتظر أن تأتي حصة لبنان من الهند بعد أن توصلت الشركة إلى تفاهمات مع عدد من الدول لإنتاج اللقاحات، وقد جرى الاتفاق على أن تكون الهند هي المركز الذي يُنتج لصالح آسيا وأفريقيا».
وكما بات معلوماً، فإن لقاح فايزر يواجه عقبة أساسية تتمثل بحاجته لأن يبقى محفوظاً في درجة حرارة 70 تحت الصفر، ولا يمكن وضعه في درجة حرارة أعلى، وهذا يعني أن اللقاح يحتاج إلى مبردات خاصة. لا يرى البزري أي مشكلة للبنان مع هذه العقبة، حيث «توجد كمية كبيرة من المبردات، ونسعى لتأمين المزيد منها». وأكمل البزري: «هناك آلية لاستخدام اللقاحات دون الاضطرار لاستخدام هذه المبردات».
كما أشار البزري إلى أن «كل لقاح تدفع ثمنه الدولة سيكون مجانيا للمواطنين، ومن الصعب أن تقوم الشركات الخاصة باستيراد لقاح فايزر لأسباب تقنية، إلا أنه في المستقبل، أي بعد الترخيص للقاح أسترازينيكا- أوكسفورد، وغيره من اللقاحات يمكن أن يُسمح للشركات الخاصة بالاستيراد». ويلفت البزري إلى أن«الهدف من اللقاح هو الوصول إلى المناعة المجتمعية التي يجب أن تشمل 60 إلى 70 في المائة من اللبنانيين، وبالتالي لا يعود الفيروس بمثابة وباء وإنما يصبح فيروسا مستوطنا». ويتابع البزري: «الوصول إلى هذه المرحلة يحتاج إلى عام تقريباً»، مشدداً على أن «اللجنة التقنية للقاح كورونا تعمل بجد من أجل تأمين الأرضية الصالحة لتوزيع اللقاحات وفق آليات حديثة».
وكان مستشار الرئيس اللبناني للشؤون الصحية، وليد خوري، قد أشار إلى أن شركة فايزر طلبت رفع المسؤولية عنها في حال ظهور عوارض على الشخص الذي تلقّى اللقاح، باعتبار الوضع الصحيّ الطارئ، وأن التجارب كانت سريعة، وهذا الإجراء لا ينطبق فقط على لبنان، ما استوجب على وزارة الصحة اللبنانية أن تأخذ على عاتقها المسؤولية عن أي عوارض جانبية وخطرة تظهر على مستخدمي اللقاح، سواء على صعيد تكاليف العلاج، أو الدعاوى القضائية، أو أي إجراء آخر. ويعلّق البرزي على ذلك بالقول إنه «لا يوجد أي مشكلة قانونية في العقد الموقع مع شركة فايزر، فهذا العقد قد وقعته الشركة مع جميع دول العالم، ولبنان لن يكون استثناءً في ذلك».
معاناة القطاع الطبي
ويصف نقيب الأطباء شرف أبو شرف في حديث لـ«المجلة» تعاطي لبنان الرسمي مع ملف لقاح كورونا بـ«الجيد» ويؤكد ثقته الكبيرة في اللجنة المعنية بالملف. ويلفت أبو شرف إلى أن «الأضرار التي أصابت الكادر الطبي في لبنان من انتشار فيروس كورونا كبيرة جداً»، ويُشير إلى أن «القطاع الصحي والتمريضي يُعانيان، حيث سجل لبنان وفاة 10 أطباء، كما يوجد 15 طبيبا في العناية المشددة، و200 حالة في حجر منزلي حالياً».
ويرى أبو شرف أن ذلك يدل على «تضحيات الأطباء والجهد الذي يبذلونه في سبيل مكافحة الفيروس». ويُرجع أبو شرف سبب ارتفاع أعداد الإصابات إلى «لا مبالاة عدد كبير من المواطنين الذين لا يأخذون الاحتياطات اللازمة، فمسؤولية المواطن توازي مسؤولية الدولة». كما يلفت أبو شرف على أن «500 طبيب هاجروا من لبنان والأكثرية منهم تتمتع بكفاءة عالية، ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى الوضع الاقتصادي الذي تُعاني منه البلاد، وجاءت أزمة كورونا وانفجار المرفأ لتزيد من الأزمة، حيث تدمرت 4 مستشفيات جامعية مما أدى إلى توقف بعضها عن العمل وانعكس ذلك على الأطباء الذين يعملون ضمنها».
منصة إلكترونية لتوزيع اللقاح
إذن، يبدو أن لبنان بات بأمسّ الحاجة لوصول لقاحات كورونا نظراً للوضع الصحي الصعب الذي بات يهدد مواطنيه. وفي هذا الصدد، شددت ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتورة إيمان شنقيطي على أن «المنظمة لم تمنح الموافقة سوى للقاح فايزر- بيونتيك، إلا أن ذلك لا يعني أنها رفضت باقي اللقاحات وإنما ما زالت قيد الدرس». وأضافت أن «لبنان التزم بعدم استيراد أي لقاح قبل حصوله عل موافقة المنظمة».
ولفتت شنقيطي إلى أن «لقاح فايزر سيصل إلى لبنان على دفعات بشكل أسبوعي، على أن تصل الدفعة الأولى بكمية 60 ألف جرعة». وأشارت إلى أن «المصدر الآخر الذي سيحصل من خلاله لبنان على لقاحات كورونا هو منصة كوفاكس التي ستقوم بتقديم لقاحات لـ20 في المائة من الأشخاص الموجودين على الأراضي اللبنانية سواء كانوا مواطنين أم لاجئين أم عمالا أجانب، وذلك لأن النظرة إلى هذا الموضوع تنطلق من منطلقات صحية». وحول الجهة التي ستُمول لقاحات غير اللبنانيين، لفتت شنقيطي إلى أن «المباحثات والمفاوضات ما زالت سارية مع الأمم المتحدة لاتخاذ قرار في هذا الشأن».
وثمة مشكلة أخرى قد تعترض توزيع اللقاحات في لبنان وهي القدرة على بناء قاعدة بيانات يمكن من خلالها اتباع آلية علمية لمعرفة الأشخاص الذين تناولوا الجرعة الأولى وينتظرون دورهم لتلقي الجرعة الثانية، كما أن ثمة حاجة لتنظيم توزيع اللقاحات بحيث لا يتلقى أي شخص أكثر من لقاح واحد. في هذا الإطار، تلفت شنقيطي إلى أن «المنظمة تعمل مع وزارة الصحة من أجل إنشاء منصة إلكترونية، مثل الأردن والمملكة العربية السعودية وغيرهما من الدول، بحيث يمكن للأشخاص الذين يودون تلقي اللقاح تسجيل أسمائهم مع بعض المعلومات الشخصية، وهذه المنصة من شأنها تجميع كل البيانات التي تُساعد على تحديد أولوية الفئات التي يجب استهدافها وكل ما يتبع ذلك من خطوات».
وتختم شنقيطي حديثها مُشيرة إلى أنه «سيكون للمنظمة دور بمساعدة الوزارة من خلال حصر الفئات التي يجب أن تتلقى اللقاح ومراقبة تنفيذ ذلك».
لا شك أن اللبنانيين الذين يُعانون من أزمة اقتصادية صعبة، زاد انتشار فيروس كورونا من حدّتها، ينتظرون وصول اللقاح الذي يأملون أن يُشكل بداية الطريق نحو التخلص من الفيروس. ويأتي ذلك في الوقت الذي وصلت فيه أعداد المصابين إلى مستويات خطيرة في ظل عدم قدرة المستشفيات الخاصة سوى على استحداث 73 سريراً بسبب عدم توفر الأموال. لذا، فإن الوضع الصحي في لبنان بات بأمسّ الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لتفادي الأسوأ، وبانتظار ذلك، تبقى مسؤولية المواطنين في امتلاك الوعي الكافي لتجنب السيناريو المُظلم.