* قد يكون 2020 هو العام الأكثر مناسبة لعقد سيكون مضطرباً على كل الصعد. فالمنافسة بين أقطاب العالم لا سيما الصين والولايات المتحدة سيطبع العالم في أكثر من مكان. ثم سيشتعل النقاش بين المفكرين حول دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في حياة الناس الذي بات يعيش على وقعها
بدايةً من أستراليا؛ حرائق كبيرة جداً التهمت، أول العام، الثروة الحرجية فيها، ما أضر بالنظام البيئي العالمي. ثم خبر صاعق: ترامب يعلن إعدام سليماني. الرجل الأمني الأقوى في إيران ومدير حروبها في الشرق الأوسط. حبس العالم أنفاسه. هل ينفجر الشرق الأوسط؟
بعدها بدأت الصور تأتي من ووهان عن انهيار الناس في الشوارع كورق الشجر. هكذا أطل كورونا على العالم وشله. الاقتصادات تجمدت أقفرت طرقات المدن الكبرى. كأننا نعيش نهاية العالم. عاش الناس على وقع عدادات الموت والإصابات. إيطاليا ثم إسبانيا فالولايات المتحدة الأميركية أصبحت بؤرا لتفشي الوباء. تغيرت عادات الناس. أصبحت الكمامات إلزامية وباتت جزءاً من العدة كالحذاء مثلا.
من أميركا أيضا ودائما مقتل جورج فلويد الأسود خنقاً على يد شرطي أبيض على مرأىْ الناس يشعلها ويشعل العالم ويطلق حملة «حياة السود مهمة»ليبدو العالم وكأنه يمر بأزمات تبحث عن أي حادثة لكي تنفجر. أزمة هويات من دون شك، وأزمات اقتصادية؛ حيث إن النموذج الاقتصادي الذي حكم العالم منذ الثورة الصناعية بدأ يتغير. أصبح العالم يعيش في زمن التكنولوجيا الرقمية التي أجبرت بعض المهن على الانكفاء. طبعا تلك الثورة الرقمية سرع خطواتها الوباء العالمي. فأصبح التعليم عن بُعد، والعمل عن بُعد، والاجتماعات عن بُعد، والتجارة عن بُعد أيضاً. وفجأة صعدت قيمة أسهم شركات التكنولوجيا بشكل كبير، حتى باتت أمازون مثلا تساوي قيمتها تريليوني دولار.
ثم مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية بدأ النقاش الذي شغل العالم، وما زال يدور حول منصات التواصل الاجتماعي ودورها في التأثير على خيارات الناس بالشكل الذي يريده مساهموها الأساسيون برزت مع انتقائية تلك المنصات في نشر ما تريد أو حجب ما تريد، وذلك حسب توجهاتها السياسية.
ثم مع نهاية العام ظهر لقاح كورونا، ومعه ظهرت كل نظريات المؤامرة. شعر الفيروس كوفيد-19 بقرب نهاياته فتحول إلى نسخة جديدة من لندن هذه المرة، أسرع فتكا وانتشاراً.
أما في مناطقنا فلم يتغير المشهد. صراعات دموية من اليمن إلى سوريا الى العراق وإيران فلبنان. حكام يقتلون شعوبهم على خطب الانتصارات القادمة. ليس هناك من أهمية للإنسان. القضية أكبر من الجميع. القائد أكبر من الجميع. تلك الصراعات الدموية سيكون لها تأثيرها الاجتماعي حتى بعد انتهائها بسنين.
يبقى الخرق الوحيد في منطقتنا متمثلا باتفاقات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل. وهذا سينعكس سلبا طبعا على لبنان الذي يتخبط في أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية على وقع صراع الطوائف والمذاهب فيه.
قد يكون 2020 هو العام الأكثر مناسبة لعقد سيكون مضطربا على كل الصعد. فالمنافسة بين أقطاب العالم لا سيما الصين والولايات المتحدة سيطبع العالم في أكثر من مكان. ثم سيشتعل النقاش بين المفكرين حول دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في حياة الناس الذي بات يعيش على وقعها.
غالبًا ما يرافق التغييرات الجذرية حول العالم اضطرابات كالتي نراها في مختلف أنحاء العالم، بين من يرفضها ومن يؤمن بجدواها حتى يستعيد الناس نوعا من التوازن، بين ما مضى وما هو موجود وما هو آت. لسوء الحظ نحن في منطقة ستكون بعيدة عن تأثيرات تلك المتغيرات على حياتنا والتي وإن وصلتنا لن تتعدى قشورها.
لكن يبقى الرجاء دائماً أن يكون مستقبل الأشياء عندنا مختلفا عما يتجه إليه.