[caption id="attachment_55244955" align="aligncenter" width="620"] الرقابة على الفيسبوك[/caption]
على أثر اجتماع عقدوه في منزل يقع على شارع كالوراما في وسط العاصمة الأميركية، خرج عدد من ممثلي أهم جمعيات المجتمع المدني وقد بدا التجهم على وجوههم. “وداعا فيس بوك” قال أحدهم، مضيفا “ من الآن فصاعدا، سنعلنها حربا على مارك زوكربرغ مؤسس وصاحب فيس بوك”.
الجمعيات المشاركة معروفة بالـ«تقدمية» وأبرزها «موف أون»، و«تقدميون متحدون»، و«كريدو»، و«ديمقراطية من أجل أميركا»، و«ديلي كوس» و«سييرا كلوب». ناشطو هذه الجمعيات هم عصب الحزب الديمقراطي، ويعزى إليهم فوز الرئيس باراك أوباما في حملتيه الرئاسيتين. ولكن لماذا قررت هذه الجمعيات مقاطعة زوكربرغ، المحسوب على الحزب الديمقراطي أصلا؟.
"فيس بوك"، موقع التواصل الاجتماعي الذي يعزى إليه الفضل الكبير في إشعال انتفاضات شعبية حول العالم منها ما عرف بـ«الربيع العربي»، رفضت إدارته إعلانا مدفوعا قدمته جمعية «كريدو» تنتقد فيه سياسة «فوروورد»، الجمعية السياسية التي أسسها زوكربرغ بالاشتراك مع كبار مديري المواقع العملاقة وأرباب ما يعرف بـ«السليكون فالي»، عاصمة صناعة التكنولوجيا الأميركية، من أمثال إريك شميدت من «غوغل»، وميريسا ماير من «ياهو»، وبيل غيتس من مايكروسوفت.
[blockquote]
«فوروورد» هي جمعية حديثة التأسيس، تسعى إلى ممارسة الضغط السياسي على الكونغرس من أجل إقرار قانون للهجرة يسمح للولايات المتحدة بتسهيل عمل وإقامة الأدمغة الوافدة إلى البلاد من حول العالم. وكان زوكربرغ شخصيا افتتح الجمعية بنشره مقالا في «واشنطن بوست» كتب فيه أن جديه عملا ساعي بريد ورجل شرطة، مما سمح بحياة أفضل لوالديه اللذين تخصصا في الطب، مما سمح له بدخول هارفارد، وهي من أعرق الجامعات في العالم، ومن ثم قام بإنشاء الموقع الأسطوري «فيس بوك».[/blockquote]
لكن بما أن زوكربرغ وجمعيته تورطا في السياسة، فهما يحاولان دعم أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين ممن يشاركون في صناعة قانون الهجرة الجديد.
قاعدة الحزب الجمهوري عموما معارضة لاستقبال أي مهاجرين جدد لاعتقادها أنهم «يسرقون فرص العمل من أمام الأميركيين»، مما يضع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في موقف حرج أمام مناصريهم ويهدد فرص إعادة انتخابهم، وتاليا تأييدهم للقانون. لكن زوكربرغ يحاول استخدام نفوذه وجمعيته من أجل دعم هؤلاء الأعضاء. عليه، قامت «فوروورد» ببث إعلانات حاولت فيها إظهار السيناتور ليندسي غراهام، مثلا، على أنه من أبرز الداعمين لقضايا الجمهوريين، مثل إنشاء أنبوب «كي إكس» للبترول بين كندا وأميركا، وهو موضوع يعارضه الديمقراطيون والجمعيات التقدمية.
هكذا، عندما وجدت «كريدو» أن زوكربرغ يدعم مواضيع تهم الجمهوريين من أجل الحصول على موافقتهم في مجلس الشيوخ حول قانون الهجرة، قامت بإنتاج إعلان خاص بها يهاجم، لا موضوع أنبوب «كي إكس» فحسب، بل زوكربرغ نفسه.
ولأن «كريدو» اعتادت على نشر إعلاناتها المدفوعة على موقع «فيس بوك»، فهي حاولت هذه المرة فعل الشيء نفسه، لكن إدارة الموقع رفضت الإعلان المعارض لزوكربرغ وسياساته، وعللت رفضها بالقول إن الإعلان «يستخدم صورة مارك، وهو يتعارض مع سياسات الموقع المنشورة سلفا».
هكذا، اندلعت الحرب بين زوكربرغ وجمعيته وموقعه من ناحية، والجمعيات التقدمية من ناحية أخرى، فقررت الأخيرة شن حملة مقاطعة ضد موقع «فيس بوك»، أولا بوقفها جميع إعلاناتها المدفوعة في الموقع، وثانيا بشنها حملات بين مناصريها لحثهم على إغلاق حساباتهم الشخصية في الموقع.
لا نتوقع أن تؤدي مقاطعتنا إلى إفلاس زوكربرغ أو (فيس بوك)، لكننا نسجل اعتراضنا على الرقابة التي يمارسونها ضد الآراء التي لا تتوافق معهم على الموقع، يقول نيك باروت أحد الناشطين المشاركين في الاجتماع لكاتب هذه السطور. ويضيف باروت "هناك خط رفيع بين (فيس بوك) الشركة التي يملكها زوكربرغ، و(فيس بوك) الموقع الاجتماعي الذي صنعه المشتركون به والذين يحق لهم التعبير عن رأيهم حتى لو لم يعجب رأيهم مارك".
أذكّر باروت بأن فضل الموقع كبير في قضايا عديدة متعلقة بحقوق الإنسان والحريات، فيجيب إما الحرية لجميع الآراء، أو أنها حرية انتقائية وصاحبة أجندة، وتاليا لا يحق لأحد وصفها بحرية رأي.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.