* رفض السودان لتمديد مفاوضات سد النهضة يسهم في إضاعة الوقت وهو ما يأتي في مصلحة الجانب الإثيوبي
* موقف السودان بالانسحاب وعدم المشاركة أدخل المفاوضات في مأزق وعلى الوفد السوداني تحديد خطوات لإخراج المفاوضات من ذلك المأزق
* الرئيس البرهان حمّل وزير الري مسؤولية ضعف موقف السودان التفاوضي وأصدر له توجيهات صارمة بتحديد الخطوات التي يلزم على السودان اتخاذها لإخراج المفاوضات من المأزق الذي أدخلها فيه
* من الضروري أن نفهم أن دعوة البرهان للتعاون مع مصر وإثيوبيا هي في حقيقتها دعوة للتعاون مع مصر لأن إثيوبيا أخذت حتى الآن «الجمل بما حمل»
* ظل الوفد السوداني في مفاوضات سد النهضة يبشر بأن السد سوف يجلب فوائد ضخمة للسودان وأن المفاوضات تسير بصورة طيبة وعندما اقتنع الشعب السوداني أو كاد، انسحب الوفد من المفاوضات زاعمًا أنها غير مجدية
* السودان لا يرى أي نتائج مثمرة حتى الآن من المفاوضات حول سد النهضة لأنه بدأ يستشعر خطر السد الإثيوبي على تشغيل سدوده وخزاناته خاصة سد الروصيرص
* المفاوض السوداني يتجاهل اتفاقية 1959مع مصر بأنه لو قلت الحصة المائية أو قامت إثيوبيا بحجز المفيض فسوف تتأثر حصة السودان كما تتأثر الحصة المصرية
القاهرة: فتح إعلان السودان رفض تمديد مفاوضات سد النهضة الإثيوبي بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) والذي جاء على لسان وزير الري السوداني ياسر عباس الذي أكد فيه أن مفاوضات سد النهضة لن تستمر إلى ما لا نهاية، وأن طلب مد المفاوضات عشرة أيام أخرى ليس له جدوى، فتح باب التساؤلات حول جدوى الإجراء السوداني، خاصة أنه يأتي مدفوعا بمخاوف من تأثيرات التصرفات الإثيوبية الأحادية على تصريفات سد النهضة وتأثيراته على تدفق المياه، وحصص السودان، إضافة إلى تأثيراته على السدود السودانية خاصة سد الروصيرص الذي سيتأثر كثيرا بسد النهضة أكثر من تأثر السد العالي بمصر، حيث إنه لا يبعد سوى حوالي 100 كيلومتر عن سد النهضة، إضافة إلى تشكيكات مستمرة بقدرة الاتحاد الأفريقي على دفع الأطراف المتفاوضة للوصول إلى حل عادل للأزمة مع اقتراب نهاية رئاسة جنوب أفريقيا للاتحاد وانتقالها إلى دولة الكونغو.
الإعلان السوداني بوقف تمديد المفاوضات جاء مؤكدا على أن السودان لا يهدف إلى تجميد المفاوضات، ولكنه يسعى إلى الحل، وأنه لا زال متمسكا بوساطة الاتحاد الأفريقي، لكن بشرط تغيير منهجية التفاوض، وإصراره على عدم استكمال المفاوضات في ظل عدم وجود الخبراء، كي لا يكون التفاوض في دائرة مغلقة، ولأن الإعلان السوداني يعد إخفاقا جديدا، في طريق الوصول إلى حل للأزمة التي استمرت إلى ما يقرب من عشر سنوات.
«المجلة»من جانبها استطلعت آراء بعض الخبراء والمتخصصين، لتسليط الضوء على الإجراء السوداني، وهل يمكن لهذا الإجراء أن يخلق واقعا جديدا يساهم في حل الأزمة، أم إنه سوف يدفعها لمزيد من التعقيد، في ظل المعطيات الجديدة في الداخل الإثيوبي والتي كان أبرزها النزاع المسلح في إقليم تيغراي الإثيوبي، والأزمة المالية الإثيوبية الخانقة، ونهاية ولاية جنوب أفريقيا لرئاسة الاتحاد الأفريقي الذي لم يقدم حتى الآن أي مؤشرات إيجابية ملموسة في إطار الوصول إلى حل؟ وسط أنباء «تم نفيها»عن قيام الجانب الإثيوبي بفتح بوابات السد لتصريف المياه الزائدة عن 5 مليارات متر مكعب، وتجفيف القطاع الأوسط للسد كي تتمكن من تعليته لحجز المزيد من المياه خلال الفيضان القادم، ما ينذر بتعقيدات أكبر للأزمة.
المفاوضات تدخل في مأزق
من جهته، قال عضو السودان السابق باللجنة الدولية لمفاوضات سد النهضة، الدكتور أحمد المفتي، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: الوفد السوداني أدخل المفاوضات الخاصة بأزمة سد النهضة الإثيوبي في مأزق، حيث نرى أن بيان مجلس السيادة الانتقالي السوداني والذي صدر في السادس والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قد طالب وزير الري والموارد المائية بتحديد الخطوات التي يلزم أن يتخذها السودان لإخراج المفاوضات من مأزقها الحالي، وضرورة حشد وتعبئة الدعم الوطني للموقف السوداني، والمطالبة بالتعاون الإيجابي بين السودان ومصر وإثيوبيا، لذا فنحن نرى أن موقف السودان بالانسحاب وعدم المشاركة أدخل المفاوضات في مأزق وعلى الوفد السوداني تحديد خطوات لإخراج المفاوضات من ذلك الموقف الذي وصفناه بأن الوفد السوداني يحكم الخناق على نفسه بصورة لم يسبق لها مثيل، كما أنه لا يوجد دعم وطني لموقف الوفد السوداني المفاوض، لأن الوفد يصر على موقفه منذ عام 2011، وحتى الآن على الرغم من أن وزير الري قد صرح في أغسطس (آب) الماضي أنه لا يوجد توافق على مجمل النقاط بعد أكثر من 8 سنوات من التفاوض، ما يؤكد أن التفاوض كان عبثيا، فكيف يحظى موقف الوفد بدعم وطني، كما أن انسحاب السودان، وعدم مشاركته في المفاوضات بسبب ضعيف، وغير منطقي، وهو عدم اتباع نهج جديد يعطي خبراء الاتحاد الأفريقي دورا أكبر في التوفيق بين الدول الثلاث، والذي رفضته مصر وإثيوبيا، يعد عدم تعاون مع مصر وإثيوبيا، كما أنه لو كان انسحاب السودان وعدم مشاركته في المفاوضات بسبب رفض إثيوبيا بأن يكون الاتفاق ملزما، ولأنها ترفض وقف أنشطتها في سد النهضة إلى حين الوصول إلى اتفاق ملزم، لوجد ذلك الموقف الدعم من مصر، والاتحاد الأفريقي، ومجلس الأمن الدولي، والرأي العام الوطني، لأن تلك المطالب مشروعة، ومنطقية، وهي الحل الوحيد في اعتقادنا للمأزق الحالي، ولكن هل يستجيب الوفد السوداني المفاوض لذلك المقترح؟ نتمنى ذلك، ولكن الاحتمال ضعيف، لأننا سبق أن نصحناه بذلك عشرات المرات قبل أن تدخل المفاوضات في المأزق الحالي، وفي اعتقادنا أن الرئيس البرهان قد حمل وزير الري مسؤولية ضعف موقف السودان التفاوضي وأصدر له توجيهات صارمة، وطلب منه اتخاذ عدة خطوات أهمها، تحديد الخطوات التي يلزم على السودان اتخاذها لإخراج المفاوضات من المأزق الذي أدخلها فيه، بالانسحاب وعدم المشاركة في المفاوضات، وحشد وتعبئة الدعم الوطني للموقف السوداني والتعاون الإيجابي مع مصر، وإثيوبيا.
واضاف المفتي: مع أنني أثمن موقف الرئيس البرهان، إلا أنني أعتقد أنه لو كان في جعبة وزير الري السوداني ما يخرج المفاوضات من المأزق الحالي لما أدخلها فيه ابتداء، كما أنه لا يمكن حشد الدعم الوطني لموقف وزير الري التفاوضي بعدما أدخل المفاوضات في المأزق الحالي، كما أنه من الضروري أن نفهم أن دعوة البرهان للتعاون مع مصر وإثيوبيا هي في حقيقتها دعوة للتعاون مع مصر، لأن إثيوبيا أخذت حتى الآن «الجمل بما حمل»حيث إنها كادت أن تكمل تشييد السد بإرادتها المنفردة، ونفذت الملء الأول أيضا بإرادتها المنفردة، وأعلنت أنها ستبدأ في الملء الثاني في يوليو (تموز) 2021، وكل ذلك يؤكد أنها ليست في حاجة للتعاون مع أحد.
وقال المفتي: ظل الوفد السوداني في مفاوضات سد النهضة، ومؤيدوه يبشرون بأن السد سوف يجلب فوائد ضخمة للسودان، وأن المفاوضات تسير بصورة طيبة، وعندما اقتنع الشعب السوداني بذلك، أو كاد يقتنع، انسحب الوفد من المفاوضات زاعما أنها غير مجدية، وهو الأمر الذي توصلنا إليه في العام 2011، حين وصفنا المفاوضات بأنها «عبثية»، كما أن التوافق الوطني وإخراج المفاوضات من المأزق الحالي، والتوافق مع مصر وإثيوبيا لا يكون بتكرار نفس مواقف الوفد السوداني التي تسببت في كل ذلك العنت. ولا شك أن التوجيهات التي أعطيت للوفد المفاوض لا يمكن الوفاء بها من خلال حوار الحكومة مع نفسها مثلما حدث في لقاء تلفزيوني في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، والذي كان يهدف إلى تشكيل رأي وطني موحد حول سد النهضة، وتحديد خطوات لإخراج المفاوضات من المأزق الحالي والتوافق مع مصر وإثيوبيا، كما أنه لا يمكن الوفاء بها أيضا مع تكرار مواقف الحكومة التي تسببت في عدم وجود توافق وطني وأدخلت المفاوضات في مأزق وتسببت في عدم التوافق بين الدول الثلاث في آخر جولة من المفاوضات، ونعتقد أن المواجهة الموضوعية المباشرة مع من يحملون رأيا مغايرا لرأي الوفد المفاوض هي الحل، وليس حوار الحكومة مع نفسها، وذلك من أجل الوصول إلى توافق وطني يخرج المفاوضات من المأزق الحالي، ويؤدي إلى توافق مع مصر وإثيوبيا، أما حوار الحكومة مع نفسها فإنه لن يغير الحال، لأن الوقت يمضي بسرعة نحو القنبلة المائية.
شعور بالخطر
فيما قال الكاتب الصحافي والمحلل السياسي السوداني، خالد هاشم خلف الله، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: السودان لا يرى أي نتائج مثمرة حتى الآن من المفاوضات حول سد النهضة، لأنه بدأ يستشعر خطر السد الإثيوبي على تشغيل سدوده، وخزاناته، خاصة سد الروصيرص الذي لا يبعد سوى 100 كيلومتر من سد النهضة الإثيوبي، وهو ما أكده وزير الري السوداني ياسر عباس خلال تصريحات له قال فيها، إن سد الروصيرص لا يمكن تشغيله دون تبادل معلومات يومي مع سد النهضة وإثيوبيا لا تريد أن توقع على أي اتفاق يكون ملزما لها خاصة فيما يتصل بتشغيل سد النهضة، وأعتقد أن السودان وصل لقناعة مفادها أن إثيوبيا تريد كسب الزمن، وأن تظل تشارك في مفاوضات لا تفضي لشيء، لتضع السودان، ومصر أمام الأمر الواقع، وللأسف فإن الوضع السياسي السائد حاليا في السودان يفرغ أيدي السودان من كروت ضغط يمكن أن تشهرها في وجه إثيوبيا، لكن إلحاح الجانب الفني من الوفد السوداني المشارك في المفاوضات حول سد النهضة ربما يدفع القيادة السياسية للتشدد مع إثيوبيا لتقديم تنازلات تتعلق بسد النهضة، خاصة مع اندلاع النزاع في إقليم تيغراي الإثيوبي المتاخم للسودان، ولجوء أكثر من 50 ألف إثيوبي أغلبهم من قومية التيغراي للسودان مؤخرا بسبب هذا النزاع، كما بدت مؤشرات عدم استقرار في إقليم بني شنقول الإثيوبي، والذي شيد على أرضه سد النهضة، وهو تاريخيا كان جزء من السودان وكثير من سكانه ما زالوا يحتفظون بأواصرهم مع السودان، لذا يمكن للسودان بحكم مجاورته لمناطق التوتر الإثيوبية في إقليمي تيغراي، وبني شنقول، أن يمارس ضغوطا على الجانب الإثيوبي تدفعه لتقديم تنازلات في ملف سد النهضة.
تجاهل السودان اتفاقية عام 1959
من جانبه، قال وزير الري المصري السابق الدكتور محمد نصر علام في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: رفض السودان لتمديد مفاوضات سد النهضة، يسهم في إضاعة الوقت، وهو ما يأتي في مصلحة الجانب الإثيوبي فيما لا يتضح الموقف المصري من هذه الجزئية حتى الآن، فالأمور مجمدة، وليس هناك أي تقدم، والوقت يضيع، ومن الوارد أن تقوم إثيوبيا بتجفيف القطاع الأوسط من السد، وتعليته بما يمكنها من تخزين كميات إضافية جديدة في بحيرة السد خلال الفيضان القادم.
وأضاف علام: انتقدت منذ أيام موقف وزير الري السوداني، ولكن في نفس الوقت لا أرى أي موقف مصري رسمي بهذا الخصوص، خاصة أن ولاية دولة جنوب أفريقيا في رئاسة الاتحاد الأفريقي، الذي يقوم بدور الوساطة بين الأطراف الثلاثة (إثيوبيا، والسودان، ومصر) سوف تنتهي بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي في ظل أمور غير واضحة، والأمر ليس جيدا، سواء الموقف السوداني الذي يساعد إثيوبيا على استهلاك الوقت. ويقوم السودان بتبرير موقفه بأن اثيوبيا تتعنت في طلباتها، وأن المفاوضات بهذا الشكل لن تنتهي، ويتجاهل المفاوض السوداني اتفاقية 1959مع مصر، وأنه لو قلت الحصة المائية، أو قامت إثيوبيا بحجز المفيض، فسوف تتأثر حصة السودان كما تتأثر الحصة المصرية، وهو يتجاهل هذا الأمر تماما، ويبحث فقط عن تصرفات سد النهضة، وتأثيرها على السدود السودانية، ويلخص الموضوع بأنه لا علاقة له بأية كمية من المياه تأخذها إثيوبيا، وأن قضيته فقط تتمثل في تصرفات سد النهضة وتأثيراتها على السدود السودانية، على الرغم من أن اتفاقية 1959 تربط بشكل كبير بين أي تأثير على الحصة، أو تدفق مياه نهر النيل، وتقسيم النقص مناصفة على الدولتين، ومن المفترض أن يهتم السودان بنقص الحصة، ولكنه لا يهتم بهذه الأمور، وفي نفس الوقت يفاوض في الأشياء التي تطلبها مصر من الجانب الإثيوبي، وفي النهاية يمكن القول إن الإجراء السوداني برفض تمديد المفاوضات لا يدعم سوى الجانب الإثيوبي، وهذه الأمور يجب أن تكون واضحة تماما.
مطالب بتغيير آلية التفاوض
من جانبه، قال أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة الدكتور عباس الشراقي في تصريحات خاصة لـ«المجلة»: السودان خلال الاجتماعات السابقة الخاصة بمفاوضات سد النهضة طالب بتغيير طريقة التفاوض، وإلا فلن نصل إلى نتيجة، وطالب بوجود جدول زمني للمفاوضات، وأن يكون هناك دور للمراقبين بحيث يمكنهم وضع المقترحات والوصول إلى حلول وسط، وفي الحقيقة هذه الطلبات كانت مصرية أيضا، ولكن السودان كان قد عرض أن يكون المراقبون فقط من الاتحاد الأفريقي، وهو ما رفضته مصر، وإثيوبيا، حيث إن المراقبين الأحد عشر المشاركين في مراقبة المفاوضات يتبعون الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، والولايات المتحدة الأميركية، فلماذا نقوم بتفعيل دور مراقبي الاتحاد الأفريقي فقط، على الرغم من وجود كفاءات كبيرة في بقية المراقبين، وما حدث بعد ذلك من توترات في الداخل الإثيوبي عرقل إتمام المفاوضات، ولا أعتقد أن السودان يرفض التفاوض، ولكنه يطالب بتغييرات على آلية التفاوض، خاصة مع ما يبديه الجانب الإثيوبي من التعنت حيث طلب في مرحلة سابقة عدم منح المراقبين فرصة التحدث وإبداء الرأي إلا إذا طلب منهم، إضافة إلى استبعاد وزراء الخارجية، وأن تقتصر اللقاءات فقط على وزراء الري، وذلك لتفادي ما حدث في واشنطن من أن يصبح المراقبون وسطاء، وكانت جميع هذه الأشياء سلبية تشير إلى أن مصير المفاوضات هو الفشل، والرفض السوداني لتمديد المفاوضات ليس رفضا نهائيا، ولكنه من وجهة نظر سودانية يهدف إلى الضغط للوصول إلى صيغ للتفاهم، وذلك في ظل تجميد الوضع الحالي من وقف الاجتماعات خاصة وأن رئاسة جنوب أفريقيا للاتحاد الأفريقي سوف تنتهي بنهاية هذا الشهر، وتولي الكونغو رئاسة الاتحاد، وأنا أطالب المفاوض المصري بعدم الارتكان إلى الاتحاد الأفريقي الذي ثبت فشله في المفاوضات، والاتجاه إلى مجلس الأمن الدولي، والذي قد يسهم في جدية المفاوضات.
وقال الشراقي: لا تزال المياه تتدفق من القطاع الأوسط لسد النهضة وليس هناك دليل على فتح البوابات الأربع في السد لتجفيف القطاع الأوسط وتعليته وحجز المزيد من المياه، كما أشيع خلال الأيام الماضية، والسودان طرف مهم في المفاوضات، ولو أن موقفه منذ البداية كان متقاربا مع الموقف المصري لكان قد شكل ضغطا على المفاوض الإثيوبي، ولكنه لم يتقارب مع الموقف المصري إلا مؤخرا، عندما أيقن أن هناك مخاطر حقيقية على السودان من سد النهضة، وضرورة الوصول إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا، التي ترفض حتى الآن القبول بأي اتفاق ملزم، وأضاف، أن إثيوبيا كان من المفترض أن تقوم بفتح البوابات منذ شهر تقريبا، وصرف المياه الزائدة عن 5 مليارات متر مكعب أمام السد لتجفيف الجزء الأوسط، وتعليته لحجز مياه إضافية في الفيضان القادم، ولكن لم تتم هذه الخطوة حتى الآن، لعدة أسباب أهمها، الحرب الداخلية في إقليم تيغراي الإثيوبي، وردود الفعل المصرية، والتحركات الأخيرة التي كان أهمها إجراء مناورات عسكرية مع السودان، وزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لجنوب السودان، كانت رسائل مهمة موجهة إلى الجانب الإثيوبي، إضافة إلى الموقف الاقتصادي السيئ في إثيوبيا. كل هذه العوامل أدت إلى تباطؤ العمل في سد النهضة خاصة في الجزء الأوسط وهو ما يهمنا، حيث إنه إذا تم تجفيفه وتعليته فهذا يعني اعتزامه حجز المياه خلال الصيف القادم، ولكن هذه الخطوة لم تتم حتى الآن، وهناك مطالب مصرية بعدم تعلية الجزء الأوسط دون اتفاق، لأن تعليته تعني حجز المياه بشكل إجباري، ولا بد من منعه من التعلية، بأي شكل حتى الوصول إلى اتفاق، لأن ذلك يعني حجز 18 مليار متر مكعب إضافية، وأمام إثيوبيا 6 أشهر يمكنها خلال هذه الفترة تعلية القطاع الأوسط من السد.