بعد وفاة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر الأسبوع الماضي عن 87 عاما، أعلن محبوها اعتزامهم إنشاء مكتبة تذكارية لتخليد ذكراها، وتستوحي المكتبة ملامحها من "مؤسسة ومكتبة رونالد ريغان"الرئاسية في كاليفورنيا، التي تعد في المقام الأول مركز بحث، ولكنها أيضا متحف ومنشأة تعليمية.
وقال محبو ثاتشر: "زوار المتحف الخاص برئيسة الوزراء البريطانية السابقة سيتمكنون من التعرف على أعمالها، ورؤية مختارات من حقائب اليد والملابس الخاصة بها". وتقدر تكلفة المشروع، الذي ستموله المجموعة، بنحو 15 مليون جنيه إسترليني (23 مليون دولار). وقال رئيس المجموعة، رونالد بلاني: "إن ثاتشر كانت على دراية بهذه الخطط قبل وفاتها".وتوفيت ثاتشر في الثامن من أبريل (نيسان) 2013 إثر إصابتها بسكتة دماغية، ودفنت الأربعاء 17 أبريل بعد موكب جنائزي رسمي مهيب.
اشتهرت رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر بالعناد والأسلوب الهجومي، واتخذت قرارات جريئة أثناء توليها رئاسة الوزراء؛ أبرزها القضاء على النقابات، ومواجهة الجيش الجمهوري الآيرلندي، والدفاع عن مصالح بريطانيا في أوروبا، وانتقاداتها الدائمة للاتحاد السوفياتي المنهار، وانتهاء بدخولها في نزاع مسلح مع الأرجنتين للاحتفاظ بالسيطرة على جزر فوكلاند أو مالبيناس. واكتسبت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة لقب "المرأة الحديدية" من إرادتها القوية وتصميمها، وهو اللقب الذي تناقلته وسائل الإعلام السوفياتية نظرا لمعاداة ثاتشر العنيفة للفكر الشيوعي.
سيرة ومسيرة
ولدت مارغريت ثاتشر باسم مارغريت هيلدا روبرتس في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1925، وتلقت تعليمها في كلية سامرفيل بجامعة أكسفورد، وتخرجت في تخصص الكيمياء عام 1947، وفازت بمقعد في البرلمان البريطاني عام 1950، وفي 13 ديسمبر (كانون الأول) 1951 تزوجت مارغريت ثاتشر من دينيس ثاتشر (1915 - 2003)، وأنجبا في 15 أغسطس (آب) 1953 توأمين هما: كارول ثاتشر (ولدت 1953. صحافية وإعلامية، ومؤلفة كتاب: «Below the Parapet: The Biography of Denis Thatcher»، ومارك ثاتشر.
وفازت مارغريت ثاتشر بمقعد الحزب المحافظ في شمال لندن عام 1959، لتصبح عضوا بمجلس العموم، ثم عملت بمنصب مساعدة برلمانية في وزارة معاشات التقاعد والتأمين الوطني في الفترة ما بين عامي 1961 و1964، وكانت المتحدثة الرسمية باسم المعارضة في مجال التعليم منذ عام 1969 إلى عام 1970.
[caption id="attachment_55244366" align="alignleft" width="300"] تولت ثاتشر رئاسة الوزراء خلال الفترة 1979 - 1990[/caption]
وتولت رئيسة الوزراء الراحلة منصب وزيرة للدولة للتعليم والعلوم خلال الحكومة المحافظة لرئيس الوزراء إدوارد هيث عام 1970 وحتى عام 1974، وانتخبت عام 1975 لقيادة الحزب المحافظ، وخلال خطاب لها عام 1976 انتقدت الشيوعية مما دفع بالاتحاد السوفياتي إلى إعطائها لقب "المرأة الحديدية".
وقادت تاتشر الحزب المحافظ بعد نجاحها في تولي منصب رئاسة الوزراء في 4 مايو (أيار) عام 1979. وبذلك كانت أول امرأة بريطانية تتسلم هذا المنصب، ومدة حكمها هي الأطول منذ عهد روبرت جنكنسون، الذي انتهى عهده عام 1827، وبعد فوزها برئاسة الوزراء على حساب حزب العمال في الانتخابات العامة، شددت أول حكومة لثاتشر (1979 - 1983) من سياستها النقدية، وسمحت بارتفاع معدل البطالة، وألغت الرقابة على الأسعار.
وفي سنة 1982 احتلت القوات الأرجنتينية جزر فوكلاند التي تخضع للإدارة البريطانية والواقعة في جنوب المحيط الأطلسي، وذلك بعد خلاف طويل بين بريطانيا والأرجنتين حول السيادة على هذه الجزر. وتبعا لذلك، أرسلت ثاتشر قواتها لاستعادة تلك الجزر، وقد استسلمت القيادة الأرجنتينية هناك في يونيو (حزيران) 1982 بعد إصابة الجانبين بخسائر كبيرة.
وبعد دورها الكبير في استعادة بريطانيا جزر فوكلاند من الأرجنتين عام 1982 أعيد انتخابها لمنصب رئاسة الوزراء عام 1983.
وفي عام 1984 نجت المرأة الحديدية من تفجير تسبب فيه الجيش الجمهوري الآيرلندي، خلال إقامتها بفندق احتضن الحفل السنوي للحزب المحافظ.
وفي سنة 1985 تخلى عمال المناجم في البلاد عن إضراب استمر عاما كاملا بعد أن رفضت ثاتشر تعديل برامج مجلس الفحم الحجري القومي الخاصة بإغلاق المناجم.
وفي نهاية عام 1985 وقَعت حكومة ثاتشر معاهدة مع الصين تعهدت بموجبها الحكومة الصينية بالمحافظة على الاقتصاد الرأسمالي للمستعمرة البريطانية هونغ كونغ لمدة خمسين عاما بعد عودتها للسيادة الصينية سنة 1997.
[blockquote]بدأت حكومة ثاتشر عام 1987 - فيما عرف بسياسة الخصخصة أو التخصيص - ببيع شركات طيران واتصالات وشركات صناعة النفط والغاز وبناء السفن، وأدت القوانين إلى الحد من قوة نقابات العمال، بينما كانت أرباح الشركات في ازدياد مستمر. وفي ذلك العام 1987 أيضا ضمنت ثاتشر الفوز في الانتخابات العامة، وأصبحت بذلك أول قائد سياسي بريطاني يكسب ثلاثة انتخابات وطنية متتالية، وقامت ثاتشر برسم سياسة لجمع الضرائب، التي لم تلق إعجابا من الشعب البريطاني، الذي خرج إلى الشارع للاعتراض على قرارات ثاتشر. وفي سنة 1990 ازدادت المعارضة لزعامة ثاتشر، مما دفع الحزب المحافظ للتخلي عن ثاتشر خوفا من أن يسقط بسببها، وأجبرت عام 1990 على الاستقالة من منصب رئاسة الوزراء بعد جدال مع حزبها.[/blockquote]
وتم انتخاب جون ميجور خلفا لها، وظلت ثاتشر بمجلس العموم حتى سنة 1992، وفي العام نفسه منحت لقب "البارونة"، وأصبحت عضوا بمجلس اللوردات.
ومنح الرئيس الأميركي السابق جورج بوش مارغريت ثاتشر وسام الحرية عام 1991، واندرج اسمها في لائحة أعضاء الشرف للعائلة المالكة البريطانية عام 1992، وفي العام ذاته حلفت اليمين لتصبح البارونة تاتشر لمقاطعة كيستيفين. وأصدرت عام 1995 سيرة حياتها في كتاب "The Path To Power"، أي الطريق إلى القوة.
وفي عام 2002 تقاعدت من الخدمة في الحياة العامة لأسباب صحية، وذهبت ثاتشر عام 2004 لحضور مراسم تشييع جثمان الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، وكانت صديقة مقربة له. وتعرضت ثاتشر بعد ذلك للإصابة بعدة جلطات دماغية، وأكدت كارول ابنة ثاتشر عام 2005 إصابة والدتها بالخرف المزمن، الذي شخصت إصابتها به منذ عام 2000.
وبعد صراع طويل مع المرض استمر نحو عشر سنوات، توفيت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت ثاتشر في لندن يوم 8 أبريل 2013 عن عمر يناهز 87 عاما إثر إصابتها بسكتة دماغية، بحسب ما أعلن المتحدث باسمها.