* السودان مدين بتعويضات عقابية لضحايا التفجير المزدوج المروع في السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا عام 1998* تستعد الحكومة الأميركية لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بناءً على اتفاقية تطالب الخرطوم بدفع 335 مليون دولار لضحايا الهجمات الإرهابية الأميركيينواشنطن: يوم الاثنين، غرد الرئيس دونالد ترامب في
«تويتر
» بأن حكومة السودان وافقت على دفع تعويضات لضحايا الإرهاب حسب أحكام سابقة من محاكم أميركية، وكانت وصلت إلى المحكمة العليا (التي تفسر الدستور). وبالتالي، سيرفع ترامب اسم السودان من قائمة الإرهاب التي وضع فيها في منتصف تسعينات القرن الماضي، بسبب سياسات النظام العسكري الإسلامي الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.
لكن، حسب القوانين الأميركية، لا تكفي تغريدة ترامب. لا بد من أمر جمهوري. ولا بد من موافقة الكونغرس.
رغم توقع أن لا يعارض كل الكونغرس، عارض عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي (مثل السيناتور تشاك شومر).
هذان رأيان متعارضان عن الموضوع
في جانب، أديث بارتلى، المتحدثة باسم عائلات الأميركيين الذين قتلوا في هجمات السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، عام 1998. قالت إن السودان يجب أن يدفع تعويضات
«كافية
» (على غرار تعويضات ليبيا عام 2008: مليار ونصف المليار دولار).
في الجانب الآخر، قالت ربيكا هاملتون، أستاذة القانون في الجامعة الأميركية في واشنطن، إن السودان لم يلعب أي دور في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. ولا يجب الخلط بين هذه وبين هجمات كينيا وأوغندا عام 1998.
أديث بارتلي: التعويضات أولا
عندما أقرت المحكمة العليا أن السودان مدين بتعويضات عقابية لضحايا التفجير المزدوج المروع في السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا عام 1998، مثّل ذلك فوزا تاريخيا للمحكمة، وخطوة كبيرة أخرى في النضال الطويل للضحايا وعائلاتهم لضمان تقديم الحكومات التي تدعم الإرهاب ضد الأميركيين إلى العدالة.
يأتي هذا في الوقت الذي تقترب فيه إدارة ترامب من وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية تسوية دبلوماسية مع السودان لحل جميع مطالبات الذين، مثلنا، طاردوا الحكومة السودانية في المحاكم منذ فترة طويلة، لأنها كانت وفرت الملاذ الآمن، والدعم، لإرهابيي القاعدة الذين نفذوا الهجومين...
يظل البحث عن العدالة موضوعا شخصيا بالنسبة لي. كان والدي، جوليان بارتلي، أول قنصل عام أميركي من أصل أفريقي يخدم بلادنا في كينيا. كان دبلوماسيًا محترمًا للغاية. وكان أخي الأصغر، جوليان بارتلي جونيور، طالبًا جامعيًا، ومتدربًا صيفيًا، في سفارة كينيا.
حتى تم قتل الاثنين في الهجوم الإرهابي.
كانت هذه خسارة لا يمكن تصورها بالنسبة لي، ولوالدتي، حيث كان أبي وأخي نصف عائلتي المباشرة...
أنا أتحدث بصفتي ممثلة لعائلات 12 أميركيًا قُتلوا في هذا الهجوم. أتحدث علنًا لدعم جهود الإدارة الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة السودانية الجديدة لحل مطالب جميع من تأثروا؛ الأميركيين، والتنزانيين، والأميركيين الكينيين.
منذ البداية، دافعنا في الكونغرس، وفي المحاكم، عن الدبلوماسيين، وموظفي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وغيرهم من موظفي السفارة الذين يستحقون دعم وطننا عندما يتعرضون للقتل، أو الإصابة، أثناء أداء واجبهم.
أثبتنا في المحاكم أن نظام عمر البشير في السودان، ونظام الخمينيين في إيران، دعما إرهابيي
«القاعدة
» الذين نفذوا الهجوم. وبالتالي كانا مسؤولين قانونيا عن هذه الأعمال الإرهابية المشينة.
ثم جاء قرار المحكمة العليا، وتوج جهودنا...
في نفس الوقت، بينما كنا نحارب حكومة السودان في المحاكم، أصدر الكونغرس قانون
«صندوق ضحايا الإرهاب الذي ترعاه الدولة
»، وساهم هذا الصندوق، الذي تديره وزارة العدل، في تقديم بعض التعويضات. ونحن ممتنون جدًا لدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في الكونغرس...
وفي نفس الوقت، بطريقة مستقلة عن الصندوق، وبطريقة مستقلة عن المحاكم، وبتشجيع من وزارة الخارجية، تعاملنا مباشرة مع حكومة السودان لضمان تنفيذ الالتزامات القانونية والأخلاقية تجاه الضحايا. ظللنا نفعل ذلك لسنوات طويلة.
لكن، أسفًا، فشلنا في الوصول إلى أي اتفاق مع نظام البشير السابق...
الآن، بعد الإطاحة بالبشير في ثورة السودان السلمية في العام الماضي، حققت وزارة الخارجية تقدمًا كبيرًا في إقناع حكومة السودان الجديدة بحل لهذه المشكلة. ونشهد أن هذه الحكومة أبدت استعدادها للابتعاد عن السلوك الإرهابي للحكومة التي سبقتها...
لكن، لسوء الحظ، لن يكون التعويض المقترح في الاتفاق الدبلوماسي لوزارة الخارجية مع حكومة السودان قريبًا مما أقرته المحاكم.
نقول ذلك، ونحن نعرف أنه لا يمكن تعويض أي شخص بشكل كافٍ عن فقدان شخص قريب داخل العائلة.
في كل الحالات، نحن نرى أن هذا أمر مخيب للآمال. ونظل نريد ان تخطو وزارة الخارجية مع السودان على خطى الاتفاق مع حكومة ليبيا، عام 2008 (جملة التعويضات: مليار ونصف المليار دولار).
ريبيكا هاملتون: حكومة الثورة ليست مسؤولة
تستعد الحكومة الأميركية لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بناءً على اتفاقية تطالب الخرطوم بدفع 335 مليون دولار لضحايا الهجمات الإرهابية الأميركيين. حسب الصفقة، تكون حكومة السودان الجديدة أوفت بواحد من الشروط. مع وضع اعتبار أن هذه الحكومة جاءت بعد
«تغيير أساسي
» في حكم السودان. وبعد العمل الشجاع الذي قام به الشعب السوداني للإطاحة بحكم دكتاتوري استمر 30 عامًا...
لكن هذا الإنجاز الذي تم تحقيقه بشق الأنفس قد يبدده زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز إي شومر (ديمقراطي من نيويورك) والسيناتور روبرت منينديز (ديمقراطي من نيويورك)، حيث يعارضان الصفقة وهما يعتقدان اعتقادا خاطئا بأن قفل ملف الإرهاب السوداني سيكون على حساب عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001...
وفي عهد الحكومة الإسلامية بقيادة عمر البشير، صار السودان منبوذًا دوليًا. ارتكبت الحكومة إبادة جماعية ضد شعبها. واستخدمت موارد الدولة لتهجير واغتصاب وقتل الملايين. واستضافت أسامة بن لادن لمدة خمس سنوات بعد طرده من السعودية عام 1991. وكان هذا من أسباب تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.
وفي العام الماضي، تمكن الشعب السوداني أخيرًا من الإطاحة بالبشير. وفي غضون أشهر، أوقفت الحكومة الجديدة التعذيب، وأنهت الجلد العلني للنساء بسبب انتهاكات مزعومة لقواعد اللباس الإسلامي. وقدمت قوانين جديدة لدعم حرية الصحافة، والمواطنة المتساوية...
كانت سرعة التغيير مذهلة. ومصدر فخر للسودانيين. وفعلا، أخبرني بعض الذين فقدوا أفراد عائلاتهم كيف أنهم تمكنوا، أخيرًا، من رفع رؤوسهم عالياً بعد سنوات من نظام يحتقرونه كثيرا...
لكن، لا تساعد هذه التغييرات الناس على إطعام عائلاتهم. وذلك لأن الاقتصاد منهار جدا، بسبب فساد وسوء إدارة النظام السابق.
الآن، تحتاج الحكومة الجديدة إلى قروض بمليارات الدولارات. لكن، في البداية، لا بد من توفير 335 مليون دولار لتعويض ضحايا الهجوم الإرهابي على السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، عام 1998.. وبعد أن وافقت بالفعل على دفع 70 مليون دولار لضحايا هجوم
«القاعدة
» على المدمرة الأميركية
«كول
»، عام 2000.
نعم، تأخر التعويض كثيرا. أمضى ضحايا هذه الهجمات عقدين من الزمن في السعي لتحقيق العدالة من خلال المحاكم الأميركية.
وعندما رفض المسؤولون السودانيون المثول أمام محاكم أميركية، اتبع محامو عائلات الضحايا أحكامًا افتراضية. وبدأوا في تكوين سجل يربط بين دعم السودان لأسامة بن لادن وهجمات القاعدة على المدمرة الأميركية كول. وقبل ذلك، على السفارتين في كينيا وتنزانيا...
نعم، لا بد من هذا الشرط لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. لكن، يقول السودانيون العاديون إنهم لا يفهمون لماذا لم ترفع الحكومة الأميركية وطنهم، فورا، وفي الحال، من قائمة الإرهاب بعد سقوط نظام البشير الفاسد والمجرم...
في البداية، شجعتهم أخبار بأن الكونغرس سيصدر قانونا يدعم شطب السودان من القائمة. لكن، تبددت آمالهم عندما عارض الصفقة محامو عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001.
قال هؤلاء المحامون إن العائلات غاضبة لأن الصفقة ليس فيها ما يفيدها. ولأنها تمنع العائلات من مقاضاة حكومة السودان في المستقبل لصلة السودان، في عهد البشير، بهجمات 11 سبتمبر عام 2001...
نعم، صار تعويض عائلات هجمات 11 سبتمبر موضوعا وطنيا وتاريخيا حساسا. لا أحد يريد إغضاب هؤلاء، بعد أن عانوا ما عانوا.
لهذا، قال السيناتور منينديز إنه سيعارض رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب حتى يتأكد من أن عائلات ضحايا الهجمات
«لن تفقد حق رفع الأذى عنها
».
لكن، هذا خطأ تاريخي
لم يكن السودان مدرجاً في قضايا تعويضات هجمات 11 سبتمبر. رغم إشارات عن دور إرهابيين في هجمات إرهابية سابقة. ولا توجد أدلة تربط السودان بهجمات 11 سبتمبر...