* تبقى المراكز الدينية والثقافية متغيرات مهمة لاختراق المجتمع والتأثير بعمق في هوية أفراده ومحددات انتماءاتهم السياسية والآيديولوجية
* إخفاء الأهداف الحقيقية للمراكز الشيعية- كونها مجرد منظمات للعمل المدني- يفوق الخطر الذي تشكله المجموعات المسلحة لإيران مثل حزب الله وغيره
* كشف تقرير الاستخبارات الألمانية يوم 10 يوليو (تموز) 2020، عن أنشطة الاستخبارات الإيرانية داخل ألمانيا، أنها متورطة بالتجسس ضد معابد يهودية وغيرها
* تحاول إيران ربط الشيعة من جنسيات مختلفة بنفسها، ونشر القيم الاجتماعية والسياسية والدينية الأساسية للدولة الإيرانية في أوروبا»
* عدد المسلمين في ألمانيا حوالي 4.7 مليون نسمة، طبقًا لإحصائيات وزارة الداخلية، يشكل معتنقو المذهب السني منهم الأغلبية بنسبة 75 %، بينما يمثل الشيعة حوالي 7 %، والعلويون 13 %
* تشير الإحصائية الصادرة عن وزارة الداخلية في 13 يوليو (تموز) 2020 حول أعداد المتطرفين واتجاهاتهم في 2019 إلى عدم تناقص أعداد العناصر المنتمية لحزب الله وبقائها عند 1.050 بين عامي 2018 و2019
* مع تفعيل السلطات للحزب كجماعة إرهابية في 30 أبريل (نيسان) 2020 يفترض أن تتناقص عناصره، فهل ستستطيع الدولة تقويض هذا التغلغل الإيراني بنسيج المجتمع أم ستُبقي العناصر على انتشارها كحزب التحرير الذي يتزايد أعضاؤه رغم حظر أنشطته بالبلاد؟
* تبلغ الخطورة مستوياتها القصوى في استخدام المراكز كمخازن للأسلحة، فالمتداول حول عثور أجهزة الأمن على كميات من الذخائر داخل مركز الزهراء عند تفتيشه يشكل إزعاجاً للأمن القومي بفرنسا
بون: تمثل المراكز الشيعية في ألمانيا امتدادًا للنفوذ الإيراني بالبلاد، فعلى الرغم من انتشار عناصر الحرس الثوري وما ينبثق عنه كفيلق القدس إلى جانب حزب الله كأحد أطر التوغل الاستراتيجي والاستخباري، تبقى المراكز الدينية والثقافية متغيرات مهمة لاختراق المجتمع والتأثير بعمق في هوية أفراده ومحددات انتماءاتهم السياسية والآيديولوجية.
إن إخفاء الأهداف الحقيقية للمراكز الشيعية كونها مجرد منظمات للعمل المدني يفوق الخطر الذي تشكله المجموعات المسلحة لإيران مثل حزب الله وغيره، لأن العناصر الفاعلة بداخلها تنشط بعلم في دائرة اختارتها بإرادة واضحة تعلمها السلطة وتراقبها، أما المترددون على المنظمات المجتمعية فإنهم ينهلون من المنهج الشيعي عبر رجال وظفتهم إيران كستار لعمليات خفية للتمويل والاستقطاب الآيديولوجي بما يؤثر على أمن برلين على المدى البعيد.
وكشف تقرير الاستخبارات الألمانية يوم 10 يوليو (تموز) 2020، عن أنشطة الاستخبارات الإيرانية داخل ألمانيا، متورطة بالتجسس ضد معابد يهودية وغيرها. وأشار التقرير إلى المركز الإسلامي في هامبورغ الذي يُعدّ «أهم المراكز الإيرانية في ألمانيا»، وقد أنشأ المركز شبكة وطنية من الاتصالات داخل كثير من المساجد والجمعيات الشيعية وتمارس تأثيراً كبيراً عليها. وأضاف التقرير أن إيران «تحاول ربط الشيعة من جنسيات مختلفة بنفسها، ونشر القيم الاجتماعية والسياسية والدينية الأساسية للدولة الإيرانية في أوروبا»، حسب الإعلامية راغدة بهنام، مراسلة العربية بالتفاصيل.
المجتمع الإيراني... نسب التواجد والتغيرات السياسية بألمانيا
يبلغ عدد المسلمين في ألمانيا حوالي 4.7 مليون نسمة، طبقًا لإحصائيات وزارة الداخلية، يشكل معتنقو المذهب السني منهم الأغلبية بنسبة 75 في المائة، بينما يمثل الشيعة حوالي 7 في المائة، والعلويون 13 في المائة، وعلى الرغم من قلة أعدادهم فإن الجهود المبذولة لاحتواء هذه الطائفة كبيرة وتؤثر اضطراديًا على الأعداد المنتمية لها.
وتشير الإحصائية الصادرة عن وزارة الداخلية في 13 يوليو (تموز) 2020 حول أعداد المتطرفين واتجاهاتهم في 2019 إلى عدم تناقص أعداد العناصر المنتمية لحزب الله وبقائها عند 1.050 بين عامي 2018 و2019 ، ومع تفعيل السلطات للحزب كجماعة إرهابية في 30 أبريل (نيسان) 2020 يفترض أن تتناقص عناصره، فهل ستستطيع الدولة تقويض هذا التغلغل الإيراني بنسيج المجتمع أم ستُبقي العناصر على انتشارها كحزب التحرير الذي يتزايد أعضاؤه رغم حظر أنشطته بالبلاد؟ وهل سيمنح هذا الحظر دورًا أكبر للمراكز الثقافية والمساجد الشيعية لتعويض نقص إمدادات حزب الله أم يكون بداية لكشف الارتباطات الخفية بينها؟
الرعاية الإيرانية لبعض المراكز والمساجد
الرابطة الإسلامية للتجمعات الإيرانية في ألمانيا
تُمثل الرابطة الإسلامية(Islamische Gemeinschaft der Schiitischen Gemeinden Deutschlands) (IGS) أبرز الكيانات الشيعية المتهمة بكونها ذراعا توسعية لإيران في ألمانيا، وتأسست في 7 مارس (آذار) 2009 لتكون مجمعًا لأغلب الكيانات الشيعية بألمانيا، إذ تضم تحت مظلتها العديد من المراكز مما يجعلها تبدو كالتنظيم الأم لمنظمات إيران بألمانيا.
والبارز في ملف الرابطة هو صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»والتي اهتمت خلال السنوات القليلة الماضية بالرد على الاتهامات التي تطال بعض المراكز كونها دعائم لإيران، والتي ظهر فيما بعد أن هذه المراكز بالفعل تُستخدم كأدوات تمويل لعناصر حزب الله في لبنان وأبرزها مركز المصطفى.
وتدافع الرابطة أيضًا عن المركز الإسلامي في هامبورغ(IZH) والذي يعمل ضمن دائرتها ضد رغبة الحزب الديمقراطي المسيحي في حظره، ويرأس الرابطة أحد أهم رجال الدين الشيعة في إيرانوهو محمود خليل زاده الذي درس العلوم الشيعية في قم وينتهج العقيدة الاثنى عشرية، ويدير كذلك مركز الثقافة الإسلامية في فرانكفورت كما انه إمام لمسجد الإمام علي.
وتهتم الرابطة بأنشطة الندوات واللقاءات الشبابية إلى جانب الزيارات السياسية، ففي 30 أبريل (نيسان) 2018 التقى خليل زاده برئيس ألمانيا الاتحادية، فرانك فالتر شتاينماير في قصر بلفيو ببرلين في إطار رغبة الأخير نحو إجراء محادثات مع جميع المراكز الدينية لمحاربة التطرف، وتزعم الرابطة أن التمويلات التي تتحصل عليها تعتمد على التبرعات واشتراكات الأعضاء.
المركز الإسلامي في هامبورغ (IZH)
يأتي المركز الإسلامي كأبرز واجهة للنظام الإيراني بألمانيا، فبحسب تقرير أورده مكتب حماية الدستور في أغسطس (آب) 2020 أشير إلى(IZH) كأداة للملالي تعمل جنبًا إلى جنب مع سفارة طهران، وقد تأسست في يونيو (حزيران) 1953، ويُعرف مسؤولوها بأنهم مبعوثو المرشد الأعلى إلى برلين.
ويتولى محمد هادي مفتح إدارة(IZH) منذ 2019، وكان مفتح يشغل عضوية المجلس الأعلى للحوزة الإسلامية في قم حتى 2018، مما جعله يبدو كأنه مرسل من طهران، وهو ذات الشيء مع المدير السابق لـ(IZH) آية الله رضا رمضاني (2009 -2018) الذي عينه آية الله خامنئي في أغسطس (آب) 2019 أمين عام مجلس أهل البيت الدولي.
تطال المركز شبهات بالتورط في تمويل حزب الله والتعاون معه، إذ قدمت المجموعة البرلمانية عن الحزب الديمقراطي المسيحي في 20 مايو (أيار) 2020، وفقًا لموقع (welt)، طلبًا بحظر المركز وأنشطته لما أبداه من تضامن مع حزب الله وبالأخص بعد القرار الألماني بتصنيفه إرهابيًا، ويعتقد الحزب أن توجهات المركز تضر القيم المجتمعية لألمانيا.
وأفاد تقرير مكتب حماية الدستور الصادر في يوليو (تموز) 2020 حول المراكز المضادة للدستور والنظام الديمقراطي للدولة بأن مركز هامبورغهو امتداد للحكومة الإيرانية وأن رئيسه يمثل المرشد الأعلى خامنئي، كما يمارس المركز تأثيرًا على مجتمع الشيعة يضر بقيم المجتمع، وتتركز أنشطته حول المحاضرات والاحتفالات الدينية ودروس اللغة وتصدر عنه مجلتان كل ثلاثة أشهر وهما: «الفجر»،و«الشباب المسلم».
مركز الثقافة الإسلامية فرانكفورت
يرتبط مركز الثقافة بـ(IGS)، إذ يديرهما نفس الشخص وهو محمود خليل زاده، ويهتم المركز بالأنشطة الدينية والتعليمية عبر تواصل مع الشيعة في كربلاء وطهران ويكشف الموقع الرسمي الارتباطية بين المركز وقادة النظام الثيوقراطي عبر إحيائه الذكرى السنوية للراحل روح الله الخميني.
جمعية الإرشاد في برلين
ارتبطت جمعية الإرشاد( Markaz-Al-Qaem Al-Irschad) بالحملة الأمنية التي شنتها السلطات الألمانية على المؤسسات التابعة لحزب الله بالتزامن مع قرار الحظر المفعل في 30 أبريل (نيسان) 2020، وفقًا لما أوردته «بي بي سي»حول المراكز التابعة للحزب في برلين.
ويبرز الشيخ باقر الشحرور كأهم المحاضرين بالمركز، ومعه الشيخ مهدي خليل، وكلاهما يمثلان امتدادًا لنظام الملالي بألمانيا، بينما تهتم جمعية الإرشاد بالمحاضرات الدينية وإحياء ذكرى عاشوراء وتنظيم حفلات عقد القران وإتمام الزواج للجالية الشيعية.
مركز الحسنين في برلين
يعد مركز الحسنين(Markaz Al-Hassanein Berlin) امتدادًا لمفهوم المقاومة الذي يتبناه حزب الله ومؤسسوه في لبنان، فهو تابع لـ(مؤسسة المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله) (1935- 2010) كما أنه الفرع الألماني لمسجد الحسنين ببيروت، ومحمد حسين، هو أحد أهم المرجعيات التي أسهمت في نشأة حزب الله، كما كانت تربطه علاقة قوية بحسن نصر الله، وعباس الموسوي الأمين العام الثاني للحزب.
ويدير مركز الحسنين ببرلين محمود نعمان، الذي يهتم بالترويج لأنشطة المركز وضمان التواصل بين طائفته بلبنان والمهجر عبر لقاءات ومناقشات على فضائية «الإيمان«»في بيروت والتابعة أيضًا لمؤسسة فضل الله، كما يروج المركز لجعفر فضل الله ابن محمد حسين صاحب المقالات حول الدعم المقدم من والده لحسن نصرالله وجناحه العسكري، ويهتم المركز بإحياء المناسبات الدينية كذكرى عاشوراء.
وتحرص السفارة الإيرانية على وجود ممثل لها في حفلات إفطار المركز، ففي أغسطس (آب) 2013 حضر ممثل السفارة الإيرانية بألمانيا، محمد الصادقي ووفد له للإفطار السنوي للحسنين، وفقًا لموقع بينات التابع لمحمد حسين فضل الله وذلك على الرغم من كون فضل الله صاحب مرجعيات نقدية لولاية الفقيه التي تعتمد عليها طهران في الحكم الثيوقراطي ولكن لا تزال هناك روابط قائمة بين الطرفين.
إجراءات ألمانيا لتقويض التغلغل الإيراني
تتسم أغلب الإجراءات المتخذة من جانب مسؤولي ألمانيا ضد مراكز إيران بالحداثة، إذ ارتبطت أغلبها بحظر أنشطة حزب الله بعد سنوات من الاكتفاء بتصنيف جناحه العسكري فقط كإرهابي، إذ شنت السلطات بهامبورغ في 20 مايو (أيار) 2020 حملات مداهمة ضد 30 مسجدا ومؤسسة ثقافية بالبلاد تعتقد بتواصلها مع حزب الله وتسهيل وصول الأموال إلى فرعه بلبنان، وفقًا لـ«العربية».
ولفتت «دويتشيه»في أبريل (نيسان) 2020 إلى شن الشرطة لحملات ضد مساجد ومراكز تابعة لحزب الله في برلين، ودورتموند، ومونستر، بعد سنوات من مراقبتها لوجود معلومات بتواصلها مع قادة الحزب بلبنان، كما كشفت الاستخبارات الألمانية في 19 يوليو (تموز) 2020 وفقا لـ«العربية»أن مركز المصطفى يستخدم لجمع التبرعات للمسلحين في لبنان، ويذكر أن مركز المصطفى يعمل تحت مظلة(IGS).
المراكز الإيرانية.. دعائم إيران لتجنيد الإرهابيين في بلجيكا
تختلف استراتيجية التوغل الإيراني في بلجيكا عن جيرانها الأوروبيين، فالنفاذ عبر الأساليب الناعمة كالمراكز الثقافية والمساجد وتوسيع عدد الناطقين بالفارسية لا يزال في طور المقدمات الآيديولوجية التي يفوقها التجنيد الإرهابي المباشر وعمليات التمويل غير المشروع لحزب الله ما يلقي بظلاله على طبيعة العلاقات السياسية بين البلدين مجتذبًا إياها لمحطات متفاوتة من الصراع والتعاون.
كيف تُطوع إيران استغلال بلجيكا؟
تعي طهران خطورة العزلة المفروضة عليها من واشنطن وبالتالي فهي تحاول جاهدة لإبقاء قدر من العلاقات الاقتصادية المفتوحة مع بعض الدول الأوروبية وأبرزها بلجيكا، فخلال السنوات الأخيرة الماضية استطاعت طهران وبروكسل- على مستوى القيادات السياسية- تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي فيما بينهما، ولكن هل استغلت إيران هذا الانفتاح كمدخل لتحقيق أهدافها الآيديولوجية؟وأشار المستشار الاقتصادي والتجاري للسفارة البلجيكية في إيران كريستوف سميتز في 18 مارس (آذار) 2019 خلال لقائه مع رئيس إدارة الشؤون الدولية في غرفة التجارة والصناعة الإيراني محمد رضا كرباسي إلى رغبة بلاده في تعزيز التعاون الاقتصادي مع طهران التي أكد ممثلها أن بلجيكا يمكنها زيادة صادرات إيران إلى دول الاتحاد الأوروبي وتكثيف التجارة معها.
ويبدو أن تصاعد رغبات التعاون غالبًا ما كان يصطدم بالأجندة الإيرانية في دعم الإرهاب بالقارة العجوز، إذ كشفت صحيفة «فايننشيال تريبيون»تحت عنوانBelgium Eager to Maintain) Trade Ties With Iran) في مارس (آذار) 2019 أن نسبة التجارة بين البلدين بلغت في عام 2018 نحو 564.85 مليون يورو بمعدل انخفاض حوالي 22.5 في المائة عن 2017، ما يعني تأثرًا واضحًا في علاقات الطرفين.
ويمهد ذلك إلى الأطروحة الرامية إلى أن العلاقات التي سعت طهران لتوسيعها في بروكسل قد أدت إلى نفوذ مجتمعي غير محمود بداخل الجالية الإيرانية والإسلامية مما أسهم في تمكنها من تجنيد عملاء تابعين لها لاستخدامهم في تنفيذ عمليات ضد مجموعات المعارضة الإيرانية في أوروبا، ففي 15 يوليو (تموز) 2020 أحالت المحكمة الاستشارية في مدينة أنتويرب في شمال البلاد أربعة مواطنين من أصل إيراني للمحاكمة الجنائية لاتهامهم بالمشاركة في التخطيط لهجوم إرهابي يستهدف مؤتمرا للمعارضة الإيرانية عُقد في باريس في 30 يونيو (حزيران) 2018.
واتهمت المعارضة الإيرانية نظام الملالي بتدبير محاولة لتفجير اجتماعها في 2018 وبالفعل ألقت السلطات البلجيكية القبض حينها على اثنين من مواطنيها من أصل إيراني وهما أمير سعدوني، وزوجته نسيمة، بتهمة مساعدة الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي في تنفيذ المهمة عبر تسليمه المتفجرات المطلوبة للعملية.
ولم ينتهِ الدعم الإيراني لهذه القضية عند هذا الحد، بل اعترضت طهران على تسليم ألمانيا أسد الله أسدي المتهم الرئيسي بالقضية لبلجيكا لإتمام محاكمته مع مساعديه ومن ثم استدعت السفير الألماني لديها واحتجت مُطالبة بالإفراج الفوري عنه، وفقًا لما نشرته «فرنسا 24»في 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2018.
يتضح مدى النفوذ الإيراني المتُحقق عبر توسيع دائرة العلاقات السياسية ببلجيكا في تمويل جماعة حزب الله، إذ نجحت طهران بشكل غير مباشر في إرسال الأموال إلى ذراعها العسكرية عن طريق دبلوماسيي قطر- حليفتها السياسية- فكشفت «فوكس نيوز»في تحقيقها المعنون بـ(Qatar’s alleged finance of Hezbollah terrorist movement puts US troops at risk, dossier claims) في 5 أغسطس (آب) 2020، أن سفير قطر ببروكسلوحلف الناتو، عبد الرحمن بن محمد سليمان الخليفي وظف وسيطا يدعى جيسون جي، لإيصال 750 ألف يورو لحزب الله في اجتماع تم بينهما في يناير (كانون الثاني) 2019.
مآلات النفوذ الإيراني في بلجيكا
يطرح ما سبق تساؤلا حول قدرة النظام الإيراني على تطبيق نظرية القمة والقاع في المجتمع البلجيكي، بمعنى هل النفاذ عبر القيادات والدبلوماسيين مع محاولات توسيع قاعدة التواجد المجتمعي بين الشتات الإيراني والمذهبي من شأنه أن يمثل ثمة خطورة على أمن بروكسل بما له من دلالة رمزية لاحتضانها المقر الرئيسي للاتحاد الأوروبي؟ترتبط هذه الأطروحة بالسمات الخاصة بالمجتمع الشيعي في بلجيكا وإذا ما كانت أوضاعه تسمح للثورة الإيرانية بإيجاد منفذ لديها من عدمه ويظهر ذلك في عدة نقاط.
أولاً: تعميق الطائفية
يمنح الصراع الطائفي القائم في بلجيكا قدرًا محتملا لنفاذ التشدد العقائدي لإيران، ومن الشواهد على ذلك قيام سني متشدد يتبع التيار السلفي، بحسب شبكة «بي بي سي»، في 13 مارس (آذار) 2012 بإضرام النار في مسجد الإمام رضاالشيعي،ما أدى إلى مصرع إمام المسجد عبد الله الدحدوح، ما عزز مخاوف وزارة الداخلية من نقل الصراع الطائفي والمذهبي إلى بروكسل بمساعدة أي من الأطراف، وفي مثل هذه الأوضاع من الاضطهاد والعنف الديني تنشط الأنظمة العنصرية لاستغلال الواقع بما يحقق أهدافها الآيديولوجية.ثانيًا: الجالية المغربية وفرص الاحتضان الإيراني
تمثل الجالية المغربية إشكالية كبرى في بلجيكا، فهي تعتبر الأكبر بين المسلمين بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»في 19 أبريل (نيسان) 2016 فمن جهة يلقى باللوم على طائفتها السنية لتورط بعض عناصرها في عمليات إرهابية في أوروبا كهجمات باريس 2015، أما الجاليات الإيرانية فتكشف الأحداث أن بعض عناصرها جاءت بالأساس مهاجرة لتصاعد حدة الخلاف بين الحكومة المغربية والإيرانية وسط اتهامات بدعم الأخيرة لجبهة البوليساريو.وتبقى المراكز الثقافية والدينية والاجتماعية أداة التوغل الناعم لإيران في المجتمعات الأوروبية ولكن يبدو أن الطبيعة السياسية للمجتمع البلجيكي سمحت لطهران باجتذاب الجالية الشيعية بما يحقق أهدافها بالمنطقة.
مركز الإمام الرضا في بروكسل
يتبع المركز فقه الاثنى عشرية ويهتم بالأنشطة الدينية كإحياء مناسبات عاشوراء والمحاضرات الفقهية، ويرعى الأنشطة التعليمية للأطفال كتعليم اللغات، ويعمل على جمع التبرعات زاعمًا مساعدة الفقراء بالبلاد، وكغيره من المؤسسات الشيعية الأوروبية يحيي سنويًا ذكرى وفاة الإمام الخميني.
حسينية الزهراء في أنتويرب
تعنى الحسينية كغيرها من المؤسسات الإيرانية الأوروبية بالاحتفالات الدينية، وتهتم وكالة أهل البيت المدعومة من إيران بمتابعة أنشطتها والترويج لها.
مركز الغري في أنتويرب
افتتح المركز في 2008 ويديره مرتضى الكشميري الممثل للمرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، إذ يعد مرتضى أبرز شخصية في أوروبا عبر تمثيله المباشر للسيستاني كما أنه يرتبط به بعلاقة مصاهرة لذا فهو الذراع اليمنى للفقيه في القارة العجوز ويمارس أنشطته الداعمة لجميع المراكز هناك وبالأخص في بروكسل وأمستردام ولندن.يهدف المركز إلى احتواء المغاربة والأتراك الذين يمثلون الأغلبية إلى جانب الأقليات الأخرى، وترتكز أنشطته حول المحاضرات الدينية والفقهية وعقد القران وإتمام الزواج والطلاق وفض المنازعات، وتلحق به مدرسة لتعليم الصغار والشباب القرآن الكريم واللغة العربية.
الصراع بين إيران وفرنسا حول نفوذ المؤسسات الشيعية
تتصاعد مخاوف السلطات الفرنسية إزاء النفوذ المجتمعي للمراكز الشيعية المدعومة إيرانيًا، إذ تكتسب العلاقة بين باريس وطهران بعدًا تاريخيًا مهمًا لاحتضانها روح الله الخميني قائد الثورة الإسلامية، إبان فترة نفيه التي فرضها عليه الشاه محمد رضا بهلوي، ما يعني أن التوطين للثورة الشيعية بالبلاد يصاحبه زخم متطور عبر السنوات، وبلغ أشده خلال الفترة القليلة الماضية.
تفجير مؤتمر المعارضة... باريس تنتبه لخطورة المد الشيعي
تُمثل محاولة الهجوم على مؤتمر للمعارضة الإيرانية التابعة لحركة مجاهدي خلق- المصنفة إرهابية بطهران- في باريس عام 2018، والتي تورطت بها الاستخبارات بطهران عبر دبلوماسيين سابقين وعملاء ببلجيكا نقطة تحول في تعامل المسؤولين الفرنسيين مع المراكز الشيعية التي أرادت لها إيران أن تكون قوة ناعمة لاختراق البلاد ومن ثم تأهيل المناسبين لتنفيذ عمليات تفجير إذا ما احتاجت السلطة إلى ذلك، إذ كشفت تحقيقات بروكسل عن الواقعة عن العثور على سيارة متفجرات كان من المفترض تسليمها للدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي لتصفية معارضي الملالي.وفسرت السلطات الفرنسية تلك الواقعة بوجود سيولة في الاتصالات والتمويل بين طهران وعملائها في الداخل الأوروبي، لاسيما المراكز الثقافية، ففي تقرير نشرته «فرانس 24»في 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بعنوان: «لماذا يثير مركز الزهراء قلق السلطات الفرنسية؟».قالت إن الشرطة الفرنسية داهمت مركز الزهراء في بلدة غراند سانت، وحققت مع بعض مسؤوليه وأعضائه لتأكدها من دعمه للإرهاب ومساندة حزب الله، وكان ذلك في إطار التحقيقات المتعلقة بمحاولة تفجير المؤتمر.
وجدد وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستنير في 20 مارس (آذار) 2019 دعوته إلى حظر 4 مراكز شيعية يعتقد بتبعيتها لإيران ودعمها للأفكار الإرهابية وتقديمها العون لحزب الله بصفته الذراع العسكرية لطهران، وفقًا لتقرير «فرانس 24»المعنون بـ«وزير الداخلية الفرنسي يدعو إلى حظر أربع جمعيات إسلامية شيعية»،مضيفة أن القرار في الحظر النهائي للجمعيات يبقى في يد الرئيس إيمانويل ماكرون، وهذه المراكز هي مركز الزهراء واتحاد الشيعة في فرنسا، وتيلي فرانس ماريان، والحزب المعادي للصهيونية.
القيود الفرنسية مقابل الدفاع الإيراني
واصلت باريس تشديد إجراءاتها ضد المراكز الشيعية تحسبًا لتشكيلها بؤرا إرهابية تضر بالأمن القومي للبلاد، ففي16 سبتمبر (أيلول) 2020 ألقت السلطات القبض على أربعة مسؤولين عن مركز الزهراءبشمال البلاد لاستمرارهم في ممارسة أنشطتهم الدعوية على الرغم من استجابة الدولة لطلب الداخلية بحظر هذا المركز، وذلك وفقًا لشبكة العربية التي أضافت في تقريرها المعنون بـ(France arrests ex-directors four of Shia Zahra Center founded by Hezbollah supporter) أن مداهمة الزهراء في 2018 أسفرت عن العثور على مخزن للأسلحة.ويبدو من عودة دعاة الزهراء للعمل رغم التحفظ الأمني أن الجماعة الشيعية متأثرة آيديولوجيًا بالدعاوى الإيرانية الرامية إلى أن تفتيش مركز الزهراء ومطالبة وزير الداخلية بإغلاقه وثلاثة مراكز أخرى ما هو إلا افتراء على الجهود التثقيفية والدينية لهذه المراكز، إذ نددت طهران بحملات الأمن ضد مراكزها بباريس مدعية عدم صلاتهم بتمويل حزب الله، وذلك وفقًا لوكالة أهل البيت للأنباء في مارس (آذار) 2019 التي هاجمت وزير الداخلية الفرنسية لمطالبته بحظر المراكز، واصفة ادعاءاته بالسخيفة.
المراكز الشيعية التابعة لإيران في فرنسا
مؤسسة الإمام الخوئي الثقافية
تعد المؤسسة من أبرز المراكز الممثلة للشيعة بالبلاد ويديرها إسماعيل الخليق، وتأسست في 1988، ولا تمتلك على الشبكة العنكبوتية سوى صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وتهتم بالأنشطة الدينية والحسينيات وإحياء ذكرى عاشوراء، وتنتهج مذهب الاثنى عشرية، وتدعي الاعتماد على التبرعات للانفاق على أنشطتها وتدعو أنصارها للتبرع بزكاة أموالهم إليها.وتهتم المؤسسة(association Imam Al-Khoei Paris) بإحياء ليالٍ دينية عبر منشدين معروفين بالولاء لدولة الملالي وبغنائهم للمرشد خامنئي مثل نزار القطري وملا جليل الكربلائي المشهور بأناشيده في قم الإيرانية، كما تستضيف قادة الجاليات الشيعية بالغرب كرئيس المركز الإسلامي الشيعي بالولايات المتحدة الأميركية الإمام حسن القزويني.
مركز السيدة زينب
يقع المركز في مدينة تولوز بجنوب غربي البلاد، وتأسس في 2007، ويتبع غالبية أعضائه مذهب الاثنى عشرية المتبع في إيران.جمعية الغدير الخيرية
تأسست في باريس في 1994، وتعنى بتنظيم الرحلات الدينية إلى مكة لأداء فريضة الحج، وكذلك إيران والعراق لزيارة الحوزات العلمية والمقدسات الشيعية، وتركز في أنشطتها على الشباب والأطفال وتمدهم بمناهج عقائدية مناسبة لهم وفقًا لرؤيتها.وتولي أهمية خاصة لذكرى مؤسس الثورة الإيرانية روح الله الخميني وتهتم بإحياء ذكرى وفاته سنويًا وتعريف أتباعها بسيرته الذاتية، كما أنها تعيد نشر الأعمال التلفزيونية الدينية التي تبثها طهران باللغة الفارسية.
الاتحاد الشيعي الفرنسي ومركز الزهراء
ينضم الاتحاد Federation Chiite de France ومركز الزهراء للمؤسسات التي تثير الملاحظات الأمنية ضد جماعات إيران بالبلاد، فقد طالب وزير الداخلية بإغلاقهما مع مؤسستين أخريين، ويقع الاتحاد والمركز في منطقة غراندسينت ويرأسهما يحيى القواسمي.مراكز الشيعة أداة النفوذ الإيراني في بريطانيا
تُمثل الجالية الشيعية في أوروبا هدفا مهما لإيران كي تنفذ منه للمجتمعات مُشكلة أداة ضغط سياسي وامتداد آيديولوجي عابر للقارات، وفي إطار ذلك تجتهد طهران لإبقاء سلطتها الدينية على شيعة بريطانيا عبر مراكز ثقافية واجتماعية وكذلك مساجد تتبع ولاية المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي.
سمات التواجد الشيعي في بريطانيا
القلة النسبية للأعداد
يحتاج الوقوف على مدى النفوذ الإيراني داخل مجتمعات الشيعة في المملكة المتحدة إلى فهم لطبيعة هذا التواجد والمحددات الاجتماعية والعرقية المرتبطة به إلى جانب درجة الاندماج الممنوحة له، فبحسب صحيفة«The sun»في 4 يناير (كانون الثاني) 2020 بلغ عدد المسلمين في بريطانيا ما يقارب الـ3.363.210 أشخاص أي حوالي 5.9 في المائة من مجموع السكان، ويعيش غالبيتهم في لندن. وعن تعداد الشيعة بينهم ذكرت «بي بي سي»في يناير (كانون الثاني) 2016 أن كل عشرة مسلمين بالبلاد بينهم واحد شيعي.الارتباط الواضح بإيران
يؤشر ذلك على قلة نسبية في تعداد الشيعة بالمقارنة بالسنة ولكن ربطهم بإجمالي العدد يوضح أنهم فئة ليست بالقليلة، واستنادًا إلى الأجندة الإيرانية الرامية إلى احتواء طائفة الشيعة في البقاع الدولية المختلفة، فإن ذلك يبدو مقرونًا بسمات محددة فرضتها طبيعة التعايش في لندن، فطبقًا لمساهمات الإعلام البريطاني يتعرض الشيعة لتمييز نسبي من أقرانهم السنة.أشارت «بي بي سي»على سبيل المثال في تقرير لها في مارس (آذار) 2015 بعنوان(Fears over deepening Sunni-Shia divide in UK) إلى وجود مخاوف لدى السلطات من تصاعد الانقسام بين الطائفتين السنية والشيعية على أرضها، وبالتالي يبدو ذلك مدخلاً أساسيًا للارتباط الواضح بين التيار وإيران كنوع من الدعم الظاهر بوضوح في اعتماد اللغة الفارسية في غالبية المواقع الإلكترونية للمؤسسات التابعة لهم في المملكة المتحدة على الرغم من كون الأغلبية منهم ينحدرون من شعوب جنوب آسيا وبالأخص باكستان التي تتحدث الأردية.
العنصرية العقائدية والتصعيد السياسي بين إيران وبريطانيا
تُصعد الرعاية الإيرانية للشيعة في بريطانيا من مخاوف الاحتضان الإرهابي تحت وطأة الصراع الملاحظ بين الطائفتين المسلمتين بالبلاد، فمن المحتمل أن تمتد الثورة الإيرانية للجالية بلندن ومن ثم توظفها طهران للنيل من حكومة المملكة المتحدة وبالأخص مع تنامي الصراع السياسي بين البلدين.وتأتي تلك المتغيرات دومًا مجتمعة بوضوح في خطابات المرشد خامنئي حول بريطانيا التي يعتبرها كيانا غير موثوق به، فخلال خطاب نشره الموقع الرسمي لخامنئي في 26 سبتمبر (أيلول) 2019 تحدث المرشد عن (الثورة) كفعل وشعارات مطالبًا شباب الشيعة بالتمسك بها، مشيرًا إلى أن الغرب يطلب من إيران التخلي عن هذه اللغة ولكنها من وجهة نظره تخيفهم لذلك يطالبون الشباب بالتخلي عنها، ولكن المرشد يناشد الشباب الشيعة في جميع أنحاء العالم بالتمسك بها وبالأخص في واشنطن ولندن.
ويتضح من ذلك مدى التوجيه المُمارس من إيران لأتباعها في بريطانيا، وقد يؤشر ذلك أيضًا على أجندة إيرانية تعتمد على توظيف الخطاب الديني للمرشد في خلق عدائية مُضخمة ضد لندن وهو ما يتسق مع التصريحات الإيرانية المعادية لبريطانيا بعد تعطيل ترامب للاتفاق النووي على الرغم من أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون دعا الطرفين لعدم تصعيد الخلافات فيما بينهما ولم يبدِ ترحيبًا واسعا بإلغاء الاتفاق.
المراكز الثقافية والمساجد التابعة للنفوذ الإيراني في بريطانيا
المركز الإسلامي في إنجلترا
يشكل مركز(ICE) أهم وأخطر المؤسسات التي تمثل النفوذ الإيراني بالبلاد، وقد أسس في 1995 ويهتم بالأنشطة الدينية والتعليمية واللغوية، وحلقات تفسير القرآن، وكذلك إحياء المناسبات الروحية كعاشوراء وغيرها، والأبرز هو إحياء الذكرى السنوية لروح الله الخميني المرشد السابق لإيران، ويزعم المركز في تعريفه لنفسه بأنه يهتم بالنشر بالأردية كأحد أهم اللغات للشيعة في بريطانيا ولكن موقعه الأساسي ينطق بالإنجليزية والعربية والفارسية.ويعد رئيسه ممثلا للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله خامنئي في بريطانيا وهو هاشم الموسوي، ويتلقى المركز جزءًا من تمويله عبر التبرعات وأموال الزكاة التي يطالب المواطنين بدفعها إليه كمستحق، ويقع مقره بشمال العاصمة لندن.
وأثار المركز مؤخرًا الكثير من اللغط في المجتمع البريطاني بسبب إقامته وقفة احتجاجية وحفل تأبين لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني- المصنف إرهابيا- والذي قتلته الولايات المتحدة الأميركية يوم 3 يناير (كانون الثاني) 2020 واصفين إياه بالشهيد، إذ نقلت صحيفة «تليغراف»في 6 يناير (كانون الثاني) 2020 أن مفوضية المنظمات الخيرية بالبلاد تُقيم بيان الإشادة الذي أصدره المركز بحق سليماني، وترى المفوضية أن المركز الممنوح حق الإعفاء الضريبي كونه مؤسسة اجتماعية إلى جانب ما يتلقاه من هدايا أسبوعية يعمل على الترويج لإرهابيين دوليين.
المركز الإسلامي بمانشستر
يُعبر المركز منذ تأسيسه في 1991 عن امتداد واضح لإيران، فاللغة الأساسية لموقعه الإلكتروني هي الفارسية ويعرف نفسه كمركز إيراني يدعم الجالية الفارسية والشيعية بالبلاد، ويعتمد في إنفاقه على التبرعات، ويهتم بعقد برامج الأنشطة الدينية والتعليمية على مدار العام، ويدير المركز سيد أسد الله آفائي.ويعنى المركز بإحياء الذكرى السنوية لانتصار الثورة الإيرانية على الرغم من احتياجه أحيانًا لنفي صلته بالمرشد الأعلى خامنئي إذا ما وجهت انتقادات له بالتبعية المباشرة للنظام السياسي بطهران.
مجلس علماء الشيعة بأوروبا
يُنظر للمجلس الناشط في بريطانيا كإحدى أذرع إيران الناعمة التي استطاعت التوغل بعمق داخل المجتمع الإنجليزي مُحققًا انتشارًا واسعًا بين أوساط الجالية الشيعية، ويعمل المجلس من خلال عدة أطر، فهو يهتم بالأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية كغيره من مؤسسات طهران بالبلاد، كما أنه يحضر اجتماعات للتقارب مع أصحاب الديانات الأخرى.وتبرز أخطر أدواره في الضغط السياسي إذ اشترك مع مجموعة من المساجد والمراكز الدينية بالبلاد للضغط على حزب العمال بعدم التصويت له في الانتخابات البرلمانية الماضية إذا لم يهتم بقضية كشمير ويتعامل معها كملف رئيسي، وهو ما كشفه موقع 5PILLARS) ) في تقريره المعنون بـOver 100 mosques threaten to boycott Labour over Kashmir في أبريل (نيسان) 2020.
ويعتمد المجلس على التبرعات بشكل أساسي كما يرسل قدرًا منها إلى إيران في حالة الكوارث الطبيعية كما يحدث في فترة الفيضانات، وينظم أيضًا زيارات إلى طهران، ففي أبريل (نيسان) 2019 رتب رحلة بالتعاون مع عناصره وعناصر مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية للقاء المسؤولين بإيران بما يعد تطويعا سياسيا لعلاقات المجلس تخدم في النهاية صالح النظام الإيراني.
ويترأس المجلس مجموعة من الشيعة الدارسين بحوزة قم الإيرانية مثل رئيسه علي رضا رضوي، كما يخصص موقعه الإلكتروني حيزًا لأخبار السياسة الإيرانية ويحرص على متابعة المستجدات على الملف النووي بين طهرانوواشنطن.
ويرعى مجموعة كبيرة من المؤسسات الشيعية والحسينيات المنتشرة بالبلاد مثل مسجد الحسين في مانشستر، والمركز الإسلامي في اسكس، ومركز الجعفرية الإسلامية في مانشستر، ومركز القيم الإسلامي في مانشستر، ومركز أهل البيت في بولتون وغيره في أكسفورد، ومركز المصطفى الإسلامي وغيرهم من العشرات من المؤسسات التابعة للمجلس المدعوم من إيران.
مؤسسة الإمام علي
تقع مؤسسة الإمام بلندن وتتبع مباشرة للمرجع الأعلى للاثنى عشرية علي السيستاني منذ تأسيسها في فترة التسعينات، ويشرف عليها ممثل السيستاني في أوروبا مرتضى الكشميري، وتنشط في المجالات الدينية والثقافية كعقد الندوات والمحاضرات ودروس الفقه الشيعي والقرآن وإحياء ذكرى عاشوراء.
وترعى المؤسسة فروعا أخرى داخل المملكة المتحدة مثل مؤسسة الإمام علي في كاردف، ومؤسسة الإمام الجواد في برمنغهام والتي تأسست في 2012، وجميعهم لديهم نفس المنهج والأنشطة من حيث نشر الدعوة الشيعية والأنشطة الاجتماعية بين الطائفة.
تقييم أنشطة إيران خلف المراكز الدينية والثقافية داخل ألمانيا
يتضح ضلوع الكثير من المراكز الإيرانية في ألمانيا بأواصر قوية مع إيران وذراعها المسلحة حزب الله ما يجعل برلين تحت تهديد كبير إذا ما أشركنا سبب حظر الحزب إلى المتغيرات السابقة وهو وجود كميات من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار في مخازن تابعة للجماعة، ما يعني أن احتمالية تنفيذ عمل إرهابي داخل البلاد تزداد، فضلا عن وضع الأجهزة تحت ضغط أمني مضاعف.
يضاف إلى ذلك احتمالية نقل الصراع بين طهران وواشنطن حول الملف النووي إلى ألمانيا وتهديد المصالح الأميركية بداخلها، وبالأخص مع اعتراف أغسطس هانينغ، المدير السابق للاستخبارات الألمانية لصحيفة «دير شبيغل»بأن إيران يمكنها استخدام مراكزها بألمانيا لتنفيذ هجوم إرهابي ضد حلفاء واشنطن أو مصالحها المباشرة، ومع ربط التصعيد الأميركي الإيراني بحظر حزب الله تتصاعد المخاوف من العنف الإيراني المحتمل.
إن الدعم الإيراني الموجه لمراكزها الدينية والثقافية بألمانيا نجح في خلق آيديولوجية متوافقة مع تحركات النظام لدى الجاليات الإيرانية والتابعة لها والتي ظهرت في حرص الكثير من المراكز والمساجد على تأبين قاسم سليماني قائد فيلق القدس، ما ينبغي معه رفع درجة الاستعداد الأمني والثقافي للتعامل مع روافد الفكر الإيراني بالبلاد.
تعتمد الاستراتيجية الإيرانية للتوغل في المجتمعات الأوروبية على استمالة الجاليات إلى منهجها والدعوة وسط الأوساط الإسلامية بشكل عام للانضواء تحت رعايتها لتشكيل قوة مجتمعية تدعم أجندتها السياسية وتدافع عنها، وفي بلجيكا على وجه الخصوص تحاول المراكز احتضان الأغلبية المغاربية عبر مخاطبتهم بمواقع تبث بالعربية لمزيد من التقارب الآيديولوجي كما يحدث في مدرسة مركز الغري.
وتدل العناصر البلجيكية المتورطة في محاولة تفجير مؤتمر المعارضة في باريس على أن النفوذ الإيراني بالبلاد تغول إلى مستويات ضخمة من العنف مما يؤشر على تنامي قدرته على استهداف مصالح حيوية بالبلاد، ولذلك فإن تشديد إجراءات المراقبة والمتابعة هو أمر مهم لبروكسل لتتفادي أي خلل بمنظومتها الأمنية، فعلى عكس التحركات الفرنسية نحو حظر بعض المراكز بعد حادث مؤتمر المعارضة في 2018 لم تشدد الحكومة البلجيكية إجراءاتها ضد المؤسسات المدعومة إيرانيًا مما ينذر بالخطر.
ويشكل التواجد الإيراني في فرنسا نموذجًا واضحًا لتوظيف طهران الجمعيات الشيعية الثقافية كذراع خفية لنشر ولاية الفقيه ودعم روح الانتماء للفارسية لدى الجالية، ومن ثم استقطاب العناصر المؤهلة لممارسة العنف أو ممارسة أي من الأدوار الآيديولوجية المطلوبة بعد خلق ترابط معنوي بين طهران كممثل للدين وبين الشباب.
وتبلغ الخطورة مستوياتها القصوى في استخدام المراكز كمخازن للأسلحة، فالمتداول حول عثور أجهزة الأمن على كميات من الذخائر داخل مركز الزهراء عند تفتيشه يشكل إزعاجا للأمن القومي بفرنسا التي تحتضن الكثير من العناصر المعارضة للفاشية الدينية بطهران، وبالتالي فإن تشديد المراقبة لهذه المراكز وتصفيتها عبر إقصاء الممولة إيرانيًا يخدم الأمن بباريس، فتخزين الأسلحة لدى المقربين من طهران وأذرعها كان سببًا في حظر حزب الله في ألمانيا ومن المفترض أن تضغط فرنسا في هذا الإطار.
ويتيح إبقاء هذه المراكز تحولها إلى ورقة ضغط سياسي لعدة ملفات أبرزها الملف النووي والعقوبات الاقتصادية وقضايا الاعتقال ضد مزدوجي الجنسية، إذ يتضاعف النزاع بين طهران وباريس ولندن وبرلين حول ملف المعتقلين خلال السنوات الأخيرة الماضية، ففي 23 سبتمبر (أيلول) 2020 قررت الدول الأوروبية الثلاث استدعاء سفراء إيران لديهم في عمل منسق للاحتجاج على سجن مزدوجي الجنسية عند زياراتهم لطهران لرؤية ذويهم، فإن قدرة المراكز بمقراتها والعاملين بها على الترويج لدينية الصراع يمكن أن توظف الحماسة لأغراض سياسية عنيفة وتكون أداة ناجعة لتنفيذ العمليات الإرهابية عبر التمويل والدعم اللوجستي وتسهيل الحصول على أسلحة وتدريب المسلحين وإخفاء المنفذين.
الخلاصة
يتضح في النموذج الشيعي ببريطانيا مدى الرعاية الإيرانية من خلال إسناد إدارة المراكز لمبعوثين درسوا الاثنى عشرية في حوزات قم، ولكن الأهم في هذا الملف هو الأدوار التي تؤديها تلك المؤسسات لصالح نظام الملالي من حيث الامتداد الآيديولوجي للثورة الإيرانية بما تفرزه من دعم عنيف تعززه خطابات الكراهية السياسية من طهران للندن.
وتعمل المراكز أيضًا على مد جسور التعاون بين الشيعة وغيرهم من الطوائف والديانات الأخرى مع ساسة طهران عبر زيارات متبادلة، الهدف منها تقديم رؤية مغايرة لما تتبناه أوروبا عن مسؤولية إيران في زعزعة استقرار الشرق الأوسط وتمويل حركات العنف كحزب الله والحرس الثوري الإيراني.
ويعزز ذلك إعطاء نظرة معاكسة للواقع الثيوقراطي بإيران ما يخالف القيم الأوروبية ويهدد رسوخها لدى المترددين على المراكز الشيعية ببريطانيا، ويلزم مع ذلك اتخاذ إجراءات صارمة تتخطى المطالبات الإعلامية والمجتمعية كما في حالة المركز الإسلامي الذي ندد بقتل سليماني إلى تحركات فعلية لأجهزة الحكومة لتصحيح مسار الدعاية الإيرانية المغايرة للواقع وخصوصًا لأن لندن لديها ملف مهم مع طهران وهو ملف المعتقلين مزدوجي الجنسية ما يهدد مصداقية طلباتها.
الهوامش
-----------
Islam in Deutschland
https://bit.ly/3c6yGLe
Brief summary of the 2019 Report on the Protection of the Constitution
https://bit.ly/32DHcOI
Islamische Gemeinschaft der Schiitischen Gemeinden Deutschlands
https://bit.ly/32L0MZz
Ayatollah Khamenei appoints new head of Ahlulbait (a.s) International Council
https://bit.ly/3cadTGH
CDU fordert Verbot von Islamischem Zentrum
https://bit.ly/3iLzKGG
Verfassungsschutzbericht 2019
https://bit.ly/2FHxdiF
Hezbollah: Germany bans and raids Islamist group
https://bbc.in/2ElbY5E
مركز الحسنين (ع) في برلين ينظّم حفل إفطاره السَّنوي
https://bit.ly/2FN3Ta9
ألمانيا تحظر حزب الله اللبناني وتشن حملة أمنية ضد أنشطته
https://bit.ly/3huKY1I
أيادي حزب الله تصل مساجد ومراكز ثقافية في ألمانيا
https://bit.ly/2FXqSiV
في شمال ألمانيا.. مركز اجتماعي يجمع أموالاً لحزب الله
https://bit.ly/31tF3Vm
Der Iran ist in der Lage, Terroranschläge in Deutschland auszuführen
https://bit.ly/3kyOA3
Belgium Eager to Maintain Trade Ties With Iran
https://bit.ly/33ZeTtr
طهران تستدعي سفير ألمانيا احتجاجا على قرار برلين تسليم دبلوماسي إيراني إلى بلجيكا
https://bit.ly/3czDEjX
Qatar’s alleged finance of Hezbollah terrorist movement puts US troops at risk, dossier claims
https://fxn.ws/3j9Ll2I
Imam dies in mosque arson attack in Belgian capital
https://bbc.in/3jbq08Z
لماذا يثير «مركز الزهراء»قلق السلطات الفرنسية؟
https://bit.ly/2S7ApXs
وزير الداخلية الفرنسي يدعو إلى حظر أربع جمعيات إسلامية شيعية
https://bit.ly/3cD9egy
France arrests ex-directors four of Shia Zahra Center founded by Hezbollah supporter
https://bit.ly/3l8pTMf
France closes four Shiite centers for absurd reason
https://bit.ly/3cGfy74
DIVERSE BRITAIN Muslim population of England smashes three million mark for first time ever, figures reveal
https://bit.ly/2ZWQ1S0
The diverse origins of Britain's Muslims
https://bbc.in/3mJX5Lg
Fears over deepening Sunni-Shia divide in UK
https://bbc.in/3mHhhxG
Vicious European countries should not be trusted: Imam Khamenei
https://bit.ly/2ZV9uCE
UK-registered Islamic charity has described Qassim Soleimani as a 'great martyr'
https://bit.ly/36j0laM
Over 100 mosques threaten to boycott Labour over Kashmir
https://bit.ly/3cI3ulD
المركز الإسلامي في إنجلترا
https://bit.ly/3n3j9AP
المركز الإسلامي في مانشستر
https://bit.ly/30iFuAJ
مجلس علماء الشيعة بأوروبا
https://bit.ly/2HCUm6l