الإنسان والكومبيوتر في "المجلة" قبل ربع قرن

الإنسان والكومبيوتر في "المجلة" قبل ربع قرن

[caption id="attachment_55242985" align="aligncenter" width="620"]د. عدنان عيدان د. عدنان عيدان[/caption]

كان ذلك قبل ربع قرن تقريباً حين التقيت وقتها مصادفة في احتفال لتكريم الأدباء العرب في قاعة في وسط مدينة لندن، مع الأستاذ نديم نحاس والذي كان وقتها ضمن هيئة تحرير مجلة أسبوعية إسمها مجلة "المجلة" تصدر في لندن.

وبعد حديث جرى مع الأستاذ نحاس اتفقت معه على أن أكتب مقالاً أسبوعياً حول الحاسبات الآلية وهو موضوع اختصاصي الدراسي وعملي أيضاً.
وفعلاً بدأت الكتابة للمقال الأسبوعي ولمدة عام كامل أي 52 عدداً ولا زلت احتفظ بهذه الأعداد حتى الآن وكانت الكتابة مشتركة بيني وبين زميلي في الدراسة والعمل الأستاذ طارق إبراهيم كُلّ منا يتناول موضوعا معينا حول الحاسب الآلي وتطوره. وكانت تُنشر في المجلة تحت عنوان عام وهو (الإنسان والكومبيوتر).
في أواسط عام 1988 كانت الحاسبات الصغيرة (PC) قد مضى على ظهورها حوالي خمسة أعوام تقريباً، أي أنها كانت حديثة العهد في الاستخدام وخاصة التطبيقات العربية فيها.

ومن الموضوعات التي تعرّضتُ لها طوال عام كامل تدور في محورها الأساسي حول مستقبل هذا الجهاز الجديد العجيب. المقالات التي نُشرت في العدد 163 ولثلاثة أعداد بعدها في 9/8/1989 كانت بعنوان (كومبيوتر المستقبل) وعرضت التجربة اليابانية التي بدأت عام 1982 وكان الباحثون يطلقون عليها بالجيل الخامس من الحاسبات والتي كانت تبشر بأن الكومبيوتر سوف يتكلم اللغة الإنسانية. وهذا المشروع كان يقع ضمن تطوير أنظمة ما يعرف بالذكاء الاصطناعي.

وفعلاً وبعد مرور ربع قرن على تلك المقالات، فإنّ الكثير منها قد تحقق فعلاً وقد قفزت البرامج والتطبيقات الحاسوبية قفزة كبيرة جداً حتى ظهر تعبير العالم أصبح قرية صغيرة بحكم تطور الحاسبات من الناحية المادية وكذلك البرمجيات المرتبطة بها ومنها التطوّر الذي حصل بالشبكات العنكبوتية.

ومن ضمن المقالات التي نُشرت كان بعضها حول اللغات والحاسب وكان هذا الموضوع ولا يزال أحد همومي الشخصية وبالأخص ما يتعلق منها باللغة العربية وتطبيقاتها الحاسوبية. ومن الجدير بالذكر أنّ اللغة العربية لم تلق العناية اللازمة لتطويعها أو لتطويع الحاسب لقبولها وتحليلها بغية فهمها مقارنة مع اللغات العالمية الحية الأخرى.

ومن عناوين المقالات الأخرى (ظهور الحاسبات الإلكترونية - المايكرو، والبرمجة بلغة بيسك العربية، وقصص الخيال العلمي والحاسوب، أنظمة المعرفة الحديثة والحاسوب، ومن مخاطر التكنولوجيا الحديثة - فيروس الكومبيوتر الفتاك)... الخ من المقالات.
وكانت الطريقة التي تناولت فيها "المجلة" المقالات العلمية تُعدّ طريقة دقيقة وهادفة، حيث إن الكثير من الأخوة القراء كان متحمساً للطريقة التي عُرضت فيها المادة العلمية بشكل مبسط ومنطقي.

وبعد كُلِّ تلك الأعوام وكأنما عاد الزمن بي مجدداً بعد أنّ تفضّل الأخ العزيز د. رشيد الخيُّون بنشر مقالة في عموده الأسبوعي عن هموم اللغة العربية والحاسب وكان ذلك 28 ديسمبر، 2012 وتحت عنوان (عراقي… لَقّنَ الكمبيوتر النَّحو والصَّرف والإعراب والإملاء!).
هذا ما حفزّني لكتابة هذه الكلمات البسيطة لأتذكر "المجلة" وتلك السنوات من عمري وأصدقاء منهم من مازال على قيد الحياة ومنهم من فقدناه أو باعدت الدنيا والمسافات بيننا. وفي الختام أودّ لمجلة "المجلة" الاستمرار والدوام لخدمة اللغة العربية والتقدم العلمي.
font change