*95 تابوتاً أثرياً وآثار فرعونية نادرة في سقارة عمرها أكثر من 2500 عام
* من بين الاكتشاف تمثال من البرونز للإله «نفرتوم» من البرونز مطعم بالأحجار الكريمة
*60 من سفراء دول العالم في القاهرة تفاعلوا مع الكشف في موقع الحدث
*28 تمثالا لإله جبانة سقارة «بتاح سوكر» وعدد كبير من التمائم وتماثيل الأوشابتي والأدوات الأثرية الرائعة
* وزير الآثار المصري: الكشف يرجع للأسرة 26 الفرعونية ويخص مجموعة من الكهنة وكبار رجال الدولة والشخصيات المرموقة في المجتمع
* باحث أثري: أهمية الحدث في ندرة وجود القطع المكتشفة... ولأول مرة سيتم عرض مجموعات أثرية كاملة بالمتحف المصري الكبير
القاهرة: حظي الكشف الأثري الأخير في منطقة سقارة التاريخية في مصر بردود أفعال عالمية كبيرة، حيث حرصت وسائل الإعلام العالمية على نقل الحدث على الهواء مباشرة من سقارة، عبر ما يزيد على 200 وسيلة إعلامية مختلفة، بحضور 60 سفيرا من العاملين في القاهرة من ممثلي دول متعددة عربية وأفريقية وأجنبية قام بدعوتهم الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار والبعثة الأثرية المصرية المكتشفة للآثار برئاسة الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، وحضر عملية الإعلان عن الاكتشاف الكبير الذي ضم 95 تابوتا خشبيا نادرا معظمها بحالة جيدة يرجع تاريخها إلى ما يزيد على 2500 عام تم اكتشافها داخل بئر عميقة للدفن، وكان من بين المكتشفات تمثال من البرونز للإله «نفرتوم» بجانب التوابيت الخشبية المغلقة التي ظهر معظمها في حالة جيدة بألوان رائعة، وهو وفق الدكتور مصطفى وزيري أحد التماثيل التي عثرت عليها البعثة أثناء أعمال الحفر داخل أحد آبار الدفن على عمق 11 مترا بجانب التوابيت، وصنع هذا التمثال من البرونز المطعم بالأحجار الكريمة، ومن بينها «العقيق الأحمر والتركواز واللازاوارد». ويصل ارتفاعة إلى 35 سم، كتب على قاعدته اسم صاحب التمثال لكاهن يدعى «بادي آمون» من الأسرة 26 الفرعونية القديمة، وتم كذلك اكتشاف 28 تمثالا لإله جبانة سقارة «بتاح سوكر» وعدد كبير من التمائم وتماثيل الأوشابتي والأدوات الأثرية الرائعة، لتعلن الحضارة المصرية القديمة مجددا عن وجودها وزخمها الذي يستمد رونقه من معين تاريخي وحضاري لا ينضب على مر الأجيال، خاصة وأن المنطقة مرشحة للمزيد من الاكتشافات الأثرية الكبرى وهو ما أكده العديد من خبراء التاريخ والآثار .
وتفاعل سفراء عدد من الدول ومن بينهم فرنسا والمكسيك ونيوزيلندا مع الكشف الأثري من خلال السوشيال ميديا، وأظهروا دهشتهم وإعجابهم بما شاهدوه على الطبيعة عند فتح التوابيت الخشبية، وظهور المومياوات وهو شيء لم يشاهدوه من قبل، وأعربوا عن سعادتهم بخوض مثل هذه التجربة المثيرة، وإعجابهم الكبير بالحضارة المصرية القديمة .
ثلاثة آبار
وعن تفاصيل الكشف الأثري، أوضح خالد العناني وزير الآثار أنه فى البداية تم الكشف عن 3 آبار بها 13 تابوتا، ثم تم الكشف عن 14 تابوتا أخرى بها، ليصل إجمالي عدد التوابيت المكتشفة إلى 59 تابوتا، وأن التوابيت التي تم العثور عليها في حالة جيدة وما زالت محتفظة بألوانها الأصلية، وأن الدراسات المبدئية عليها أوضحت أنها ترجع لعصر الأسرة 26 الفرعونية وأنها تخص مجموعة من الكهنة وكبار رجال الدولة والشخصيات المرموقة في المجتمع، وسيتم إرسال هذه التوابيت إلى المتحف المصري الكبير لتعرض بالقاعة المقابلة للقاعة المخصصة لعرض خبيئة العساسيف والتي عثرت عليها البعثة الأثرية المصرية عام 2019 بالأقصر، حيث تم الكشف عن حوالي 32 تابوتا مغلقا لكنهة وكاهنات من الأسرة 22 المصرية القديمة، ويضم الاكتشاف عشرات من التماثيل وليس توابيت فقط منها تمثال «نفرتوم».
تراث مصري قديم
وتم الإعلان من قبل عن أكثر من كشف أثري بهذه المنطقة، بالإضافة إلى أنه تم افتتاح هرم زوسر أول بناء حجري فى التاريخ فى مارس (آذار) الماضي، بعد ترميمه، الذي بدأ في 2006 وتوقف في 2011 واستكمل مرة أخرى بتكلفة 150 مليون جنيه وذلك حفاظا على الآثار والتراث المصري القديم.
وأشار الدكتور العناني في كلمته التي نشرها موقع الوزارة الرسمي إلى أن هذا اليوم يعتبر حدثا هاما حيث إنه يبرز أن تفرد مصر فى تنوعها الذي لا تمتلكه كثير من دول العالم، مشيدا بنجاح البعثة الأثرية المصرية في العثورعلى هذا الكشف الضخم في جبانة سقارة التي تعتبر إحدى المناطق الأثرية المصرية المسجلة على قائمة التراث العالمي، مقدما الشكر لزملائه من العاملين في المجلس الأعلى للآثار برئاسة الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس، على هذا الكشف الأثري وخاصة لعملهم فى ظروف صعبة وشاقة حيث يعتبر أول كشف أثري يتم الإعلان عنه منذ أزمة فيروس كورونا المستجد مما يؤكد أن تداعيات الأزمة لم تقف حائلا دون إنجاز عملهم باقتدار والتعامل بحرفية بالغة في ظل ظروف دقيقة وإجراءات احترازية بما يضمن الحفاظ على السلامة العامة لكافة الأثريين والمرممين والعاملين والمشاركين في هذا الاكتشاف، معربا عن فخره واعتزازه بأن يكون ضمن هذا الفريق منذ انضمامه لهم فى 2016، وأن تكون معظم الاكتشافات الأثرية المصرية بأيدٍ مصرية من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار، وأوضح أن الأسابيع القليلة القادمة ستشهد افتتاح عدد من المشروعات الأثرية منها متاحف شرم الشيخ، وكفر الشيخ، والعاصمة الإدارية، والمركبات الملكية، وذلك قبل انتهاء العام الجاري.
كنوز قديمة
أحمد عامر، الباحث الأثري والمفتش بوزارة الآثار والسياحة المصرية، قال في حديث خاص لـ«المجلة»: الكشوف الأثرية المصرية مستمرة وبشكل كبير نظرا لاحتواء البيئة المصرية على العديد من الكنوز القديمة، ومنطقة سقارة التي تم فيها الاكتشاف الأخير منطقة غنية بالآثار المصرية القديمة، وتم في السنوات الماضية اعتبارا من عام 2018 العثورعلى بعض الاكتشافات الأثرية ومن بينها ورشة تحنيط كاملة، بالإضافة إلى ما تم من جهود في المنطقة ومن بينها عملية ترميم هرم الملك زوسر في سقارة الذي يقع داخل منطقة «أرض التراث العالمي»، وتكمن أهمية الكشف الأخير في العديد من النقاط ومنها اكتشاف عدد 59 تابوتا، وكذلك جعران محنط والذي يعتبر من النوادر على مستوى الاكتشافات الأثرية المصرية خلال الفترة الأخيرة، حيث لا يوجد نسخة مشابهة له.
وتابع عامر: المتحف المصري الكبير الذي يعد الأكبر على مستوى العالم سيحتوي على 100 ألف قطعة، هذا بخلاف 50 ألف قطعة أثرية أخرى داخل متحف الحضارة، وبلا شك سيرغب السياح الأجانب في رؤية الآثار المصرية القديمة والتي يمتد عمرها إلى آلاف السنين على الطبيعة من خلال المتاحف الأثرية، ومن بينها آثار الدول القديمة والحديثة والوسطى وكذلك العجلات الحربية، والتي تعد قيما أثرية مميزة ولا تقدر بثمن، وستعرض هذه الاكتشافات لأول مرة وهي تمثل عددا كبيرا من حيث الكم والكيف والقيمة الأثرية حيث تزخر بألوان جميلة جدا، وحالة معظمها جيدة، وستعرض لأول مرة في المتحف المصري الكبير وبالتالي سيرى السائح أشياء جديدة لأول مرة مثل القطع الأصلية التي ستعرض كاملة بالمتحف المصري الكبير ومن بينها القطع الأصلية للملك توت عنخ آمون، وهو ما لم يحدث من قبل، وستضيف سقارة المزيد من الإبهار على الاكتشافات المصرية خلال الفترة الأخيرة.
قطع أثرية نادرة
وحول توقعه المزيد من الاكتشافات الأثرية، خلال الفترة القادمة وقيمة الاكتشافات الحالية، قال أحمد عامر لـ«المجلة»: «أتوقع أن لا تكون هذه آخر الاكتشافات، وستتبعها مجموعة أخرى سيتحدث عنها العالم بلا شك، فمن الممكن اكتشاف تمثال لإله أو لحيوان نادر ويكون له صدى كبير من بين الآثار المكتشفة، وتكمن أهمية الاكتشافات في القطعة المكتشفة، وهل هناك مثيل لها في الاكتشافات السابقة أم لا، ويختلف الأمر في القطع النادرة عنها في القطع التي لها مثيل من النماذج المشابهة التي تم اكتشافها من قبل، وبالنسبة للجعران الجديد المكتشف «خبر» فهو يرمز للبعث عند المصري القديم والحياة الأزلية، ولديه عقيدة أنه يحميه من الأخطار، ورأينا الكثير من السياح يتباركون بالجعارين المصرية القديمة في العديد من المعابد، ويرتبط العديد من الرموز لدى المصري القديم بنظرية الخلق، واستمرار الحياة في العالم الأخر.
وأضاف: «معظم القطع الأثرية التي تم اكتشافها في سقارة مؤخرا سيتم وضعها في المتحف المصري الكبير وذلك بعد ترميم ما يحتاج منها ذلك، وبشكل عام لا يتم عرض كل القطع فلدينا المتاحف الرئيسية أو القومية مثل المتحف الكبير، والمتحف المصري الموجود في ميدان التحرير، وكل متاحف الفن الإسلامي، وهي متاحف كلها تابعة للعاصمة، وبها عدد كبير من الآثار، وتوجد أيضا المتاحف الإقليمية الموجودة في المحافظات المختلفة مثل متحف سوهاج وطنطا وكفر الشيخ والغردقة وشرم الشيخ واليوناني والروماني في الإسكندرية، ومنها ما لم يتم افتتاحه بعد، وهي تحتوي على آثار معظمها مما تم اكتشافه في المنطقة نفسها مثل آثار تل الفراعين (بوتو) الموجود في كفر الشيخ عكس المتاحف الكبرى في العاصمة وبعض المدن السياحية التي تحتوي على آثار من عصور مختلفة، أما فيما يتعلق بالمخازن المتحفية فمعظمها نتاج شغل البعثات الأثرية العاملة في مصر، وهناك قطع أثرية لا يتم عرضها ويتم عمل درايات عليها من قبل الأكاديميين والمتخصصين».
انطباعات دولية
وتابع عامر: «ردود الفعل كانت رائعة بالنسبة لوسائل الإعلام العالمية والمحلية، وكان هناك صدى عالمي رائع، فقد حرصت وسائل الإعلام العالمية على نقل الحدث عند الكشف عن التوابيت التي ظهرت في أبهى صورة من خلال النقوش والألوان الواضحة عليها، وتناولت وكالات الأنباء العالمية أهمية هذا الكشف، ودعت الناس لرؤيته في كل أنحاء العالم، وهو من شأنه الترويج للسياحة المصرية بشكل كبير، حيث إن القطع المكتشفة سيتم عرضها في المتحف الكبير لأول مرة، فالسائح يريد رؤية الاكتشافات على الطبيعة حيث يختلف الأمر تماما عند رؤيتها من خلال التلفاز أو وسائل الإعلام المختلفة، وسيكون الأمر فعالا بالنسبة للسياحة أيضا عندما يتم إدراج الاكتشافات الجديدة من خلال كتالوجات للترويج للسياحة في مصر».
وأضاف: «سيكون مفيدا جدا للترويج السياحي في مصر عرض هذه القطع، وعندما بدأ معرض العجل أبيس عندما تم عرضه في سبع دول في أوروبا وأميركا كان له صدى إعلامي وسياحي كبير، وكان ترويجا مهما للسياحة في مصر، ومن الممكن أيضا أن يتم ذلك داخليا من خلال المتاحف المتعددة في القاهرة أو المحافظات ويكون من ضمن الترويج السياحي بين المحافظات السياحية في شرم الشيخ والغردقة، وسيكون هذا وسيلة للجذب السياحي في المدن الشهيرة سياحيا، وسينعكس بلا شك على السياحة بشكل عام، خاصة ممن يحضرون للسياحة الشاطئية والذين سيحرصون على متابعة مثل هذه المعارض بدلا من الانتقال للقاهرة في رحلة طويلة، وسيكون هذا متاحا أمامهم وهي من بين الأفكار المميزة في هذا الصدد، خاصة وأن السياحة الشاطئية تمثل ما يزيد على 75 في المائة من السياحة الأجنبية».
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.