[caption id="attachment_55242867" align="aligncenter" width="618"] جون كيري[/caption]
في معرض تعليقه على إصرار واشنطن مباشرة على الحوار بين بشار الأسد ومعارضيه واقناع موسكو في الضغط على الأسد، يقول مسؤول رفيع
في وزارة الخارجية، حسب الصحافي جوش روغان، إن واشنطن "لم تر اختراقات كبيرة مع الروس أو تغييرا في الموقف الروسي (حول سوريا)، لذا لا نتوقع أن يكون في هذا الاجتماع اي اختراقات".
التصريح هذا يلخص السياسة الأميركية تجاه سوريا، منذ اندلاع الثورة المطالبة بإنهاء حكم بشار الأسد في مارس (آذار) 2011، والمبنية على تضييع الوقت في الثرثرة الدبلوماسية والاجتماعات التي لا فائدة منها.
وللانصاف، يجب القول إن تبرعات اميركا المالية لإغاثة اللاجئين السوريين هي ربما الأكبر في العالم وقاربت الـ400 مليون دولار، وهذا أمر محمود. ولكن أن ينحصر نشاط القوة العظمى في العالم بهذه التبرعات، فضلا عن نشاط الدبلوماسي روبرت فورد وصفحة "فيسبوك" التابعة له التي يقوم بتحديثها بين الحين والآخر، هو أمر مخيب للآمال.
على أنه يمكن لواشنطن اضاعة وقتها الدبلوماسي حسبما ترغب، ولكن السؤال هو: لماذا يصر وزير الخارجية جون كيري على إضاعة وقت عواصم العالم في دعوتها الى التركيز على "اقناع الروس باقناع الأسد" بالخروج من الحكم؟ ولماذا يمارس كيري كل انواع الضغط على "الائتلاف الوطني السوري" لحضور مؤتمر أصدقاء سوريا، في روما، بعدما أعلن الائتلاف عزوفه عن المشاركة بسبب تقاعس القوى العالمية في انقاذ السوريين من اجرام حاكمهم ونظامه؟
وفي السياق نفسه، لماذا يصر كيري على دفع المعارضة الى المشاركة في حوار مع نظام الأسد، في وقت كبار مساعديه لا يعتقدون أن هناك جدوى من هكذا اجتماعات، اذ لم يحصل فيها اختراقات ومن غير المتوقع ان يحصل فيها اختراقات في المستقبل المنظور؟
لكل هذه الأسئلة إجابة واحدة: ثرثرة كيري.
من يعرف الوزير الأميركي، خصوصا عندما كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، يعلم ان كيري عنيد، ومعتد برأيه، ويندر أن يستمع للآخرين. وكما في فترة وزارته الآن، سبق لكيري في فترة رئاسته للجنة المذكورة أن دفع واشنطن نحو ما عرف في حينه بـ "سياسة الانخراط مع سوريا"، على اثر انتخاب باراك اوباما رئيسا في خريف العام 2008.
والمشكلة، انه لم يخرج اي مسؤول عالمي حتى الآن ليذكره بأن سياسته التي راهن فيها على عقلانية الأسد وعلى ضرورة الانفتاح عليه، بين الأعوام 2008 و2011، اثبتت فشلها، والدليل ان الأسد لم يبتعد عن ايران حسبما كان متوقعا، بل توغل في تحالفه معها، خصوصا للافادة من مساعدتها له في قمع المعارضين لحكمه.
هكذا، ليس بيد كيري في موضوع سوريا الا الثرثرة. حتى اقرب مساعديه يعلمون، ويقولون علنا، انهم لا يتوقعون حصول اي انفراج او اختراق في محاولة اقناع الروس والأسد بضرورة خروجه من الحكم كجزء من الحل السياسي والعملية الانتقالية المزعومة.
ضعف كيري هذا، الذي ينقل عنه مساعدون انه يطمح لأن يصبح في مصاف أسلافه الكبار الذين يذكرهم التاريخ الأميركي من امثال هنري كيسينجر والان مارشال وجيمس بيكر، ينبئ بأن حلم الوزير الحالي بالعظمة يبدو أقرب إلى السراب، فإن كان اقناع الروس هو جل ما يبني عليه آماله لإنجاح دبلوماسيته في سوريا، فان كيري سينتظر، وسينتظر كثيرا، وفي الاثناء، سيستمر النزف السوري فيما الوزير الأميركي يكرر حديثه الفارغ ويحلم ان تدخله ثرثرته التاريخ، وهذا لم يسبق ان حصل لا في تاريخ الولايات المتحدة ولا الدول الأخرى في العالم.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.