* مؤخرًا، زادت متابعة وسائل الإعلام، حيث يقرأ الناس الصحف، والمواقع الإلكترونية، ويشاهدون أجهزة الراديو والتلفزيون
* صارت الصحف، والوسائل الإعلامية الورقية، تخسر عائدات الإعلانات، وتكافح في مواجهة منافسات إعلامية إلكترونية
واشنطن: في الأسبوع الماضي، أعلنت شركة «تريبيون»، وهي واحدة من أكبر شركات نشر الصحف في الولايات المتحدة، عن إغلاق مكاتب خمس من صحفها، ونقل الصحافيين للعمل من منازلهم.
لم يشمل القرار اثنتين من أكبر صحف الشركة: «شيكاغو تريبيون»،و«بالتيمور صن»،لكنه شمل صحفًا مثل: «نيويورك ديلي نيوز»،و«أورلاندو سنتينال»(ولاية فلوريدا)، و«كابيتول غازيت»(ولاية ماريلاند).
وقال بيان أصدرته الشركة: «مؤخرًا، زادت متابعة وسائل الإعلام، حيث يقرأ الناس الصحف، والمواقع الإلكترونية، ويشاهدون أجهزة الراديو والتلفزيون الخاصة بهم، وخاصة للاطلاع على أخبار فيروس كورونا... لكن، صارت الصحف، والوسائل الإعلامية الورقية، تخسر عائدات الإعلانات، وتكافح في مواجهة منافسات إعلامية إلكترونية، وبالنسبة للصحف المحلية، كانت المواجهة أقوى، وذلك بسبب زيادة الاعتماد على المصادر الإخبارية الإلكترونية».
وهذه ثلاثة آراء حول هذا الموضوع:
أغلقت شركات الصحف أكثر من 50 غرفة تحرير
بيني هاسمان، أستاذة في كلية الصحافة والإعلام في جامعة نورث كارولاينا:
أغلقت شركات الصحف أكثر من 50 غرفة تحرير في الولايات المتحدة منذ بداية وباء كوفيد-19، وكانت كثير من هذه الصحف مصادر الأخبار الوحيدة في مناطقها.
صحيح، حاولت كثير من شركات الصحف، في جميع أنحاء البلاد، مواجهة خسارة الإيرادات بتخفيض أيام الطباعة، ومنح إجازات للصحافيين والعاملين، وتخفيض رواتبهم. بدلاً من التسريح الكامل، والإغلاق النهائي. غير أن شركات صحف رئيسية سرحت صحافيين وعمالا، أو أغلقت مكاتب التحرير، او سمحت للصحافيين بالعمل من منازلهم...
ومنذ عام 2004، أغلقت حوالي 1.800 صحيفة في الولايات المتحدة. منها 1.700 صحيفة أسبوعية. يعادل هذا العدد متوسط إغلاق 100 صحيفة كل عام...
وسواء كان العدد كبيرا أو صغيرا، وصحيفة أسبوعية أو يومية، في نهاية المطاف، كل إغلاق يمكن أن تكون له عدة نتائج:
أولا، يفقد صحافيون، ليس فقط وظائفهم، ومصادر أرزاقهم، خاصة إذا كانوا يعولون عائلات، ولكن أيضا يهد نفسيات من يعملون في هذه المهنة التي يمكن أن تكون هواية أيضا.
ثانيا، يفقد المجتمع الصحافي الذي، عادة، يغطي اجتماع مجلس مقاطعة، أو مجلس مدينة، أو مجلس إدارة مدرسة، النشاطات المحلية التي لا تنشرها الصحف الكبرى.
مؤخرًا، أصدرنا هنا (كلية الصحافة والإعلام) تقريرا عن «صحاري الأخبار»،قلنا فيه الآتي:
أولا، زاد كثيرا، خلال الخمس عشرة سنة الماضية، عدد المناطق التي لم تعد فيها صحيفة ورقية محلية.
ثانيا، فقدت الولايات المتحدة، منذ عام 2004، ربع صحفها الورقية: 2.100 صحيفة.
ثالثا، الآن، لا توجد في أكثر من 200 مقاطعة أميركية (من جملة 3.143 مقاطعة) أي صحيفة ورقية محلية.
تخفيض عدد العاملين
إيرين هاغرتي،عضو نقابة صحافيي «شيكاغو تريبيون»:صحيح، لم تشمل قرارات إغلاق المكاتب الأخيرة هذه الصحيفة. لكن، تبدو هناك سحب قاتمة في الأفق البعيد.
ها هم زملاؤنا، وزميلاتنا، في الصحيفة الشقيقة «أورلاندو سنتينال»(ولاية فلوريدا) قد تفرقوا. وها هي واحدة منهن، غردت في الأسبوع الماضي:
منذ عام 1951، ظل هذا المبنى هو مبنى صحيفتنا. لكنه يغلق في عام 2020. وها هي الشركة العملاقة (تريبيون) تعلن، دون خجل، تحقيق إيرادات 80 مليون دولار خلال العام الماضي. سنظل في «غرفة أخبار»، كل واحد من منزله. وذلك لأن غرفة الأخبار هي أشخاص قبل أن تكون مبنى. لكن، جمعتنا غرفة الأخبار لنتعارف، ونتعاون، ونناقش، ونبدع، ونمزح، ونصرخ. الآن، صرنا محطمين، ولا نعرف ماذا نقول غير أن ندعو من يقدر على مساعدتنا.
في الحقيقة، أنا أفضل أن تخفض شركة «تريبيون»المباني بدلا من تخفيض عدد العاملين. وأنا قلت ذلك في آخر اجتماع لنقابتنا. وقلت، أيضًا، إن الشركة يجب أن تخفض تكاليف إدارتها. نحن، في النقابة، نعرف أن الشركة تملك أموالا كثيرة. لكن، أسفا، لا يصلنا منها ما يجب أن يصلنا...
لحسن الحظ، نحن هنا في «شيكاغو تريبيون»نظل نذهب إلى مكاتبنا كل يوم. لكن، صار صحافيون في صحف ضواحي شيكاغو يعملون من منازلهم. لم يفتقدوا فقط التجمع الإنساني، ولكن افتقدت هذه الضواحي الصحافيين الذين يغطونها...
لا يتجادل اثنان في مزايا غرفة أخبار: التعلم من الزملاء، والاستماع إلى ملاحظاتهم، وتأسيس علاقات إنسانية، وحتى الاستماع إلى صحافي يتحدث في التليفون مع شخص معين، ويسأله أسئلة ذكية.
غرفة الأخبار
دانيال أوهي، صحافية في صحيفة «كابيتال غازيت»(ولاية ماريلاند):
سنواجه صعوبة معينة عندما نترك غرفة الأخبار. صعوبة معينة لأننا كنا مستهدفين في عام 2018، عندما هجم علينا شخص غريب، وقتل منا خمسة. في ذلك الوقت، قررنا أن نعمل في مكان آخر، مؤقتا، لأننا لم نرد أن نتذكر دماء وصيحات القتلى والجرحى. عملنا لعام كامل في غرفة أخبار تابعة لجامعة ماريلاند...
عندما عدنا إلى مكاتبنا الأصلية، شعرنا بأننا نعيش فترة نمو وشفاء. وضعنا صورًا، ونصبًا، تذكارية لزملائنا الذين قتلوا. وعلقنا العلم الذي كان الكونغرس أمر برفعه في أعلى مبناه في واشنطن حدادًا على زملائنا الذي قتلوا. وشعرنا، حقا، بأن غرفة الأخبار العتيقة صارت مكانا لعمل صحافي متجدد، بعد الكارثة الدموية...
صحيح، قالت شركة «تريبيون»إن هذه الإجراءات بسبب وباء كوفيد-19، لكننا لا نعتقد أن الشركة ستعيدنا إلى غرفة الأخبار بعد أن ينتهي الوباء. يبدو أن الوباء كان عذرا من السماء للشركة لتقلل نفقاتها.
بالنسبة لنا، سنعمل، طبعا، على تقديم عمل صحافي ممتاز. لكن، سيكون صعبا جدًا القيام بهذا النوع من العمل التعاوني عندما لا نعمل جنبا إلى جنب...
نقطة أخيرة، يسكن كثير من زملائنا وزميلاتنا في بالتيمور (أكبر مدن ولاية ماريلاند)، وليس هنا في أنابوليس (عاصمة الولاية)، وذلك بسبب ارتفاع أسعار وإيجارات المنازل هنا. لهذا، كانوا، كل صباح، يأتون من مسافات بعيدة ليغطوا الأحداث في عاصمة الولاية. الآن، كيف سيقدرون على ذلك وهم سيعملون من منازلهم في بالتيمور؟