* منظمة العفو الدولية: الاعتقالات الواسعة وحوادث الاختفاء والتعذيب منذ مظاهرات نوفمبر 2019 في إيران بمثابة «سحق» للإنسانية
باريس: تنشر كل يوم بعض الأخبار المروعة عن انتهاكات حقوق الإنسان الوحشية التي تمارسها الشرطة والاستخبارات وقوات الأمن الإيرانية دون أي عقاب.
ونشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا بعنوان «سحق الإنسانية»صوّرت فيه بالتفصيل الفظائع التي ارتكبها جهاز أمن النظام الإيراني «في أعقاب المظاهرات التي عمّت البلاد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 إثر إعلان الحكومة الإيرانية المفاجئ عن زيادة كبيرة في أسعار الوقود».
وشددت المنظمة على أن السلطات الإيرانية قد شَّنت حملة قمع واسعة أدّت إلى القبض على الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، بالإضافة إلى الاحتجاز التعسفي والاختفاء القصري والتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة السيئة.
ونشرت المنظمة التقرير بعد حملة واسعة شنها ناشطون إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم «لا تعدموا». وانطلقت الحملة على خلفية قرارالمحكمة العليا الإيرانية بإعدام أمير حسين مرادي، وسعيد تمجيدي، ومحمد رجبي، الذين شاركوا في مظاهرات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وبحسب المنظمة، قال محمد رجبي، وسعيد مجيدي، أنهما تعرضا للضرب المتكرر والركل وعُلِّقا رأسا على عقب. أما أمير حسين مرادي فقد قال إنمن كانوا يحققون معه عذبوه بضربه وصعقه بالصدمات الكهربائية والوقوف على صدره. كما تحدث عن مشاكل الكلى نتيجة التعذيب. وعلى الرغم من ذلك، فقد حُرم من الرعاية الطبية. واستخدم القضاء كل ما اعترف به تحت التعذيب كدليل لإدانة الشباب الثلاثة.
يثبت هذا النظام الوحشي انتهاكه لحقوق الإنسان كل يوم أكثر من الذي سبقه. وبحسب قناة «إيران إنترناشيونال»الناطقة باللغة الفارسية، فقد أكدت المحكمة العليا في إيران حكمين بالإعدام بحق بطل المصارعة الإيراني نويد أفكاري، يضافان إلى 6 سنوات و6 أشهر في السجن و 74 جلدة.
وحكمت أيضًا على شقيقه وحيد أفكاري بالسجن 54 عاما وعلى شقيقه الثالث حبيب بالسجن 27 عامًا، بالإضافة إلى 74 جلدة لكليهما.
وسيُحاكم دبلوماسي إيراني وثلاثة متواطئين معه في بلجيكا بسبب التخطيط لتفجير تجمع حاشد في باريس. فقد قام أسد الله أسدي، المسؤول الكبير بوزارة المخابرات والأمن التابعة للنظام الإيراني والواقعة في السفارة الإيرانية في النمسا، بتسليم قنبلة إلى أمير سعدوني ونسيمة نومني في لوكسمبورغ في 28 يونيو (حزيران) 2018 لتفجير مؤتمر إيراني كبير في فيلبينت بباريس. إلا أنه تم الكشف عن هذه المؤامرة الإرهابية وإحباطها في مراحلها الأخيرة.
ويتمتع الإيرانيون بسجل حافل في الإفلات من العقاب على جرائمهم ضد الإنسانية. ففي أعقاب فتوى أصدرها المرشد الأعلى للنظام الإيراني روح الله الخميني في منتصف يوليو (تموز) 1988، تم تشكيل ما يعرف بـ«لجان الموت»في السجون في جميع أنحاء إيران والتي تسببت بمقتل الآلاف من السجناء السياسيين.
وتم إعدام أكثر من 30 ألف سجين سياسي سراً على مدى عدة أشهر بعد محاكمات مزيفة استمرت خمس دقائق فقط وينتسب معظمهم إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. ووضعت جثثهم في شاحنات مبردة ودُفنت ليلاً في مقابر جماعية في جميع أنحاء البلاد.
وقالت السيدة رجوي لـ«المجلة»إن الخميني سعى من خلال إصدار فتواه بقتل المعتقلين السياسيين، إلى القضاء على الجيل المناصر لمنظمة مجاهدي خلق لضمان صمود نظامه مثلما فعل المغول الذين ذبحوا الآلاف من الناس.وكتب الخميني بخط يده: «أي شخص وفي أية مرحلة إن کان من مجاهدي خلق ليحكم عليه بالإعدام، أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة».
وعقد الناجون من ملحمة إيران عام 1988، الذين تضمنوا سجناء سياسيين وخبراء قانونيين دوليين وشخصيات بارزة في مجال حقوق الإنسان والسياسة، عقدوا ندوة عبر الإنترنت في أغسطس (آب) لمناشدة منظمة الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها لإجراء تحقيق مستقل في المجزرة.
وقالت البارونة فيرماعضوة مجلس اللوردات في المملكة المتحدة للمشاركين في الندوة إن «أحد أسباب هذا التدهور الإفلات من العقاب الذي دام عقودًا من الزمن والذي حظي به مسؤولو النظام وما زالوا يحظون به في الداخل والخارج».
ومن جهته، قال المسؤول السابق لمكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة طاهر بومدرة، الذي مثل المنظمة غير الحكومية «العدالة لضحايا مجزرة 1988 في إيران»ومقرها لندن، إن اضطهاد السجناء السياسيين في إيران على أساس سياسي وديني وعرقي «جريمة مستمرة»يجب وقفها وتسليم الجناة إلى العدالة.
وأضاف: «يبدو أن المسؤولين الإيرانيين غير مستعدين بعد 32 عامًا على مذبحة السجناء السياسيين للتصرف بناءً على مطالب الأمم المتحدة للتحقيق وكشف الحقيقة»،مشددًا أن معظم الإيرانيين المشتبه فيهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية مدرجون بالفعل في لوائح إرهاب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وكندا وغيرها بسبب جرائم الإرهاب والجرائم الأخرى التي ارتكبوها وذلك بموجب القانون الدولي.
وأردف قائلًا: «لذلك، من الممكن أن تقبل أي محكمة وطنية في هذه الدول السلطة القضائية على فعل مصنف على أنه جريمة ضد الإنسانية».
«وعلى الرغم من أن الاعتبارات السياسية تؤخذ بعين الاعتبار بشكلٍ عام عند قبول أو رفض مثل هذه السلطة القضائية، إلا أن المسؤولية تقع على عاتق المدافعين عن حقوق الإنسان للإصرار وتسهيل الملاحقات القضائية وتحقيقها من خلال البحث وتوثيق الأدلة ووضعها تحت تصرف السلطات القضائية الراغبة في مقاضاة الجناة».
وفي تصريحها لـ«المجلة»، قالت السيدة رجوي إن الوقت قد حان لإنشاء حركة تسعى إلى تحقيق العدالة في مجزرة السجناء السياسيين في أي مكان وبأي طريقة ممكنة. وأضافت أن إنشاء حركة لتحقيق العدالة تعني أولًا أن المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي مجرم بالتأكيد، مشددة على أن خامنئي وشركاءه مجرمون لأنهم السلطات الأعلى المسؤولون مباشرةً عن مجزرة عام 1988.
وحثت السيدة رجوي الأمم المتحدة ومجلس الأمن على تسهيل الترتيبات السياسية والقانونية ليتمكن المجتمع الدولي من ملاحقة قادة النظام الإيراني لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية.
لقد استخدم النظام الإيراني الإرهاب كأداة لإخضاع شعبه لديكتاتوريته وتعزيز مصالحه الاستراتيجية في المنطقة. ويتسبب النظام الإيراني بالبؤس والحروب والدمار والتوترات الطائفية في كل زمان ومكان يتدخل فيه. ولذلك، يجب محاسبة هذا النظام اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى إذا أراد الإيرانيون وشعوب المنطقة مستقبلًا أفضل.