كشف الدكتور كمال الهلباوي المتحدث السابق لجماعة الإخوان المسلمين بالخارج والقيادي الإخواني المنشق، عن إتجاهه لتأسيس جماعة إخوانية جديدة تميل نحو الإصلاح والتجديد وتبتعد عن العمل السياسي والتحزب. وأعرب الهلباوي في لقاء خاص مع "المجلة" عن رفضه للحوار بين المعارضة والرئيس تحت ضغوط أمريكية واصفا ذلك بـ"المشين" على حد قوله.
وقال إن الرئيس محمد مرسي لم يف بأي من وعوده التي تعهد بها أمام من انتخبوه وإن إدارته لمصر كمن يريد أن يضع الفيل في الزجاجة. كما اتهم مرسي بالتراجع والتردد مشيرا إلى أن ذلك من سمات جماعة الإخوان المسلمين.
ومن ناحية أخرى حذر الدكتور الهلباوي مما سماهم "المتسلفين" الذين ينشرون الفرقة والتحزب. وأكد أنه لا توجد دولة في العالم خالية من الإخوان المسلمين وأفكارهم وكتبهم حتى في عشوائيات أفريقيا.
وبحكم عمله السابق كمتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين وكقيادي كبير وواجهة عالمية في تنظيم الإخوان خارج مصر وما يعرفه من تفاصيل وأسرار من داخل الجماعة التي انشق عنها مؤخرا تأتي أهمية الحوار مع الدكتور كمال الهلباوي ليكشف لنا مزيدا من الأسرار والآراء الجريئة.
ولاشك أنه بعد القبض على أعضاء تنظيمات إخوانية في بعض دول العالم العربي يثور السؤال عن حقيقة وجود الإخوان خارج مصر وحقيقة التنظيم الدولي للإخوان وهو ما طرحناه في بداية الحوار مع الدكتور كمال الهلباوى فقال:
** التنظيم الدولي للإخوان موجود على الورق كمشروع ولم ينفذ منه إلا أشياء قليلة أعتبرها تنسيقا لم يصل بعد إلى حيز التنفيذ وذلك لأسباب عديدة ففي عهد مبارك وفي الدول العربية الأخرى كان يتم منع الإسلاميين من السفر لحضور تلك المؤتمرات ووضعهم في السجون مما أدى إلى التضييق كثيرا على اللقاءات ومن ثم عقد مؤتمرات من دون القيادات الإسلامية بسبب المطاردات الأمنية حال دون أن يصل الأمر لتنظيم دولي.
*هل يمكن أن يعود التنظيم الدولي ويصبح في حيز التنفيذ بعد صعود الإسلاميين في العالم العربي؟
**نعم. فهم يستطيعون أن يفعلوا أي شيء وكما يشاؤون لكنني لا أعرف تفاصيل هذا الموضوع بعد أن استقلت من جماعة الإخوان.
*هل يوجد فعلا تنظيم للإخوان المسلمين في الإمارات وغيرها من الدول العربية؟
** لا توجد بلد في الدنيا حاليا لا يوجد بها إخوان وفكر الإخوان وكتبهم خاصة كتب الإمام البنا وسيد قطب والقرضاوي والعسال. ويختلف حجم الإخوان تنظيما أو فكرة أو أفرادا. ومن يتصور أنه توجد بلدان في العالم لم يصلها فكر الإخوان فهو مخطئ وأذكر أثناء زيارتي لإحدى المناطق البدائية والعشوائية في أفريقيا وجدت الكتب الإسلامية هناك ومترجمة لعدة لغات منها الإنجليزية والسواحيلية ومنها كتب لسيد قطب.
المشروع الإسلامي
* في رأيك ما سر انتشار الفكر الإخواني بهذا الشكل في بلدان العالم؟
** لأنه الفكر الإسلامي الأقرب إلى المشروع الإسلامي والحراك الإسلامي في صدر الإسلام من حيث الشمول والعالمية.
*لكن الإعتقاد الأكثر شيوعا أن فكر السلفيين هو الأقرب لفترة صدر الإسلام وعصر الصحابة؟!
**الفكر الإخواني هو الفكر السلفي!
*إذن لماذا يبدو الخلاف بين السلفيين والإخوان على أرض الواقع؟
** ما نراه اليوم تحت راية الفكر السلفي هو تسلف وليس سلفية.
*هل معنى ذلك أن الإخوان أكثر سلفية من السلفيين الموجودين حاليا؟
** نعم لأن "السلفيين" كانوا يحرمون الدخول في السياسة في بعض الأوقات ويحرمون الخروج على الحاكم الظالم وحرموا الديمقراطية ودون أن ندخل في مقارنة أؤكد أن حسن حسن البنا هو إمام من أئمة السلف ومن يقرأ كتاب رسائل حسن البنا يتأكد مما أقول ولكن معظم ما يحدث الآن بعيد عن ذلك! ومثال ذلك للتوضيح أن الإمام بن تيمية رحمه الله وهو من أئمة السلف رغم أنه متأخر إنما الحركة السلفية تنتسب اليه أيضا. ولقد أفتى بن تيمية أن أي صناعة مفتقدة في الأمة تصبح فرض عين حتى تكتفي الأمة منها ويرى أن أفضل الصناعات هي الحربية أو العسكرية لأنها عدة الجهاد ووسيلته وعندما نطبق هذا الكلام على المعاصرين من أهل السنة الذين لا يفكرون في الصناعة ولا الصناعات الحربية ويستوردون رغم الأموال الكبيرة التي عندهم ويخضعون للظالمين نجد فرقا هائلا في تلك النقطة. أما فيما يخص العقيدة فهم أي السلفيين لن يكونوا متسلفين أفضل من الجيل الأول فلما نجد عمرو بن العاص فتح مصر ودخلها وشاهد الأهرامات والمعابد وأبو الهول وتركها كما هي ثم يأتي أحدهم في القرن الحادي والعشرين وهو متسلف وليس سلفيا ويقوم بهدم وتكسير التماثيل وما إلى ذلك فهو لا علاقة له بالسلف حتى لا نهين السلف ونحفظ كرامة السلف والانتساب لهم. لذلك أنا أفرق بين السلف والتسلف.
* إذن تعتبر تلك الظاهرة من سلبيات العصر الحديث؟
** بالتأكيد التسلف ظاهرة سلبية لأنه يركز على الشكل وليس على المضمون فنجد من أولئك المتسلفين من يفتي فتاوى ما أنزل الله من سلطان ما يؤدي إلى تحزيب الأمة بينما فكر السلف يجمع الأمة. ولذلك فإن من يدعو إلى التحزب الذي يكرس الإنقسام الحاد في المجتمع فهو يدعو إلى التباغض والشحناء وهو ليس من فكر السلف ولا فكر الإسلام.
* هناك من يقول أن ظاهرة التحزب السلفي هي تكتيك للإنتشار والتوغل في المجتمع لحصد أكبرعدد من الأصوات في الإنتخابات وليس مؤشرا للإنقسام!
** لا شك أن هناك أحزابا تتعاون فيما بينها على الخير وتقف ضد الشر إنما لا يكون المنتمي إلى أي حزب من هذه الأحزاب ممن يدعم حزبه بالحق والباطل كما نرى في هذه الأيام! وهنا يبرز الفرق الكبير بين السلف والتسلف.
*إذن ما يدعيه بعض "السلفيين" على الإخوان بأنهم أبعد عن الفكر السلفي هو إدعاء غير صحيح؟
** مائة في المائة! الإخوان دعوة وسطية وهذا فهم السلف بل وتفسير للقرآن الكريم "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" والتطرف بالزيادة أو النقصان هو خروج عن الوسطية ورغم هذا فإن أئمة الدعوة الإسلامية والوسطية الإخوانية لا يكفرون من أخطأ بينما هناك من يكفر بالمعصية وهم الخوارج الذين يحملون الخطأ إلى العقيدة. إنما كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. وأذكر أنني رأيت شخصا أيام الجهاد الأفغاني ونحن في أفغانستان كفر مجموعته الذين هم كانوا يكفرون الناس "يعني هو كفر المكفراتية بتوعه!" ثم كفر نفسه ثم عاد إلى الإسلام. ولذلك يجب أن نفرق بين السلف ومنهجهم وبين المتسلفين.
[caption id="attachment_55242291" align="alignleft" width="265"] الرئيس محمد مرسي[/caption]
الإعلام الفاسد!
* هل تعتقد أن الإعلام ساهم بالسلب في تناول هذه القضية وساهم في الانقسام والتحزب؟
** لاشك أن الإعلام يفسد كثيرا وبعض الإعلاميين جهلة للأسف. سأجيبك بقصة حدثت لي. عندما كنت في أحد البرامج الفضائية بمدينة الإنتاج الإعلامي بمصر وسئلت عن الشيعة والخميني فأبديت إعجابا شديدا بالمنجزات التي قام بها في إيران مثل طرده للسفيرالإسرائيلي وإعطائه السفارة للفلسطينيين وأبديت إعجابي بالتقدم العلمي الإيراني كدولة مسلمة تحاول أن تمتلك برنامجا نوويا رغم الحصار الموجود عليها وإذا بي أفاجأ بردود أفعال غاضبة على الرغم أنني أتكلم عن دولة دخلت في الإسلام وليست كافرة كما يدعون. فقلت لهم إن الإسلام كالبيت الكبير الذي له بوابة دخول هي النطق بالشهادتين ومن دخل منها أصبح مسلما عليه الأمان ولا يمكن تكفيره إلا إذا قام بأفعال ناقضة لإسلامه ولذلك فالإمام البنا رحمه الله قال "لا تكفر مسلما نطق بالشهادتين وعمل بمقتضاها" ومن ثم لا يجب أن يأتي أحد الجهلاء من بعض المتسلفين في الإعلام ويكفر هذا أو ذاك كما لو كان معتقدا أنه يمتلك مفاتيح الجنة أو يستطيع أن يمنع الآخرين من رحمة ربنا. وحتى على مستوى الإعلام الرسمي نجده نافق مبارك كثيرا وهاهو الآن ينافق الرئيس مرسي!
* من خلال إقامتك الطويلة بالخارج كمتحدث باسم الجماعة كيف ينظر العالم الغربى للإخوان؟
** طبعا العالم الغربي ظل لسنوات طويلة يحارب الدعوة الإسلامية الصحيحة التي أزعم أنها ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين.
* هناك أراء بأن الغرب يتعاون أحيانا مع الإسلاميين أو يستخدمهم لتحقيق أهدافه؟!
** هذا الأمر يحدث حاليا فقط بعد ثورات الربيع العربي!
الغرب عادى الإسلام لفترات طويلة ليس لأنه فقط يكره الإسلام ولكن يعادي فكرة الدين نفسها. كما أن الغرب يعادي كل من يريد منافسته في التقدم أو الحضارة ولذلك حارب الغرب اليابان رغم أنها غير مسلمة وكذلك حارب فيتنام. فهو يحارب الشعوب حتى لا تتفوق عليه وبقدر ما قدمه من خدمات للحضارة إلا أن لديه جانبا يستطيع أن يهدم تلك الحضارة.
* لكن في حوار سابق مع دكتور سعد الدين ابراهيم أكد أن الإخوان مثلا طلبوا مساعدته في عهد مبارك للتوسط لدى أمريكا تحديدا؟
**ربما يكون سعد الدين ابراهيم قد سعى هو من باب محاربة الظلم الاجتماعي إلى التوفيق بين الإسلاميين وأمريكا.
* لكن هذا تم بناء على طلب الإخوان أنفسهم!
** هذا ممكن!! لكنني لم أحضر هذا الأمر.
* ما قصدته هو هل استخدم الغرب الإسلاميين بشكل عام والإخوان خاصة كأسلحة لضرب الأنظمة الداخلية في ما سمي بدول الربيع العربي؟
** لدي تفسير قد تظهر نتائجه الآن أوبعد حين! بمعنى أن الغرب براجماتي لا يهمه الدين ولا يعيش في الأوهام ومن هذا المنطلق نظر إلى الشارع ووجد أن الشعوب ثائرة من الداخل ضد الديكتاتورية والظلم ووجد أن القوة الوحيدة التي كانت منظمة في مصر أو تونس هي الإسلاميين وعمل على حماية مصالحه ولسان حال الغرب يقول "إن وافق هؤلاء الناس على مصالحي فلم أضيع وقتي".. وكونداليزا رايس عندما زارت مصر رفضت الاجتماع بالإخوان لأنها كانت مع مبارك آنذاك ثم تغير الموقف. كما أن الغرب يأمل أن ينهي قضية فلسطين في عصر الإسلاميين وآمل أن يفهم الناس ما أعنى. فأكثر الأمور التي تقلق الغرب أنه يشعر أنه ظالم ويرى في استراتيجيته أن إسرائيل كنموذج يظن الغرب أنه ديمقراطي - وهو نظام عدواني- يرى أنه يجب أن يكون موجودا. كما أن الغرب أنهك سواء في أفغانستان أو العراق وغيرهما. أخشى أن المسائل المعقدة التي منها مصالح الغرب والتي لم تحل في العهود السابقة أن تحل في عهد الإسلاميين وأن يكون خداعا ما.
* هل هذا تحذير للإسلاميين من خداع الغرب؟
** المشكلة أن الشفافية مفقودة على جل الشعوب العربية من حكامهم حتى في عهد الإسلاميين والتضارب موجود رغم أن فقهنا وديننا قائم على كل الشفافية.
قاعدة فاسدة
* في رأيك ما سر الغموض في تعامل الحكام الإسلاميين مع شعوبهم رغم أنهم كانوا ينددون بهذا الأسلوب حينما كان يمارسه النظام السابق؟!
** أرجو أن تسأليهم! والحقيقة أنا لا أجد سببا إلا إلى الفساد الموجود في الأساس فبدا الأمر كأننا ركبنا شيئا جيدا على قاعدة فاسدة، فلا زالت القاعدة بالمؤسسات القديمة الفاسدة موجودة. وهو أمر مخالف للآراء الإمام البنا في مسألة التغيير فقد كان ينادي بالإصلاح من القاعدة بدءا من تربية الفرد إلى أن ينتشر الإسلام فهما ومعنى وممارسة ثم يؤتي الإصلاح ثماره. والإخوان ظلوا على هذا ولم يشاركوا في التغيير ولم يطالبوا به، يعني أن الذي غير هم الثوار وليس الإخوان!
*يعني الإخوان لم يشاركوا في الثورة؟!
** لا بالطبع شاركوا في الثورة بعد أن كانوا أعلنوا عدم مشاركتهم. لكن شباب الإخوان شاركوا أولا فيها من دون إذن مثله مثل الشباب المصري كله الذي انطلق للميدان وبعد ذلك شارك الإخوان يوم 28 يناير وشاركوا في حماية الثورة. ولذلك أتعجب الآن من التهم التي توجه للإخوان بأنهم شاركوا في قتل الثوار! وهو أمر غريب ودليل على الفتنة. إنما من أكبر أخطاء الإخوان التي يعانون منها الآن أنهم تركوا الميدان مبكرا من أجل البرلمان وهذا خطأ إستراتجي، بل إن بعضهم (في الإخوان) اتهم الثوار الحقيقيين الذين وقفت معهم أنا والمستشار زكريا عبد العزيز ومظهر شاهين وآلاف أخرى في شارع محمد محمود لحل الأزمة في نوفمبر 2011، بأنهم بلطجية !!
* الإخوان أم المجلس العسكري؟!
** الإثنان الإخوان والعسكر!
*هل هناك تنظيم سري أو ميليشيات في جماعة الإخوان؟
** البنا أنشأ التنظيم الخاص لمحاربة الاحتلال بمصر وفلسطين. وكلمة "ميليشيات" مرفوضة ولكن المفروض علينا أن نجهز الجيش لنعود به إلى جيش الصحابة.
* أليس ذلك تأكيدا للمخاوف من أخونة مؤسسات الدولة وخاصة الجيش ؟
**ليس أخونة وإنما أسلمة المؤسسات.
* بالمناسبة هل كانت هناك صفقة فعلا بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين؟
** كان هناك تفاهم بين العسكر والإخوان لكنني لا أعرف إن كان أسفر هذا التفاهم عن صفقة أم لا فالله أعلم.
* بصرف النظر عن المسمى هل ترى أنه تفاهم معيب؟
** نعم كان تفاهما معيبا جدا بعد ثورة قام بها الشعب.
* لكنها لعبة السياسة بحساباتها الخفية!
**السياسة عند المسلم غير السياسة المستوردة. فإذا كنا ندور في فلك الديمقراطية كنظام مستورد مثل أي سلعة نستوردها من الخارج نكون كالأغنام. أما إذا أخذنا أجمل ما في الديمقراطية وربطناه بالقيم الإسلامية فهذه سياسة عظيمة وهو ما نسميه الشورى في الإسلام.
ميدان التحرير
* كيف ترى دخول الإخوان المسلمين في معترك السياسة بعد وصول الدكتور مرسى للحكم في مصر؟
** لاشك أن تلك الخطوة أضرت الدعوة والدليل على ذلك أنني أتساءل هل يستطيع محمد بديع مرشد الإخوان المسلمين في مصر الآن أن يسير في الشارع بمفرده هو أو خيرت الشاطر؟! الإجابة بالطبع لا. وحتى المرة التي فتح فيها مرسي صدره للميدان وسط ميدان التحرير كانت مرة وانتهت!
* ما السبب في رأيك؟!
** لأنهم استعدوا الناس عليهم وخاضوا السياسة وتعجلوا الثمار رغم أن الإمام البنا حذر من هذا كثيرا في رسائله.
* إذن لماذا وقعوا في هذا الخطأ؟!
** هذا يعيدنا لما قلناه عما يتردد بأن هناك اتصالات وتوافقات ما كان ينبغي للإخوان أن يقعوا فيها. وحسن البنا نفسه حذر من ذلك وقال إذا تقدمت لأي شيء من هذا القبيل سأنذر قبلها.
*هل تعتقد أن دخول الإخوان في السياسة وسعيهم للسلطة كان خطأ؟
** دخولهم لمعترك السياسة لا شيء فيه والتوقيت أيضا لا غبار عليه ولكن كان من الممكن أن يسيروا في الاتجاهين أي دعم الثورة والانتخابات في نفس الوقت وهذا ما ناديت به كثيرا ولو كان حسن البنا حيا بيننا لاتخذ خيمته وذهب لميدان التحرير ليلتقي بالناس ويعلمهم وحتى البلطجية الذين يسيئون للبلد كان يمكنه أن يعلمهم ويهذب من سلوكهم.
* كيف ترى المشهد السياسي حاليا بمصر بعد موافقة البعض على إجراء حوار مع الرئيس؟ وما رأيك في ما يقال بأن بعض رموز المعارضة من مثيري الفتنة في الشارع المصري؟
** للأسف الشديد الكل واقع تحت تأثير الأمريكان! فأنا من مؤيدى الحوار والحلول السلمية للخروج من المأزق ولكن المشكلة أن من كانوا يرفضون الحوار من قبل تغيرت مواقفهم وقبلوا الحوار بعد أن اتصل بهم "برنز" وأصبح الحوار الآن مطلبا أمريكيا وهي مشكلة كبيرة وأنا ضد الحوار الذي تراه أمريكا لأنها كما تدفع الناس للحوار فيمكنها أن تدفعهم بعيدا عنه لأنه من يقبل أن يأتي للحوار بعد ضغوط أمريكية يقبل أن يخرج من الحوار أيضا بضغوط أمريكية. يعني، مطالب جبهة الإنقاذ صحيحة في معظمها ولكن أن تذهب للحوار لأن أمريكا طلبت ذلك فهذا مشين في حقهم جميعا بلا استثناء إلا من رفض. ولا أحترم من يذهب إلى الحوار بإرادة أمريكية ولن يفيد مصر إذا كان في السلطة أو المعارضة.
* وماذا عن إدارة الرئيس مرسي للحكم كيف تقيمها؟
** مرسي كشخص رجل محترم وأمين وكنا نتمنى رئيسا بهذه المواصفات لكن تردده وتراجعه خطأ وإقدامه أيضا خطأ! يعني مكر مفر مقبل مدبر معا!!! وهذا التردد هو موقف الإخوان من وقت مبكر بشكل عام وهذا أحد الأسباب التي دفعتني للإستقالة عنهم لأن التردد لا يمكن أن يكون في القيادة.
*هل معنى ذلك أن جماعة الإخوان تسيطرعلى الرئيس وقصر الرئاسة كما يقول البعض؟
** الموجود أمامي في الصورة هو مرسي ومن معه والتردد هو سمة إدارته ولذلك هجره كثير من مستشاريه الذين اختارهم على اختلاف خلفياتهم السياسية والفكرية والدينية.
إرادة شعبية
* هل تراه غير جدير بمنصب الرئيس؟
** بالنسبة لمقعد الرئاسة فأنا ممن يؤمنوا بالحديث الشريف "إسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي" فطالما أن هذا الرئيس جاء بإرادة شعبية فلا بد أن نحترمه إنما إذا كان هو يؤمن بالتخصص الذي تعلم هو فيه فلا بد أن يؤمن بالتخصصات الأخرى ويأتي بأهلها وهو مالم يحدث فمثلا هناك أشخاص موجودون في قصر الرئاسة في غير تخصصاتهم لأنهم من أهل الثقة وليسوا من أهل التخصص أو الرأي والخبرة والإرادة وهو بهذا قد أهدر مبدأ القوة التخصصية.
صحيح أن أهل الثقة مطلوبون ولكن بشرط أن يتفوقوا. فالرئيس مرسي يريد أن يضع الفيل في زجاجة! أي يريد أن يضع بلدا كبيرة كمصر في يد مجموعة صغيرة في الرئاسة.. يعني على سبيل المثال كيف تكون هناك وزارة خارجية ثم يأتي مرسي ويقيم مكتبا يدير الشؤون الخارجية من قصر الرئاسة فماذا يعني ذلك؟ الأخطاء كثيرة والشعب حساس بخاصة بعد ثورة قام بها لدرجة أنني أحيانا أسأل نفسي "هي الإخوان معرفتش إن فيه ثورة قامت؟!" وأستغرب إذا نسوا هذا الحدث القريب بهذه السرعة لأنه لا يصح. يعني الدكتور محمد البلتاجي كان وجها ناصعا للإخوان في الميدان فلماذا لم يستمر في الميدان!! ووصل الأمر به أن ضربوه بالحذاء في الميدان في إحدى المليونيات الكبيرة. للأسف الرئيس مرسي لم ينفذ أيا من الوعود التي أخذها على نفسه خاصة أمام المصريين الذين انتخبوه فأين هي وعود المائة يوم.
* هل تعتقد أن زمن الإخوان قارب على الانتهاء لإفساح الطريق للسلفيين ؟
** لا أعتقد بوجود فرصة للمتسلفين. أما إذا كان السلفيون على شاكلة نادر بكار ومحمد نور فأهلا بهم ومرحبا أما إذا كانوا على شاكلة التسلف الذي تكلمنا عنه سابقا فلا مرحبا بهم لأن في ذلك خداع ليس من الدين وتقليد للفقه البدوي الذي نحن في غنى عنه تماما.
* بعد كل دفاعك عن فكرالإخوان في مواجهة التسلف وتمسكك بمنهج حسن البنا أليس غريبا أن تنشق عنهم؟
** من يعتقد أنني هجرت المشروع الإخواني يكون مخطئا لكنني تركت التنظيم واستقلت منه لأنه إذا كنت أؤمن بحق غيري أن يكون له مشروع أيا ما كان توجهه فمن حقي ومن باب أولى أن أؤمن بمشروعي أنا وأرجو أن يحترمه الناس كما أحترم آراءهم.. فالمشروع الإسلامي في دمي وأعتبره دينا في عنقي أسلمه لآخرين بنقائه وتمامه وبعده عن السفاسف وعالميته ووسطيته وسلميته لمن يأتون بعدي.
* لكن ذلك يستلزم وجودك في الجماعة لتحقيق أهدافك؟
** نحن فكرنا في تأسيس جمعية جديدة لا تنغمس في السياسة.
* هل هي دعوة لـ"الإخوان الإصلاحيون"؟
** هي فكرة كانت عند من سبقونا ممن انشقوا على الجماعة وعندما تحاورنا مع دائرة أوسع وجدنا أن البعد عن هذا الإسم أفضل وأن نكون دعوة للإحياء والتجديد دون منافسة أو صراع أو نزاع ودون تدخل جماعي في السياسة بينما كل فرد حر أن يتصرف سياسيا كيفما يشاء حتى لو التحق بأي حزب موجود على الساحة. ولن نتحزب لأننا عانينا من التحزب إنما سنركز على الدعوة بنقائها وشمولها والتربية والتنمية.