رئاستي.. من معركة التغيير إلى سوار "المجلة" الأحمر

رئاستي.. من معركة التغيير إلى سوار "المجلة" الأحمر

[caption id="attachment_55242267" align="aligncenter" width="620"]عثمان العمير عثمان العمير[/caption]



يحلو لرئيس التحرير الجديد في الصحافة النامية، تقمص حالة الزعيم الانقلابي، سلوكه وعصا مارشاليته. فهو بعد ان يصفي الرفاق، واحدا تلو الآخر، يهديه عقله الى تطهير مكتبه من العناصر العميلة داخل قيادته الرشيدة، خوفا من تسلل قوى تجسسية قد تؤثر على الأمن القومي من الداخل.

ولِمَ لا؟ ذلك ان زرع الجواسيس، وتجنيد السكرتارية، جزء من تاريخ الجاسوسية، ثم إن الرئيس الجديد يعرج على كل المنجزات الرديئة وغير الرديئة لاجتثاث جذورها، لكنه ربما يُبقي على الرديئة، ومن هنا يبدأ برنامجه التنويري، وما أدراك ما “التنويري”، ولا اعتقد أننا في مجال الخوض فيه، عدا ان عليك فقط النظر الى الحال المتعثر للعالم الثالثي الأبعاد، لتجد انه طبق الاصل من صحافته وصحابته، من أهله وقومه.

في اغسطس (آب) من عام 1985 تسلمت رئاسة تحرير مجلة “المجلة” من الزميل عماد الدين أديب، الذي كان تسلمه من زميلنا المبعد من منصبه، عبد الكريم أبو النصر.

هذه مناسبة للاشارة إلى حقيقة أن لا أحد يغادر رئاسة التحرير، سواء في هذه الشركة، أو في العالم الأرحب للصحافة، بمحض خيار ذاتي. ينسحب هذا على كل رئيس/ رئيسة تحرير، بما فيهم كاتب هذه السطور، لكن ظروف المغادرة، أو الانسحاب، تختلف من حالة الى أخرى.
نعم، توليت رئاسة تحرير “المجلة” شاباً في منتصف الثلاثينيات، قادماً من خلفيتين: إحداهما سعودية، والأخرى من جنوب مبنى الشركة، فليت ستريت، حيث يمور ذلك الشارع التاريخي العجيب بأكثر التجارب التاريخية التي مرت على الصحافة في العالم.

بالطبع، كان يصطحبني، بل ويداخلني، تحريض على كل ما هو قديم. كان الأصدقاء، و “الأصدقاء الجدد”، يأتون محرضين، يرفعون ألوية الثورة والتغيير، نعم، أوقف هذا، إفصل ذاك، فطال التغيير مجموعة لا بأس بها، اعترف الآن انني كنت مخطئا، حد الأسف على ما فعلت.

بعدما هدأ غبار المعركة، تطلعت الى شيء يمكنني تغييره. حدقت طويلا، وكان الضحية الغلاف. في أوائل إصدارات “المجلة” كان غلافها محاطا بإطار احمر جميل، يحيط بها إحاطة سوار احمر يلتف على خصر غانية لم تتذوق لظى الشحوم واللحوم، فقررت إزالته.

بعدها استدعاني الناشران هشام ومحمد حافظ، قالا: عثمان أنت ألغيت هذا الحزام، نحن معك، لكن لدينا مفاجأة لك، هذا السوار لا يحيط الا بمجلتين هما “تايم”، و”المجلة”، ولأن “تايم” السباقة أخطأت في تسجيل أسبقية السوار، صار من حقنا استخدامه، لماذا ألغيته؟ عاد السوار الأحمر، ثم ألغي، وجرت تحت الجسور مياه، وها هو يعود.

عثمان العمير
font change