مباشرة بعد الاعلان عن نتائج غير الرسمية للانتخابات العامة، رحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بفوز حزبه "العدالة والتنمية" متنيا أن "تعم نتائج هذه الانتخابات بالخير على تركيا والمنطقة". و قال أردوغان: "اقول للجميع لمن أدلى بصوته لنا أو لم يقم بذلك، ان تركيا هي الفائزة في انتخابات الثاني عشر من حزيران/ يونيو 2011 بلا شك. و اليوم فازت الديمقراطية مرة أخرى. و اليوم فازت الإرداة القومية مرة أخرى. فاز 74 مليون شخص. أي الأمة كافة".
وشدد أردوغان أن الانتخابات أكدت للعالم أيضا أن حزب العدالة والتنمية ليس كما يردد البعض حزبا إسلاميا بل هو حزب يعبر عن أطياف المجتمع التركي كافة دينيا وعرقيا.
ويرى مراقبون للشأن التركي أن الفوز في الانتخابات شيء والفوز بموافقة غالبية الشعب التركي في تغيير دستور البلاد الذي كتب قبل 30 عاما خلال فترة حكم العسكر شيء آخر.
وبحسب وكالة "رويترز" فإن بعض منتقدي اردوغان يخشون من احتمال ان يستغل رئيس الوزراء التركي هذا النصر لتعزيز سلطته والحد من الحريات واضطهاد المعارضين. ولكن اردوغان تعهد في كلمة بمناسبة النصر امام الاف من انصاره في العاصمة انقرة "بالتواضع" وقال انه سيعمل مع المنافسين. واضاف: "الشعب ابلغنا رسالة بوضع الدستور الجديد من خلال التوافق والتفاوض. سنناقش الدستور الجديد مع احزاب المعارضة. وسيفي الدستور الجديد بمطالب السلام والعدالة."
حزب العدالة والتنمية فاز بأكثر من 50 في المائة من الأصوات بحسب قنوات التلفزة المحلية، وبذلك سيكون قادرا بسهولة على تشكيل حكومة بمفرده وفق توقعات قناة «سي إن إن» الإخبارية التركية.
وتشير هذه التوقعات إلى أن حزب العدالة والتنمية سيتمتع بالغالبية المطلقة في البرلمان الذي يضم 550 مقعدا، أي 326 نائبا. وكان العدالة والتنمية حصد 47 في المائة من الأصوات في الانتخابات التشريعية السابقة العام 2007 وفاز بـ 341 مقعدا في البرلمان. وفي العام 2002 حصل على 34 في المائة من الأصوات. ورغم أن الحزب الحاكم فاز بنسبة أكبر من الأصوات فإنه سيفوز بعدد أقل من النواب بسبب النظام الانتخابي التركي.
وحل في المرتبة الثانية حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي) أكبر أحزاب المعارضة بـ 25.8 في المائة من الأصوات ثم حزب العمل القومي بـ 13.2 في المائة.
لكن العدالة والتنمية لم يحظ بغالبية الثلثين (367 مقعدا) التي كان يأمل بها لتغيير الدستور الموروث من انقلاب 1980، من دون الحاجة إلى التشاور مع المعارضة. حتى أنه ظل تحت سقف الـ 330 نائبا الضروري بالنسبة إليه لإجراء استفتاء حول تبني دستور جديد.
وفي أعقاب الإعلان عن نتائج الإنتخابات التركية وجه الإتحاد الأوروبي نداء يدعو إلى الوفاق الإجتماعي. وذكر البرلمانيون الأوروبيون أنه حان الأوان لتنفيذ الإصلاحات في تركيا و إقامة التفاهم و الحوار بشأن صياغة الدستور التركي الجديد .
وفي تصريج خطي له نقلته وسائل الاعلام التركية، هنأ مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي "ريا أومن رويتن" أردوغان على نيل سياسة حزب العدالة و التنمية ثقة الناخب التركي للمرة الثالثة على التوالي .و دعا رويتن إلى تنفيذ الإصلاحات التي ما زالت في الإنتظار و إقامة علاقات بناءة مع الإتحاد الأوروبي و إظهار التمسك التام بمسيرة الإنضمام إلى الإتحاد .
من جانبها ذكرت رئيسة اللجنة البرلمانية المشتركة بالبرلمان الأوروبي "هيلين فلاوتر" أن حزب العدالة و التنمية الذي فاز في الإنتخابات للمرة الأخرى بسهولة، يتحمل مسؤولية تطبيق الإصلاحات التي وعد بها في مسيرة عضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي. و قالت فلاوتر إنه يتعين على الحكومة التركية إيجاد وسط الوفاق بشأن تنفيذ المشاريع الهامة من قبيل الدستور الجديد و حل المشكلة الكردية.
من جهتها أفردت صحافة العالم حيزا واسعا للأنباء المتعلقة بفوز حزب العدالة و التنمية في الإنتخابات التركية. صحيفة نيويورك تايمز ذكرت أنه يتعين على أردوغان ضمان الوفاق مع المعارضة بشان الدستور الجديد. وقالت الصحيفة الأميركية إن رفع مستوى صورة تركيا في الشرق الأوسط و تحول تركيا إلى لاعب إقليمي واثق من نفسه في الشرق الأوسط و تحقيق نمو في الإقتصاد التركي بنسبو 8.9 في المائة، ضمن تدفق أصوات الناخبين نحو أردوغان.
أما صحيفة وول ستريت جورنال فأفادت أن نتائج الإنتخابات جاءت لتؤكد على عدم وجود منافس لأردوغان في الساحة السياسية. من جانبها ارجعت صحيفة لوس أنجلس تايمز فوز أردوغان لحصوله على الدعم بصورة خاصة من الشريحة المحافظة الفقيرة و من الطبقة المحافظة الوسطى التي ازدادت قوة حديثا.
هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قالت إنه على الرغم من نيل حزب العدالة و التنمية نصف الأصوات و زيادة نسبة أصواته مقارنة بانتخابات عام 2007، فإنه حصل تراجع في عدد مقاعده البرلمانية . وأفادت أن حزب العدالة و التنمية أبرز إلى الواجهة في الحملات الإنتخابية النجاحات الإقتصادية و الدستور الجديد و المشاريع الملموسة.
صحيفة "غارديان" البريطانية نشرت خبرها حول الإنتخابات تحت عنوان "انتصار أردوغان"، و قالت أن أردوغان حصل في الإنتخابات على دعم قوي بشأن مواصلة الإصلاحات. واضافت أن أردوغان و بعد توليه رئاسة الوزراء للمرة الثالثة قد يتولى في المستقبل رئاسة الجمهورية.
من ناحيتها ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أنه على الرغم من تشكيك بعض الأوساط بأردوغان فإنه ما زال يعتبر "بطلا" بالنسبة للشريحة الفقيرة و الوسطى.
أما صحيفة لوفيغارو الفرنسية المحافظة فذكرت ان هناك مسائل هامة أمام أردوغان من قبيل مشكلة المواطنين الأكراد و الإتحاد الأوروبي و القضية القبرصية و الدستور الجديد، وقالت أن الأشهر المقبلة ستظهر مدى نضوج الديمقراطية في تركيا.
من جهتها ذكرت صحيفة لوموند أن تركيا اكتسبت الإستقرار الإقتصادي و السياسي خلال سلطة حزب العدالة و التنمية، وان تأثير الجيش على السياسة في تركيا قد تراجع، غير أنها أشارت إلى دخول مسيرة عضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي في مرحلة صعبة جراء العراقيل التي وضعتها المانيا و فرنسا.