* دراسة: 31%من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة حتى 3 سنوات و21 % بين 6 إلى 10 سنوات و9 % بين 12 إلى 18 سنة تعرضوا للتحرش أو الاعتداء الجنسي في إيران.
لندن - حنان عزيزي
* في الوقت الذي لا توجد فيه معلومات دقيقة حول عدد ضحايا التحرش الجنسي، هناك 17 تلميذاً يخضعون حالياً لعلاج نفسي.
* لا يوجد في إيران القوانين اللازمة لحماية الأطفال الذين يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات في البلاد.
لقد أثار الكشف عن قيام نائب مدير إحدى المدارس الثانوية للذكور في طهران مؤخرا بالتحرش الجنسي ضد أكثر من 16 تلميذا جدلا وصدمة كبيرة بين أهالي التلاميذ والصحافة ووسائل الإعلام الإيرانية.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن نائب مدير المدرسة الخاصة الواقعة في المنطقة الثانية في العاصمة كان يقوم بإثارة التلاميذ جنسيا من خلال إرسال وتوزيع أفلام إباحية في مصلى المدرسة وغرفته في المدرسة ومن ثم الاعتداء الجنسي عليهم. وقام المتهم بحث التلاميذ على المشاركة في رحلات مدرسية بحجة المذاكرة الجماعية حيث وقع عدد من حالات «الاعتداء الجنسي» خلال تلك الرحلات.
وتم الكشف عن أبعاد هذه الواقعة منذ نحو شهر، وذلك من خلال والدة أحد التلاميذ؛ حيث قالت: «لقد أصبح ابني عدائيا بشكل كبير منذ بضعة أشهر وكنا نتصور أنه يعاني من مرض ما. لقد أخذناه إلى الطبيب واستمر علاجه لدى الطبيب النفسي حتى كشف ابني عما حصل له في المدرسة».
وفي الوقت الذي لا توجد فيه معلومات دقيقة حول عدد ضحايا التحرش الجنسي، هناك 17 تلميذا يخضعون حاليا لعلاج نفسي، 16 منهم تعرضوا للاعتداء الجنسي وهم يمرون بظروف نفسية متدهورة. هذا وتفيد تقارير أخرى أن عدد ضحايا هذا الاعتداء يبلغ نحو 40 تلميذا.
واعتقلت الشرطة المتهم بالاعتداء في 26 مايو (أيار) بعد التجمع الاحتجاجي لأولياء تلاميذ المدرسة والاشتباك مع المتهم.
وحسب التصريحات الأولية للمتهم وهو يدعى «حائري زاده» فإنه نفى اتهامات له بالاعتداء والتحرش الجنسي ضد التلاميذ قائلا: «تعود هذه القضية لأواخر العام الماضي (مارس) حيث جاء أربعة أو خمسة تلاميذ إلى غرفتي وأنا كنت أحتفظ للأسف بعدد من الأفلام الإباحية في هاتفي الجوال وهم شاهدوا الأفلام ومن ثم أصبحنا نردد كلمات جنسية على سبيل المزاح فقط والعلاقة اقتصرت على هذا المستوى».
وقال مدعي عام طهران عباس جعفري دولت أبادي إن المتهم أقر في النيابة العامة بأنه «كان يحتفظ بأفلام إباحية لمرة واحدة على هاتفه الجوال ولقد أرسلها لعدد من التلاميذ» ولكنه نفى الاتهامات الأخرى الموجهة له.
وقالت والدة أحد هؤلاء التلاميذ في أحد مقاطع الفيديو التي انتشرت في الشبكات الاجتماعية الإيرانية إن «مدير المدرسة تلكأ كثيرا حول متابعة هذه القضية ولم يأخذ شكاوى أولياء التلاميذ ضد المتهم على محمل الجد». وأضافت الوالدة أنها اضطرت إلى متابعة هذه المشكلة من خلال الاتصال مع وزير التعليم والتربية. وأضافت: «رغم أن الكاميرات منتشرة في المدرسة غير أن مسؤولي المدرسة أهملوا الإشراف على الكاميرات ومتابعة ما يجري في المدرسة من خلال مراقبة الكاميرات».
واتهم والد تلميذ آخر عانى ابنه من نفس التجربة المدير بالكذب والتورط مع نائبه قائلا: «كان المدير ونائبه يقومان بإطفاء الكاميرات في الأماكن التي كان يتحرش فيها نائب المدير بالتلاميذ. وللمدير تجربة مشابهة حيث تم طرده لأسباب مشابهة من مدرسة أخرى».
وبعد أن أثار انتشار هذه المقاطع على الشبكات الاجتماعية جدلا واسعا وحالة من الصدمة في إيران أعلن وزير التعليم والتربية محمد بطحايي أن مدير المدرسة مفصول عن الخدمة لمدة عامين وسوف يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن استمرار عمل المدرسة أو عدمه من قبل مجلس الإشراف على أداء مدارس تلك المنطقة.
دخول المرشد على خط الأزمة
وخاطب مرشد الثورة آية الله خامنئي يوم الثلاثاء 29 مايو رئيس السلطة القضائية قائلا: «لقد أثار خبر الجريمة في مدرسة في طهران حزنا عميقا. يجب أن يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمحاكمة المتهمين وإنزال العقوبة المناسبة بحق المتهمين». ولكن لماذا دخل المرشد على خط هذه الأزمة من خلال هذه التصريحات غير المسبوقة؟
يعتقد البعض أن تصريحات المرشد لها صلة بقضية أخرى مرتبطة بالتحرش الجنسي الذي كان المتهم الرئيسي فيها سعيد طوسي القارئ الشهير في إيران والمدعوم من بيت المرشد.
ذاع صيت سعيد طوسي في وسائل الإعلام الإيرانية على أنه القارئ العالمي للقرآن وخبير في المجلس الأعلى للقرآن ويعقد جلسات لتدريس القرآن للمراهقين بالتركيز على أهمية تعليم الشباب. كان هذا عددا من الميزات الإيجابية لسعيد طوسي قارئ القرآن الشهير في بيت المرشد حتى نشرت قناة «صوت أميركا» في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 تقريرا كشف عن الوجه الخفي لسعيد طوسي البالغ من العمر 46 عاما وكشفت عن تفاصيل حول قيام الحاج سعيد طوسي بالاعتداء الجنسي وفقا لأقوال تلامذته.
وكان وقع الصدمة آنذاك كبيرا، لأن هذا الشخص كان من الحلقة المقربة لرأس النظام نفسه وكان أفضل قارئ قرآن في البلاد؛ حيث حصد جوائز عالمية في مسابقات القرآن وتوجه إلى 20 دولة لترويج الثقافة القرآنية وتعليم قراءة القرآن.
وأفاد التقرير بأن سعيد طوسي كان يقوم بتلاوة القرآن في بيت المرشد باعتباره أفضل قارئ للقرآن في إيران وتم توجيه الدعوة له لتلاوة القرآن في حفل افتتاح جلسات البرلمان في دورته العاشرة. ولكن هذا الانطباع يختلف كثيرا مع الصورة التي رسمها بعض تلامذته عنه.
كان يقوم الحاج سعيد طوسي لسنوات كثيرة بالتحرش والاعتداء الجنسي على تلامذته وهم من أفضل قراء القرآن في البلاد. يتم تشكيل ملف لسعيد طوسي في السلطة القضائية وذلك باتهامه بالتحرش الجنسي، ولكن هذا الملف لم تتم متابعته ويصدر أمرا بتبرئة طوسي وذلك بناء على توجيهات صادرة من المرشد. وببساطة يتم إغلاق الملف الذي بدأ منذ 2013 وتم الكشف عنه في 2016 بأوامر مباشرة من رأس النظام.
في الوقت الذي كان من المحتمل أن يواجه طوسي عقوبة الإعدام بسبب الشكاوى الصادرة بحقه باتهامه «بارتكاب ما ينافي العفة وارتكاب الفعل الحرام مع المراهقين»، وفقا لقانون العقوبات في الجمهورية الإسلامية، يتم إصدار قرار بمنع مطاردته قضائيا.
وفي الوقت الذي عجزت فيه السلطات القضائية عن أخذ الثأر بحق الضحايا الأطفال والمراهقين فلا يمكن أن تنمحي صدمة هذه الاعتداءات من أذهان ضحاياها.
قال والد أحد الضحايا لـ«صوت أميركا»: «عندما يكون المرشد على علم بهذا الملف ولا يحرك ساكنا فلا نعلم ماذا نفعل بعد؟».
تم الكشف عن الفضيحة الجنسية التي تورط فيها أفضل قارئ قرآن في إيران منذ 5 أعوام فقط وضحاياه هم أطفال ومراهقون أبرياء ترعرعوا في كنف أسر مؤمنة وملتزمة دينيا وملتزمة بالنظام الإيراني حيث كانوا يتعلمون الدروس القرآنية وأصول الدين غير أن هذا الشخص الذي كان من المفروض أن يكون أستاذهم وقدوتهم في الأخلاقيات قام باستغلالهم جنسيا.
تأتي هذه الأحداث المؤلمة بحق المراهقين والأطفال في الوقت الذي لا يوجد في إيران القوانين اللازمة لحماية الأطفال الذين يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات في البلاد.
وشهدت إحدى المدارس الابتدائية للأولاد في 2015 تجربة مشابهة أدت إلى محاكمة نائب المدير بتهمة التحرش الجنسي بحق 3 من التلاميذ وحكم عليه بالنفي لعامين والتوقيف عن العمل الثقافي والتعليمي لمدة عامين و100 جلدة.
كما أثار خبر الاعتداء على تلميذة من ذوي الاحتياجات الخاصة من قبل سائق الحافلة المدرسية في العام ذاته جدلا واسعا في البلاد.
وفي واقعة أخرى تم اعتقال معلم الرياضة في مدرسة بجنوب طهران على أثر شكوى تقدم بها 14 تلميذا للقضاء بسبب التحرش الجنسي والاستغلال الجنسي ضدهم وكان من اللافت والمؤلم في هذا الملف أن المتهم كان يجبر التلاميذ بخلع ملابسهم أمام بعضهم البعض. وفيما يبدو فإن دومينو التحرش الجنسي بحق الأطفال والمراهقين سيستمر بعد حادث الاعتداء الأخير بحق أكثر من 16 تلميذا.
ويرى الكثير من المراقبين والخبراء النفسيين في إيران أنه يجب الاهتمام والتركيز على تعليم الأطفال منذ الصغر بشأن كيفية التعامل مع المضايقات الجنسية في حال حصولها غير أن مثل هذه التعاليم والدروس يتم اعتبارها من قبل طيف واسع من الطبقة المحافظة سياسيا ودينيا على أنها تروج للانحطاط الأخلاقي وتنافي الثقافة الإسلامية.
وفيما لا توجد إحصائيات رسمية شهرية أو سنوية حول الاعتداء والتحرش الجنسي ضد الأطفال في إيران لا تهتم الحكومات الإيرانية بالتداعيات النفسية الناجمة عن هذه الاعتداءات على المراهقين والأطفال ناهيك عن الأضرار الجسدية.
ونشر موقع «بي بي سي الفارسية» تقريرا بهذا الشأن نقل فيه عن ممثلة اليونيسيف في إيران كريستيان سالازار قوله في أكتوبر 2007 بأنه ورغم الدراسات المحدودة حول التحرش والاعتداء الجنسي ضد الأطفال في إيران فإن هذه الدراسات تشير إلى أن 31 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة حتى 3 سنوات و21 في المائة بين 6 إلى 10 سنوات و9 في المائة بين 12 إلى 18 سنة تعرضوا للتحرش أو الاعتداء الجنسي في إيران.