•هادلي: أقود حاليا مع مادلين أولبرايت فريق عمل مختصا بسياسة الشرق الأوسط.. وتوج العمل بتقرير شامل يقترح استراتيجية جديدة للتعامل الأميركي في المنطقة
•هناك إسهام مفيد يمكن للولايات المتحدة تقديمه للمنطقة يتعلق بالتيسير والتمكين وليس الإملاء والسيطرة
•يجب أن تقدم الولايات المتحدة لقوات التحالف السعودي في اليمن الإمكانيات التي تسمح لهم بتنفيذ المهام العسكرية بدقة أكبر
•السيسي أطاح «الإخوان المسلمين» لأن الشعب المصري طالب بذلك.. والآن يجب أن يعطي المصريين دورًا أكبر في تحديد مستقبلهم
واشنطن: مصطفى الدسوقي
شغل ستيفن هادلي عددًا من المناصب في الأمن القومي في ظل إدارات الرؤساء غيرالد فورد، ورونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وتولى بعد ذلك منصب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس بوش الابن. يعد هادلي صوت الضمير في مناقشات السياسة الخارجية الأميركية منذ ذلك الحين؛ يُذكر أنه دعا الرئيس أوباما إلى الرد بقوة على الهجمات الكيماوية التي شنها بشار الأسد على مدنيين سوريين. ظهر اسمه كمرشح محتمل لتولي وزارة الدفاع في إدارة ترمب، ولكنه اشترك بدلا من ذلك في رئاسة فريق عمل جديد مختص بسياسة الشرق الأوسط مع مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية السابقة. وتوج عمل ذلك الفريق بتقرير شامل نشره مؤخرا مجلس الأطلسي، ويقترح التقرير استراتيجية جديدة للتعامل الأميركي في المنطقة.
حول هذه الاستراتيجية وتفاصيل هذا التقرير وغير ذلك من قضايا السياسة الأميركية والدولية، كان لـ«المجلة» هذا الحوار الذي جرى في مكتب هادلي في واشنطن العاصمة.. وإلى نص الحوار…
* هل يمكن أن توضح لنا التوصيات التي قدمتها مع الوزيرة أولبرايت بشأن أسلوب أميركي جديد تجاه الشرق الأوسط؟
– كانت القوى الخارجية تحاول «ترتيب الأمور» في الشرق الأوسط منذ قرن، ولم يقوموا بعمل جيد. لقد ولت الأيام التي أفلح فيها ذلك النموذج وقد انتهت بحلول «الربيع العربي». سوف تحتاج شعوب المنطقة إلى تحديد مستقبلها، ثم الفوز بذلك المستقبل وصناعته. وقد أوضحوا ذلك. أمضينا فترة طويلة أثناء هذه الدراسة في استشارة خبراء من الشرق الأوسط. وقمنا بزيارات كثيرة إلى المنطقة. وتحدثنا مع قادة. وضممنا مسؤولين سابقين في مجلس استشاري. كانت لدينا فرق عمل تضم خبراء من أميركا وأوروبا والمنطقة. وسعينا إلى بلورة الرؤية التي سمعناها من المنطقة بشأن الوجهة التي ترغب المنطقة في الذهاب إليها، لكي نضع المسار في اتجاه أكثر إيجابية.
علمنا أيضا أنهم مع احتياجهم ورغبتهم في تولي زمام الأمور، فهم يدركون أنهم يحتاجون إلى مساعدة ودعم من قوى خارجية. لذلك أثبتنا فكرة أنه من مصلحة الولايات المتحدة والقوى الخارجية الأخرى أن تساعد شعوب المنطقة على المضي قدما في هذا الاتجاه الأكثر إيجابية. هناك إسهام مفيد يمكن تقديمه، ولكنه يتعلق بالتيسير والتمكين وليس الإملاء والسيطرة.
* كيف يمكن تحقيق مثل هذا التوازن؟
– في الأساس فكّرنا بأن الاستراتيجية يجب أن تتشعب إلى قسمين. الأول هو أننا نحتاج إلى الحد من الحروب الأهلية، فهي تفتح الباب أمام «القاعدة». وهي المحرك الذي يشجع النزعة الطائفية. لن تنتهي أي من هذه المشكلات إذا لم نبدأ في إنهاء الحرب الأهلية. وهنا نتحدث عما يمكن فعله في العراق وسوريا وليبيا واليمن.
يتعلق الجزء الثاني من الاستراتيجية، وهو ما اكتشفناه وأنت تعرفه بالفعل ولكنه غير معروف جيدا في واشنطن، بوجود كثير من الأشياء الإيجابية التي تحدث في الشرق الأوسط؛ حيث يسعى كل من الدول والأفراد إلى التمسك بمستقبلهم.
يمكن رؤية ذلك في بعض السياسات التي يتبنونها، أولا وقبل أي شيء في الإمارات، وفي السعودية مع «رؤية 2030»، ونراه في تونس، وبصورة أقل كثيرا للأسف في مصر، إذ تحاول الحكومات اتخاذ قرارات صحيحة لإشراك شعوبها في رسم مستقبل بلادهم، وممارسة الحكم الرشيد، وتقديم دور يمكن أن يؤديه الشعب في تلك الحكومات، وجعل الحكومات خالية من الفساد لجذب النشاط الاقتصادي وما يشبهه.
لكن هناك أيضا نشاط يبدأ من أسفل إلى أعلى، حيث ينشئ رواد الأعمال التجارية والمجتمعية في وسط العنف شركات ومنظمات مجتمعية لحل المشكلات المحلية. وهذا النوع من النشاط يحتاج إلى دعم. ولكن يجب أن تدرك الحكومات أن هذا النوع من النشاط لا يعد تهديدا ولكنه ميزة تساعد على التغيير الاجتماعي المطلوب إذا أرادت أن يصبح الشرق الأوسط أكثر استقرارا وأمانا. لذلك تتعلق الاستراتيجية بالعمل معا في الشق الأول في محاربة الإرهابيين وإنهاء الحروب الأهلية والخلافات الطائفية والعنف. وتتعلق ثانيا بتقديم مساعدات إنسانية تسمح للاجئين بالحصول على دور في تحديد مستقبلهم، وفي الوقت ذاته بتشجيع تلك الحكومات التي تتخذ القرارات الصحيحة نحو حكم شامل قابل للمساءلة، بإتاحة هذا النوع من النشاط من أسفل إلى أعلى الذي يمثل مستقبل المنطقة. وهناك كثير من الأمور التي تنبثق عن ذلك.
* هل يمكن أن توضح كيف يمكن تطبيق النهج الذي تصورته فيما يتعلق بـ«رؤية 2030» في السعودية؟
– بالنظر إلى «رؤية 2030» التي تتبناها السعودية. أحد الأمور التي تثير الاهتمام هو أنك عندما تتحدث مع مسؤولين سعوديين، وخاصة ولي ولي العهد والمحيطين به، يبدأون في توضيح استراتيجية لتوحيد المجتمع. هذا بالطبع هو المطلوب. لذلك هو مثير للاهتمام. أصبح هناك الآن سيدات سعوديات لديهن القدرة على إنشاء مشروعاتهن من منازلهن بفضل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وهذا تمكين يتماشى تماما مع الأعراف الاجتماعية المحافظة المتعلقة بسلوك المرأة أن ينشئن مشروعاتهن في منازلهن. كذلك خدمة أوبر أصبحت وسيلة تستطيع بها المرأة أن تنتقل وفقا للتقاليد المحلية. لذلك عندما تُمكِّن المرأة بهذه الطريقة وتعطيها فرصة لتحقيق دخل اقتصادي، مع مرور الوقت سيحدث ذلك تغييرا في التقاليد الاجتماعية على نحو يقبله المجتمع. هذا ما نسمعه من أشخاص يتحدثون عن كيفية تغيير المجتمع الخليجي بشكل عام. ومما يثير الاهتمام أيضا وجود خطة اقتصادية لجعل السعودية أقل اعتمادا على النفط. يحمل ذلك احتمالا مع مرور الوقت بإحداث تغيير – حداثي – يخلق مجتمعا أكثر إنتاجا وازدهارا. لذلك أعتقد أن أحد التحديات التي يكتشفها قادة المجتمعات التقليدية هي كيفية التغيير بطريقة توحد المجتمع.
[caption id="attachment_55257293" align="alignleft" width="300"] - مستشار الأمن القومي السابق ستيفن هادلي بمكتبه في واشنطن مع الزميل مصطفى الدسوقي (المجلة)[/caption]
* على وجه التحديد، ما هي صور المساعدة التي تعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تعرضها؟
– من الصعب اقتراح ما يمكن لأطراف خارجية أن تفعله للمساعدة. عندما تكون هناك مقاومة لتلك الأفكار في مجتمع ما، إذا بدا أن أطرافا خارجية تقدم لها تمويلا ودعما، يمكن أن يُضعف ذلك الثقة في الحركة المحلية الأصلية. لذلك تحتاج الحكومات وأيضا منظمات المجتمع المدني أن تتوخى الحذر فيما يتعلق بكيفية تقديم المساعدة والدعم الذي «يُمَكِّن» العناصر المحلية، بدلا من إضعاف الثقة بهم. أعتقد أن المشروعات التجارية محرك أكثر أمانا من منظمات المجتمع المدني. تحمل هذه المنظمات للأسف أثقالا كثيرة، وتثير الجدل في عدد من تلك المجتمعات، في حين يبدو أن الأعمال التجارية أكثر أمانا، وربما تكون هناك فرصة لأن يصبح القطاع الخاص المحلي، من خلال الشراكة مع منظمات محلية، شريكا أفضل كثيرا للمنظمات المحلية من بعض منظمات المجتمع المدني. وأعتقد أن المعيار هو البحث عن طريق لدعم المساعي التي تُمَكِّن وتساعد الأنشطة المحلية بدلا من إضعاف مصداقيتها.
قد يقول معظم الناس إن عهد التدخلات الكبرى في الدول في الشرق الأوسط، على غرار ما حدث في العراق عام 2003، انتهى. لا تريد المنطقة ذلك، لا يريد الأميركيون تكرار الأمر. وكان أحد الدروس المستفادة من العراق هي أن إدارة هذه الأوضاع بعد التدخل أمر بالغ الصعوبة.
لذلك أعتقد أن الرؤية الحالية هي أن شعوب المنطقة سوف ترسم مستقبلها الخاص.
انتفض الشعب المصري وأطاح بمبارك، وانتفض الشعب مجددا مع الجيش وأطاح بالإخوان المسلمين. وأعتقد أن السياسة الأميركية كانت إلى حد ما مترددة في الاعتراف بحقيقة أن السيسي أطاح بالإخوان المسلمين استجابة لمطلب الشعب المصري. نحن نحترم ذلك، حتى أننا ننصح الرئيس السيسي بأنه على المدى البعيد، إذا كانت مصر ستصبح أكثر استقرارا وازدهارا – وهو ما أظن أن الرئيس السيسي يرغب فيه لبلاده – فسيكون عليه إيجاد سبيل مع مرور الوقت لانفتاح المجتمع والسماح للشعب المصري بالمشاركة برأيه في مستقبله وبدء عملية سياسية أكثر شمولا. أعتقد أن هذا بدأ بالشباب في ميدان التحرير عندما انطلقت الثورة. لا أدفع بذلك من أجل إعادة الإخوان إلى الحكومة، فهذا مرفوض من الشعب المصري ويجب احترامه. ولكني أرجو أن يدرك الرئيس السيسي أن تحقيق مستقبل زاهر واكتساب شرعية مع مرور الوقت سيعتمد على مدى قدرته على فتح العملية السياسية وجعلها شاملة ومنح الشعب المصري فرصة العمل من أسفل إلى أعلى، وإعطائه دورا أكبر في تحديد مستقبل البلاد. لا يمكن المضي في طريق السلام الاجتماعي والازدهار، بينما في الوقت ذاته عليه أن يتعامل مع التهديدات الإرهابية التي تواجهه لضمان أمن البلاد. يجب عليه وضع خطة لتشكيل حكومة أكثر شمولا وشرعية لتقديم خدمات وإمكانيات اقتصادية أفضل لمستقبل مصر. سيكون على المصريين البحث عن طريق إلى ذلك المستقبل، ولكن يجب أن نكون أصدقاء.
كيف يمكن «الحد من» الحروب الأهلية في المنطقة، كما أشرت؟
– تختلف كل حرب أهلية عن الأخرى. كذلك تختلف الأساليب. في العراق، نحتاج لأن نكون أكثر صرامة في مساعدة الشعب العراقي على طرد تنظيمي داعش والقاعدة من أرضه. وتركز المعركة الآن على الموصل، وأعتقد أنك سمعت من الإدارة الحالية أنها تريد تصعيد القتال ضد تنظيمي داعش والقاعدة في العراق وسوريا وأرى أن هذا صائب. في العراق، على سبيل المثال، في حين يصد الشعب العراقي «داعش» و«القاعدة» بعيدا عن الأراضي العراقية، تحتاج الحكومة إلى الوقوف وراء ذلك عن طريق مؤسسات حكم محلي غير فاسدة. سيتطلب ذلك بعض آليات المصالحة لحل الانقسامات الطائفية، ولتحريك النشاط الاقتصادي، وإعادة بناء البنية التحتية. إذا فشلوا في ذلك وفشلوا في معالجة بعض التوترات الكامنة في المجتمع العراقي والتي استغلها «داعش»، سوف تترك الميدان خصبا لعودة «داعش» في صورة أكثر وحشية. أرى أنه مع مرور الوقت ستكون المعادلة التي يحتاج إليها الشعب العراقي من أجل تحقيق السلم الاجتماعي هي حكومة وحدة وطنية، ومعها أيضا حكم محلي قوي على المستويين الإقليمي والمحلي، حتى تستطيع المجتمعات السنية والشيعية والكردية تولي مسؤولية أكبر لشؤونها فيما يتعلق بالحكم والأمن والرخاء الاقتصادي. إنها معادلة «نموذج جديد للحكم» التي تستطيع أن تعترف بحقيقة مطالب المجتمعات الثلاثة بمزيد من السيطرة على شؤونها الخاصة، ولكن في إطار عراق موحد. ومرة أخرى أرى أن ذلك هو الطريق الذي سيحتاج العراقيون إلى البحث عنه بدعم من الأطراف في الخارج.
* كيف تدخل إيران في هذه المعادلة، وإلى أي درجة تتوقع أن تتماشى سياسات ترمب الخارجية مع هذا النهج الذي تقترحه تجاه الحروب الأهلية؟
– من المبكر للغاية معرفة المسألة الإيرانية. ونعرف أن ما تحدثت عنه إدارة ترمب في أثناء الحملة وفي الأيام الأولى من توليه الرئاسة هو: تصعيد القتال ضد «داعش» و«القاعدة» وهزيمة «داعش» وبذل المزيد من أجل مراجعة النشاط الإيراني في المنطقة. لا أدري كيف سيكون ذلك في التنفيذ والتطبيق. أعتقد أن من بين الأشياء التي من المرجح أن نشهدها، والتي شاهدناها بالفعل فيما يتعلق بالسياسة الأميركية، السعي في الحرب ضد «داعش» إلى طرده من العراق. وقد شاهدت جهود الولايات المتحدة لتقوية قوات الأمن العراقي والمساعدة على تقوية الجماعات القبلية المحلية وخاصة السنية لتعزيز قدرتها على محاربة «داعش» وطرده، وفي الوقت ذاته تهميش دور «قوات الحشد الشعبي» التي تدعمها إيران. أعتقد أن تلك هي الاستراتيجية الصحيحة: معظم العراقيين، وحتى العراقيين الشيعة، لا يريدون أن يصبح العراق الإقليم الغربي لإيران. فهم عراقيون أولا وشيعة ثانيا. وأعتقد أنه إذا أدت الولايات المتحدة دورا أكبر في دعم الحكومة العراقية في تحركها ضد «داعش» سوف يسمح لها ذلك بأن تكون أقوى في مقاومة نفوذ إيران سواء المباشر أو عبر «قوات الحشد الشعبي» التي تدعمها إيران. كذلك في سوريا، كنت أدافع لعدة أعوام عن وجود أميركي أكبر في سوريا، يكون موجها ضد «داعش» و«القاعدة»، ولكنه أيضا يؤثر في احتواء ما يمكن أن يفعله الروس من جهة، وإيران من جهة أخرى، في سوريا. وتوجد فرصة أمام الإدارة الحالية للعمل مع روسيا وتركيا ضد «داعش» في سوريا. ولكن في النهاية، مع أن قوات «داعش» هي التي يجب أن تغادر سوريا، يجب أن ترحل أيضا الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران من سوريا. فكلاهما غريب في سوريا، ويجب أن يغادر في النهاية.
* هل ترى أو تأمل في إمكانية تدخل أميركي أكبر في الحرب في اليمن؟
– فيما يخص اليمن، أعتقد أن المشكلة تكمن في أن معظم الأميركيين ينظرون إلى اليمن عبر عدسة الصراع الجغرافي السياسي بين السعودية وإيران. إنهم يتوهمون أن هكذا يبدو الأمر اليمني. ما أعتقد أن الأميركيين لا يدركونه هو خروج صواريخ من اليمن استهدفت مدنا سعودية. كان هناك نشاط لميليشيات خرجت من اليمن إلى داخل السعودية. في الواقع السعودية ترد على تهديد أمني يستهدف المواطنين السعوديين وقراهم ومدنهم. وكما أخبرني السعوديون، إذا كانت أميركا تواجه هذا النوع من الهجمات عبر الحدود المكسيكية، كنتم ستتخذون رد فعل، ونحن السعوديين علينا أن نرد. ولكن هذا لا يحظى بتقدير هنا، وأقول لأصدقائنا السعوديين إنهم يحتاجون أن يفهم الشعب الأميركي أنهم يردون على تهديد أمني حقيقي يستهدف السعودية وعلى هجوم ضد مدن وبلدات سعودية. هذا ليس مفهوما جيدا. يجب أن نفعل المزيد للمساعدة. وأظن أن النتيجة التي يرغب بها السعوديون والإماراتيون هي إيجاد حل سياسي، أي نتيجة يتم التفاوض بشأنها بين حكومة اليمن الشرعية والحوثيين من أجل تحقيق السلام وجعل الإيرانيين يغادرون اليمن. تدخلهم العسكري يركز على هذا الهدف، وأعتقد أننا يجب أن ندعمه.
هناك كثير من المخاوف بشأن الأضرار الجانبية إثر العمليات الجوية التي تشنها السعودية والإمارات. لدينا القدرة على جعل هذه العمليات أكثر دقة. وأعتقد أننا يجب أن نقدم للسعودية واليمن هذا النوع من الإمكانيات التي تسمح لهما بتنفيذ مهام عسكرية بدقة أكبر. كانت الإدارة السابقة مترددة في فعل ذلك، وكان ذلك خطأ. لا يمكنك أن تشكو من الأضرار الجانبية دون أن تساعد أصدقاءك وحلفاءك على الحد من مخاطرها.
[caption id="attachment_55257292" align="aligncenter" width="3000"] - صورة أرشيفية للرئيس السابق جورج دبليو بوش وستيفين هادلي بالبيت الأبيض (غيتي)[/caption]
* كيف يمكن حل الصراع اليمني من وجهة نظرك؟
– يجب أن يكون حلا سياسيا يحصل الحوثيون بموجبه على دور في الحكومة، وأعتقد أنهم يقبلون ذلك. ولكني أعتقد أيضا أن أحد الشروط التي ستوضع في المقابل إذا كان للحوثيين هذا الدور، والذي يحق لهم، هو أن يقطعوا علاقاتهم مع الإيرانيين.
* هل هناك سابقة يمكن أن تشير إليها، قطعت فيها ميليشيا تابعة لإيران علاقاتها مع طهران طواعية؟
– ليس لدينا كثير من الأمثلة على إنهاء هذا النوع من الحروب الأهلية بنجاح. وأعتقد أن المعادلة هي أنك لن تستطيع إنهاء هذه الحروب الأهلية دون إطار عمل إقليمي ترغب فيه الأطراف الخارجية في الحفاظ على تسوية سلمية، وجزء منها سحب دعمها للمقاتلين. لذا أعتقد أن الوسيلة الوحيدة التي تنهي الحرب في سوريا، وفي اليمن، لا تقف عند عملية داخل البلاد تبدأ بموجبها الأطراف في التحول بعيدا عن العنف والقبول بالحل السياسي، بل يجب أن يكون هناك اتفاق بين القوى الخارجية على أن تقبل تلك النتيجة وتدعمها، وأن تتوقف عن تقديم السلاح إلى فصيل طائفي معين. وتظل المسألة: هل يمكنك إحضار الأطراف داخل البلاد وأيضا القوى الخارجية إلى نقطة يرون فيها أنه من مصلحتهم إيقاف العنف؟ وفيما يتعلق بسوريا، يريد الأتراك تهدئة الوضع. لقد حقق الروس أهدافهم في سوريا، وربما يرغبون الآن في إيقاف العنف، وأرجو أن يتمكن الأتراك والروس عن ممارسة الضغط على إيران لإيقاف العنف. وإيران هي الأكثر اقترانا بالأسد والأكثر اهتماما بالحفاظ على امتدادها من إيران إلى لبنان وعلى قدرتها على دعم «حزب الله». والسؤال هو: هل تستطيع أن تجد سبيلا لوضع بعض المصالح الإيرانية المشروعة في الحسبان مع تقييد مصالحهم غير المشروعة وإيقافها. إنه تحدٍ أمام الدبلوماسية. يمكنك أن تحصل على تلك النتيجة إذا استطعت أن تبدأ في تغيير الواقع في الميدان، وهكذا يصبح لدى الإيرانيين والروس ما يخسرانه في الميدان في سوريا أكثر مما يخسرانه الآن. يتعامل الأتراك مع الروس والإيرانيين لأنهما يمثلان الطرفين الوحيدين في الميدان. ونحن في حاجة إلى زيادة مشاركتنا في سوريا على الأرض، حيث إن ذلك سوف يمنحنا مزيدا من النفوذ للعمل مع الروس والأتراك سعيا للوصول إلى نتيجة توقف العنف.
* ما لعلاقة بين القتال في اليمن وسوريا والعراق من جهة واحتمالات الوصول إلى تسوية فلسطينية إسرائيلية من جهة أخرى؟
– من المبكر للغاية الحديث عن الأمر. الشرق الأوسط مختلف تماما الآن عما كان عليه منذ خمسة أو عشرة أعوام. ترى كثير من الدول السنية في الشرق الأوسط أن إسرائيل جزء من تحالف معتدل ضد التطرف. وهناك عدد من الأشخاص الذين كتبوا في الصحافة أن هناك قدرا كبيرا من التعاون بين إسرائيل ودول معتدلة في المنطقة من أجل احتواء التطرف. كل ذلك يجري تحت الطاولة في اللحظة الراهنة، وقال عدد من الأشخاص إن الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن يتم ذلك علنا هو أن يكون هناك سبيل للوصول إلى نوع ما من العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. وهذا شرط أساسي للدول السنية حتى تتمكن سياسيا من الاعتراف بتعاون أكبر مع إسرائيل. تدور إحدى المسائل التي نسمع مناقشاتها في المنطقة حول ما إذا كانت الدول العربية ترغب في الاتفاق على نموذج محدث من مبادرة السلام العربية، وهل يمكن أن يكون ذلك إطارا إقليميا قد تبدأ من خلاله إسرائيل والفلسطينيون حوارا سياسيا بشأن المستقبل. لا أدري. وفقا لما سمعته من إدارة ترمب، يفضل الرئيس ترمب عقد الصفقات، وقد تحدث بشأن عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية بصفتها «أُم جميع الصفقات»، وربما تتحمس الإدارة لتشجيعها. أعتقد أن السؤال الأول هو: هل ترغب الدول في المنطقة في رعاية العملية بالطريقة التي وصفتها؟ يتعلق السؤال الثاني بما إذا كان المسؤولون في السياسة الإسرائيلية والفلسطينية مستعدين فعليا للمحاولة وتحقيق السلام. هناك تحديات سياسية أمام كل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. وسؤالي هو: هل هم مستعدون لبذل جهودا أخرى من أجل السلام، وإذا لم يكونوا كذلك، فهل هناك ما يمكن فعله على الأرض لتحسين الأجواء؟ من الضروري استمرار التعاون الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كذلك يلزم بذل جهود أكبر من جهة إسرائيل لتيسير التقدم الاقتصادي داخل الأراضي الفلسطينية، وخاصة في «المنطقة ج» (بالضفة الغربية). هل الفلسطينيون مستعدون للاستمرار وبذل المزيد في بناء مؤسسات دولة فلسطينية، حتى في ظل الاحتلال الإسرائيلي؟ هذه هي نوعية الخطوات التي ربما يتم اتخاذها الآن والتي يمكن مع مرور الوقت أن تغير الطبيعة والحسابات السياسية داخل دولة إسرائيل والمجتمع الفلسطيني مما يجعل من الأيسر التحرك نحو عملية سياسية ترعاها الدول السنية الأخرى. ربما يتضح ذلك مع مرور الوقت، ولكني أعتقد أنه من المبكر للغاية الحديث عن الطريق الذي ستتخذه الولايات المتحدة، والدور الذي سيريد الروس تأديته بعد أن عادوا إلى الشرق الأوسط، والدور الذي سيرغب الفلسطينيون والإسرائيليون في التفكير به في الوقت الحالي.