لماذا تتجه شركات النفط للاستثمار في الطاقة النظيفة؟

الطاقة المتجددة خيار منخفض الكربون

لماذا تتجه شركات النفط للاستثمار في الطاقة النظيفة؟



جدة - إيمان أمان:


• ستحتاج شركات النفط الكبرى إلى إنفاق ما يقرب من 350 مليار دولار أميركي للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة بحلول 2035م.
• «الاستثمار الأخضر» يعكس دور شركات النفط في الاستجابة للتحديات العالمية المشتركة في قضية تغير المناخ.
• اتجهت بعض شركات البترول العالمية لتغيير اسم الشركة، مثل شركة «بي بي» البريطانية وإضافة الشعارات الخضراء وكل ما يتعلق بالطاقة النظيفة كشعار الشمس وطواحين الهواء.
• أسئلة مهمة يطرحها المتابعون لسوق النفط... هل ستعجل السيارة الكهربائية بذروة الطلب على النفط.
• هناك توجه من جماعات الضغط البيئية المتحيزة لتعظيم قدرة بدائل الوقود الأحفوري على تلبية احتياجات النمو الاقتصادي عالمياً.




لعقود مضت، هيمنت شركات النفط العالمية الكبيرة على إنتاج الطاقة من موارد النفط والغاز الطبيعي. ومن وقت لآخر برزت مصادر طاقة منافسة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية والوقود الحيوي، ولكن لكلفة هذه البدائل وضعف قدرتها على التنافس مع مصادر الطاقة التقليدية لم تلق رواجاً حينها، ومؤخراً تشهد أسواق الطاقة العالمية ثورة في تقنيات الطاقة المتجددة. فهل هناك خوف من تهديد الطاقة المتجددة لمستقبل الطلب العالمي على النفط على المدى الطويل؟ ومن جهة أخرى يمكن للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة أن تفتح فرصاً جديدة للأعمال وتحقق عوائد اقتصادية. وتواجه أسواق الطاقة حول العالم تغييرات كبيرة وهامة من الطلب العالمي المتنامي على موارد الطاقة المنتجة من النفط والغاز، والحاجة الماسة لتعزيز كفاءة إنتاج واستهلاك الطاقة، والنمو القوي والمتنامي للطاقة المتجددة (من المتوقع أن تزداد حصة الطاقة الشمسية وغيرها من الطاقات المتجددة من 9 في المائة إلى 20 في المائة من مزيج الطاقة العالمي بحلول 2035م، مدفوعة بالانخفاض السعري في أسعار الألواح الشمسية والدعم الحكومي السخي ودور القطاع الخاص في نشر اعتماد الطاقة المتجددة على نحو تجاري. علاوة على ذلك، ضرورة تحقيق أهداف اتفاق باريس لتغير المناخ، التي تشدد على ضرورة الاستثمار في بدائل منخفضة الكربون على الأقل... وضرورة تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري خصوصاً الفحم! ولتحقيق هدف تجنب الارتفاع في الانبعاثات من الغازات الدفيئة وغاز ثاني أكسيد الكربون الملوثة للبيئة والمسببة لمشكلة تغير المناخ. وحيث لم تعد الطاقة المتجددة بأشكالها المختلفة حكرا على مطوري هذا النوع من الطاقات، بل بدأت شركات النفط في العالم في الإعلان عن استراتيجيات ومشاريع مخصصة لتطوير الطاقة الشمسية، إضافة إلى مزارع الرياح وتحسين أنظمة تخزين البطاريات الكهربائية. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه: هل يعتبر هذا التوجه استجابة للضغوط التي تربط الأثر البيئي للصناعة النفطية بتبعات تغير المناخ؟ أم أن هذا يسمى «الغسيل الأخضر»، بمعنى أن تقوم هذه الشركات بضخ استثمارات ضئيلة نسبيا للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة بهدف تجنب النقد الحاد من المنظمات الدولية الضاغطة ذات التوجه البيئي إلى جانب الاتفاقات البيئية الإطارية للأمم المتحدة المتعلقة بتغير المناخ.



أهم الدوافع وراء اتجاه شركات النفط العالمية للاستثمار في الطاقة المتجددة...



يتفق الجميع عندما يتعلق الأمر بالطاقة على أن العالم سيحتاج إلى مزيد من إمدادات الطاقة. إذن أين الخلاف؟ في كيفية إنتاج الطاقة وكيفية استخدامها، حيث سيمثل ذلك عاملا حاسما في الاقتصاد العالمي والسياسة والخيارات البيئية. وبوجه عام من الممكن تلخيص العوامل الدافعة للاستثمار في الطاقة المتجدة تتعلق بقضايا أمن الطاقة، قضية تغير المناخ وإيجاد فرص للأعمال التجارية. أما أكثر العوامل وراء توجه شركات النفط في مجال الطاقة المتجددة فتشمل: التطور التكنولوجي المتسارع ودوره في خفض التكاليف الاقتصادية، إضافة إلى حزمة السياسات والحوافز الحكومية والتشريعات البيئية الصارمة. إضافة إلى أن تحول الشركات النفطية العملاقة إلى خيار المحفظة الاستثمارية ذات الخيارات المتنوعة لتصبح شركات طاقة، وليس فقط شركات متخصصة بالنفط والغاز. ويخدم ذلك الشركات النفطية خصوصا في فترة الركود، بالاستثمار في صناعات الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح باعتبارها ستكون أسواقا غير تقليدية للطاقة.


تحقيق التوازن بين نشاط شركات النفط العالمية والفرص الجديدة...



بداية يمكن القول بأن توجه شركات النفط العالمية الأوروبية يختلف عن نظيراتها في الولايات المتحدة الأميركية. فمثلا في أوروبا تعد شركة ستات أويل في طليعة الشركات المستثمرة في طاقة الرياح البحرية، وقد استفادت من خبرتها في مجال التنقيب في أعماق البحار، وشركة «توتال» الفرنسية تعد رائدة عالميا في مجال الطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الطاقة. ومن الواضح أن نشاط الشركات الأوروبية يميل إلى أن تكون أكثر نشاطا في مجال التوجه للاستثمار في الطاقة النظيفة. أما في الولايات المتحدة الأميركية، فتهتم الشركات النفطية بشكل كبير بالاستفادة من ثورة إنتاج النفط والغاز غير التقليدي ولا ترى ضرورة الاستعجال بالتوجه للاستثمار في الطاقات الجديدة. وفي دراسة حديثة لشركة الاستشارات «وود ماكنزي» ذكرت أنه من أجل تحقيق 12 في المائة من الحصة السوقية التي تحتفظ بها كبريات شركات النفط والغاز، وعلى ذلك يقدر الباحثون أن على هذه الشركات إنفاق 350 مليار دولار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حتى عام 2035م! وبذلك تحتاج الشركات النفطية الكبرى إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على أعمالها الأساسية في مجال البترول والغاز، مع إبقاء خيارات الاستثمار واستكشاف الفرص الاقتصادية الجديدة في الطاقة النظيفة.


شركات النفط العالمية... نحو استراتيجية لتنويع أنشطتها الاستثمارية



• شركة «بريتش بتروليوم» (BP)

أعلنت شركة «بي بي» أنها تسعى للاستحواذ على المزيد من الشركات الناشئة المطورة للطاقة النظيفة، إضافة إلى أنه تم اعتماد الطاقة النظيفة في استراتيجيات الشركة، حيث ستصل حصة الطاقة النظيفة من الإنفاق الذي تبلغ قيمته (15 - 16 مليار دولار) إلى نحو 0.5 مليار دولار. ومؤخراً اشترت «بي بي» حصة بـ200 مليون دولار من أكبر مطور للطاقة الشمسية في أوروبا. والجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى لشركة «بي بي» للاستثمار في الطاقة الشمسية، حيث كانت البدايات في عام 1981م، ثم أعادت الكرة مرة ثانية في عام 2001م حيث أعادت تسمية نفسها «بي بي» ما بعد البترول BP Beyond Petroleum، كذلك غيرت شعارها إلى أشعة الشمس باللونين الأصفر والأخضر دلالة على احتضان الشركة لإنشطة الطاقة المتجددة، ومع ذلك لا يزال التركيز على مشاريع النفط والغاز ذات العائد المرتفع!

• شركة النفط الهولندية «رويال دتش شل»

وعدت شركة «شل» بخفض بصمتها الكربونية للطاقة التي تبيعها بحلول عام 2050م، وتراهن «شل» بشكل كبير على الطاقة النظيفة، وستعمل على مضاعفة إنفاقها في تمويل مشاريع الطاقة النظيفة لتصل إلى ملياري دولار أميركي بحلول عام 2020م. إضافة إلى اعتماد استراتيجية الاستحواذ على الشركات كما فعلت مؤخرا عن طريق شراء شركات لشحن السيارات الكهربائية.

• شركة «توتال» الفرنسية

استحوذت شركة «توتال» الفرنسية على حصة 23 في المائة في شركة رائدة في الطاقة المتجددة بقيمة 237.5 مليون يورو. كما استثمرت «توتال» في الوقود الحيوي، إضافة إلى استثمار 500 مليون دولار سنويا في مصادر الطاقة المتجددة.

font change