شيكاغو - سامانثا بومكامب
* مواطنون: قرار المديرين التنفيذيين في ماكدونالدز بهدم متحف ديس بلينس يتخلى عن جزء هام من التاريخ المحلي.
* بحلول عام 1969، بدأت الشركة أول تجديد لمطعمها الرئيسي، وأرادت أن تخرج عن اللونين الأبيض والأحمر وكانت تعمل على جعل أقواس علامتها التجارية تشع.
* بذلت ماكدونالدز جهداً لوضع النسخة طبق الأصل للمطعم على السجل الوطني للأماكن التاريخية. ولكن الزمن تغير وكذلك الأولويات.
تتركز بعض ذكريات مراهقة بوب سكاليسكي حول مطعم في ديس بلينس اشتهر بأقواسه اللامعة التي أصبحت في وقتٍ لاحق إحدى العلامات التجارية الأكثر تميزاً في العالم.
وكان سكاليسكي البالغ من العمر 75 عاماً، من أوائل الموظفين في فرع ماكدونالدز الأول الذي كان يديره راي كروك وأصبح لاحقاً الرئيس التنفيذي وصاحب إمبراطورية الوجبات السريعة.
وتم هدم المطعم في ديس بلينس، الذي تم افتتاحه عام 1955. وذلك بعد وفاة راي كروك عام 1984. وتسببت هذه الخطوة بغضب الكثير من السكان المحليين خصوصاً أنه تم بناء متحف مكان المطعم نسخة طبق الأصل عن مطعم لي ستريت. وقد تم تدمير المتحف في الشهر الماضي، مع احتجاج أصغر ولكن لا يقل عنفاً من المحبين الذين اعتبروا المبنى رمزاً للعصر الذهبي المفقود حين كان بإمكانك ترك دراجتك في الخارج دون حماية أثناء تقشيرك البطاطس أو شوي الجبن لتوفير المال للذهاب إلى الجامعة.
وقال تيري هيكي المتحدث باسم ماكدونالدز في بيان: «نحن نحتفل ونضم تاريخنا الذي صاغ ولا يزال يصيغ علامتنا التجارية اليوم»، مشيراً إلى العلامة التجارية على أنها «هوس الزبائن وتركز على تحويل تجربة ماكدونالدز».
وقد سعى الرئيس التنفيذي لسلسلة مطاعم ماكدونالدز ستيف إيستيربروك وبذل جهداً للتطلع إلى المستقبل وتقليل التركيز على الحنين إلى الماضي. فسيغلق قريباً فرع ماكدونالدز في مقر أوك بروك ويفتتح فرعاً جديداً في المبنى المصمم حديثاً في منطقة فولتون ماركت. ويتم إعادة تصميم ما يسمى «ماكدونالدز روك آند رول» في نهر الشمال مع معالم صديقة للبيئة وسيتم افتتاحه في الربيع دون القوسين الشهيرين. ويتم إعادة تصميم المطاعم في جميع أنحاء العالم لإضافة أكشاك وخدمة للطاولات. ويتم توسيع خدمات الطلب عبر الهاتف والتوصيل إلى المنازل. ومن المقرر هدم مطعم آخر من أقدم مطاعم ماكدونالدز في بورتلاند أور.
ويقول بعض سكان المنطقة إن قرار المديرين التنفيذيين في ماكدونالدز بهدم متحف ديس بلينس يتخلى عن جزء هام من التاريخ المحلي الذي ينبغي الحفاظ عليه.
وقال شاري كاين، المدير التنفيذي لمركز ديس بلينس للتاريخ: «تتركز رؤيتهم على الاستمرار والتقدم نحو المستقبل».
وكان كروك الذي عمل بائعاً لآلات صنع اللبن المخفوق في أواخر الخمسينات من عمره عندما بدأ في بناء مطعمه للوجبات السريعة بعد إقناع مؤسسي ماكدونالدز، ديك وماك ماكدونالد، بالسماح له بفتح حق امتياز لماكدونالدز في إلينوي. وزار كروك مطعم الإخوة ماكدونالدز الفريد في كاليفورنيا لأنه أراد أن يرى بأم عينيه المكان المكتظ دائماً بحيث يتطلب تشغيل ثمانية آلات لصنع اللبن المخفوق في وقتٍ واحد.
وينتشر الموظفون السابقون في أول فرع لماكدونالدز في جميع أنحاء البلاد، ويستذكرون المطعم والعصر الذي عمل فيه ويصفون ذلك العصر بالبسيط.
وبدأ سكاليسكي، الذي يعيش الآن في نوروالك كون، العمل في فرع ماكدونالدز في ديس بلينس عندما انتقل والداه للعيش في تلك القرية عام 1958 بعد أن كانوا يعيشون في شيكاغو. وفي سن السادسة عشرة كان هدفه ادخار المال للدخول إلى الجامعة وكان طريقه شاقاً إذ كان يتقاضى 60 سنتاً في الساعة. كان يعمل 30 ساعة في الأسبوع في المطعم خلال سنوات دراسته في المرحلة المتوسطة والثانوية ويركب دراجة أخيه سبعة أيام في الأسبوع ليصل إلى مكان عمله الذي يبعد نحو 10 كيلومترات من منزله.
بدأ سكاليسكي العمل في قسم القلي وكان يقشر ويقطع نحو 45 كيلوغراماً من البطاطس. وكان يقضي ساعات طويلة في هذه العملية إلا أن وظيفته كانت تعتبر مرموقة حينها وثاني أفضل موقع بعد الموظف المسؤول عن الشوي. وبدأ ماكدونالدز استخدام البطاطس المجمدة في منتصف الستينات.
وقال سكاليسكي إنه كان عملا جيدا، ولكن التعامل مع راي كروك الصارم لم يكن سهلاً أبداً. وقال: «إن مزاجه كان سيّئاً تقريباً كل يوم».
وقال سكاليسكي إن كروك كان دائماً يطلب من الموظفين أن يكونوا دقيقين، ولم يكن يتحلى بالصبر أو يتقبل عدم الدقة منهم في عملهم. وكان كروك يستشيط غضباً كلما يقبض على سكاليسكي مختبئاً في الثلاجة في أثناء دوام العمل للتدرب على آلة الساكسفون.
تخرج سكاليسكي عام 1960. وتوجه إلى جامعة دي بول، ولكن خبرته في ماكدونالدز قادته لشراء بعض الأسهم في الشركة بعد عدة سنوات.
وعندما طرح ماكدونالدز أسهم الشركة للاكتتاب العام أول مرة في 1965، اشترى سكاليسكي 300 سهم. وكان ثمن الأسهم حينها مرتفعاً؛ فعندما رد الأسهم للشركة في سن السادسة والعشرين قال إنه اشتخدم المال لشراء منزله الأول.
وبحلول عام 1969. بدأت الشركة أول تجديد لمطعمها الرئيسي، وأرادت أن تخرج عن الألوان المألوفة في المنطقة والتي كانت عبارة عن اللونين الأبيض والأحمر المنتشرة على المباني وكانت تعمل على جعل أقواس علامتها التجارية تشع.
ولكن المطعم الأول لماكدونالدز لم يتغير وظل كما هو. في تلك السنة، لبس شون وارد البالغ من العمر 15 سنة زي ماكدونالدز وبدأ العمل في المطعم في ديس بلينس. وكان راي روك حينها قد غادر ليتسلم منصبه مديراً مسؤولاً عن حقوق الامتياز، ولكن وارد البالغ من العمر 63 عاماً استذكر أن سحر روك ظل في المطعم رغب غيابه.
ويذكر وارد، الذي يعيش الآن في منطقة ديترويت، أن مطاعم ماكدونالدز الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة لا تزال تنظرلموظفي موقع ديس بلينس على أنهم خبراء التشغيل وتتصل بهم في كثير من الأحيان لتطرح بعض الأسئلة.
وأضاف: «لأننا كنا الفرع الأول، كانت الفروع الأخرى تتصل بنا في كال مرة تواجه مشكلة معينة... كانت تصلنا مكالمات من فروع أوكلاهوما وتكساس وميسوري... كان الهاتف يرن دائماً».
وكان أكثر يوم يذكره أثناء عمله في ماكدونالدز عندما طلب مديره، لاري هامبورغر، من الموظفين القدوم في اليوم التالي عند الساعة الثالثة صباحاً، أي قبل دوام العمل الطبيعي لسلسلة مطاعم الهامبورغر التي لم تكن تقدم وجبة الإفطار بعد. فحينها طلب قائد كشفي في المنطقة 3 آلاف قطعة هامبورغر. وصل الموظفون حينها في وقتٍ مبكر لطهي الطعام، ولفوا الهامبورغر في ورق الصحف وأعطي القائد الكشفي طلبيته في الصباح لإطعام المشاركين في الاحتفال الكشفي.
ويستذكر وارد أيضاً اليوم الذي صدرت فيه دمية رونالد ماكدونالد وكيف امتلأت الفروع بالزبائن. وقال إن ذلك كان حدثاً ضخماً. وكذلك كانت بدلات الطعام.
وقال وارد إن الموظفين كانوا يحصلون على 15 سنتاً لكل ساعة عمل، مما يعني أنه كان يملك ما يكفيه لشراء ثمانية سندويتشات هامبورغر في كل يوم عمل عادي. وكان ريك نيتزل يأكل 12 في جلسة واحدة عندما كان مراهقاً يعمل في أول فرع لماكدونالدز. وكان أول يوم عمل لنيتزل في منتصف السبعينات في وقت أضاف فيه ماكدونالدز فطيرة البيض التي ابتكرها وحصل على حق الامتياز في كاليفورنيا لتضاف إلى القائمة الوطنية لسلسلة المطاعم.
وكان نيتزل، الذي يبلغ من العمر 58 عاماً ويعيش في جوبيتر في فلوريدا قد حظي بأوقات طيبة في سن المراهقة التي عاش فيها في الضواحي.
واستذكر نيتزل وهو يضحك: «لقد تم نقلي إلى موقع أمين الصندوق لأنهم قالوا إنني أتكلم كثيراً». وقال إن معظم أميني الصندوق كانوا من الإناث، لذلك كان ذلك يناسبه جداً. وقد قام بالخروج مع الكثير من زميلاته في العمل.
بالإضافة إلى ذكرياته العالقة في ذهنه، تذكر نيتزل رائحة البطاطس المقلية التي كانت تفوح من ملابسه. وقال: «لقد كنت ذات شعبية عند الكلاب».
وتوفي راي كروك عام 1984. وتم هدم الفرع الأول لماكدونالدز في وقتٍ لاحق من ذلك العام.
وقد حل المتحف محل المطعم - الذي قام جيرانه بحملات لإنقاذه - وذلك عام 1985. وظل مقصداً مشهوراً للسياح، لكن ماكدونالدز قال إن الزائرين المعتادين تضاءلوا عندما أغلقت أبواب المتحف للسياح قبل 10 سنوات. وأكمل الناس حياتهم بشكلٍ طبيبعي بعدما كان المكان دائماً مكتظاً وكذلك فعلت شركة الوجبات السريعة.
ومع ذلك، كان هناك الكثير ممن أرادوا إنقاذ المتحف عندما أعلنت شركة ماكدونالدز أنها تخطط لهدمه في نوفمبر (تشرين الثاني). ووفقا لمدير المتحف برايان غرامز فقد عرض متحف فولو للسيارات في مقاطعة ليك أخذ المبنى لخارجي أو التحف المعروضة، ولكن الشركة رفضت العرض.
وكتب الجيران رسائل إلى الشركة ومركز ديس بلينس للتاريخ لانتقاد خطوة الهدم. وأبقت الشركة على لوحة المتحف وأشيائه داخل المبنى.
وقال كين، المدير التنفيذي لمركز التاريخ، إن المركز قد تلقى عدداً أقل من المكالمات الهاتفية والرسائل حول تدمير النسخة طبق الأصل عن المطعم الأصلي، على الرغم من أن الكثير من الناس علقوا على صفحة المركز على موقع «فيسبوك».
وبذل ماكدونالدز جهداً مرة لوضع النسخة طبق الأصل للمطعم على السجل الوطني للأماكن التاريخية. ولكن الزمن - والأولويات - قد تغيرت.
وقال ريتشارد آدمز من مجموعة حقوق الامتيازات، وهو استشاري ورجل امتياز سابق في شركة ماكدونالدز، إن هدم فرع ديس بلينس علامة على محو شركة ماكدونالدز لتاريخ مطاعمها.
وبما أن الأقواس الذهبية باتت تظهر بشكلٍ أقل في تصاميم المطعم الجديدة، فقد بات يظهر رونالد ماكدونالد ورفاقه من الشخصيات أقل بكثير في السنوات الأخيرة أيضاً، على الرغم من أنهم لم يتقاعدوا رسمياً.
وبالإضافة إلى التغييرات الكثيرة في مطاعم ماكدونالدز، فإن القوى العاملة في الشركة تتغير كذلك. وقدمت الشركة فرصاً للموظفين العاملين منذ فترة طويلة لشراء أسهم الشركة، وقالت إن نقلها إلى وسط المدينة سيسمح لها باجتذاب الأصغر سناً. وقال آدمز إن هناك أيضاً عدداً أقل من المديرين التنفيذيين الذين لديهم عقود من الخبرة في العلامة التجارية وإن العهود الطويلة في الشركة كانت شائعة بالنسبة لأولئك الذين يشغلون مناصب عالية في ماكدونالدز.
وقال إنه بالنسبة له «لا يعني له أي من هذه الأمور شيئاً». وأضاف: «معاً يعنون الكثير».
(صحيفة شيكاغو تريبيون)