برنامج بالكنيسة المصرية لتيسير الزواج

على طريقة «الخاطبة» في التراث الشعبي

برنامج بالكنيسة المصرية لتيسير الزواج

[caption id="attachment_55260955" align="aligncenter" width="1421"]زواج في الكنيسة القبطية بمصر زواج في الكنيسة القبطية بمصر[/caption]

القاهرة عصام فضل


* عدد الكنائس التي تطبق برنامج التوفيق في الزواج في مصر 12 كنيسة معظمها في القاهرة والإسكندرية.
* هناك صفحات خاصة بالبرنامج على «فيسبوك» تحت إشراف الكنيسة كي يتمكن الشباب والفتيات الراغبون في الزواج من التواصل.



في محاولة لمواجهة ظاهرة تأخر سن الزواج لدى الشباب والفتيات، أطلقت كنائس مصرية برنامجا لتوفير العريس والعروس بين الشباب والفتيات الراغبين في الزواج فيما يشبه محاكاة عصرية لفكرة «الخاطبة» في التراث الشعبي المصري، ورغم أن فكرة البرنامج غير تقليدية، فإن القائمين عليها يسعون إلى تطويرها بشكل دائم من خلال مواكبة التطورات التكنولوجية عن طريق إنشاء صفحات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ليتمكن الشباب من التواصل بحرية أكبر.



[caption id="attachment_55260956" align="aligncenter" width="1696"]جانب من لقاءات عامة لتيسير الزواج في مصر («المجلة») جانب من لقاءات عامة لتيسير الزواج في مصر («المجلة»)[/caption]

ويتبع البرنامج طريقة غير تقليدية في التوفيق بين الشباب والفتيات، حيث يقوم الراغبون في الزواج بملء استمارة تتضمن معلومات شخصية والمواصفات المطلوبة في الزوج أو الزوجة، بينما يتولى القائمون على البرنامج تنظيم اجتماع في الكنيسة أو مقار تابعة لها حيث يحضر الاجتماع عدد كبير من الشباب والفتيات يتحدثون بشكل جماعي في الكثير من الأمور وخصوصا مشكلة الزواج، فإذا وجد مثلا أي شاب فتاة معينة شعر بميل تجاهها أو رأى أنها قد تناسبه قام بالتعرف إليها بشكل تلقائي من دون ترتيبات، وتقوم الإدارة بالمساعدة في توفير بعض الخصوصية وتكرار اللقاءات.
يقول كاهن كنيسة العذراء بالمعادي القس باخوميوس كامل لـ«المجلة» إن الفكرة نشأت بهدف إيجاد شريك الحياة للطرفين وذلك نظرا لتعقد ظروف الحياة وبعض الظروف المادية التي تؤدي إلى الوصول لسن متأخرة دون إيجاد فرصة للزواج بين الطرفين، كما لاحظنا تكرار طلب الأمهات أثناء زيارة الكنيسة بتوفير زوج أو زوجة لأبنائهن وبناتهن.
ويضيف: «نقوم بجمع الاستمارات وتنسيقها وتوفيق بعض الأشخاص الذين نجد بينهم سمات مشتركة، ونستدعي الشاب فنعرض عليه صورة الفتاة دون ذكر اسمها وفي حال حدث قبول نرتب موعدا ونخبر الفتاة لتتم المقابلة، وإذا حدث وفاق نقوم باستبعاد الاستمارات بشكل مؤقت حتى تتم الخطبة، أما إذا لم يحدث القبول فإننا نعيد الاستمارات فقد يجد كل منهما شخصا آخر يناسبه»

تبدأ رحلة الشباب والفتيات في البحث عن عريس أو عروس بالكنيسة بملء استمارة تتضمن معلومات شخصية ومرفق بها صورة، كما تحتوي الاستمارة على عدد من الأسئلة، منها: هل تنتظر شخصا كاملا؟ هل أنت ترى نفسك شخصا كاملا وبلا عيوب؟ في رأيك ما هي معوقات الارتباط أو استمرار العلاقة؟ ما هي العيوب التي لا تستطيع التكيف معها؟ متى تقدم تنازلا عن شرط أساسي في شريك الحياة؟ ما هو الزواج من منظورك الشخصي؟ هل ترى أنه من الصعب أو المستحيل إيجاد شريك الحياة الذي تحلم به؟ ما هو الشرط الذي لا يمكن التنازل عنه؟ ما هي شروطك في شريك الحياة؟ ما هو دور الأهل في اختيار شريك الحياة؟ إلى أي مدي تؤثر آراء الآخرين في استمرار الارتباط؟

يبلغ عدد الكنائس التي تطبق برنامج التوفيق في الزواج في مصر نحو 12 كنيسة معظمها في القاهرة والإسكندرية، لكن أول كنيسة بدأت تطبيق البرنامج هي كنيسة مارمرقس بالمعادي في جنوب القاهرة.
تقول المسؤولة عن اجتماع العرس في كنيسة القديس مارمرقس بالمعادي، إيزيس حبيب، لـ«المجلة»: «يبلغ عدد المترددين على الاجتماع بكنيستنا نحو 400 شاب وفتاة، وتبلغ نسبة الشباب نحو 55 في المائة لأن الفتيات يخجلن من فكرة البحث عن عريس علنا، وتتراوح أعمار راغبي الزواج المترددين على الاجتماع بين 22 وحتى 65 سنة وقد يصل عمر راغبات الزواج من الإناث إلى 55 سنة.
وتتطرق حبيب إلى المواقف الطريفة التي تعايشها خلال البرنامج، متابعة: «جاء رجل تعدى عمره 50 عاما ويرغب في شابة في عمر 30، كما جاءت سيدة تبلغ من العمر 55 عاما وتطلب شبكة بقيمة عالية مبالغ فيها جدا، وصادفت أيضاً شبابا يرفضون عروسا مناسبة في كل شيء لأن اسمها لا يعجبهم».
وفي محاولة لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة، وتحول الإنترنت إلى الوسيلة الأكثر جذبا للشباب في التواصل، أطلقت الكنيسة صفحات خاصة بالبرنامج على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» كي يتمكن الشباب والفتيات الراغبون في الزواج من التواصل بحرية أكبر.

يقول أحد مسؤولي اجتماع العرس في كنيسة بالقاهرة، صبري إبراهيم، لـ«المجلة»، إن الكنيسة أنشأت أخيرا مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي لتسهيل التواصل بين الشباب والفتيات، لكن يجب أن يحصل الشخص على تصريح للدخول إلى المجموعة الإلكترونية، وهذا لا يتم إلا بموافقة الخدمة الكنسية المسؤولة. ويضيف: «بناتي الثلاث يرفضن المشاركة في الاجتماع حيث تزوجت واحدة بطريقة عادية بينما الاثنتان يفضلن الحصول على عريس بشكل طبيعي».
عندما حضر الاجتماع للمرة الأولى كان يبحث عن عروس ثم تحول مع مرور الوقت إلى أحد المشرفين على البرنامج، لكنه أيضاً لم يجد العروس المناسبة، يقول نبيل فهمي، أحد المسؤولين عن برنامج العرس بكنيسة الأنبا شنودة، لـ«المجلة»: «نعقد اجتماعين شهريا، أحدهما في السبت الأول من الشهر، وهو خاص بحملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة، بينما يعقد اجتماع آخر في السبت الثاني من كل شهر، ويخص حملة المؤهلات الجامعية».

ويضيف: «عمري 40 عاما، وقد أصبحت من المشرفين على البرنامج من كثرة ترددي على الكنيسة، وأعتقد أن أحد أهم أسباب تأخر سن الزواج لدى الشباب والفتيات، هو المغالاة في المطالب المادية، وقد ذهبت لخطبة ابنة أحد الكهنة، فسألني بمجرد أن طرحت عليه طلبي: هل شقتك تمليك أم إيجار؟ وكم تبلغ مساحتها؟ وأين موقعها؟».

ورغم تحفظ الفتيات المشاركات في مثل هذه الاجتماعات، في الحديث، إلا أن ماريان (33 سنة) تقول: «ظروف العمل فرضت علينا روتين حياة قاسيا، فأنا أصحو في الصباح أتوجه لعملي ثم أعود في المساء مرهقة فأنام حتى أستيقظ باكرا، ولم أستطع أن أقابل من يناسبني ولذلك لجأت لهذه الخدمة لعلي أجد شريكا لحياتي».

ويعتقد مدحت فهمي (مهندس) أن الفتيات يزدن مشكلة الزواج تعقيدا بسبب المغالاة في المطالب المادية، ويقول: «شاركت في الاجتماعات استجابة لنصائح صديقي في محاولة لإيجاد زوجة مناسبة، لكنني فوجئت بأن الفتيات المشاركات كغيرهن يغالين في المطالب المادية، فقد شاركت معنا فتاة قالت إن الشاب يجب أن يأتي بشبكة تعبر عن قيمة شخصه، بينما قالت أخرى إنها لا ترغب في مصوغات كثيرة، ولكن والدها يصر على شبكة بقيمة كبيرة كي يكون مطمئنا على مستقبلها».
font change