بين التجميل والمخاطر الطبية... «التاتو» يستهوي شباب لبنان

بين التجميل والمخاطر الطبية... «التاتو» يستهوي شباب لبنان

فنان «التاتو» ميشال غريب: الوشم رفيق الحياة ولكل رسمة قصة تخصّ صاحبها





* الخبرة المطلوبة لفنان في رسوم الجسد مختلفة كلياً عن رسم حواجب امرأة أو شفتيها.



بيروت: ميراي برق

يقال إن الصينيين هم أول من استخدم التاتو والشعب الأميركي المايانز، والهنود، والساموا، وهذا الفن موجود منذ آلاف السنين...
تختلف رمزية الوشم باختلاف الثقافات والميول والأهداف. البعض يرى أنه يزيدهم إثارة ويُشعرهم بالتمرد والقوة والجاذبية، أو يُضفي عليهم صفات روحية. وفي المقابل ينظر البعض الآخر إلى الموشومين أنهم عدوانيون، ربما لأن هذا التزيين اقترن في فترات سابقة بالمساجين والمجرمين والقراصنة.
فنان الوشم، ميشال غريب، يقول: «أرسم التاتو منذ أكثر من 23 عاماً، وعمري 44 عاماً، اكتشفت هذا الفن في موسكو.تتلمذت على أيدي مبدعين في موسكو مثل دان يكوفلاف، وإيغور رزينكوف».

الوشم هو العمل الوحيد الذي لا يتم تدريسه، فليست هناك مدارس أو معاهد تدرس فن التاتو. التقنيات يتلقاها مَن يرغب. لكن الموهبة ضرورية.
يقول ميشال لـ«المجلة»: «الجزء الذي يمكن تعلّمه في عالم الوشم هو الجزء الطبي، مثل تنظيف البشرة وتعقيم مكان تنفيذ الوشم، كي نقتل أي بكتيريا موجودة على الجلد».

وعن كيفية تطبيق الوشم، يضيف: «بداية، يتم تنظيف البشرة بـ(سبيرتو طبي)، لأن السبيرتو يزيل الطبقة الدهنية عن البشرة وإزالتها تجعل تطبيق الوشم أسهل ورسمه أوضح. بعد إزالة الطبقة الدهنية نستخدم صابوناً مطهراً، لتأكيد تعقيم الجلد. ونبدأ بوضع الخطوط الأساسية للوشم. وهذه الخطوط هي خريطة لتنفيذ الوشم. فهي للتحديد فقط. وهذه الخطوط لا تظهر في الوشم النهائي. في الوقت عينه نحضّر الماكينات، ولكل وشم عدد من الماكينات، حيث كل ماكينة فيها مجموعة إبر».

شدّد ميشال على ضرورة التأكد من فتحات الإبر، لنبدأ بتحديد خطوط الدم. وهي خطوط شبيهة بالجروح، ولكن هذه الجروح لا تظهر أبداً في المرحلة الأخيرة. هذه الجروح هي البنية الأساسية للوشم.

يروي ميشال: «منذ شهر عدتُ من موسكو حيث يُقام سنوياً معرض للتاتو. وكانت هذه السنة هي التاسعة على التوالي... هذا المعرض يجمع عالم المدمنين على التاتو. فالجميع هناك يروي إدمانه على لذة تنفيذ التاتو على أجسادهم، بحيث لم يعُد في أجسادهم موضع لوشم جديد، مما يُجبرهم على رسمها فوق بعضها... التاتو أصبح حاجة ضرورية لبعض الأفراد. وهو الشعور بالاستمرارية من خلال رسم التاتو على جسده».

وشم ملون على بشرة سمراء قلة خبرة



يقول ميشال: «التاتو حبر، والحبر بجميع الألوان، ولكن القليل القليل مَن يسطيع أن يرسم بالألون على جسده. فمعظم أبناء الوطن العربي بشرتهم سمراء. والوشم الملوّن بحاجة إلى بشرة ناصعة البياض، نضرة، تعكس الألوان إلى الخارج. فمن ينفذ التاتو الملوّن في الدول العربية هو برأيي قليل الخبرة، لذا أستعمل في أغلب الوقت الحبر الأسود مع الظل الأسود، لأنه اللون الوحيد الذي لا يموت تحت شدة الحرارة».

بينما في الدول الأوروبية الغالبية تستعمل الحبر الملوّن، وتعتبر الرسوم الملوّنة أكثر جاذبية ولافتة، خصوصاً لو كانت صور 3 D واقعية.
وعن أنواع الحبر، يتابع: «هناك أنواع كثيرة من الحبر، ولكن الأفضل هو الحبر الأميركي (intense) الذي تتم صناعته في نيوجيرسي، وصاحبها ماريو بارس، وكان من أفضل فناني الوشم ثم انتقل إلى تصنيع حبر التاتو».

ويؤكد ميشال أن الحبر هو أساس نجاح الرسوم. والحبر الطبيعي مستخرج من الخضار الميتة، ولا تُضاف إليها أي مواد سامة. ويتم خلطها بمياه مقطّرة ومادة الكليسيرين لتركيز الحبر في مكانه. التاتو المنفّذ بحبر ذي جودة رديئة يصبح بعد وقت ممحواً بشكل بشع ومشوّه.
ومن ناحية أخرى يقول غريب: «من الأخطاء المنتشرة أن هناك حبراً لـ6 أشهر»، قائلا إن الحبر يوضع ويُضغط بإبرة تحت الجلد فكيف يُمحى؟!!



التاتو رفيق الإنسان



عن موضة الرسوم، يشرح ميشال غريب: «ليست هناك موضة للتاتو. فلكل وشم قصة تخصّ صاحبها (تاريخ – أسماء – رسوم).. فالموضة تموت بعد وقت، ولكن هناك موضة بالأسلوب فمثلاً: الحرف الروماني بدلاً من الحرف العربي، لكن بقي مضمونها حقيقياً أي اسم أخ، صديق، حبيب... الوشم ليس موضة ملابس لا يمكن تبديلها بأي وقت، فالوشم الموجود على الجسم يجب أن يكون له رابط نفسي لصاحبه الموشوم به».

هل هناك مصحّح للوشم؟
فعلياً، كلا، حتى الليزر ليس فعالاً على جميع أنواع البشرة، فكثير من الموشومين يتعرّضن لظهور ندوب. وهذه الندوب لا تمحى بالليزر. الوشم هو طباعة أبدية ترافق الشخص حتى الموت.

هل يوجد إقبال على تنفيذ الوشم؟
يجيب ميشال: «يتزايد الإقبال على الوشم على الجسد في العالم العربي، خصوصاً من عمر 18 عاماً حتى 35 عاماً، بعدما كان محصوراً فقط بفئات محددة كالمرضى النفسيين والسجناء والمصارعين. وقد كان يستخدم في المجتمعات العشائرية وفي الطقوس الدينية، واستخدمه البعض كالفراعنة في التجميل الدائم كالكحل فوق العينين». يروي ميشال قصة امرأة عمرها 70 عاماً أتت إليه طالبة رسم وشم، شارحة أنها كانت تحلم برسم التاتو على يدها، ولكن كان يُعتبر عيباً، معتبرةً أنها مغامرة جميلة. تقول السيدة: «لا أريد الموت دون تاتو». ويتابع غريب: «أكثر الرسوم المطلوبة هي رسوم كبيرة. يد كاملة أو ساق كاملة. هذه الرسوم لا تؤخذ من إنترنت، بل هي فكرة تعني لصاحبها الكثير. عملي هو تركيب هذه الصور وتنفيذها على جسده. أكثر الرسوم المطلوبة هي رسوم خاصة برمز بلد معين، فأغلب المهاجرين اللبنانيين رسموا على أجسادهم أرزة لبنان».

التاتو نوعان



وعن أنواع التاتو يقول إنه نوعان... «رسم على الجسم، وميك أب تاتو. وهما نوعان مختلفان من الفنون. ومن يعمل في هذين المجالين في وقت واحد فهو تاجر وليس فناناً. فالخبرة الموجودة عند الفنان في رسوم الجسد هي كلياً مختلفة عن رسم حواجب امرأة أو شفتيها. أنا أملك القدرة على رسم خطوط صحيحة، لكنني لا أملك الفن والرؤية الفنية الصحيحة التي تخوّلني رسم ما يناسب شكل الوجه».

وشم في أية مواضع؟
يشرح ميشال: «نحن بحاجة إلى 3 طبقات جلدية لتنفيذ التاتو. فالحبر يدخل في الطبقة الثانية من الجلد، والطبقة الأولى هي طبقة الحماية للحبر، لذا التاتو ينفذ على معظم مناطق الجسم سوى كفّ اليد وأسفل القدم، لأن هذه الأماكن لا تحتوي على 3 طبقات جلدية، لأن التاتو يتمزّق. فالأصابع التي ينفذ عليها تاتو بعد 3 أسابيع تظهر بطريقة بشعة وممزقة. فجلدة الأصابع ليست 3 طبقات ولو أعيدت مرات عدة فالنتيجة هي نفسها».

كيف نتأكد من صدق فنان الوشم؟
للتأكد من صدقية فنان الوشم، اقترح غريب أن يطلب طالب الوشم رؤية ألبوم صور يعرض أعمال الفنان لزبائن قدامى، فهذا قد يوفر دليلاً ملموساً على قدرته على تلبية توقعاتكم. تفحّصوا الألبوم جيداً لتتأكدوا أن الصور حقيقية وليست مستخرجة من الإنترنت أو المجلات.
font change