ترمب وميركل... وإدارة ملف المناخ

ترمب وميركل... وإدارة ملف المناخ

التغير المناخي في أجندة قمة العشرين القادمة في ألمانيا



[caption id="attachment_55259670" align="aligncenter" width="909"]المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة تاورمينا التي عقدت في جزيرة صقلية 26 مايو 2017  بإيطاليا (غيتي) المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة تاورمينا التي عقدت في جزيرة صقلية 26 مايو 2017 بإيطاليا (غيتي)[/caption]

•دول مجموعة العشرين تنفق مجتمعة نحو 444 بليون دولار سنويا على دعم مصادر الوقود الأحفوري



جدة: إيمان أمان

يجتمع قادة دول مجموعة العشرين في السابع والثامن من شهر يوليو (تموز) 2017، في مدينة هامبورغ الألمانية. وتبرز لأول مرة قضية التغير المناخي في أجندة قمة دول العشرين بعد ما كان يعد ذكرها من المحظورات أو (تابو) وهذا بالتأكيد له دلالات عدة سيتم الإشارة لها خلال المقال. والجدير بالذكر أنه منذ تأسيس المجموعة التي تضم الاقتصادات الكبرى لعشرين دولة بهدف تجنب الأزمات المالية العالمية والتي بدورها تؤثر سلبا على هذه الاقتصادات الضخمة.

قمة العشرين بعد الصين



وتترأس ألمانيا الدورة الجديدة لقمة العشرين بعد الصين في الدورة السابقة للمجموعة. وقد أعلنت ألمانيا أنها ستطرح قضية تغير المناخ وضرورة التركيز عليها وتضمينها في وثيقة السياسات حيث ذكرت: «إن تغير المناخ يمثل واحدا من أهم التحديات العالمية التي ترفع التكاليف والمخاطر في جميع أنحاء العالم. وبعد الإجماع العالمي على اتفاق باريس عام 2015. والذي جمع 196 دولة ووحدها في مكافحة تغير المناخ وآثاره، باتخاذ الإجراءات الحاسمة لتقييد الاحترار العالمي إلى 2 درجة مئوية (أي فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية)، وذلك من خلال حزمة من الإجراءات والتدابير لخفض نسبة غازات الاحتباس الحراري وثاني أكسيد الكربون الملوثة للهواء».

والجدير بالذكر أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تعول كثيرا على الولايات المتحدة الأميركية للمساعدة في الدفع بسياسات لتحول الاقتصاد العالمي، وأخذ الريادة في التصدي لتحدي تغير المناخ واعتماد السياسات التي تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في الهواء.

دول مجموعة العشرين تحديات وفرص كبيرة في الطاقة والمناخ



في الدورة السابقة لمجموعة العشرين والتي عقدت في الصين عام 2016. اهتمت بطرح عدد من المواضيع ذات الصلة بتغير المناخ مثل مواضيع الطاقة النظيفة والتمويل الأخضر لمشاريع الطاقة المتجددة. والدورة الجديدة في ألمانيا ستكون محطة مهمة، كون ألمانيا من الدول المتقدمة التي أحرزت تقدما عالميا في اعتمادها على مصادر الطاقة المتجدد في توليد الطاقة الكهربائية (استخدام الطاقة الشمسية) وهي بلد لديها تجربتها الرائدة في تقليل وإنهاء الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري - خصوصا الفحم الحجري - لعدد من الأسباب المتعلقة بأمن الطاقة وتغير المناخ. وفي أجندة الدورة القادمة في هامبورغ الألمانية، ستعمل الرئاسة على دمج القضايا المتعلقة بعلاقة الطاقة بتغير المناخ بشكل مكثف وذلك من خلال التركيز على كيفية دعم سياسات الطاقة في دول المجموعة، بالإضافة إلى التحول على المدى الطويل لاقتصادات منخفضة الكربون وبحث كيفية توجيه الاستثمارات وفقا لذلك.

وستتضمن أجندة الدورة القادمة للمجموعة في هامبورغ الألمانية، مناقشة التأكيد على أهمية العلاقة بين الطاقة والمناخ ووضع رؤية واضحة تسترشد بمخرجات اتفاق باريس وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ومع ذلك فمن الواضح أن تشكل قضايا المناخ تحديات كبيرة أمام مجموعة العشرين، مثلا التحولات السياسية الأخيرة مثل انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب المشكك في صحة قضية الاحترار العالمي للكرة الأرضية.

فيما يتعلق بإنتاج واستهلاك الطاقة، تتحمل اقتصادات دول مجموعة العشرين مجتمعة مسؤولية 80 في المائة من الانبعاثات الملوثة للهواء والمتصلة بنشاطات الطاقة، ومن ناحية أخرى تمثل 75 في المائة من إمكانات التفوق في نشر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030م، وأيضا تمثل 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و80 في المائة من إجمالي إمدادات الطاقة الأولية العالمية وأيضا تضم أعظم المجموعة قادة العالم في مجال تطوير التكنولوجيات والابتكار ونصيب الأسد في مجال تكنولوجيات الطاقة المتجددة.

والجدير بالذكر أن دول مجموعة العشرين تنفق مجتمعة نحو 444 بليون دولار سنويا على دعم مصادر الوقود الأحفوري وذلك عبر قنوات مالية مختلفة. وهذا الدعم يعيق تطوير مصادر الطاقة المتجددة، الأمر الذي يعتبره البعض ضد قضية تغير المناخ.

وباستثناء روسيا وتركيا والدول الأعضاء من الاتحاد الأوروبي والمكسيك والولايات المتحد الأميركية ركزت نشر مصادر الطاقة المتجددة كمساهمة وطنية للتصدي لتغير المناخ، وقدمت دول مجموعة العشرين الأخرى مساهماتها المقررة المحددة وطنيا، إلى حزمة من الإجراءات والسياسات الوطنية التي ترمي لتعزيز مصادر الطاقة المتجددة وزيادة كفاءة الطاقة في المساهمات المقررة وطنيا. والجدير بالذكر أن الفقرة 43 من بيان قادة مجموعة العشرين وهي الوحيدة المكرسة فقط لقضية تغير المناخ، ولا تذكر أي مسائل أخرى بشأن التخفيف والتكيف والطرح الدولي لإزالة الكربون من نظام الطاقة العالمي. وستقوم ألمانيا بربط تغير المناخ بالطاقة وستقدم خط عمل للطاقة لمجموعة العشرين لسياسات ستعمل على إزالة الكربون وأيضا طرح قضية تسعير الكربون.

الرئيس الأميركي وإدارة ملف قضية تغير المناخ



تعد الولايات المتحدة لاعبا هاما في مكافحة تغير المناخ ومؤثر عالميا في اعتماد سياسات لتخفيض نسبة غازات الاحتباس الحراري عالميا. سيقود الوفد الأميركي هذا العام الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومن المعروف أن الرئيس الأميركي ترمب لديه تحفظات وآراء (صرح أن قضية تغير المناخ هي خدعة صينية) قد تهدد الاتجاه العالمي نحو التحرك لإيجاد الحلول والسياسات فيما يخص قضية التغير المناخي. والسؤال اليوم هل سيؤدي تراجع الولايات المتحدة عن مخرجات اتفاق باريس 2015م إلى تراخي في تطبيق التعاون العالمي للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة المساهمة في تغير المناخ العالمي؟ الإجابة أن الاتجاه العالمي نحو تطوير أنظمة للطاقة منخفضة الكربون ومرنة للتحول الاقتصادي العالمي القادم فيما يختص بخيارات مصادر الطاقة. ولا تزال الصين ودول الاتحاد الأوروبي والهند وعدد من بلدان القارة الأفريقية وأميركا اللاتينية، مستمرة في برامجها المتعلقة بالاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة.

ويعتبر عدد من المراقبين أن خروج الولايات المتحدة الأميركية الفاعل من اتفاق باريس، أنه قد يقوض الجهود الدولية للحد من الانبعاثات الكربونية عبر حزمة من السياسات والإجراءات المقيدة لاستخدام مصادر الوقود الأحفوري. ومنذ توليه لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، قام باعتماد قوانين مقيدة لتنمية الطاقة النظيفة وأبحاث تغير المناخ. ومن الأوامر التنفيذية التي أصدرها في هذا الشأن: حذف المحتوى المتعلق بتغير المناخ من موقع البيت الأبيض ووكالة البيئة وإدارة الطاقة الأميركية، إيقاف العمل بالقانون المتعلق بعمل المولدات التي تعمل باستخدام الفحم الحجري الملوث، تقليل الأعباء المالية المترتبة من إصدار القوانين البيئية، ومؤخرا أصدرت إدارته قرار بحذف اللغة المتعلقة بتغير المناخ من البيان المشترك الصادر عن وزراء مالية مجموعة العشرين وأيضا التراجع عن التعهدات السابقة بتخصيص 100 مليار سنويا بحلول عام 2020م كخطوة لتمويل استراتيجيات التخفيف من تبعات تغير المناخ. وسيؤدي توجه الإدارة الأميركية إلى إحداث ضبابية لدى المستثمرين فيما يخص توجيه الاستثمارات إلى مجال الطاقة النظيفة أو الاستمرار في الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري، حيث التوجه العالمي بسحب الاستثمارات من الوقود الأحفوري وضمان الانتقال السلس إلى اقتصاد أكثر مرونة وقوة في مجال الطاقة المتجددة.

وبالنظر إلى السياق السياسي الجديد للقيادة الأميركية، فيرى المهتمين بهذا الشأن، أنه وبغض النظر عن السياسة الأميركية الجديدة المتعلقة بملف تغير المناخ، فإن دول الأطراف التي شاركت في اتفاق باريس ستبذل الجهد لتحقيق الأهداف التي تم الاتفاق عليها. وبما أن دول العشرين هي الدول المتقدمة في الابتكار والتكنولوجيا، فإنه لا يمكن إغفال الدور الهام لهذه الدول في تسيير الاتجاه العالمي نحو تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتشكيل خيارات الطاقة المستقبلية.
الصين في ملف قضية تغير المناخ

بدأت الصين تبرز بسرعة كبطل جديد للمناخ، حيث تعزز بقوة مصادر الطاقة المتجددة وتدافع عن اتفاقية باريس، وقد صادقت على اتفاقية باريس لعام 2015م قبيل رئاستها لقمة مجموعة العشرين عام 2016م.

وعلى الجانب الآخر من الطيف، شكك دونالد ترمب في وجود تغير المناخ نفسه، فضلا عن «توضيح أنه ينوي التخلص من الكثير من الأنظمة المالية التي تم وضعها لمنع حدوث أزمة مالية جديدة» كما تقول. وتعتبر الصين والولايات المتحدة الأميركية من الدول الأكثر مساهمة في التسبب في غازات الاحتباس الحراري وذلك نتيجة لأنشطتهما الصناعية. ويشكلان معا أكبر مصدرين للانبعاثات المسببة لمشكلة الاحتباس الحراري بنسبة 38 في المائة من نسبة الغازات الدفيئة عالميا، وتشكل الصين وحدها 20 في المائة من هذه النسبة! ويشكل أكبر مصدرين للانبعاثات 38 في المائة من غازات الدفيئة العالمية، وتبلغ الصين وحدها 20 في المائة.

صادقت الصين والولايات المتحدة على اتفاقية باريس لعام 2015 لخفض انبعاثات غازات الدفيئة العالمية يوم السبت، قبيل قمة مجموعة العشرين التي تبدأ يوم الأحد في هانغتشو، الصين. ويمثل ذلك خطوة كبرى نحو سن الاتفاقية التي تجعل البلدان الأخرى تحذو حذوها.

ويشكل أكبر مصدرين للانبعاثات في العالم 38 في المائة من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة، حيث تستضيف الصين، مضيف مجموعة العشرين، وحدها 20 في المائة من الانبعاثات، وفقا للبيانات التي توفرها شركة «كليمات إنتيراكتيف» و«ميت سلون». كما تشير مذكرة طرحتها المنظمات إلى أن تعهدات الصين والولايات المتحدة باتفاق باريس من شأنه أن يحقق نصف الأثر المناخي للاتفاق.

وفي ألمانيا، سيبحث المندوبون كيفية بناء اقتصاد عالمي مستقر وملائم للمستقبل ويتحمل المسؤولية عن أفقر الناس، في عام 2016 كانت هناك بعض الفرص الواعدة تحت الرئاسة الصينية على معالجة المناخ والعلاقة بين الطاقة. ففي بيان في اجتماع مشترك بين الصين والولايات المتحدة الأميركية في مدينة هانغتشو الصينية، حيث دعا إلى دول مجموعة العشرين إلى المشاركة البناءة في التعاون الدولي بشأن الطاقة وتغير المناخ.
font change