رئيسي... أحد المسؤولين عن عمليات إعدام السجناء السياسيين مرشحا لرئاسة إيران

رئيسي... أحد المسؤولين عن عمليات إعدام السجناء السياسيين مرشحا لرئاسة إيران

[caption id="attachment_55258371" align="aligncenter" width="1610"]رجل الدين الإيراني ورئيس مؤسسة الإمام رضا الخيرية إبراهيم رئيسي يلقي خطاباً بعد تسجيل ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة (غيتي) رجل الدين الإيراني ورئيس مؤسسة الإمام رضا الخيرية إبراهيم رئيسي يلقي خطاباً بعد تسجيل ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة (غيتي)[/caption]


مراقبون: أبراهيم رئيسي تتلمذ على يد خامنئي مدة 14 عاما و سيشكل تحدياً حقيقياً لحسن روحاني
• ارتقى إبراهيم رئيسي من نائب المدعي العام إلى مدعي عام طهران بعد عمليات الإعدام سنة 1988 ... وفي فترة حكم خامنئي تولى منصب رئيس دائرة التفتيش العامة




لندن: منصور فراهاني

لم تفصلنا إلا فترة قليلة عن الانتخابات الرئاسية في إيران. وتختلف هذه الدورة من الانتخابات عن سابقاتها، حيث يرى الكثيرون أن حظوظ الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي قرر الترشح للانتخابات المقبلة بالفوز قليلة. ودون شك، فإن ضعف وقوة هذه التوقعات مرهونة بالإعلان النهائي عن منافسي روحاني.
يحظى حسن روحاني بدعم الإصلاحيين، غير أنه لا يتمتع بشعبية واسعة في صفوف الأصوليين والمتشددين المقربين من المرشد الإيراني علي خامنئي. بالمقابل، لقي إعلان ترشح إبراهيم رئيسي، وهو أحد المسؤولين عن عمليات الإعدام بحق السجناء السياسيين في السنوات الأولى على قيام الثورة في إيران، صدى واسعاً خلال الأيام الأخيرة في وسائل الإعلام الإيرانية والعالمية. ويعتبر كثير من المراقبين أن رئيسي سيشكل تحدياً حقيقياً لحسن روحاني.



انتقادات حادة إلى حكومة روحاني




في الوقت الذي كانت فيه مسألة ترشح رئيسي للانتخابات الرئاسية مجرد تكهنات، أعلن رسمياً خوضه الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال في بيان أصدره بهذا الشأن إنه سيخوض الانتخابات الرئاسية بهدف مواجهة «الفساد» ومعالجة «مواضع النقص الهيكلية والمزمنة»، و«الإدارة غير السليمة» و«عجز الحكومة عن تلبية توقعات الشعب».
وجه البيان انتقادات حادة إلى الحكومة الحالية بقيادة حسن روحاني، وقال: «الحل الرئيسي لمشكلاتنا هو تغيير جذري في الإدارة التنفيذية للبلاد بإرادة الشعب وتشكيل حكومة قادرة تحظى بالمعرفة وتعمل ليلاً ونهاراً لاستعادة كرامة الشعب ومحاربة الفقر والفساد والتمييز».
وقال إبراهيم رئيسي في هذا البيان إنه صاحب خبرة على مستوى الإدارات العليا خلال العقدين الماضيين، حيث مكنته هذه التجربة من أن «يكون على علم» بمشكلات الناس.
ويقال إن علي خامنئي المرشد الإيراني يدعم إبراهيم رئيسي الذي تتلمذ على يده في بعض دراساته الحوزوية. أخذ رئيسي يتلقى الدروس الحوزوية منذ أن كان مراهقاً، ويبدو أنه تلقى الدراسات العالية من خامنئي.
واستناداً لسيرته الذاتية المنتشرة في موقع رئيسي الإلكتروني، فإنه كان يحضر محاضرات البحث الخارج لخامنئي لمدة 14 عاماً منذ 1991.
تولى رئيسي وهو في العشرين من عمره النيابة العامة في مدينة كرج، وبذلك دخل سلك القضاء ومن ثم أصبح مدعياً عاماً لكرج بعد أشهر.
بعد شغله مناصب عدة في سلك القضاء في مدن إيرانية، تولى رئيسي عام 1985 منصب نائب المدعي العام في طهران، وكان في المنصب نفسه خلال عمليات إعدام السجناء المعارضين للجمهورية الإسلامية في صيف 1988.
ويشير عدد من التقارير والمراسلات بشأن عمليات الإعدام هذه إلى عضوية إبراهيم رئيسي في اللجنة المؤلفة من حسين علي نيري ومرتضى إشراقي ومصطفى بورمحمدي. وتشكلت هذه اللجنة بأمر من الزعيم الإيراني السابق آية الله الخميني للقيام بعمليات إعدام جماعية للسجناء السياسيين في 1988.
وجه الخميني في نهاية 1988، وبعيد عمليات الإعدام رسائل إلى عبد الكريم موسوي أردبيلي، وهو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ونيري ورئيسي، طالبهما فيها بتنفيذ «الأحكام الإلهية» وحسم «ملفات السجناء العالقة».
يمثل قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإعدام السجناء السياسيين بناءً على مجرد معتقداتهم ونهجهم السياسي انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان.



سيرة ذاتية




وجاء في السيرة الذاتية لإبراهيم رئيسي أن الخميني إبان الثورة في إيران أرسل «عدة ملفات هامة» إلى رئيسي وقاضي الشرع حسين علي نيري «بهدف النظر وإصدار الحكم».
وكتب حسين علي منتظري أحد القيادات العليا للثورة الإسلامية في عام 1979 في مذاكراته: «قد حل شهر محرم وأنا طلبت من السيد نيري قاضي الشرع في سجن إيفين والسيد إشراقي المدعي العام والسيد رئيسي نائب المدعي العام والسيد بورمحمدي ممثل وزير الاستخبارات إيقاف عمليات الإعدام في شهر محرم على أقل تقدير. فرد علي السيد نيري قائلاً: قمنا بإعدام 750 سجيناً في طهران حتى الآن، وقمنا بعزل 200 آخرين تمهيداً لإعدامهم والتخلص منهم. بعد أن أكملنا عملنا سيكون لك الكلمة».
وفي الصيف الماضي، بث نجل علي منتظري، أحمد، تسجيلات صوتية لجلسة شارك فيها والده آية الله منتظري ومسؤولون في القضاء في 1988، لبحث عمليات الإعدام. كان منتظري آنذاك الخليفة المحتمل للمرشد الإيراني.
وقال نجل منتظري: «لقد جاءت هذه الوثائق في مذكرات آية الله منتظري منذ نحو 20 عاماً ولا تحمل هذه التسجيلات أي جديد». وأقرت المحكمة بحرمان أحمد منتظري من لباسه الديني لمدة 3 سنوات وسجنه لمدة 21 عاماً.
ويتضمن التسجيل الصوتي، مدته 40 دقيقة وتم حذفه من على الموقع الإلكتروني لآية الله منتظري بعد فترة وجيزة من انتشاره بناء على طلب وزارة الاستخبارات، حواراً بين نائب الخميني آنذاك وأعضاء اللجنة التي كانت تتولى إصدار أحكام الإعدام بحق السجناء السياسيين في صيف 1988. ولقد كانت الأحكام الصادرة بحق هؤلاء السجناء مختلفة تماماً عن أحكام الإعدام التي صدرت بحقهم لاحقاً. وكان منتظري يخاطب في هذا التسجيل الصوتي كلاً من أعضاء اللجنة؛ وهم حسين علي نيري ومرتضى إشراقي ومصطفى بورمحمدي وإبراهيم رئيسي.



متظري يحتج على التسجيل الصوتي




ویحتج منتظري في هذا التسجيل الصوتي على عمليات الإعدام التي تقوم بها هذه اللجنة، واصفاً هذه الممارسات «بسفك الدماء والسفاحة»، ويعتبر الإعدامات الجماعية للسجناء السياسيين بأنها من «أكبر الجرائم».
ونفى وزير العدل مصطفى بورمحمدي قيامه بتمثيل وزارة الاستخبارات في اللجنة الثلاثية آنذاك، غير أن إبراهيم رئيسي لم يدلِ بتصريحات علنية بشأن دوره في عمليات الإعدام في 1988 حتى الآن.
وارتقى إبراهيم رئيسي من نائب المدعي العام إلى مدعي عام طهران بعد عمليات الإعدام في 1988 وفي فترة حكم آية الله خامنئي ورئاسة محمد يزدي للسلطة القضائية في 1989. وبقي رئيسي في هذا المنصب لمدة 5 أعوام، ومن ثم تولى منصب رئيس دائرة التفتيش العامة في إيران لمدة 10 أعوام.
وكان رئيسي منذ عام 2004 المساعد الأول لرئيس السلطة القضائية، وبقي في هذا المنصب 10 أعوام، حيث كان الرجل الثاني في جهاز القضاء.
وقامت السلطات الإيرانية باعتقال وتعذيب المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009. حينها، وجه المرشح الرئاسي المحتج على نتائج الانتخابات مهدي كروبي رسالة إلى رئيس السلطة القضائية، قال فيها إنه يملك وثائق تثبت تعرض بعض المعتقلين إلى اعتداءات جنسية.

وكلفت السلطة القضائية إبراهيم رئيسي بإجراء تحقيق حول مزاعم كروبي. وأعلن رئيسي الذي كان على رأس اللجنة المكلفة للنظر في هذه المزاعم بعد فترة وجيزة أن مزاعم كروبي «مصطنعة»، وأن اللجنة وصلت إلى نتيجة مفادها «عدم وجود وثائق تثبت صحة الادعاءات بشأن الاعتداء الجنسي، وبالتالي فإن هذه المزاعم لا تمت إلى الحقيقة بصلة».
وطالب رئيسي على أثرها باتخاذ إجراءات صارمة بحق كروبي، وكل الذين تسببوا في «تشويش الأفكار العامة» من خلال «نشر الأكاذيب وإطلاق الاتهامات والافتراءات»، مما يعني أن رئيسي لم يتهم كروبي بإطلاق الأكاذيب فحسب، بل طالب بالتعامل الحازم ضده.

بعد فترة وجيزة فرضت السلطات الإيرانية الإقامة الجبرية بحق ميرحسين موسوي وزهراء رهنورد ومهدي كروبي وفاطمة كروبي دون مثولهم أمام المحكمة. رئيسي من ضمن الشخصيات الداعمة لهذا القرار، ويرى أن حكم الإقامة الجبرية على هؤلاء يجب أن يبقى على حاله. وأطلق حسن روحاني حملته الرئاسية قبل 4 سنوات بشعار رفع الإقامة الجبرية عن الشخصيات الأربع، وإن لم ينجح في تحقيق نتائج ملموسة لإنهاء الإقامة الجبرية بحقهم.
وأثار إعلان إبراهيم رئيسي ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة ردوداً متباينة في وسائل الإعلام والصحف الإيرانية، حيث وصفت جريدة «شرق» الإصلاحية ترشح إبراهيم رئيسي بالصدمة الانتخابية، قائلة: «يسعى رئيسي إلى استخدام الحيلة ذاتها التي اعتمدها محمود أحمدي نجاد بأنه مرشح مستقل، ولكنه يتمتع بدعم كامل من الأصوليين، كما كان الحال بالنسبة لأحمدي نجاد». ورحبت وسائل الإعلام الأصولية والتابعة للحرس الثوري بخبر ترشح رئيسي للانتخابات الرئاسية ودعمت هذا الخيار.
font change