[caption id="attachment_55253913" align="alignnone" width="1280"] محمد خليل وزير الشؤون الدينية التونسي[/caption]
تونس: بوبكر بن عمر
[blockquote]• نبارك جهود المملكة العربية السعودية لضمان حسن تنظيم موسم الحج.. والحجيج بحاجة إلى تهيئة نفسية للتكيف مع ما قد يجدونه من صعوبات أثناء الحج
200 ألف درس في مختلف جوامع ومساجد الجمهورية خلال الشهر الفضيل
• عقود بين المعتمرين ووكالات الأسفار المنظمة لرحلات العمرة انطلاقًا من تونس لحفظ حقوق الجميع في حالة وجود تجاوزات
[/blockquote]
بخصوص المساجد التي يسيطر عليها المتشددون، قال الدكتور محمد خليل إن الدولة استرجعت كل هذه المساجد باتباع الإقناع، وإن الخطاب السائد الآن في هذه المساجد خطاب وسطي ومعتدل.
وبشأن الحج والاستعدادات للموسم الجديد، أكد الوزير أنه مطمئن لجهود المملكة العربية السعودية لضمان حسن تنظيم موسم الحج، وأن الحجيج يحتاجون إلى تهيئة نفسية مسبقة للتكيف مع ظروف الحج، وما قد يجدونه من صعوبات، وأن أسعار الحج مرتبطة بارتفاع كلفة الطيران والإقامة في مكة والمدينة المنورة، وبالتالي لا يمكن التخفيض في كلفة الحج، وفيما يلي النص الكامل لهذا الحوار:
* كيف تقيمون أداء وزارة الشؤون الدينية بعد 4 أشهر من تعيينكم على رأس هذه الوزارة؟ وما الذي يجب أن يتغير في تعاطي الحكومة مع الشأن الديني؟
- لست أنا من يقيم أداء الوزارة، ولكن هناك متابعون ومراقبون يرون نتائج أعمالنا وشراكتنا مع كل المعنيين بالشأن الديني، يمكنني أن أتحدث عن المجهود المبذول في هذا الإطار، الذي أعتبر أنه مجهود ما زال يحتاج إلى نَفَس آخر وجهد إضافي، لأن الوزارة تحتاج إلى إصلاح كبير من حيث العمل الإداري وكذلك البرامج التي لا بد أن تتكثف، لأن العمل موزَّع على كل جهات الجمهورية، ولا بد من وضع تصورات جديدة للشأن الديني ومتابعة تنفيذها.
* هل لديكم خطة لمحاربة الفكر المتطرف والمغالاة في الدين؟
- نعم، لنا خطة وطنية تشارك فيها كل الوزارات المعنية بملف الإرهاب. ونحن في إطار هذه الخطة لنا حملة سميناها «غدوة خير» (غدًا أفضل)، وقد أردناها أن تكون رسالة أمل للتوانسة لطمأنتهم خصوصًا أنهم متخوفون من إمكانية تنامي الظاهرة الإرهابية في تونس، ونريد أن نقول لهم إن الغد سيكون أفضل بحول الله، وهذا بفضل انخراط الجميع في مكافحة الإرهاب والتطرف، لذلك نحن الآن مجندون كلنا لمكافحة الإرهاب لنجعل من غدنا أفضل.
* ما مكونات هذه الحملة؟
- الحملة تتضمن فقرات متعددة ومتنوعة فيها العلمي والثقافي والإعلامي وسنكثف الدروس في المساجد، ولنا خطة لتحفيظ القرآن لمائة ألف شخص خلال 3 سنوات، أيضًا سنكثف الإعلام الديني عبر البرامج الإذاعية والتلفزيونية لنشر الفكر المعتدل ومحاولة مواجهة الفكر المتطرف الغريب عن تونس، أيضًا سنحاول تنظيم مسابقات ثقافية ومكافأة أفضل الأعمال الأدبية (مقالات، قصائد) وإنتاج أفلام تندد بالإرهاب وتبرز خطورته على المجتمع.
* من هو الجمهور المستهدف بهذه الحملة؟
- هذه الحملة سيقوم بها الشباب وفي ذات الوقت الجمهور المستهدف بهذه الحملة هو الشباب، وبذلك يكون الشباب هو الغاية والوسيلة. وقد قمنا في محافظة جندوبة بإنتاج شريط قصير يحسس بخطورة الإرهاب بمبادرة من شباب هذه الجهة، وهم الذين قاموا بإنجاز هذا الشريط من الفكرة إلى إعداد السيناريو والتصوير والتمثيل والتركيب والإخراج، وهذا ما سنحاول القيام به في باقي جهات الجمهورية.
* لو تحدثنا عن برنامج تحفيظ القرآن الكريم للأطفال في المدارس الذي سيُنفذ بالتعاون مع وزارة التربية في الصيف المقبل؟
- تحفيظ القرآن للناشئة هو عملية جارية على مدار السنة، ضمن برامج التعليم، ولكن فكرنا هذه السنة في استغلال العطلة الصيفية، وإبقاء المدارس مفتوحة أثناء فترة الراحة الصيفية للقيام بأنشطة ثقافية، واقترحنا على وزير التربية أن تكون المدارس فضاء لهذه الأنشطة، وتكون إحدى فقرات البرنامج تحفيظ القرآن للأطفال، فاستجاب مشكورًا.
وقد سمعنا أصواتًا تشكك في هذه المسألة، وقام هؤلاء بتأويلها وقراءتها بشكل خاطئ، وطالبوا بإلغاء هذه الدروس، وأنا أؤكد هنا أن العملية بريئة والغاية منها هي تحفيظ القرآن ولا شيء غير ذلك، ثم هي مسالة اختيارية وليست إجبارية وستكون بمعدل حصتين أو ثلاث في الأسبوع لا أكثر، وبالتالي فإنها لن ترهق الأطفال، علمًا بأن منطلق الفكرة كان من خلال التفكير في أطفال الأرياف والأماكن النائية التي لا توجد بها كتاتيب ومدارس قرآنية لتحفيظ القرآن الكريم للناشئة، وستتم العملية تحت إشراف المعلمين وبعض المنتسبين إلى وزارة الشؤون الدينية من المشايخ الذين سيقومون بتحفيظ القرآن للأطفال، وهؤلاء أبعد ما يكونون عن نشر الفكر المتطرف والإرهاب لدى الأطفال.
* ماذا فعلتم لترشيد الخطاب الديني والمساعدة على ترسيخ الفهم الصحيح والمعتدل للإسلام؟
- الخطاب الديني بطبعه خطاب راقٍ، وليس فيه ابتذال أو إسفاف، ولكن نحن نريد أن يكون هذا الخطاب ملتصقًا بواقع الناس وبشواغلهم الحياتية اليومية، خطاب يؤسس للقيم الدينية السامية والمعروفة ويذكر بها، ونريد أن يتناول هذا الخطاب شواغل المواطن المسلم ويوجهه في حياته، فمثلاً في تونس عندنا مشكلة تبذير الخبز وشراء كميات منه أكثر من الحاجة، ثم إلقاء ما يتبقى منه في القمامة، ومن دور الخطاب الديني أن يتناول مثل هذا الموضوع لترشيد الاستهلاك وحسن التصرف والتوعية بكثير الظواهر الاجتماعية السلبية وتقديم رأي الشرع والحلول الواجب اتباعها.
* ما تصوركم لوظيفة المسجد والأدوار التي يجب أن يقوم بها؟
- المسجد جُعِل للعبادة ثم للعلم، ولئن كانت الوظيفة الثانية غائبة أو تكاد في السابق فإننا الآن بصدد إحياء هذه الوظيفة، من خلال تكثيف الدروس الدينية في المساجد، ولنا برنامج في هذا الإطار، وسنقوم خلال شهر رمضان بإلقاء 200 ألف درس في مختلف جوامع ومساجد الجمهورية، وسنحاول إعمار المساجد بالدروس الدينية والعلوم الشرعية والفقه والتفسير والحديث.
* هل انتهت ظاهرة المساجد الواقعة تحت سيطرة المتشددين وما طبيعة التجاوزات التي تحصل فيها وكيف يتم استرجاع هذه المساجد؟
- المقصود بالجامع الواقع خارج سيطرة الدولة الجامع الذي يوجد به إمام له خطاب متشنج، فندعوه إلى تعديل خطابه واعتماد اللين والاعتدال والابتعاد قدر الإمكان عن التعصب والتشدد، وعمومًا فإن الاستجابة تحصل ويتراجع الإمام في خطبه اللاحقة عن ذلك التعصب والتشنج الذي قد يحصل نتيجة حالة نفسية ظرفية أو توتر أو حماس، وبالتالي يواصل عمله بشكل عادي، وإذا تعنّت ورفض الامتثال، فإن هناك إجراءات قانونية وإدارية لا بد من اتخاذها في شأنه علمًا بأن كل الجوامع الآن تحت السيطرة.
* هل تتدخل وزارة الشؤون الدينية في مضامين الخطب والمواضيع التي يتطرق لها الأئمة؟
- لا دخل لنا في الخطب، والإمام هو الذي يختار موضوع خطبته وهو المسؤول عنها.
* موضوع تذمر الحجيج التونسيين من ظروف أداء مناسك العمرة والحج موضوع يتكرر كل سنة، ماذا فعلتم للقضاء على الصعوبات والحد من التذمرات؟
- نحن الآن ساعون إلى الاستعداد لموسم الحج هذه السنة كأحسن ما يكون، ونحن مدركون أن بلوغ درجة الكمال غير ممكن، وأن ظروف أداء المناسك فيها صعوبات، منها ما يتصل بالطقس وبظروف الإقامة والنقل، فهذا تجمع كبير جدا من الوافدين من كل أنحاء العالم والتحكم فيه وإرضاء الجميع صعب، وأنا أبارك جهود المملكة العربية السعودية في إشرافها وتسييرها لمواسم الحج، وأعتقد أن تذمر الحجيج هو نتيجة تصورهم لبعض الظروف، حيث يتوقعون وجود ظروف مريحة جدًا ولا يتوقعون الصعوبات أبدًا، وبالتالي لا يتهيأون نفسيًا للصعوبات الممكنة، وهي أمر طبيعي وعادي ولا يمكن القضاء عليها بشكل تام ونهائي.
وقد فكرنا هذه السنة في تمكين كل حاج تونسي من جهاز يحمله معه ويساعد على التعرف على مكان وجوده في حالة الضياع، ولكن للأسف عدلنا عن هذه الفكرة بسبب التكلفة المرتفعة لاقتناء هذا الجهاز وتوزيعه على كل الحجيج، وحرصنا على تجنب إثقال كاهل الحاج بمصاريف إضافية، ولو أنها ضرورية، وربما نعتمد هذه الفكرة في المواسم المقبلة.
* يبدو أن وكالات الأسفار التي تنظم رحلات العمرة ترتكب تجاوزات كثيرة في حق المعتمرين.. فهل هناك رقابة كافية لهذه الوكالات وتدخلات من جانبكم لحفظ حقوق المعتمرين؟
- في تونس الدولة هي التي تنظم الحج ووكالات الأسفار الخاصة تتدخل في تنظيم رحلات العمرة فقط، وهذه السنة قمنا بتحسين الظروف وأصبح هناك عقد بين المعتمر ووكالة الأسفار فيه شروط محددة، وفي حالة الإخلال بهذه الشروط يكون بإمكان المعتمر مقاضاة وكالة الأسفار.
طبعًا وزارة الشؤون الدينية تشرف على هذا النشاط، وقد شرعت في رصد الخروقات، وسنحاول بالتعاون مع أصحاب وكالات الأسفار تحسين ظروف العمرة ومحاسبة المخالفين وحماية حقوق المعتمرين.
* نسمع عن حج راقٍ للأغنياء وحج شعبي لعامة الناس، ما مدى صحة هذا الكلام؟
- نحن لنا حج رسمي موحد ونوفر فيه الظروف نفسها لكل الحجيج، هناك حج غير رسمي حيث نمكن التونسيين المقيمين خارج البلاد من 750 مكانًا للحج سواء لهم أو لبعض أقاربهم وتكون كلفة حج هؤلاء أعلى لأنهم يدفعون المعلوم بالعملة الصعبة، ولكن ظروف الحج هي نفسها وموحدة لكل الحجيج والفارق في الكلفة فقط.
* هل هناك توجه لمراجعة كلفة الحج والتخفيض منها؟
- في الحقيقة لا يمكن أن نخفض من كلفة الحج لأن أسعار الطيران في ارتفاع سنوي وأسعار إيجار الفنادق في مكة والمدينة في ارتفاع والريال في ارتفاع، وبالتالي فإن كلفة الحج هي في ارتفاع سنوي.
* ماذا تقول في نهاية هذا الحوار؟
- أتمنى أن توفق جهودنا في محاولة الارتقاء بالشأن الديني في تونس، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بتضافر جهود كل الأطراف المتدخلة في الشأن الديني، وأتمنى أيضًا أن يكون موسم الحج هذه السنة موسمًا ناجحًا، وأعتقد أنه من ناحيتنا نقوم بما يجب القيام به ونحن مطمئنون لما تقوم به المملكة العربية السعودية من أجل إنجاح موسم الحج، وتوفير أفضل الظروف لزوار بيت الله الحرام.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.