الجزائر تعلن عن إنشاء مرصد وطني لمحاربة التطرف المذهبي

الجزائر تعلن عن إنشاء مرصد وطني لمحاربة التطرف المذهبي

[caption id="attachment_55253499" align="aligncenter" width="620"]شيعة وهران يؤدون طقوس اللطم في ذكرى استشهاد الامام الحسين رضي الله عنه (لقطة من اليوتيوب) شيعة وهران يؤدون طقوس اللطم في ذكرى استشهاد الامام الحسين رضي الله عنه (لقطة من اليوتيوب)[/caption]

الجزائر: حسان زهار

لم يكن الوجود الشيعي «السياسي» في الجزائر قبل سنوات مشكلة أو حتى قضية، وظلت السلطات الرسمية في البلاد، وعلى رأسها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، خاصة في زمن الوزير الأسبق أبو عبد الله غلام الله، الذي ظل ينفي وجود أي خطر للتمدد الشيعي في بلاد المليون شهيد، إلى أن أصبح إخفاء هذا الأمر أشبه باللعبة ذاتها التي تمارسها إيران مع قضية «الإخفاء».
وكانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية حذرت رسميًا، ومن دون مواربة، من خطر التمدد الفارسي وتصدير الثورة الإيرانية في البلاد، وأعلنت عن إنشاء مرصد وطني لمحاربة التطرف المذهبي، مع توجيه تعليمات مباشرة للأئمة لتطوير الخطاب الديني لمواجهة خطر المنتديات المشبوهة على الإنترنت، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وحذر وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، السيد محمد عيسى، في مداخلة سابقة له في افتتاح الملتقى الدراسي حول الخطاب الديني عبر وسائل الاتصال الحديثة، في مدينة تبسة على الحدود مع تونس، من حدوث فتنة وطنية، جراء ما سماها استفحال «المذهبية المتعددة» ومن الخطر الذي بات كبيرا نتيجة الدعوات المتزايدة لاعتناق مذاهب أخرى غير المذهب المالكي الذي هو المذهب السائد في الجزائر وكامل منطقة المغرب العربي.



النشاط الإيراني «الهستيري» في الجزائر




وقد كان لافتا أن إدراك السلطات الجزائرية «المحتشم»، لظاهرة التمدد المذهبي المسيس في الجزائر ومجمل المغرب العربي، جاء بالتوازي مع تلك الصرخة المدوية التي أطلقها المفكر العربي الدكتور عبد الله النفيسي، أستاذ العلوم السياسية، والذي حذر مما سماه النشاط الإيراني «الهستيري» في الجزائر وشمال أفريقيا، والذي أكد أنه قد ينقلب إلى ما يشبه سيناريوهات الميليشيات الموالية لإيران في المشرق العربي، وبالأخص ميليشيات الحوثيين في اليمن، بينما حذر تقرير للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من ذات الخطر، موجها اتهامه مباشرة للسفارة الإيرانية لدى الجزائر.




التمدد الشيعي تاريخيا بالجزائر والمغرب العربي




ويشرح الباحث الجزائري نور الدين المالكي، المختص في قضايا الفقه الشيعي، لـ «المجلة»، تاريخية التمدد الإيراني في المنطقة المغاربية، على اعتبار أن العلاقات المغاربية - الإيرانية عرفت حالة من الشد والجذب خاصة بعد الثورة الخمينية سنة 1979، فبعد وصول الخميني إلى سدة الحكم في إيران وتحَويله إيران من مملكة الشاه إلى مملكة ولي الفقيه، سعى جاهدا إلى تصدير الثورة وكان لسفارات إيران في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، دور مهم في ذلك خاصة عندما نعلم أن في كل سفارة من سفارات إيران في العالم بها شخص تابع للحرس الثوري.
ويرى نور الدين المالكي أن استقطاب الجزائر بعد الاستقلال عام 1962، للمعلمين والخبرات من دول شرق أوسطية، كمصر والعراق وسوريا وإيران وغيرها، فتح المجال لفكر جديد ، مشيرا إلى مثال تأثر مجاهد جزائري في منطقة شلغوم العيد بطبيب إيراني بهائي فغير دينه إلى البهائية، ثم بدأ هذا المجاهد بالدعوى لدين البهائية في مناطق واد العثمانية وشلغوم العيد إلى أن ألقي عليه القبض وسجن فترة ثم وضع تحت الرقابة القضائية.

غير أن المدرسين القادمين من سوريا والعراق تركوا بذورا للتشيع الديني السياسي، إلى أن اندلعت الثورة الإيرانية الخمينية، التي مكنت من جلب أعداد كبيرة من المتشيعين الجدد بحكم الانبهار بالثورة، على الرغم من أن الجزائر في هذه الفترة كانت مقرا كبيرا للملتقيات الفكرية والإسلامية، على غرار الملتقى الدولي للفكر الإسلامي، الذي ظل يحضره بانتظام معممون وعلماء شيعة.
وبعد اندلاع الحرب الأهلية الجزائرية بداية التسعينات من القرن الماضي، عقب توقيف الجيش المسار الانتخابي، هاجر الكثير من الشيعة المحسوبين على إيران إلى الخارج خوفا على نفسه، وساعد على ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية الجزائرية - الإيرانية سنة 1993 إلى سنة 2003.
وقطعت العلاقات بسبب دعم إيران للجماعات الإرهابية وتدريب بعض العناصر في معسكرات حزب الله بلبنان ومعسكرات الحرس الثوري في إيران وما رجعت العلاقات إلى بعد 10 سنوات، وبعد انتخاب محمد خاتمي كرئيس جمهورية والزيارة التي قام بها بوتفليقة سنة 2003 ثم زيارة أخرى سنة 2008.
وشهدت الحرب التي نشبت بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، سنة 2006، عودة قوية لما يمكن تسميته التشيع السياسي، حيث كشف الكثيرون عن حبهم للحزب «المقاوم» إلى درجة أعلن فيه البعض تشيعهم من دون خوف استنادا إلى الحاضنة الشعبية المؤيدة للمقاومة لإسرائيل، قبل أن ينقلب الأمر رأسا على عقب على أثر اندلاع ثورات الربيع العربي، ودخول حزب الله والحرس الثوري الإيراني طرفا في قتال الشعب السوري.



الأماكن البارزة للتشيع في الجزائر




يؤكد مختصون أن ولاية تبسة في أقصى شرق الجزائر على الحدود مع تونس، تشهد انتشارا واسعا للتشيع، وأن أكبر نشاط لهم في دائرة الشريعة، وهذا بعدما سافر بعض أبناء المنطقة إلى إيران للدراسة بهدف« تبليغ»، التشيع.
وكشف سكان من مدينة برج بوعريريج، أن رأس الشيعة في المنطقة يقدم برامج في قناة فضائية إيرانية، وكان يسكن قبل رحيله في حي لاسيتي. وقد قام بتشييع أحد الذين لهم نشاط في الداخل والخارج وهو لديه متجرا للاعشاب يتستر به لنشر أفكار الثورة الخمينية وهو كثير التنقل بين الجزائر ولبنان. والآن هو يدعي اكتشاف أحد الأدوية ويقوم بصنعها وبيعها.
أما في الجزائر العاصمة، فللشيعة عدة مناطق تجمع في تقصراين ببلدية بئر خادم أين توجد مدرسة للأطفال، وبها حسينية في الطابق تحت الأرضي، وهذه الفيلا مملوكة لمواطن جزائري، كان يحضر لديه أشخاص من السفارة الإيرانية، أما في منطقة مناخ فرنسا القريبة من الحي الشعبي باب الوادي فيوجد بعض المتشيعين، يقيمون لقاءات في إحدى الشقق.



[inset_left]
يؤكد مختصون أن ولاية تبسة الجزائرية على الحدود مع تونس تشهد انتشارا واسعا للتشيع وأن أكبر نشاط لهم في دائرة الشريعة[/inset_left]




أما في وهران، عاصمة الغرب الجزائري، فيمتلك الشيعة عدة مناطق ينشطون بها كمنطقة «تيريقو» ومنطقة الحمري، وحي القديس أوبير، وهناك عدد من أبناء المنطقة متشيعون يدرسون في قم الإيرانية. وقد تحدثت تقارير إعلامية عن قيام بعض من هؤلاء الشباب بعمليات «اللطم» و«التطبير» علانية، الذي أثار حالة من الاستغرابفي البلاد.
وتداول نشطاء جزائريون على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، و«يوتيوب» فيديوهات لشيعة من وهران وهم يؤدون طقوس اللطم.
وقبل مدة تم عرض فيديو على «يوتيوب»، يظهر عددا كبيرا من شباب مدينة وهران، وهم يرددون تسابيح شيعية، مع اللطم بالأيدي على الصدور بطريقة جماعية، كما ظهر معهم بعض الصبية الصغار.
وفي ولاية قسنطينة، يتركز وجودهم في مدينة زيغود يوسف، التي يزعم الجماعة فيهم أستاذ جامعي في جامعة قسنطينة، وله رحلات مكثفة إلى قم. والمثير في الأمر، بحسب مصادرنا، أن الأجهزة الأمنية تعلم بتحركات الشيعة، بل هي تملك قوائم اسمية كاملة بهم، لكنها لا تتحرك، لكون الأجهزة الأمنية لا تملك قرارا سياسيا بذلك، حيث يفضل المسؤولون الجزائريون تركهم يتحركون بحرية مع مراقبتهم فقط.



نشاط إيراني في جنوب تونس




وتشهد تونس نشاطا كبيرا للخلايا الإيرانية في جنوب تونس بإشراف المتشيع تيجاني سماوي المعمم الذي يعيش بين قم الإيرانية وأميركا، وقد استغلت إيران علاقاتها الجيدة مع نظام الرئيس التونسي الأسبق بن علي من أجل زرع خلايا مذهبية في البلاد كان لها دور في تمرير الكتب الشيعية من تونس إلى الجزائر تحديدا بولاية تبسة، كما حاول ناشط شيعي تونسي على علاقة وثيقة بدولة إيران بالتنسيق مع المتشيعين في الجزائر والمغرب إنشاء حزب الله المغاربي شبيه بحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن.
ولا يختلف الحال كثيرا في المغرب عن الجزائر وتونس، فالنشاط الشيعي هناك واضح، خاصة من طرف المتشيع هاني إدريس الذي كان له علاقات وطيدة مع مهندس شيعي من ولاية وهران. وهناك شاط واضح للخلايا الشيعية في الجامعات المغربية، ما أدى بالمغرب إلى قطع العلاقات الدبلوماسية سنة 2009 مع إيران.
وبعد الثورة الليبية وسقوط نظام القذافي كانت إيران ترسل الكتب الشيعية المذهبية الثورية عن طريق لبنانين وتم ضبط إحدى هذه الشحن بداية سنة 2013، وهذا ما أدى إلى توتر العلاقات مع ليبيا وأصدر مفتي ليبيا بيان في هذا الشأن.




العلاقات بين طهران والجزائر




ولا يمكن فهم «سكوت» السلطات الجزائرية، عن تصاعد هذا المد الشيعي الذي أصبح أكثر علانية من ذي قبل، إلا عبر فهم طبيعة العلاقات السياسية بين طهران والجزائر، والتي تتسم بحسب مراقبين بكونها «سمنا على عسل»، ليس فقط على مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، وإنما حتى في ناحية التناغم والتقارب في أكثر الملفات العربية حساسية مثل ما يجري في سوريا واليمن.
والمثير أن هذه العلاقات المتميزة اليوم، والتي يمكن أن تكون وراء حالة من غض الطرف الرسمي الجزائري للنشاطات الإيرانية، سبق لها وأن كانت متوترة للغاية، بداية تسعينات القرن الماضي، إلى درجة قطع العلاقات الدبلوماسية، والتي اتخذتها الحكومة الجزائرية، عقب توقيف المسار الانتخابي الذي فازت به الجبهة الإسلامية للإنقاذ، سنة 1992، بسبب اتهامات وجهتها الحكومة الجزائرية والمجتمع المدني لطهران بتأييد وتسليح الجماعات المسلحة التي قررت مقاتلة الدولة.
لقد كانت طهران في تلك السنوات العجاف بالنسبة للقوى العلمانية المؤيدة لإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي جاءت في صالح الجبهة الإسلامية للإنقاذ، تمثل إلى جانب حكومة الخرطوم في السودان الإسلامية في ذلك الوقت، بمثابة العدو الخارجي الذي يجب وقفه عند حده، وهو ما تم بالفعل بقرار قطع العلاقات الدبلوماسية.
واستمر الوضع على ذلك الحال من القطيعة، التي حدت بشكل كبير من أي اختراق إيراني شيعي كبير للجزائر، ورغم التصريحات النارية لنائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ علي بلحاج، ضد السياسة الإيرانية، وهجومه الكاسح على التيار السياسي للشيعة ، وما يقومون به، إلا أن ذلك لم يغير كثيرا من المعادلة القائمة، وتهيأت الظروف في كلا البلدين بانتخاب محمد خاتمي في إيران 1997، ثم انتخاب عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر في 1999.

لقد ساعدت معرفة الرئيس بوتفليقة بالسياسة الإيرانية ومعرفته الشخصية بالمفكر علي شريعتي، أحد أبرز منظري الثورة الإيرانية، حين كانا بفرنسا، في تجاوز التوترات السابقة مع إيران، وتمكن من إعادة العلاقات الدبلوماسية، الأمر الذي استغلته إيران في ما بعد بشكل واضح لصالحها، لمواصلة تطبيق سياستها في تصدير فكرها إلى العالم، عبر دولة كبيرة ومؤثرة مثل الجزائر.
وما يثير قلق بعض الجزائريين حاليا، أن إيران قد تسعى بعد المواقف الجزائرية الرسمية «المتحفظة» من «عاصفة الحزم»ومن بعدها عملية «إعادة الامل» التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن، إلى المراهنة أكثر على الجزائر، باعتبارها بلدا قابلا للاستقطاب أكثر إلى محورها، ويعطي هؤلاء دليلا على ذلك بالحديث عن إقدام طهران على تعيين أمير موسوي سفيرا لإيران لدى الجزائر خلفا رضا عامري.
ويرتبط تعيين أمير موسوي على رأس السفارة الإيرانية في الجزائرية، بمخاوف كبيرة كانت أعلنت أطراف جزائرية كثيرة عنها، على اعتبار أن تلك السفارة تضخ أموالا كبيرة لتشييع الجزائريين، وأن هنالك قسما خاصا داخل السفارة مهمته الأساسية هي الترويج للمذهب.
وكان الشيخ عبد الفتاح زراوي، مسؤول حزب الصحوة ، قد أكد وجود ما لا يقل عن 3 آلاف شيعي في الجزائر، عبر مختلف ولايات الجمهورية، لكن من دون أن يتم التحقق من هذا الرقم من الجهات الرسمية التي تتحفظ دائما في نشر أعداد الشيعة. بينما سبق للباحث نور الدين المالكي أن أكد من جهته رصد ما لا يقل عن 150 تجمعا للشيعة سنويا في الجزائر.
ولا توجد بحسب متابعين لهذه القضية حسينيات علانية في الجزائر، غير أن المتشيعين، يعمدون للاجتماع والصلاة في بيوت المتشيعين أنفسهم، كما يستغلون بعض المخيمات الصيفية، وبعض التجمعات للكشافة الإسلامية الجزائرية، كما يضطرون أحيانا لاستئجار بعض المطاعم الفخمة بأرقى أحياء العاصمة في بعض المناسبات الخاصة.




بركاني: هذه أساليب المدّ الشّيعي في الجزائر وشمال أفريقيا




يكشف الكاتب والباحث الجزائري سلطان بركاني، عن أساليب المد الشيعي في الجزائر وشمال أفريقيا، بالتأكيد على أن هذا المشروع تسخِّر له السّفارات الإيرانيّة أموالا معتبرة، وتستميل إليه بالإغراءات المالية وزيارات المجاملة، كُتّابا وصحافيين لا يتوانون في تلميع صورة إيران وحزب الله، ومحاولة صرف الأنظار عن المشروع الشّيعي إلى التحذير من دعوات أخرى، هي في النّهاية ليست في خطورة هذا المشروع.
ويشير الباحث الجزائري إلى أن المدّ الشّيعي في الجزائر ومنطقة المغرب العربي وشمال أفريقيا، يعتمد علاوة على زخم «الحروب الكلاميّة» التي تخوضها إيران ضدّ الغرب، والعمليات الاستعراضية محدودة الزّمان والمكان ومحدّدة الأهداف، التي يقوم بها حزب الله اللبناني ضدّ الكيان الصّهيوني في الأوقات الحرجة التي تنكشف فيها بعض أوراق المشروع الإيراني الطّائفي، وإضافة إلى الدّور الذي يلعبه بعض الأساتذة الوافدين من العراق ولبنان ونظرائهم من الجزائريين والمغاربة الذين يزورون قم وطهران، في التّرويج لأدبيات المذهب الشّيعيّ، معتمدين في الأساس على بثّ الشّبهات حول دواوين السنّة وسير الصّحابة وحول التاريخ الإسلاميّ، بين شبابٍ ليس لهم كثيرُ اطلاع في هذه المجالات؛ كما يعتمدون أيضا على إغراء الشّباب ببعض البدائل، على رأسها «نكاح المتعة» المباح في فقه الشّيعة.

ويشدد بركاني على نقطة تاريخية غاية في الأهمية، وهي اعتماد دعاة التشيّع السياسي على إثارة بعض الدّعاوى التي تأتي في مقدَّمها دعوى أنّ الجزائر خصوصا ومنطقة المغرب العربي عموما كانت شيعيّة في الأصل، إبّان حكم الدّولة العبيديّة (الفاطميّة)، وهي دعوى لا أساس لها من الصحّة، لأن هذه الدّولة لم يكن لها ولا للعقائد الإسماعيليّة التي تأسّست عليها وجود بين سكّان شمال أفريقيا قبل سنة 280هجري، وقد أخضَعت المنطقةَ بالإرهاب، وثار عليها أهل المغرب العربي وأعلنوا الجهاد وتحالفوا مع الخوارج ضدّها، حينما كشفت عن وجهها الحقيقي وأظهرت التّقديس لأمرائها، والطّعن في رموز دينية.

كما يروّج دعاة الطائفية في الجزائر ومنطقة المغرب العربي في هذا الصّدد أيضا لدعوًى أخرى كاذبة خاطئة مفادها أنّ البربر احتضنوا الدّولة العبيديّة الشّيعيّة، وهي دعوى ينقضها تاريخ المنطقة الحافل بالثّورات التي لم تخمد ضدّ هذه الدّويلة منذ ظهور حقيقتها إلى انحسارها وانكسارها سنة 362هجري، ومن الدّعاوى أيضا الاستدلال على تجذّر التشيّع في المنطقة بانتشار أسماء أئمّة وأعلام أهل البيت –رضي الله عنهم - كعلي وفاطمة والحسين وزينب، بين الجزائريين خصوصا وأهل المغرب العربي عموما، وهي دعوى ينقضها أنّ أهل المغرب العربي يتسمون أيضا بأسماء اخرى كأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة، وهو ما يدلّ على تمسّك أهل هذه المنطقة في الجمع بين محبّة أهل البيت ومحبّة جميع الصّحابة، رضي الله عنهم.






[blockquote]



الحقوقي الجزائري أنور مالك لـ«المجلة»: المد الشيعي في الجزائر بلغ درجة خطيرة





يحذر الحقوقي الجزائري المعروف أنور مالك، صاحب كتاب «أسرار الشيعة والإرهاب في الجزائر» في حوار مع «المجلة»، من الخطر الداهم للمد الشيعي المسيس في الجزائر، معتبرا أنه بلغ درجة خطيرة، بعد أن خرج الشيعة في الجزائر من دائرة السرية إلى امتلاك حوزات خاصة بهم بعيدة عن دائرة الرقابة، وأن ذلك من شأنه أن يشكل خطرا أمنيا داهما على البلاد علاوة على الخطر الطائفي.

[caption id="attachment_55253501" align="alignleft" width="290"]أنور مالك أنور مالك [/caption]

* هناك من يقلل من خطر المد المذهبي في الجزائر والعالم والعربي، بماذا ترد عليهم؟
- من يقلّل من المدّ الشيعي المذهبي في الجزائر والعالم العربي يريد خدمة المشروع الإيراني الذي يرى أن تصدير ثورته من مبادئ الدولة الإيرانية الموجودة في دستورها، وتصدير ثورة الخميني تأتي عن طريق المد الطائفي، وأن طهران نصّبت نفسها وصيّة على شيعة كل العالم، وهذا ما يخدم مشروعها القومي العنصري الفارسي.
المدّ الشيعي في الجزائر بلغ درجة خطيرة، وأنا كنت متابعًا لذلك منذ التسعينات، وهو في تصاعد مستمر، وقد كان الشيعة في الجزائر يمارسون التقية ويخفون تشيّعهم وأغلبيتهم يريدون الظهور أمام الناس على أنهم لا يصلّون أفضل من أنهم شيعة يصلّون في بيوتهم ولا يذهب المتشددين منهم لمساجد أهل السنّة الذين يسمونهم «النواصب».
لكن الآن صارت الأمور علنية وصلت إلى حد فتح حوزات خاصة بعيدة عن الرقابة، وشيعة الجزائر يتواصلون مع الفضائيات ويتحدثون بأسمائهم الحقيقية، وفي مدن صار الشيعة الموالون لإيران يوزعون مطوياتهم وينشرون أفكارهم علانية، خاصة في المدارس ودور الشباب وحتى الشوارع والمناسبات المختلفة.

* كتابكم «أسرار الشيعة والإرهاب في الجزائر»، لقي رواجا كبيرا في معرض الكتاب الدولي بالجزائر، هل ترى أن الجزائريين والعرب بدأوا يدركون خطر تصدير ثورة الخميني؟
- بالتأكيد، إن كتابي لقي رواجًا وذلك لأنه الكتاب الأول الذي تناول شأن الشيعة في الجزائر وكشف عن معلومات خطيرة لأول مرة. كما أن الجزائريين صاروا واعين لخطر المدّ الشيعي بينهم من يرى خطره على الجزائر من الناحية الدينية لأنه يؤسس للطائفية والمذهبية، وبينهم من يرى خطره على الأمن القومي، وخصوصا بعد الذي يجري في سوريا والعراق واليمن من حروب طائفية أشعلتها إيران بشيعتها هناك.
أغتنم الفرصة لأناشد الدولة الجزائرية التحرّك العاجل لإنقاذ الجزائريين، وأمنهم واستقرارهم الذي صار مهدّدا من خلايا تعمل لصالح المخابرات الإيرانية وتتلقى الدعم المادي والإعلامي في وضح النهار.
إيران لديها مشروع قومي بحث وتصدير الفكر الشيعي الخميني، هو حصان طروادة الذي تستعمله لاختراق العالم العربي وتدميره من الداخل، وأنا شخصيا لو أن أمر التشيّع بقي في إطاره الديني ما شغلني ، لأنه ذلك سيبقى من اختصاص رجال الدين والعلماء والدعاة وطلاب العلم، ولكنه ما دام الأمر يرتبط بمشروع تتبناه دولة في إطار مخطط لفرض هيمنتها وأجندتها مع أطراف تتبادل معهم الأدوار، فهذا في نظري عدو يجب أن يتصدى له الجميع ويواجهونه.

[/blockquote]




font change